|
التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2014- القضية الفلسطينية - ترجمة عليان الهندي- الحلقة الثالثة
عليان الهندي
الحوار المتمدن-العدد: 4431 - 2014 / 4 / 22 - 14:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القضية الفلسطينية خطة "أ" خطة "ب" وما بينهما
أودي ديكل وعنات كوارتس وغلعاد شير• بدأ في نهاية يوليو عام 2013 ،وبعد جمود استمر خمسة أعوام تقريبا، عهد جديد في مسيرة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين ،برعاية أمريكية، حيث عقد في واشنطن جولة مفاوضات، عاد بعدها الطرفين إلى المفاوضات وهما متشككان عميقا باحتمال التوصل إلى صيغة للتسوية النهائية، مفترضين أن كل طرف سيحمل الطرف الآخر فشل المفاوضات. وكان التشاؤم بخصوص فشل المفاوضات مشتركا، لكن مندوبي الفلسطينيين إلى المفاوضات ابدوا ثقة بالخيارات البديلة التي طوروها سابقا -تجنيد الدعم الدولي من أجل إقامة دولة فلسطينية ،حتى من دون التفاهم حول ذلك مع إسرائيل. وفي المقابل، لم تبلور إسرائيل خيار بديل لتسوية متفق عليها، تسمح مع مرور الوقت للتقدم نحو ألفصل السياسي والإقليمي بين إسرائيل وبين الفلسطينيين. ومن أجل محافظة إسرائيل على المبادرة السياسية ومواجهة التحديات الأمنية والديموغرافية والدولية المتعلقة بساحة الصراع أو بالعناصر الكامنة فيها ،عليها بلورة خطة بديلة خاصة بها، تتطلع للتوصل إلى حل متفق عليه مع الفلسطينيين، ان كان حلاً جزئياً أو تدريجياً. والمطلوب اليوم هو اتخاذ إسرائيل خطوات مستقلة هدفها ترسيم الحدود وإيجاد واقع إقليمي يشير إلى دولتين لشعبين. والمبادرة الإسرائيلية للانفصال المستقل، مع تطلع للتوصل إلى اتفاق بخصوصها بالتنسيق مع دول الاقليم أو مع المجتمع الدولي، من شأنه إرباك السلطة الفلسطينية، ويدفعها لتليين موقفها ولو من أجل منع إسرائيل من ترسيم خارطة الانفصال بشكل مستقل. وتنسيق مبادئ الخطة الإسرائيلية البديلة وتفاصيلها مع الإدارة الأمريكية يساعد بعرضها على المجتمع الدولي كحجر أساس لتسوية مستقبلية متفق عليها فقط، وكخطوة مكملة لتسوية مستقبلية، وأن هدفها هو إعداد الأرضية لحل نهائي.
وعدنا مرة أخرى للمفاوضات منذ تولية المنصب في شباط عام 2013 ،مع آداء الإدارة الأمريكية القسم لفترة حكم ثانية، عمل وزير الخارجية جون كيري الكثير من أجل شق الطريق لتجديد المفاوضات السياسية الإسرائيلية-الفلسطينية. وتحرك كيري بشعور أنه صاحب رسالة، ووفق تقييم يقول، رغم الفوارق العميقة في مواقف الطرفين، ربما يكون الوقت الحالي الفرصة الأخيرة للتوصل إلى تسوية تعتمد في الأساس على فكرة حل دولتين لشعبين. والصعوبة المركزية التي واجهها كيري هي محاولته خلق أجواء داعمة للمفاوضات مثل بلورة Terms of reference –شروط العودة للمفاوضات. والمبادئ الموجهة للتسوية النهائية ،دولتين لشعبين، التي تعني نهاية الصراع ونهاية المطالب المتبادلة التي سيتم الاتفاق عليها خلال تسعة أشهر من المفاوضات، التي ستعالج كل القضايا الجوهريه مثل الحدود والمستوطنات الإسرائيلية والأحياء اليهودية في القدس والترتيبات الأمنية واللاجئين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما تم الاتفاق على مشاركة وسيط أمريكي (facilitator) بين الفينة والأخرى فيها، ليتأكد من تقدم المفاوضات ويقدم مقترحات لجسر الهوة. واضطر كيري إلى تجاوز العقبات غير المنتهية التي وضعها الطرفين لتجدد المفاوضات. وأغلق ،إصرارهما على رفضهما المطلق تلبية مطالب الطرف الآخر كشرط للمفاوضات، الطريق أمام تجدد المفاوضات منذ عام 2009 عندما توقفت مفاوضات آنابوليس، حيث طالب الفلسطينيين بأن تكون حدود الرابع من حزيران عام 1967 هي حدود المفاوضات (خط وقف إطلاق النار الذي لم يُعترف به كحدود مطلقا) وأن يتوقف بشكل كلي البناء في مستوطنات الضفة الغربية وشرقي القدس. وفي المقابل طالبت إسرائيل الاعتراف بها كدولة يهودية ،وتطلعت إلى تسويه تعتمد على مبدأ دولتين لشعبين. وكرد على المطالب الإسرائيلية أوضحت الإدارة الأمريكية أنها لا تعتبر حدود 1967 حدود الدولة الفلسطينية ،بل على هذه الحدود أن تأخذ بعين الاعتبار التغييرات التي حدثت عليها مع مرور الوقت، أي وجود كتل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ويفهم على المدى المنظور أن كيري امتنع عن مطالبة إسرائيل بتجميد فوري للبناء في المستوطنات. وبالإضافة لذلك، تضمن كتاب الضمانات للحكومة بأن الإدارة الأمريكية ترى بإسرائيل دولة يهودية. وأوضحت للفلسطينيين موقفها بأن حدود الدولة الفلسطينية المستقلة سيعتمد على حدود عام 1967 مع بعض التعديلات. وفي المقابل، عمل كيري على تعزيز الاقتصاد الفلسطيني بواسطة مبادرة للاستثمار السخي في البنى التحتية، وأكد على أهمية البيئة الإقليمية. وطلب من الجنرال الأمريكي جون ألن بلورة صيغة للأمن الإقليمي في الشرق الاوسط تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الأمنية لإسرائيل والفلسطينيين. ونقل كيري لمندوبي الجامعة العربية رسالة بتوقع الإدارة الأمريكية دعم العرب لعودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات وللمسيرة السياسية نفسها بواسطة إدخال تعديلات على المبادرة العربية نفسها. واستجابت إسرائيل لطلب الفلسطينيين ،الذي نقل بواسطة كيري، بالإفراج تدريجياً عن سجناء فلسطينيين يمكثون بالسجون بسبب قتلهم إسرائيليين قبل عصر أوسلو. كما وعدت بتخفيض مستوى البناء في المستوطنات بنسب عالية طالما تواصلت المفاوضات. ومن جانبها التزمت السلطة بعدم ترك المفاوضات في الفترة المحددة، وبتجميد الخطوات أحادية الجانب في الساحة الدولية الهادفة إلى إقامة دولة فلسطينية من دون التفاوض مع إسرائيل أو تحديها في المؤسسات الدولية. والتزم الطرفان بالتفاوض على كل القضايا الجوهرية. ولعدم اتفاقهما مسبقاً على جدول أعمال، ظلت أولوياتهما مختلفتان. ورغم صياغة عدة طرق للمفاوضات خلال العشرين عاما الماضية بين إسرائيل والفلسطينيين، ورغم شروط المفاوضات الجديدة المتفق عليها مسبقاً، ركز الجانبان في البداية على الاجراءات وليس على الجوهر. ومن أجل ضمان إجراءات متواصلة وذات أهمية للمفاوضات سيكون على أصحاب القرار والمفاوضين أنفسهم اتخاذ قرار حول إما التفاوض على كل القضايا الجوهريه مرة واحدة، أو التقدم نحو تفاهمات يتم التوصل إليها تدريجياً، بمعنى التفاوض حول المسائل مسألة بعد أخرى، أو تجري المفاوضات من أعلى إلى أسفل، على أساس الاتفاق بين الزعماء والمستويات القيادية العليا المعنية باتخاذ القرارات في الطرفين، أم التقدم من أسفل إلى أعلى على أساس اتفاقات يتم بلورتها في طواقم عمل، أو يتم دمج الرؤيتين، بحيث تعقد المفاوضات بين طواقم مقلصة، يتم خلالها الاستعانة بالمختصين الذي يشكلون جزء من طواقم المفاوضات.
علاوة على الاجراءات تحسين طريقة إدارة المفاوضات بصورة جيدة يحسن من احتمالات التوصل إلى نتائج ،في حين أن عدم إدارة المفاوضات بشكل جيد لا يحسن من احتمالات التوصل إلى نتائج، ولا تمكن طرفي المفاوضات من اتخاذ قرارات حاسمة. وعليه، الاتفاق حول اجراءات إدارة مسيرة السلام ستؤثر مباشرة على نتائج المفاوضات، وإذا حرص الوسيط الأمريكي على استمرار مسيرة مستقرة ومتواصلة وملزمة مع متابعة متواصلة مع الأطراف خشية تهربهم من التفاوض في المسائل الجوهرية. لكن ذلك وحده لن يضمن تقدم المفاوضات في الاتجاه المطلوب، خاصة بعد ثلاثة ميزات للمسيرة التي اتضحت على مر الاعوام والتي كان تأثيرها سلبياً وهي :الأول، الفوارق في المواقف الأساسية تعمقت كلما ازدادت المحاولات الفاشلة لإحداث اختراق في المفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية متفق عليها. الثاني، تدمير الثقة المتبادلة بين الشعبين وبين القيادتين والشكوك المتبادلة بخصوص استعدادهما للتوصل إلى تسوية شاملة وتنفيذها حتى آخر بند فيها. والثالث، عدم وجود شرعية واسعة للنتائج المتوقعة من المفاوضات ،إذا نجحت، في أوساط المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي حيث ضعفت فيهما الجهات المعتدلة المؤيدة للتوصل إلى حل تاريخي. وبالإضافة لذلك، عاد كل طرف إلى المفاوضات وهو مثقل بالشكوك تجاه قدرة الطرف الآخر على أن يكون شريكاً جدياً في مسيرة السلام. عدم التفاؤل الذي رافق تجدد المفاوضات عبر عنه بعدم الاهتمام بالمسيرة نفسها في الشارعين الإسرائيلي والفلسطيني، حيث لم يتلهف الشارعين من إمكانية حدوث اختراق ممكن. وفي نفس الوقت لم تسجل انتقادات عارمة، تعبر عن الخوف من التقدم الملموس لحل وسط يتم خلاله دفع ثمن أيديولوجي وإقليمي كبيرين ويرافق ذلك بمخاطر أمنية. إذا، لماذا اختار الطرفين العودة إلى طاولة المفاوضات ؟. يبدو أن الطرفين عادا لطاولة المفاوضات لخشيتهما من نتائج الرفض، فمن جهتها ذهبت إسرائيل للمفاوضات من أجل عدم دفعها ثمن دبلوماسي، أما السلطة الفلسطينية فذهبت من أجل عدم مقاطعتها اقتصادياً ودبلوماسياً. وإضافة لذلك، قدمت الولايات المتحدة ضمانات للطرفين من أجل اقناعهما بالعودة لطاولة المفاوضات. وضمن الآلية المذكورة، سيحاول كل طرف التنصل من المسؤولية عن فشل المفاوضات خاصة أمام الإدارة الأمريكية ويحمل الطرف الأخر مسئولية الفشل. وتزعج إمكانية تحميل حكومة إسرائيل الفشل، ليس فقط بسبب التوتر في العلاقة مع الولايات المتحدة فقط، بل بسبب ميزان القوى الدولي بينهما وبين السلطة الفلسطينية الذي يميل لصالح الفلسطينيين. ووصل الفلسطينيين إلى المفاوضات بإحساس وتقييم أن الوقت يعمل لصالحهم (بمفهوم دولتين لشعبين الذي تعارضه بعض الجهات الفلسطينية من ضمنها حماس). ومصدر هذا الإحساس هو الانتقادات المتزايدة في الساحة الدولية ضد استمرار تمسك إسرائيل بالضفة الغربية بعد الجمود في مسيرة السلام، الذي يتم اختراقه بين الفينة والأخرى في محاولات فاشلة للتقدم نحو اتفاق. وعلى هذه الخلفية يدير الفلسطينيين معركة منسقة جيدا هدفها عزل إسرائيل ومحاربة شرعيتها وسحب الدعم السياسي منها وتجنيد دعم الاستقلال الفلسطيني الذي سيعلن عنه من قبل المجتمع الدولي. وتم تحقيق انجازات مهمة في هذا الموضوع من ضمنها موافقة الجمعية العمومية في الأمم المتحدة على قبول فلسطين عضو مراقب، وإعلان الاتحاد الأوروبي عن تجميد تمويل المشاريع الإسرائيلية المشاركة بمؤسسات الاستيطان في الضفة الغربية. وجاء القرار في الوقت الذي حرص فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على صياغة تفاهمات بين إسرائيل والفلسطينيين للعودة إلى طاولة المفاوضات، كانت إشارة مهمة بمأسسة مشروع المستوطنات كرمز على مسئولية إسرائيل عن الجمود السياسي. وبالإضافة لذلك، ومن دون تغيير جوهري في الموقف الفلسطيني الرسمي ومن دون بوادر حسن نوايا ملموس من السلطة لإسرائيل، تميل مواقف الإدارة الأمريكية منذ سنوات إلى المواقف الفلسطينية في القضايا المختلفة. ومع الوقت تراجعت الولايات المتحدة عن معارضتها المبدئية لإقامة دولة فلسطينية، وتبنت خطوط الرابع من حزيران أساس لحل إقليمي، وتحفظ الإدارة الأمريكية من مشروع المستوطنات في المناطق ليس تطورا جديدا. لكن، خلال فترة حكم أوباما الأولى ترجم التحفظ إلى طلب واضح بتجميد البناء في مستوطنات الضفة الغربية، من أجل تسهيل عودة الفلسطينيين لطاولة المفاوضات. كذلك سجل تقارب أمريكي باتجاه الموقف الفلسطيني بخصوص التسويات الأمنية المطلوبة من أجل ضمان استقرار الاتفاق، خاصة المطلب الفلسطيني الذي يطالب بعدم وجود قوات الجيش الإسرائيلي في مناطق السيادة التابعة للدولة الفلسطينية. شعور الفلسطينيين بالثقة بخصوص قدرتهم على التقدم نحو الاستقلال السياسي ،ضمن شروط يقبلها المجتمع الفلسطيني اعتمدت في الأساس على تليين إسرائيل ،بما فيها حكومات اليمين، مواقفها. وللإحساس المذكور عدة نقاط هي: (1) استعداد إسرائيل لتبادل الأراضي بنسبة 1:1 وهو ما يشير إلى استعدادها للتطرق لحدود الرابع من حزيران كحدود للحل. (2) الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة صيف 2005 وإخلاء المستوطنات الإسرائيلية، من دون انتظار الهدوء الأمني المطلق الموعود. (3) اقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرط لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في نهاية عام 2008، الذي كان أكبر من أي اقتراح إسرائيلي وضع على جدول الأعمال. (4) تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب بار إيلان التي قال فيها أن إسرائيل توافق على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح شريطة اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية يهودية والمحافظة على القدس الموحدة وعدم عودة اللاجئين وانتشار الجيش الإسرائيلي لفترة طويلة في غور الأردن. وعليه، يملك الفلسطينيين خيارا سياسيا مبلورا على شكل السعي إلى الحصول على اعتراف دولي بالاستقلال الفلسطيني من دون اتفاق أو حل وسط مع إسرائيل، وفي هذا المجال حققت الدبلوماسية الفلسطينية انجازات معقولة. ويمكن القول أن هناك فئات واسعة في الساحة الفلسطينية والدبلوماسية الدولية تعتقد أن خطة "أ" أصبحت خطة "ب" الداعية لإقامة دولة فلسطينية من دون التنسيق مع إسرائيل. رغم أن التنسيق القوي مع إسرائيل مطلوب بشدة من أجل أن ُتعبر الدولة الفلسطينية عن سيادتها وتتوفر فيها بنى تحتية أمنية واقتصادية دائمة. وعلاوة على ذلك، يملك الفلسطينيين خيار آخر لحل وسط تاريخي يكون نتيجة مفاوضات مع إسرائيل، وهذا الحل هو :نشوء تدريجي لدولة واحدة تعبر عن الواقع السياسي- والإقليمي على الأرض. ويمكن التوقع أن فشل مسيرة السلام وتأجيل الاعتراف الدولي بفلسطين في حدود الضفة الغربية والقطاع، سيعمق الحوار السياسي والعام حول الدولة الواحدة، ليس فقط في الساحة الفلسطينية، بل في الساحة الدولية أيضا. وفي المقابل، لا توجد لإسرائيل خيارات بديلة ومبلورة ومعلن عنها للتقدم في مسيرة انفصال دولة إسرائيل سياسياً وإقليمياً، كأساس لحل قائم على دولتين لشعبين. وعلى عكس الفلسطينيين، لم تعد إسرائيل رؤية بديلة في حال فشل جولة المفاوضات الحالية. وعلى عكس البيانات المتمسكة بفكرة "دولتين لشعبين" تشير الأعمال والقرارات المتعلقة بالبناء في المستوطنات أن إسرائيل تفضل الوضع القائم. وذلك على افتراض أن الوضع الحالي الذي تسيطر في إطاره إسرائيل على معظم الأراضي من دون قيود على حرية عملها هو الأفضل بالنسبة لها. والهدوء الأمني النسبي السائد في الضفة الغربية هو نتيجة تعاون أمني بين القوات الإسرائيلية وبين أجهزة الأمن الفلسطينية، يمنع الحكومة من البحث بقوة عن طريق آخر لتطبيق خطة فصل سياسية وإقليمية. كذلك أجل المذكور أعلاه لحظة الحسم في مسألة تجميد مؤقت أم دائم للبناء في المستوطنات، وكذلك مستقبل المستوطنات والبؤر الاستيطانية ونقل مناطق C إلى السلطة الفلسطينية . والامتناع عن اتخاذ خطوات استعداداً للفصل تعبر عن تقييم إسرائيلي قائل بأنه لا يمكن التوصل لحل نهائي أو حتى لتسوية مرحلية تستجيب للمطالب الإسرائيلية في هذا الوقت، تُمكن الفلسطينيين من تنفيذه، إضافة للانفصال المؤسسي في الساحة الفلسطينية وكون حماس حاكم لقطاع غزة. ومن أجل ضمان أن لا تكون الدولة الفلسطينية دفيئة للجهات الاسلامية المتطرفة وغير خاضعة للنفوذ الإيراني، يتطلب وضع تسويات أمنية قوية وشاملة، وهناك شكوك بموافقة السلطة الفلسطينية عليها أو العمل وفقها، بسبب مواقف القيادة والجمهور الفلسطيني منها. وفي المقابل، يؤيد معظم الجمهور الإسرائيلي مبدأ دولتين لشعبين، لكن ليس من السهل والبساطة جسر الهوة بين مواقف الجمهور بخصوص القضايا الجوهرية مع الجمهور الفلسطيني. ولا يتوقف الأمر على ذلك فقط بل يتوقع معظم الجمهور الإسرائيلي التوصل إلى اتفاق يتضمن تسويات أمنية من الصعب على السلطة الفلسطينية الموافقة عليها. إلى التقييمات المذكورة التي تركز على الساحة الإسرائيلية–الفلسطينية، أضيفت مخاوف إسرائيلية أمنية مهددة تتمثل بالتقلبات في الشرق الاوسط ومن ضمنها :تعزيز الصوت الاسلام السياسي في الشارع العربي، والخوف من امتداد الربيع العربي إلى الاردن وتحوله لمنطقة تجمع التيارات الإسلامية متطرفة مثل سيناء والجولان، وتركيز إيران على امتلاك قدرات نووية. وتخلق التوجهات والعناصر المذكورة تحفظات كبيرة جداً من الارباح التي ستحققها إسرائيل من المفاوضات، وهي عناصر تضع صعوبات أمام مسيرة السلام. ونتيجة ذلك، يتوقع لخيارات سياسية عملية فلسطينية بديلة أن تزداد كلما كان توجه المفاوضات نحو الفشل، خاصة إذا حملت إسرائيل مسؤوليته. ومنذ بداية جولة المفاوضات الجديدة ظهرت توترات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية على خلفية إصدار رخص بناء في الضفة مع اقتراب موعد الافراج عن المرحلة الأولى من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وجاء الإفراج عن الأسرى على وقع الاحتجاج العام في إسرائيل الذي يمكن أن يساعد إسرائيل على الادعاء بأنها ليست هي المسئولة عن جمود المفاوضات إذا وصلت لطريق مسدود. ونشك بأن هذا الإدعاء يعفي إسرائيل من الانتقادات، خاصة في اعقاب استمرار البناء في الضفة الغربية. ونشك بأن ذلك سيردع السلطة الفلسطينية من إعادة تسريع خطواتها الدبلوماسية الدولية. ومقابل ذلك فإن مصلحة إسرائيل الوطنية بعيدة المدى وضمان مستقبلها كدولة للشعب اليهودي في حدود آمنة، يتطلب من حكومتها إبقاء الخيارات السياسية تحت سيطرتها. ومعنى ذلك أن عليها إعداد مبادرة سياسية أمنية ومسئولة قابلة للتنفيذ يكون أساسها التقدم الحذر والتدريجي نحو الانفصال عن الفلسطينيين وترسيم حدود جديدة لإسرائيل.
خطة "ب": مكملة وبديلة من أجل الوصول إلى الأهداف الوطنية الإسرائيلية بعيدة المدى، مطلوب تقسيم الأراضي الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط وبين نهر الأردن إلى دولتين وطنيتين، بمعنى أن على إسرائيل الانفصال عن الفلسطينيين سكان الضفة الغربية ورسم حدود تضمن دولة ديمقراطية ذات أغلبية يهودية مع خلق واقع لدولتين لشعبين – إن كان ذلك بواسطة مفاوضات أو بشكل مستقل. وفي الطريق إلى التسوية السياسية بعيدة المدى مطلوب تنفيذ تسويات جزئية واتفاقيات مرحلية واتفاقيات انتقالية وأعمال مستقلة لكنها منسقة بين الطرفين –جميعها ذات علاقة بالتسوية النهائية– من أجل تحسين العلاقات بين القيادتين، والأكثر أهمية المساعدة ببناء الثقة بين المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني بهدف توسيع الدعم العام والحيوي للقيادتين من أجل الحصول على شرعية للاتفاق النهائي. والصيغة المقترحه للتقدم هي تنفيذ منفصل لكل خطوة للمساهمة تدريجياً في خلق واقع دولتين وتنفيذ كل مخطط متفق عليه بدون انتظار اتفاق شامل على القضايا الجوهرية. لكن، على إسرائيل إعداد خيار منتظم لتسوية متفق عليها في حالة عدم التوصل لاتفاق في الجولة الحالية وربما الجولات القادمة يضمن المصالح الوطنية لإسرائيل وكي لا تكون رهينة بيد النزاع. ويضعف الخيار المنتظم التدريجي قوة المعركة الفلسطينية أحادية الجانب في الساحة الدولية، وفي نفس الوقت يعيق التوصل إلى تسوية مفروضة على إسرائيل. والخطوات الإسرائيلية المستقلة، وفق هذا الخيار ستتخذ في الوقت المناسب لإسرائيل، خاصة بعد أن تستنفد مسيرة السلام والمفاوضات وتفشل في التوصل إلى اتفاقيات حول الحل النهائي. والمبادرة المستقلة تخدم على المدى البعيد المسيرة السياسية وتدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق وتساعد إسرائيل في الخروج من مأزق فشل المفاوضات. وفي كل السيناريوهات مطلوب من إسرائيل الاستعداد والتخطيط بصورة عملية من الناحيتين ،المدنية والعسكرية، وإجراء حوار داخلي من أجل إعداد البنى الوطنية والجمهور لعملية انفصال عن الفلسطينيين وإخلاء المستوطنات. وعليه، نقترح أن تبدأ إسرائيل بتنفيذ خطوات مستقلة بشكل تدريجي ومراقبة دقيقة مع دراسة تأثير كل خطوة قبل التوجه نحو الخطوة الثانية مثل إخلاء تدريجي للبؤر الاستيطانية وبعض المستوطنات المنعزلة والمساعدة في تهيئة الرأي العام الإسرائيلي لترسيم مستقل للحدود. الخيار المستقل للانفصال إلى دولتين قوميتين يعتمد في الأساس على الاستعداد لتنازل إسرائيل عن مناطق خارج الكتل الاستيطانية الكبيرة ،عندما تحدد، التي ستعتبر جزء لا يتجزأ منها. ويستخدم خط الانتشار الجديد كحدود مؤقتة، مع دعوة الفلسطينيين للتفاوض مع إسرائيل على الحدود النهائية على أساس تبادل أراضي متفق عليه. وفي حالة عدم تجدد المفاوضات تصبح الحدود المؤقتة دائمة. وطالما لم يكن هناك اتفاق يبقى الجيش الإسرائيلي في المناطق والمواقع المحددة للاحتياجات الأمنية مثل غور الأردن وهي المسيطرة على غلاف الحدود الخارجي للمناطق التي سيخلى منها الإسرائيليين الذين سيذهبون خارج حدود الدولة المؤقتة. وعلى ضوء عبر الانفصال الإسرائيلي من غزة ومن شمال السامرة عام 2005 يجب الاستعداد لليوم الذي سيطلب فيه من المستوطنين الساكنين خارج الكتل الاستيطانية الكبيرة العودة إلى حدود دولة إسرائيل. ومن أجل منع أي توتر داخلي على الحكومة أن تدرس وبتعقل كيفية تغيير الحوار مع المستوطنين حول الواقع الذي سينشأ في المنطقة المتمثل بدولتين لشعبين، بهدف توسيع الدعم العام لحل دولتين لشعبين، ولتصوير الإخلاء على أنه خطوة وليس تخلي عن جمهور مهم، الذي اعتبر ومنذ سنوات طويلة الاستيطان في يهودا والساهرة رسالة وطنية، وتبرير فرض القانون والإخلاء بالقوة، إذا تطلب الوضع ذلك. كما أن الاستعداد لاستيعاب مستوطنين يجب أن يتضمن سن قانون الإخلاء بالرضا والتعويض والاستيعاب للمستوطنين القاطنين بالمستوطنات الواقعة خارج الكتل الاستيطانية، وكذلك إجراء حوار داخلي عقلاني عند إجراء الإخلاء الجسدي وبعده. وفي هذا المجال، واستعدادا لترسيم نهائي للحدود، يجب تشجيع التفكير الخلاق حول الأراضي بهدف تقليل عدد الإسرائيليين القاطنين خارج الحدود النهائية لدولة إسرائيل من المناطق التي سيتم إخلائها. وعليه يجب دراسة امكانية بقاء ساكنين إسرائيليين في حدود الدولة الفلسطينية –عندما تقام- في أحياء وكانتونات إقليمية تتمتع بحكم ذاتي إسرائيلي، وكذلك منح الجنسية الفلسطينية للسكان الإسرائيليين، شريطة أن يكون الحديث عن تسوية نهائيه ونهاية للصراع. وسيكون من الحيوي وضع خطة اقتصادية مكملة هدفها تحسين اتفاق باريس وتوسيعه بواسطة منح تسهيلات ملموسة للجانب الفلسطيني، بهدف إعطاء الثقة بالخيار الإسرائيلي المستقل. كذلك يتطلب الوضع استثمار إسرائيلي إلى جانب الاستثمارات الدولية بهدف تحسين البنى التحتية في الضفة الغربية بما في ذلك مناطق C وقطاع غزة وفي مجالات المواصلات وتنقية مياه المجاري وتزويد الكهرباء واستغلال الغاز الطبيعي في غزة، والتوصل إلى اتفاق مياه بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية وإنشاء مشروع (الناقل القطري) الفلسطيني. وعلى إسرائيل أن تمنح الاقتصاد الفلسطيني أفضلية في مجال تصدير المنتجات الزراعية والعمل في إسرائيل. وفي نفس الوقت تشجيع الفلسطينيين على تحسين قدرتهم على الجباية المستقلة بدلاً من الاعتماد على جابي الضرائب الإسرائيلي. وخلال ذلك، يؤخذ بعين الاعتبار التطورات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الفلسطيني واستغلال ذلك من أجل إنماء طبقة وسطى وتوسيع عجلة المتعلمين وزيادة الإمكانيات بالعمل والارتزاق لهذه الفئة من الناس. ويساعد إقامة مشاريع اقتصادية مستقلة تعزيز القدرات الفيزيائيه ويحسن أجواء الفلسطينيين ويتوقع أن يكون لذلك انعكاسات ايجابيه على الساحة الإسرائيلية–الفلسطينية. ومع ذلك، يرافق التقدم التدريجي، خشية فلسطينية عميقة من التسويات المؤقتة، لان ذلك يمنح إسرائيل شرعية وإمكانية أن تضع على الأرض حقائق استيطانية وإقليمية إضافية. ومهمة اقناعهم ستكون معقدة. لكن ربما تدفع الخطوات الإسرائيلية استعداداً للانفصال عن السلطة الفلسطينية إلى اعترافها بأن التعاون من طرفها مع المسيرة هو أمر حيوي وربما تطرح أفكار واقعية من جانبها لحل الخلافات الجوهريه، أو تساعد بعرض الخطوات الإسرائيلية المنفردة على أنها نتائج لسياستها، أو ربما تغزز مكانة فتح في أوساط مؤيديها التقليديين وأمام معارضيها وفي مقدمتهم حماس. وظلت حماس، التي تحوم مواقفها حول طاولة المفاوضات بصفتها "الطرف اليميني" في الجهاز السياسي الفلسطيني، طرفاً مهماً فهي تشبه "الفيل في الغرفة" فمجرد وجود سلطة مستقلة في قطاع غزة بقيادة حماس يشكك في إمكانية تنفيذ أية تفاهمات –إذا تم التوصل إليها. كذلك ستحاول حماس لعب دور المخرب، في حال نفذ الانفصال بالضفة الغربية. ووضع حماس الضعيف اليوم بعد الضربة العسكرية التي وجهتها اليها إسرائيل في جولة الحرب التي اندلعت في قطاع غزة شهر نوفمبر عام 2012 وزيادة التوتر بين التنظيم وبين السلطات المصرية في اعقاب سقوط حكم الإخوان المسلمين – تقلل من إمكانيات توجه القطاع نجو مواجهة مع إسرائيل. علاوة على ذلك لا يوجد هناك تقدم في المفاوضات وبالتالي لا يوجد مصلحة لحماس في تحدى الردع الإسرائيلي. ومع ذلك، يمكن التوقع بأن عمل إسرائيلي مستقل استعداداَ للانفصال من الضفة ستغير ميزان اعتبارات حماس. وتضيف الأزمة الاقتصادية السائدة في قطاع غزة ،رغم النقل المنتظم للبضائع المدنية بعد التنسيق بين إسرائيل ومصر، بعض الزيت على نار الاحتجاجات السياسية. ومن أجل تقليص قدرة حماس على خوض مواجهة ما، يُعرض الانسحاب المستقل من الضفة الغربية لخطر عدم التنفيذ، على إسرائيل الحرص على تقديم تسهيلات متواصلة وعلى سياسة منفصلة لغزة عن الضفة الغربية، كي يشعر سكان القطاع وقيادة حماس بضرورة الهدوء. والهدوء الأمني في قطاع غزة مصلحة إسرائيلية عليا، وعلاقة المسيرة السياسية وإلى جانبها مبادرة سياسية-إقليمية في مجال الاراضي في الضفة تزيد هذه المصلحة. وتنسيق الخطة مع الإدارة الأمريكية يساعد في اقناع الجانب الفلسطيني أن إسرائيل مصرة على التقدم في مشروع دولتين لشعبين –إن لم يكن باتفاق فبشكل مستقل. والتقدم استعداداً لواقع دولتين، سيكون رداً على المأزق الذي وصلت إليه المفاوضات وهي استراتيجية لا تتعارض والمصلحة الامريكية الراغبة بإزالة النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني من جدول أعمال الشرق الاوسط. ولهذا السبب ولاعتبارات متعلقة مباشرة بالعلاقة مع الولايات المتحدة، على الدبلوماسية الإسرائيلية المحافظة على هذا التنسيق.
نظرة إلى الأمام موجة التوترات السياسية–العسكرية في الشرق الأوسط التي لم تصل لذروتها بعد، تعزز خطورة التحديات الموجهة لإسرائيل عندما تقرر التفاوض على الحل النهائي مع الفلسطينيين. ففي مصر وسوريا ولبنان، لا تسيطر الحكومات على المناطق الحدودية التي تعتبر مواقع للجهات الاسلامية. وإلى جانب السيناريوهات المذكورة يهدد ما يجري من توترات بالتمدد نحو الأردن والضفة الغربية في حال انسحب الجيش الإسرائيلي منها. كما تواصل إيران العمل بقوة لامتلاك قدرات نووية عسكرية، ما زاد من المخاوف الإسرائيلية أكثر من السابق. ونتيجة ذلك، ربما ترافق تهديدات أمنية إعادة انتشار القوات الإسرائيلية وفقدان مواقع عسكرية نتيجة اقامه دولة فلسطينية. وأخذت الإدارة الأمريكية على عاتقها مهمة ايجاد بيئة عربية داعمة للتقدم في المسار الإسرائيلي–الفلسطيني استعداداً للتوصل لأية تسوية ربما توفر ضمانات أمنية لإسرائيل. وهذه المهمة ليست بسيطة من حيث التنفيذ خاصة أن المفاوضات المتجددة بين الطرفين تتميز ببحث طرفيها الدائم عن مخرج للتخلص منها، وتحميل مسئولية الفشل على الطرف الآخر. وبالإضافة إلى ذلك، ومن أجل إنجاح جولة المفاوضات التي تمت بمبادرة من الإدارة الأمريكية ،إذا واجهتهما وبالتأكيد ذلك ما سيحصل، المساعدة في حال عدم قدرة الطرفين على الاتفاق حول الاجراءات والجوهر، مع ضرورة محافظة البيت الأبيض على صورة الوسيط الأمين والمحايد. لكن ذلك سيزيد من المواجهة الأمريكية الداخلية بخصوص الدور الذي على الإدارة لعبه بالشرق الاوسط المليء بالتعقيدات التي تحمل إمكانية التدخل العسكري -يحمل في طياته صراعاً بين القوى العظمى. ويبدو أن هذا الدور كاد أن يدفع الإدارة الأمريكية إلى التدخل في الحرب الاهلية في سوريا ما يدفعها إلى عدم الاهتمام بإقامة سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ويخلق صعوبات أمام الطرفين للاتفاق على تسوية. وعلاوة على ذلك، توجه وزير الخارجية الأمريكي نحو المفاوضات معتقداً ومفترضاً أن مبادئ الحل معروفة كما هي في الخطة التي قدمها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وهي شبيهة بالاقتراحات التي قدمتها إسرائيل في السابق (اقتراح باراك في كامب ديفيد الثانية واقتراحات إيهود أولمرت لمحمود عباس بعد مؤتمر آنابوليس) والمبادرة العربية. لكن، يمكن القول أن الشيطان يسكن في تفاصيل المفاوضات كما حدث في الماضي. وعليه، فإن تقديم اقتراحات لا يقلص الفوارق بل يؤكد عليها ويوسعها. وعليه، تساعد استراتيجية التسوية الانتقالية التي يبلورها الوسيط الامريكي في تغيير آلية الفشل المعروفة مسبقاً، أي انهيار المفاوضات وانهيار مسيرة السلام السياسية ودخلوها في مرحلة جمود متواصل. تعقيدات القضايا الجوهرية وحساسيتها السياسية والنفسية، ليست فقط في الفوارق بالمواقف بين حكومة إسرائيل وبين الفلسطينيين، بل تمتد إلى الساحتين الداخليتين، حيث يجد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو صعوبة في وضع خارطة تكون أساساً لاستمرار المفاوضات من دون أن يزعزع ذلك الائتلاف الحكومي وتسيير احتجاجات عامة. أما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فقد قدم إلى طاولة المفاوضات وهو مثقل بالمخاوف من قيام احتجاجات عامة وشاملة تقودها الجهات المعارضة ربما بوحي من الانتفاضات الشعبية التي اندلعت في العالم العربي وذلك رداً على التوصل إلى أي حل وسط. وفي جميع الأحوال، نشك بقدرة القيادتين على قدرتهما إحداث اختراق في المفاوضات. ومع ذلك، تؤكد التهديدات الاقليمية لإسرائيل ضرورة الانفصال عن الفلسطينيين. ورغم أن طريق إسرائيل إلى بيئة استراتيجية آمنة ومريحة ما زالت بعيدة، وكثير من العناصر الإقليمية ليست خاضعة لسيطرتها، على أصحاب القرار أن يأخذوا بعين الاعتبار إمكانية إجراء مفاوضات بين إسرائيل وبين بعض قادة الدول العربية في إطار مفاوضات متعددة الأطراف، مع الاستعداد المبدئي للاعتراف بالمبادرة العربية كأساس لبدئها. والميزة المركزية لهذا التوجه هو باحتمال إدارة محسنة للصراع في المرحلة الأولى. ومقابل المفاوضات متعددة الاطراف تجري مفاوضات مع الفلسطينيين على تسوية نهائية، وكذلك التفاوض مع دول شرق أوسطية أخرى تستقر فيها الأحوال. وتغير الواقع السياسي–الإقليمي في ساحة الصراع هو الهدف. والتوصل لتسوية متفق عليها مع الفلسطينيين هي وسيلة لتحقيق هذا الهدف الذي لا يشكك في ميزاته الجيدة لإسرائيل على المدى البعيد. غير أن الطريق لتحقيق ذلك معبدة بالصعوبات والمعيقات. لكن يمنع على الحكومة الإسرائيلية أن تفقد مع مرور الوقت طابعها اليهودي–الديمقراطي، وتعزيز مكانتها الاقليمية والدولية. ومن أجل التقدم نحو الهدف يجب إعادة المبادرة السياسية لإسرائيل مع السعي إلى الانفصال عن الفلسطينيين إن كان بالمفاوضات أو بشكل مستقل. ويجب الاستعداد على المستوى الوطني لليوم الذي سيطلب فيه من المستوطنين العودة إلى حدود دولة إسرائيل. وذلك الوضع يتطلب من إسرائيل الانتقال إلى خطة "ب" . وتنفيذ خطوات تدريجية نحو الانفصال السياسي والإقليمي من قبل إسرائيل ،في أعقاب عودة الجمود، سيقابل بمعارضة فلسطينية وعربية وأوروبية. لكن، يعتقد أن هذه الاحتجاجات ستبهت مع مرور الوقت إذا نفذت بعد التنسيق مع الإدارة الأمريكية، وسينقل رسالة واضحة حول النية بتقليص وزن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني ويضعه في غطاء النزاع الإسرائيلي–العربي. ويرافق ذلك بالمطالبة الدائمة للسلطة الفلسطينية بالاندماج في المسيرة.
#عليان_الهندي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2014- التحديات الاستراتيجية -
...
-
تقرير إسرائيل الاستراتيجي 2014- الحلقة الاولى - وقت الحسم -
...
-
الحكومة الإسرائيلية-معطيات وخطوط أساسية
-
الشرق الأوسط في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2013- ترجمة ع
...
-
الشرق الأوسط في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2013- ترجمة ع
...
-
الشرق الأوسط في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2013- ترجمة ع
...
-
العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع - عامود الغيم -حلقة 3
-
التقرير الاستراتيجي لمؤتمر هيرتسليا الإسرائيلي 2013- ترجمة ع
...
-
العملية العسكرية الإسرائيلية عامود الغيم - ترجمة عليان الهند
...
-
العملية العسكرية الإسرائيلية عامود الغيم - ترجمة عليان الهند
...
-
الحروب الجديدة لإسرائيل
-
الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة-مواقف إسرائيلية
-
عامود الغيم -العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة : عملي
...
-
أعطوا غزو لمصر
-
خطة الجنرال أييلاند لضم غزة لمصر - ترجمة عليان الهندي
-
إسرائيل والإسلام السياسي بين المواجهة والتعايش
-
عام على الثورات العربية - الموقف الاسرائيلي ترجمة عليان الهن
...
-
عام على الثورات العربية - الموقف الاسرائيلي ترجمة عليان الهن
...
-
عام على الثورات العربية - الموقف الاسرائيلي ترجمة عليان الهن
...
-
ملاحظات فلسطينية حول موقف الحركة الصهيونية من مذابح اليهود !
...
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|