|
ماذا ينتظر اليسار الفلسطيني ؟؟!
عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)
الحوار المتمدن-العدد: 4431 - 2014 / 4 / 22 - 20:17
المحور:
القضية الفلسطينية
ما قبل أوسلو كان اليسار الفلسطيني مشاركاً بالانتفاضة الشعبية الكبرى 1987، تحت شعار إقامة دولة مستقلة في حدود 1967، موافقاً – ضمنياً – على وثيقة إعلان الاستقلال ( الجزائر 1988 )، وبالتالي منخرطاً بكل مؤسساته في تصور حل " الدولتين "، وهو ما قمت الدولة الصهيونية بالالتفاف عليه من خلال التهام أراضي الضفة بالمستوطنات والطرق الالتفافية.
من هو اليسار ؟! وما هي حقيقة أوضاعه الآن بعد استشراء ظاهرة الدين السياسي ؟! وماذا عن أثر وجود موظفين في السلطة بدرجة مدير أو مدير عام أو ضباط برتبة نقيب وعقيد وعميد ؟؟! هل هؤلاء سوف يصوتون لمشروع يؤدي تلقائياً إلى حل السلطة ؟؟!
اليسار هو تلك الفصائل والأحزاب التي تدعي تمثيلها للقوى العاملة. لم يعد تعريف اليسار مرهوناً بالإيمان أو الاقتناع بالأيدلوجيا الماركسية ونظرية لينين حول ديكتاتورية البلوريتاريا، فالحزب الشيوعي الفلسطيني تخلى عن الأيدلوجيا الماركسية واختار اسماً لا علاقة له بالشيوعية ( حزب الشعب )، والجبهة الديمقراطية ومن خلال مقابلات أمينها العام لا يتحدث بمصطلحات " قوى الشعب الكادحة "، والجبهة الشعبية تعلن أنها ( تسترشد ) بالنظرية الماركسية في نضالها ( ضد الصهيونية والإمبريالية وضد قوى التخلف والاستبداد والتبعية ) كما أنها من جهة أخرى لا تخفي حنينها إلى ماضيها القديم " القوميين العرب ". لكن لنتفق على تعريف جامع يمثل الحد الأدنى من القواطع المشتركة، وهو أن اليسار هو تلك القوى الاجتماعية السياسية التي تدعو إلى رفع الظلم عن الطبقات المسحوقة ( عمال وفلاحين ومحدودي دخل )، وإلى ضرورة أن تهتم الدولة " بنسبة البطالة " باعتبارها أحد معايير تقييم صلاحية المجتمع. اليسار أيضاً يدعو إلى العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة، وإلى كتابة دستور علماني يضمن الحريات الفكرية والعقائدية كما يضمن حقوق المرأة والطفل، انسجاماً مع أهداف اليسار عالمياً.
لكن يجب التنويه إلى أن فكرة الاشتراكية تنبع أساساً من منطلقات ومباديء المساواة بين البشر فلا يتمكن إنسان من استغلال أخيه الإنسان بأي شكل من الأشكال، وهي فكرة تظل محترمة وتصلح لأن تكون هدفاً نبيلاً يستحق أن يحيا الإنسان لأجل تحقيقه.
فمثلاً، ما موقف اليسار الفلسطيني من الشركات المعولمة التي تعمل على إفقار الناس من خلال احتكار السوق والنهب الوحشي للأرباح، كالاتصالات والكهرباء والجوال ؟! لماذا لا نقرأ مطالبات بتأميم تلك الشركات لصالح القطاع العام من أجل ضمان أسعار مناسبة للناس ؟؟! ما موقف اليسار من انقطاع الكهرباء عن سكان قطاع غزة لساعات طويلة يومياً رغم الفواتير الباهظة التي ترسلها الشركة ؟؟! ولماذا لدينا شركتين .. واحدة للتوليد والأخرى للتوزيع رغم عدم وجود كهرباء !؟؟!
هذا اقتصادياً، أما سياسياً، فما المنطق في الإيمان بحل " الدولتين " والذي أصبح لا يعدو عن كونه " فصل عنصري " بمسمى دولة ؟؟! دولة أين ؟؟! في حدود 1967 مع بقاء المستوطنات ( السلطة وافقت على مبدأ تبادل الأراضي ) ؟! دولة على أقل من 13 % من فلسطين التاريخية مع بقاء آثار النكبة والتنازل عن حق العودة ؟؟! هل اليسار الفلسطيني موافق على هكذا أطروحات، أم أن المدراء بدرجة C , B , A لا يوافقون على الخروج من عباءة حل الدولتين الذي تبخر على أرض الواقع ؟؟!
في السياق نفسه أتساءل: ما معنى أن تكون يسارياً وغير قاريء ؟! ما معنى أن تكون يسارياً ولم تقرأ كتاب " نهاية عملية السلام " لإدوارد سعيد ؟! لماذا لا نفكر في قضية جوهرية، وهي أن محمود درويش قد قام بصياغة وثيقة إعلان الاستقلال المبنية على حل الدولتين عام 1988 ولكنه عاد في العام 2002 يدعو إلى الحوار وضرورة التعايش على الأرض الواحدة ؟؟! اللافت أن البروفيسور إدوارد سعيد قد ترجم وثيقة إعلان الاستقلال إلى النص الإنجليزي، وهو نفسه عاد في العام 1999 ليكتب عن حل الدولة الواحدة ! لا معنى للمثقف اليساري دون قراءة ومتابعة ما يكتب وما ينشر خاصة تلك الكتابات التي تتناول موضوع العنصرية الصهيونية والتطهير العرقي الذي مارسته العصابات الصهيونية عام 1948، مثل كتابات المؤرخ اليساري إيلان بابيه، وكذلك كتاب " الديانة اليهودية وطأة 3000 عام لإسرائيل شاحاك "، الذي يبرهن تلاعب أحبار التوراة في النصوص وتفسيرها كما يوضح الأسباب الأساسية لكراهية " العرب ".
إذا حدثت المصالحة بين حماس وفتح كما هو مأمول، فهذا يعني أننا في الضفة وغزة مقبلون على انتخابات عامة في غضون 6 أشهر، فهل تقرر فصائل اليسار الدخول بإتلاف موحد يتبنى استراتيجية خيار الدولة الواحدة على كامل التراب الوطني ؟؟! هذا الخيار مناقض لحل الدولتين المبني على أساس الفصل العنصري. المساواة والعدالة وعودة جميع اللاجئين إلى أوطانهم هي الحل المنطقي لآثار النكبة !
لابد من التوضيح أنه لا سلام مع الصهيونية، لأنهم يعتقدون أن الضفة أراض توراتية حيث قامت مملكة سليمان وعاصمتها " أورشليم " .. لكن حتى تلك المملكة المزعومة هي مملكة كنعانية أصلاً، فهم لم يسرقوا الأرض فقط بل سرقوا لغة الكنعانيين وسموها " عبرية " كما سرقوا معتقدات وأساطير الكنعانيين، فالإله ( إيل ) الذي ينسبون له أسماء الأماكن والمدن، هو كبير الألهة عند الكنعانيين، كمثل قولهم ( إسرا – ئيل / آري – ئيل / بيت – إيل / .. إلخ )، وحتى أسماء الملائكة التي وردت في التوراة مثل عزرا – ئيل / إسراف – ئيل / ميخا – ئيل ، إلخ .. هي أسماء منحوتة من اسم الإله ( إيل ) !!
الدولة الفلسطينية التي تروج لها تسيبي ليفني واليسار الصهيوني هي دولة الجدار على أقل من 13 % على شكل كانتونات متناثرة لا تصلح لأن تكون وطناً للعيش. قال درويش بعد زيارته لغزة بداية أوسلو ( وهبونا وطناً أصغر من حبة قمح ) !
على اليسار الفلسطيني أن يثقف عناصره لينمي فيهم روح الانتماء للإنسانية بعيداً عن الاستغلال والاضطهاد وأشكال التمييز، وأن يتخذ قراراً بتبني رؤية الدولة الديمقراطية الواحدة وعودة جميع اللاجئين وفق القرار 194 !
إن القيام بحملة دولية من أجل الدولة الواحدة تنسف أكاذيب ومزاعم الصهيونية التي تدعي أن الفلسطينيين يحلمون بقتل اليهود ورميهم في البحر. نعم، لندعو إلى دولة ديمقراطية واحدة يصبح فيها السكن في غزة أو في تل أبيب أو في المجدل عسقلان، حق لأي مواطن، لكن ليس قبل تفكيك الأفكار العنصرية وخرافات الصهيونية، وهي المهمة الملقاة على عاتق القوى اليسارية المستنيرة !
#عبدالله_أبو_شرخ (هاشتاغ)
Abdallah_M_Abusharekh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسرائيل دولة أبارتهايد !
-
الدولة الواحدة في شعر محمود درويش !
-
إله الكنعانيين وإله اليهود !
-
خيار الدولة الديمقراطية الواحدة مرة أخرى !
-
هل تذهب غزة للقرون الوسطى ؟؟! بمناسبة عقوبة الجلد !
-
لماذا يجب دعم أبو مازن ؟!
-
حقيقة ما يجري: أبارتهايد عنصري بتوصيف دولة !
-
بكائية على أطلال المشروع القومي
-
تطبيقات طبية لحل المعادلات الخطية !
-
ورقة للنقاش: نحو ميثاق فلسطيني جديد !
-
ورقة للنقاش: هل ما زال الكفاح المسلح ملائماً ؟!
-
سلطتان ومعاهد وجامعات .. رسالة من قلب الحصار !
-
يهودية الدولة بين الحقيقة والوهم !
-
شعب الله المختار !
-
ماذا تبقى من حل الدولتين ؟!
-
الكارثة الإنسانية في غزة !!
-
الأولمبياد الدولي في الرياضيات
-
حوار مع عبد القادر أنيس: هل عرقلة الإصلاحيين هي الحل ؟!
-
الإصلاح الديني بين الملحدين والسلفيين !
-
في ضرورة إصلاح وتطوير الإسلام !
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|