أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد قنديل - الكتابة .. زوجتى الحقيقية














المزيد.....

الكتابة .. زوجتى الحقيقية


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 11:44
المحور: الادب والفن
    




لا يجب أن أنكر أن زوجتى الحقيقية والوحيدة هى الكتابة.. ليس فى اعترافى هذا أى فجاجة أو مزايدة أو كذب ولا حتى مجاز، لأنها بالفعل زوجتى التى لا تموت والتى أمارس معها كل ما يندرج تحت كلمة زواج.

منذ الصبا عشقتها شعرا وقصة ورواية، وهى التى اكتشفتنى وكشفت ما بينى وبين أختها القراءة التي أغرمت بها أيضا ، لكن علاقتى بالقراءة ظلت علاقة قوية تقوم على المودة والاحترام، إنها صديقتى الغالية التى أجلس إليها وأستمع إلى كلامها، الذى لا أشبع منه، لأنها تتمتع بقدر كبير من الحكمة، صحيح أنها أحيانا يمكن أن ترقص وتغنى وقد تسخر، لكنها فى الأغلب رصينة ونافعة وجادة.. ألجأ إليها كثيرا طالبا النصح والمشورة أو بحثا عن كل ألوان المعرفة.. وهى جميلة، لكنه الجمال المحايد مثل عارضة الأزياء أو المضيفة أو الطبيبة، وقد عرفتنى حدودى التى لا أتجاوزها وأنا راض بصداقتها.

أما أختها زوجتى فهى مثلى مجنونة ومتوهجة المشاعر والغرائز.. دفاقة بالحب.. ما أروع زوجتى التى هدانى الله إليها !! زوجتى الأثيرة تناسب روحي جدا فهى لا تميل للكلام، إذ تحب أن تستمع إلىّ بكل دمائها وحرارة قلبها وكل خلجة من خلجاتها، وترحب بكل كلامى وتشجعنى، وتشعرنى أنى بالنسبة لها العاشق والزوج والأخ والصديق والابن، ولا تضيق إذا مسحت جزءا مما كتبت ورجعت عما وعدت، هى راضية بى فى كل حالاتى إلا قليلا.

دهشت جدا منذ أيام عندما أمسكت بالقلم إذ لم تتمدد ككل مرة على المكتب حتى أمليها ما برأسى.. فوجئت بها تقول بنبرة عتاب : ألا تلاحظ أنك أصبحت تفكر كثيرا في الموقف البسيط العابر الذي لا يستحق الحيرة؟.. هل هذا دليل جفاف النبع ؟ واستطردت : كلماتي ثقيلة نسبيا فلا تهتم ولكنى أري أنك بحاجة للخروج والتسكع..انزل إلى الشارع أو النهر أو النادى..لا تجلس باستمرار على المكتب في انتظار الوحي .. بهذه الصورة لا يأتي الإلهام .. انغمس في الحياة وتعامل مع البشر وانحشر في الأتوبيس وراقب الباعة والشحاذين والمشردين والفيلات والقصور والأطفال في الحدائق وسكان الأنهار من الصيادين ومؤجرى الزوارق .. اذهب إلى الأسواق و قاعات المحاكم والمستشفيات .. مر على المرضى وتحدث إليهم ..هيا اذهب .. بطاريتك فارغة وما برأسك لم ينضج بعد

.. ألقيت بالقلم ونزلت إلى الشارع ومنه إلى المذبح الذي كان قريبا فشاهدت الأبقار وهي ترفض الإذعان للسواطير وسبل هيمنة الرجال لفرض الموت عليها ، ومنذ أسبوعين ذهبت إلى ملجأ الأطفال اليتامي ومنه إلى جمعية الرفق بالحيوان وإلى مطبعة الصحف.

أنا زوج مطيع.. ليس لأنى زوج خرع أو عبد زوجتى، ولكن لأنها قرينتى.. لا شىء بداخلى ليس بداخلها، حتى لقد أصبحت تسبقنى وتفكر قبلى ومعى فيما بالضبط أفكر فيه.

تعترف لى بأن أسعد لحظات حياتها إذا رأتنى أمسك بالقلم أو لمحتنى شاردا، فهذا يعنى أنى أحاول التقاط فكرة أو التحاور مع فكرة غامضة فتبدو على ملامحها كل علامات الفرح والحبور لأن وراء الأكمة ما وراءها من أفكار على وشك أن تولد تستشعر الأمل فى سعادة قريبة ستستمتع بها وتروى ظمأها وتضخ فيها الدماء .. والأفكار التى تبدأ فى التسلل كالثعابين الصغيرة، ثم ما تفتأ حتى تصبح شياطين وملكات جمال وحوريات.

الغريب أنها تشعرنى أنى حين أكتب كأنما أدغدغ لحمها وأدلك عظامها، وإذا أعجبتها فكرة جديدة، قالت: ما أجمل هذا العطر الذى تنثره ، وأدهش لأننى لم أنثر أية نفحة من عطر، وقد تزيد فتقول: ما أحلى شفتيك وأدفأ حضنك.. أنا على ثقة أنها تحلم لأنى لم أعانقها ولم ألمس شفتيها الجميلتين .. مرة قالت لى: أنت بالأمس لم تكن كالعهد بك.. كنت باردا وتقليديا وتكتبنى بنصف تركيز، وتمر على كلماتى بغير اهتمام وترصها رصا، وهذا يسبب لى الهرش بل النكد والسأم.. مزق ما كتبته بالأمس أرجوك.. أنت تعلم أننى بنت سبعة، صدرى يضيق بسرعة إذا لم تكن كتابتك مشرقة وجديدة.. أنت أحيانا تحاول أن تكون بسيطا متصورا أن العمق قد يعطل التلاقي والاستمتاع ..الحوار مع الأغوار متعة لك ولي وللقراء ..أنا الآن مستمتعة بما تنقشه على صدري وتشكل به ملامحى .. أحس أنك تعيد تشكيل العالم ليكون أكثر بهجة وعندما تتأمل القبح تذيبه روحك المبدعة وتحيله إلى بلورة جميلة ومشعة .. واصل ما تكتبه الآن فهو حديقة ربيعية فاتنة.. كل عبارة تفوح برائحة الورد وتعزف أبدع الأنغام وتهمس بأرق الكلمات وتستنفر مشاعرى لأكون ملائمة لك، ومتدفقة معك.. في مرات سابقة خامرني شعور بأن الكون يكبر على يديك وأن رشاقة قلمك تراقص روحي فأعود طفلة أو مراهقة تقبل على الحياة والحب والنزق فأتمنى أن تعود


شابا لا يكف عن الركض بين مجرات العشق والنهل من منابع الجنون والمرح ومطاردة الظلام والظلم حتى يطل الصباح محملا بالندى والنور والأمل .. كن كذلك دائما يا حبيبى ويا مهجة قلبى .. يا من وهبه الله لى ، حتى آتيه بأجمل الأبناء.

أتمنى أن تنسى العالم من أجلى، وألا تفكر إلا فى شكلى وجمالى .. اجعلنى كل يوم أجمل مما سبق، اجمع كل ذرات فكرك وشعورك وموهبتك وحولنى إلى ملكة بكلماتك، التى تنفخ فيها من روحك، وتأكد أنى لن ألوذ إلا بك، ولن أنعم بذرة من السعادة إلا على سن قلمك المرهف والملهم.

قلت لها بمودة عميقة وامتنان : لا تبالغى فى وصف شعورك نحوى، فأنا بدونك لا شئ.

تنهدت وقالت بمنتهى العذوبة :

-بل أنت الذى تبالغ لأنى من صنع يديك، دمت لى يا زوجى الحبيب.. لم أجد ما أقوله غير كلمات عاجزة وبسيطة : دمت لى يا زوجتى الحبيبة، التى أتوج بها عمرى ووجودى.. فتحت كفها فجأة وكشفت عن أصابعها الخمسة، ودفعتها للأمام وقالت بجدية، خمسة وخميسة فى عيون حُسّادنا.



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملامح المشهد الثقافي في مصر الواقع والمأمول
- وقائع موت معلن - لرجل عجوز جدا بجناحين عظيمين - بعد أن عاش ط ...
- سقطة فادحة لتشومسكى أهم مثقفي العالم
- الفكرة المدهشة والنص البديع رواية- حُسن الختام - نموذجا
- رصاصات قليلة تمنع كوارث كثيرة
- الحدأة ابتلعت سحابة
- قوس قزح يغازل أماني فؤاد
- المثقف المصري .. طموحات وأشواك
- شذوذ قطر (2)
- شذوذ قطر (1)
- سد الفراغ
- جراتسي
- الناصرية ضد الهزيمة
- حميدة ولدت ولد
- ما الذي يهدد حياتنا ؟
- 25 يناير ليست ثورة
- عبد الناصر واليوسفي
- كيف نقضى على التتار؟
- - كناري - مجموعة الخميسي الفاتنة
- السيسي ومعايير اختيار الرئيس


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد قنديل - الكتابة .. زوجتى الحقيقية