|
ابن الكلبي ..وكتابه الاصنام (1)
داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 4431 - 2014 / 4 / 22 - 13:53
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
مقدمة يعد كتاب (الاصنام )لابن الكلبي مادة حصبة للعلماء والمؤرخين والباحثين ، ومحط انظار الكتاب والقراء ، ولذك لما يحتويه كتابه المشار اليه من مادة تاريخية متميزة لم يسبقه اليها غيره من المؤرخين . وقد اعتمد كتابه عشرات المؤرخين قديما وحديثا ، ولا زال الباحثين يعتمدون كتابه الى يومنا هذا ، وقد رأيت الدكتور جواد في كتابه (المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ) يعتمده اعتمادا كليا ، كذلك الباحث خليل عبد الكريم في معظم بحوثه ، وامثالهما الكثير ممن لا تستوعب هذه الدراسة ذكرهم ، رغم كون الكتاب صغير بحجمه لكنه كبير في مادته . وقد طبع عدة طبعات وقام بتحقيقه الاستاذ أحمد زكي باشا (القاهرة 1332هـ/1914م) . وصاحب الكتاب هو ابو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي، يكنى ابن الكلبي, (نحو 110 هـ - توفي 204 هـ) مؤرخ, وعالم أنساب وأخبار العرب وأيامها . ويعتبر المؤلفون في الأنساب الذين جاءوا بعد هشام عالة عليه، وكان كتاب جمهرة أنساب العرب لابن حزم نسخة من كتاب جمهرة النسب للكلبي مع حذف وإضافة. وأخذت كتب الأمثال عنه كمجمع الأمثال للميداني وجمهرة الأمثال للعسكري، وكتاب الأمثال للقاسم بن سلام . أخذ المؤرخون عنه من أمثال محمد ابن سعد، والبلاذري، ومحمد بن جرير الطبري، والمسعودي و نقل الطبري مقتبسات كثيرة من مؤلفات هشام. ونقل البلاذري أكثر مادته في كتابه الأنساب من كتاب الجمهرة لهشام الكلبي. وقد اعتمد ياقوت الحموي على كتب ابن الكلبي مثل افتراق العرب واشتقاق البلدان والأنساب والأصنام . وغير هؤلاء كثير .
اولاد ابراهيم اول من عبد الاصنام يرى ابن الكلبي أن إسماعيل بن إبراهيم لما سكن مكة وولد له بها أولاد كثير حتى ملأوا مكة ونفوا من كان بها من العماليق، ضاقت عليهم مكة ووقعت بينهم الحروب والعداوات واخرج بعضهم بعضاً، فتفسحوا في البلاد والتماس المعاش. وكان الذي سلخ بهم إلى عبادة الأوثان والحجارة أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا احتمل معه حجراً من حجارة الحرم، تعظيماً للحرم وصبابةً بمكة. فحيثما حلوا، وضعوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة، تيمناً منهم بها وصبابةً بالحرم وحبا له. وهم بعد يعظمون الكعبة ومكة، ويحجون ويعتمرون، على إرث إبراهيم وإسماعيل . ثم سلخ ذلك بهم إلى أن عبدوا ما استحبوا، ونسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره. فعبدوا الأوثان، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم من قبلهم. وانتجثوا ما كان يعبد قوم نوحٍ منها، على إرث ما بقي فيهم من ذكرها. وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم وإسماعيل يتنسكون بها: من تعظيم البيت، والطواف به، والحج، والعمرة، والوقوف على عرفة ومزدلفة، وإهداء البدن، والإهلال بالحج والعمرة - مع إدخالهم فيه ما ليس منه. فكانت نزار تقول إذا ما اهلت: لبيك اللهم! لبيك! لبيك! لا شريك لك! - إلا شريك هو لك! تملكه وما ملك! ويوحدونه بالتلبية، ويدخلون معه آلهتم ويجعلون ملكها بيده. يقول لنبيه: " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " . أي ما يوحدونني بمعرفة حقى، إلا جعلوا معي شريكاً من خلقي. وكانت تلبية عك، إذا خرجوا حجاجاً، قدموا أمامهم غلامين أسودين من غلمانهم، فكانا امام ركبهم. فيقولان: نحن غرابا عك! فنقول عك من بعدهما: عك إليك عانيه، عبادك اليمانيه، كيما نحج الثانية! وكانت ربيعة إذا حجت فقضت المناسك ووقفت في المواقف، نفرت في النفر الأول ولم تقم إلى آخر التشريق. فكان أول من غير دين إسماعيل فنصب الأوثان وسيب السائبة، ووصل الوصيلة وبحر البحيرة وحمى الحامية عمرو بن ربيعة .
لحى بن حارثة صاحب نظرية عبادة الاصنام يعتقد ابن الكلبي ان لحى بن حارثة ابن عمرو بن عامر الأزدي وكان الحارث هو الذي يلي أمر الكعبة. فلما بلغ عمرو بن لحى، نازعه في الولاية وقاتل جرهما بني إسماعيل. فظفر بهم وأجلاهم عن الكعبة. ونفاهم من بلاد مكة، وتولى حجابة البيت بعدهم. ثم إنه مرض مرضاً شديداً، فقيل له: إن بالبلقاء من الشأم حمةً إن أتيتها، برأت. فأتاها فاستحم بها، فبرأ. ووجد أهلها يعبدون الأصنام، فقال: ما هذه؟ فقالوا نستسقي بها المطر ونستنصر بها على العدو. فسألهم أن يعطوه منها، ففعلوا فقدم بها مكة ونصبها حول الكعبة. ويوضح ان إسافاً ونائلة رجل من جرهم يقال له إساف بن يعلى، ونائلة بنت زيدٍ من جرهم وكان يتعشقها في أرض اليمن فأقبلوا حجاجاً، فدخلا الكعبة، فوجدا غفلةً من الناس وخلوة في البيت، ففجر بها في البيت، فمسخا. فأصبحوا فوجدوهما مسخين. فأخرجوهما فوضعوهما موضعهما. فعبدتهما خزاعة وقريش، ومن حج البيت بعد من العرب. وكان أول من اتخذ تلك الأصنام، من ولد إسماعيل وغيرهم من الناس و سموهما بأسمائها على ما بقى فيهم من ذكرها حين فارقوا دين إسماعيل . اقول : كون ان لحى بن حارثة او من ادخل الاصنام الى مكة او اول من دعا الى عبادتها امر مشكوك فيه ، وقد فنده كثير من الباحثين المعاصرين ، ومنهم الباحث خليل عبد الكريم في بعض بحوثة ، وبدوري ايضا اسك في ذلك ، واترك الحكم لغيري .
الاصنام الخمسة ومن عبدها
قال ابن الكلبي : هذيل بن مدركة اتخذوا سواعا ، فكان لهم برهاطٍ من أرض ينبع. وينبع عرض من أعراض المدينة. وكانت سدنته بنو لحيان. ولم أسمع لهذيلٍ في أشعارها له ذكراً، إلا شعر رجلٍ من اليمن. واتخذت كلب ودا بدومة الجندل خياك ود! فإنا لا يحل لنا لهو النساء، وإن الدين قد عزما. وقال الآخر: وسار بنا يغوث إلى مرادٍ فناجزناهم قبل الصباح. واتخذت خيوان يعوق فكان بقرية لهم يقال لها خيوان من صنعاء على ليلتين، مما بلى مكة. ويفيد ابن الكلبي بقوله : ولم أسمع همدان سمت به ولا غيرها من العرب؛ ولم أسمع لها ولا لغيرها فيه شعراً. وأظن ذلك لأنهم قربوا من صنعاء واختلطوا بحمير، فدانوا معهم باليهودية، أيام تهود ذو نواسٍ، فتهودوا معه. واتخذت حمير نسراً ، فعبدوه بأرض يقال لها بلخع. ولم أسمع حمير به أحدا، ولم أسمع له ذكرا في أشعارها ولا أشعار أحدٍ من العرب. وأظن ذلك كان لانتقال حمير أيام تبعٍ عن عبادة الأصنام إلى اليهودية. وكان الحمير أيضا بيت بصنعاء يقال له ريام، يعظمونه ويتقربون عنده بالذبائح. ويبين : فلما انصرف تبع من مسيره الذي سار فيه إلى العراق، قدم معه الحبران اللذان صحباه من المدينة. فأمراه بهدم رئام قال: شأنكما به.فهدماه وتهود تبع وأهل اليمن. فمن ثم لم أسمع بذكر رئام ولا نسرٍ في شئ من الأشعار ولا الأسماء. ويرى ابن الكلبي انه لم تحفظ العرب من أشعارها إلا ما كان قبيل الإسلام. ويعتقد ابن الكلبي ان هذه الخمسة الأصنام هي التي كانت يعبدها قوم نوحٍ، فذكرها الله في كتابه، فيما أنزل على نبيه: " قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خساراً ومكروا مكراً كباراً وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً وقد أضلوا كثيراً ولا تزد الظالمين إلا ضلالاً " . ويوضح ابن الكلبي : فلما صنع هذا عمرو بن لحى، دانت العرب للأصنام وعبدوها واتخذوها . ويوضح : فكان أقدمها كلها (مناة ) يقول وقد كانت العرب تسمى عبد مناة وزيد مناة. وكان منصوبا على ساحل البحر من ناحية المشل بقديد، بين المدينة ومكة. كما يرى يقول : وكانت العرب جميعا تعظمه وتذبح حوله. وكانت الأوس والخزرج ومن ينزل المدينة ومكة وما قارب من المواضع يعظمونه ويذبحون له ويهدون له. وكان أولاد معد على بقيةٍ من دين إسماعيل . وكانت ربيعة ومضر على بقيةٍ من دينه. ولم يكن أحد أشد إعظاماً له من الأوس والخزرج. يروي ابن الكلبي : كانت الأوس والخزرج ومن يأخذ بإخذهم من عرب أهل يثرب وغيرها، فكانوا يحجون فيقفون مع الناس المواقف كلها، ولا يحلقون رءوسهم. فإذا نفروا أتوه، فحلقوا رءوسهم عنده وأقاموا عنده. لا يرون لحجهم تماما إلا بذلك. فلإعظام الأوس والخزرج يقول عبد العزى بن وديعة المزني، أو غيره من العرب: إنى حلفت يمين صدقٍ برةً ... بمناة عند محل آل الخزرج! وكانت العرب جميعا في الجاهلية يسمون الأوس والخزرج جميعا: الخزرج. فلذلك يقول: عند محل آل الخزرج. ومناة هذه التي جاء ذكرها في القرآن فقال: " ومناة الثالثة الأخرى " . وكانت لهذيلٍ وخزاعة. وكانت قريش وجميع العرب تعظمه. فلم يزل على ذلك حتى خرج رسول الله من المدينة سنة ثمانٍ من الهجرة، وهو عام فتح الله عليه. فلما سار من المدينة أربع ليالٍ أو خمس ليالٍ، بعث علياً إليها فهدمها وأخذ ما كان لها. فأقبل به إلى النبي . فكان فيما أخذ سيفان كان الحارث بن أبي شمرٍ الغساني ملك غسان أهداهما لها: أحدهما يسمى مخذماً والآخر رسوباً. وهما سيفا الحارث اللذان ذكرهما علقمة في شعره، فقال: مظاهر سر بالى حديدٍ عليهما ... عقيلا سيوفٍ: مخذم ورسوب. فوهبهما النبي لعلي . فيقال: إن ذا الفقار، سيف على، أحدهما. ويقال إن عليا وجد هذين السيفين في الفلس، وهو صنم طي، حيث بعثه النبي فهدمه. ثم اتخذوا اللات واللات بالطائف، وهي أحدث من مناة. وكانت صخرةً مربعةً. وكان يهودي يلت عندها السويق. وكان سدنتها من ثقيف بنو عتاب بن مالكٍ. وكانوا قد بنوا عليها بناءً. وكانت قريش وجميع العرب تعظمها. وبها كانت العرب تسمى زيد اللات وتيم اللات. وكانت في موضع منارة مسجد الطائف اليسرى اليوم. وهي التي ذكرت في القرآن، فقال: " أفرأيتم اللات والعزى " . ولها يقول عمرو بن الجعيد: فإنى وتركي وصل كأسٍ لكالذي ... تبرأ من لاتٍ، وكان يدينها! وله يقول المتلمس في هجائه عمرو بن المنذر: أطردتني حذر الهجاء، ولا ... واللات والأنصاب لا تئل! فلم تزل كذلك حتى أسلمت ثقيف، فبعث رسول الله المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار. وفي ذلك يقول شداد بن عارضٍ الجشمي حين هدمت وحرقت، ينهى ثقيفاً عن العود إليها والغضب لها: لا تنصر و اللات إن الله مهلكها! ... وكيف نصركم من ليس ينتصر؟ إن التي حرقت بالنار فاشتعلت، ... ولم تقاتل لدى أحجارها، هدر. إن الرسول متى ينزل بساحتكم ... يظعن، وليس بها من أهلها بشر. وقال أوس بن حجرٍ يحلف باللات: وباللات والعزى ومن دان دينها ... وبالله، إن الله منهن أكبر! ثم اتخذوا العزى وهي أحدث من اللات ومناة. وذلك أني سمعت العرب سمت بهما قبل العزى. فوجدت تميم بن مر سمى ابنه زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة؛ وعبد مناة بن أد؛ و باسم اللات سمى ثعلبة بن عكابة ابنه تيم اللات؛ وتيم اللات بن رفيدة بن ثور؛ وزيد اللات بن رفيدة بن ثور بن وبرة بن مر بن أد ابن طابخة؛ وتيم اللات بن النمر بن قاسط؛ وعبد العزى بن كعب بن سعد ابن زيد مناة بن تميم. فهى أحدث من الأوليين. وعبد العزى بن كعب من أقدم ما سمت به العرب. وكان الذي اتخذ العزى ظالم بن أسعد. كانت بوادٍ من نخلة الشآمية، يقال له حراض، بإزاء الغمير، عن يمين المصعد إلى العراق من مكة. وذلك فوق ذات عرقٍ إلى البستان بتسعة أميال. فبنى عليها بساً، يريد بيتا. وكانوا يسمعون فيه الصوت. وكانت العرب وقريش تسمى بها عبد العزى. وكانت أعظم الأصنام عند قريش. وكانوا يزورونها ويهدون لها ويتقربون عندها بالذبح. وقال ابن الكلبي بلغنا أن رسول الله ذكرها يوما، فقال: لقد أهديت للعزى شاةً عفراء، وأنا على دين قومي. وكانت قريش تطوف بالكعبة وتقول: واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى! فإنهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى! كانوا يقولون: بنات الله ، وهن يشفعن إليه. فلما بعث الله رسوله أنزل عليه: " ؟أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألهكم الذكر كروله الأنثى تلك إذاً قسمة ضيزى إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان " . وكانت قريش قد حمت لها شعباً من وادي حراضٍ يقال له سقام. يضاهون به حرم الكعبة. فذاك قول أبي جندبٍ الهذلي ثم القردي في امرأة كان يهواها فذكر حلفها له بها: لقد حلفت جهداً يميناً غليظةً ... بفرع التي أحمت فروع سقام لئن أنت لم ترسل ثيابي فانطاق ... أباديك أخرى عيشنا بكلام يعز عليه صرم أم حويرثٍ ... فأمسى يروم الأمر كل مرام ولها يقول درهم بن زيدٍ الأوسي: إنى ورب العزى السعيدة والله الذي دون بيته سرف!وكان لها منحر ينحرون فيه هداياها، يقال له الغبغب. فله يقول الهذلي، وهو يهجو رجلا تزوج امرأةً جميلةً يقال لها أسماء: لقد أنكحت أسماء لحى بقيرةٍ ... من الأدم أهداها امرؤ من بني غنم! رأى قذعاً في عينها إذ يسوقها ... إلى غبغب العزى، فوضع في القسم. فكانوا يقسمون لحوم هداياهم فيمن حضرها وكان عندها. فلغبغبٍ يقول نهيكة الفزاري لعامر بن الطفيل: يا عام لو قدرت عليك رماحنا ... والراقصات إلى منى فالغبغب! لتقيت بالوجعاء طعنة فاتكٍ ... مران أو لثويت غير محسب. وله يقول قيس بن منقذ بن عبيد بن ضاطر بن حبشية بن سلول الخزاعي ولدته امرأة من بني حداد من كنانة، وناس يجعلونها من حداد محاربٍ وهو قيس بن الحدادية الخزاعي: تلينا بيت الله أول حلفةٍ ... وإلا فأنصابٍ يسرن بغبغب . ويؤكد على ان قريش كانت تخصها بالإعظام . فلذلك يقول زيد بن عمرو بن نفيل: وكان قد تأله في الجاهلية وترك عبادتها وعبادة غيرها من الأصنام : تركت اللات والعزى جميعاً، ... كذلك يفعل الجلد الصبور. فلا العزى أدين ولا ابنتيها ... ولا صنمي بني غنمٍ أزور. ولا هبلاً أزور وكان رباً ... لنا في الدهر إذ حلمى صغير.
سدنة العزى
قال ابن الكلبي : وكان سدنة العزى بنو شيبان بن جابر بن مرة بن عبس بن رفاعة بن الحارث ابن عتيبة بن سليم بن منصور من بني سليم. وكان آخر من سدنها منهم دبية ابن حرمى السلمي. وله يقول أبو خراشٍ الهذلي، و كان قدم عليه فخذاه نعلين جيدتين، فقال: حذانى بعد ما خذمت نعالى ... دبية، إنه نعم الخليل! مقابلتين من صلوى مشب ... من الثيران وصلهما جميل. فنعم معرس الأضياف تذحى ... رجالهم شامية بليل! يقاتل جوعهم بمكللاتٍ ... من الفرني يرعبها الجميل
ابو احيحة يتخوف ترك عبادة العزى يقول ابن الكلبي :فلم تزل العزى كذلك حتى بعث الله نبيه محمد بن عبد الله فعابها وغيرها من الأصنام، ونهاهم عن عبادتها، ونزل القرآن فيها. فاشتد ذلك على قريش. ومرض أبو أحيحة وهو سعيد بن العاص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف مرضه الذي مات فيه. فدخل عليه أبو لهبٍ يعوده، فوجده يبكي. فقال: ما يبكيك، يا أباأحيحة؟ أمن الموت تبكي، ولا بد منه؟ قال: لا. ولكني أخاف أن لا تعبد العزى بعدي. قال أبو لهب: والله ما عبدت حياتك لأجلك، ولا تترك عبادتها بعدك لموتك! فقال أبو أحيحة: الآن علمت أن لي خليفة! وأعجبه شدة نصبه في عبادتها. فلما كان عام الفتح، دعا النبي خالد بن الوليد، فقال: انطلق إلى شجرةٍ ببطن نخلة، فاعضدها. فانطلق فأخذ دبية فقتله، وكان سادنها. فقال أبو خراش الهذلي في دبية يرثيه: ما لدبية منذ اليوم لم أره ... وسط الشروب ولم يلمم ولم يطف؟ لو كان حياً، لغاداهم بمترعةٍ ... من الرواويق من شيزى بني الهطف. ضخم الرماد، عظيم القدر، جفنته ... حين الشتاء كحوض المنهل اللقف. أمسى سقام خلاءً لا أنيس به ... إلا السباع ومر الريح بالغرف. بطيف من الطوفان، من طاف يطيف؛ والهطف بطن من بني عمرو بن أسدٍ؛ اللقف الحوض المنكسر الذي يضرب أصله الماء فيتثلم، يقال: قد لقف الحوض. وكان سعيد بن العاص أبو أحيحة يعتم بمكة. فإذا اعتم لم يعتم أحد بلون عمامته. قال: كانت العزى شيطانةً تأتي ثلاث سمراتٍ ببطن نخلة. فلما افتتح النبي مكة، بعث خالد بن الوليد، فقال له: إيت بطن نخلة، فإنك تجد ثلاث سمراتٍ، فاعضد الأولى! فأتاها فعضدها. فلما جاء إليه ، قال: هل رأيت شيئاً؟ قال: لا. قال: فاعضد الثانية! فأتاها فعضدها. ثم أتى النبي ، فقال: هل رأيت شيئا؟ قال: لا. قال: فاعضد الثالثة! فأتاها. فإذا هو بحبشية نافشةٍ شعرها، واضعةٍ يديها على عاتقها، تصرف بأنيابها، وخلفها دبية بن حرمى الشيباني ثم السلمي، وكان سادنها. فلما نظر إلى خالدٍ قال: أعزاء، شدى شدةً لا تكذبي ... على خالدٍ! ألقى الخمار وشمرى! فإنك إلا تقتلى اليوم خالداً ... تبوئى بذل عاجلاً وتنصرى. فقال خالد: يا عز كفرانك لا سبحانك! ... إنى رأيت الله قد أهانك! ثم ضربها ففلق رأسها، فإذا هي حممة. ثم عضد الشجرة، وقتل دبية السادن. ثم أتى النبي ، فأخبره. فقال: تلك العزى، ولا عزى بعدها للعرب! أما إنها لن تعبد بعد اليوم!. فقال أبو خرٍاش في دبية الشعر الذي تقدم. فقال ابن الكلبي ولم تكن قريش بمكة ومن أقام بها من العرب يعظمون شيئا من الأصنام! إعظامهم العزى، ثم اللات، ثم مناة. فأما العزى، فكانت قريش تخصها دون غيرها بالزيارة والهدية. وذلك فيما أظن لقربها كان منها. وكانت ثقيف تخص اللات كخاصة قريشٍ العزى. وكانت الأوس والخزرج تخص مناة كخاصة هؤلاء الآخرين. ويؤكد : وكلهم كان معظماً لها أي للعزى. ولم يكونوا يرون في الخمسة الأصنام التي دفعها عمرو بن لحى وهي التي ذكرها القرآن حيث قال: ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسراً. كرأيهم في هذه ولا قريبا من ذلك. فظننت أن ذلك كان لبعدها منهم . كانت قريش تعظمها، وكانت غنى وباهلة يعبدونها معهم. فبعث النبي خالد ابن الوليد قطع الشجر وهدم البيت وكسر الوثن . وكانت لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها. وكان أعظمها عندهم هبل. وكان فيما بلغني من عقيق أحمر على صورة الإنسان، مكسور اليد اليمنى. أدركته قريش كذلك، فجعلوا له يداً من ذهبٍ. وكان أول من نصبه خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر. وكان يقال له هبل خزيمة.
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ام حسين الدلالة تفوز بالانتخابات
-
القانون الجعفري ..اعادة سوق النحاسة
-
معارضو محمد
-
حتى نبي الاسلام لم ينصف المرأة
-
مرشحة برلمانية ...خط ونخلة وفسفورة
-
ابو لهب عم النبي ( قراءة في اوراق محظورة ) ( 6 )
-
انتخبوني ...لله يا محسنين
-
ابو لهب عم النبي ( قراءة في اوراق محظورة ) ( 5 )
-
بطايق للبيع...بطايق
-
ابو لهب عم النبي ( قراءة في اوراق محظورة ) ( 4 )
-
ابو لهب عم النبي ( قراءة في اوراق محظورة ) ( 3 )
-
ابو لهب عم النبي ( قراءة في اوراق محظورة ) ( 2 )
-
ابو لهب عم النبي ( قراءة في اوراق محظورة ) ( 1 )
-
ابو لهب عم النبي ( قراءة في اوراق محظورة ) - تعريف
-
ابو لهب عم النبي ( قراءة في اوراق محظورة )
-
ساجدة عبيد .. والموازنة
-
مفوضية الانتخابات .. فوك الحمل تعلاوه
-
اقبض من دبش
-
دايخ بالمعاملة
-
السياسة :شعيط ومعيط
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|