|
الاردن قلق وتوتر جدا جدا حيال التطورات في اوكرانيا
خليل خوري
الحوار المتمدن-العدد: 4430 - 2014 / 4 / 21 - 17:37
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
بما ان الاردن هو من اكثر دول الكرة الارضية اعتمادا على مساعدات الدول المانحة ،، وبما انه لم يتمكن منذ انشاء امارة شرق الاردن في سنوات العشرينات من القرن الماضي تحت اشراف ورعاية بريطانية الام الرؤوم لكافة الدول التي خضعت لاستعمارها المباشر ، لم يتمكن من ردم فجوة العجز المزمن في موازنته العامة ، او لنقل تطبيق سياسة شد الاحزمة على البطون بدون الاستعانة بالمساعدات الاجنبية ، وبما انه بحاجة ماسة اليها وبالتالي لا يستطيع الاستغناء عنها حتى لو ان كافة المساعدات التي يحصل عليها وخاصة من الماما اميركا تنطوي على شروط سياسية تصب في خدمة مصالح اميركا ‘ لكل هذه الاسباب لم يتخذ الاردن موقف الحياد الايجابي حيال التطورات الجارية في اوكرانيا ، بل اعرب عن قلقه ازاء التطورات الاخيرة في شرق اوكرانيا وما يرافقها من تصعيد قد يؤدي الى عدم استقرار المنطقة وتهديد السلم الاهلى في اوكرانيا ! وتعبيرا عن انزعاج الجهات الرسمة الاردنية وتوترها الشديد حيال ما وصفته بتمرد فئات من الشعب في شرق اوكرانيا ، قال الامير زيد ابن رعد مندوب الاردن الدائم لدى الامم المتحدة في جلسة طارئة عقدها مجلس الامن لمناقشة الوضع في اوكرانيا : ان ما يحصل هناك سيؤدي الى تفكك الدولة الاوكرانية وتقسيمها - للتذكير لم ينتاب مندوب الاردن في مجلس الامن ولا رئيس الحكومة عبداله نسور مشاعر قلق وتوتر عندما اطلقت تركيا غزوة جهادية قبل اسبوعين باتجاه سوريا رغم انها لا تستهدف فقط بسط سيطرة المسلحين العثمانيين على الجزء الشمالي من سورية بل ضمها الى تركيا كما يشتهي ويخطط لتحقيق هذا الهدف السلطان العثماني الاخواني اردوجان بل التزم الاردن الصمت وكأن سورية التي كانت في سالف العصر والاوان دولة شقيقة اصبحت اقل اهمية من اوكرانيا ، وبالعودة الى كلمة مندوب الاردن سمو الامير فقد اضاف قائلا :وحفاظا على وحدة اوكرانيا فان من حق الدولة الاوكرانية وواجبها تجاه مواطنيها ان تحافظ على وحدة اراضيها وسلامتها الاقليمية وان تعيد سيادة القانون الى كل اجزائها . واردف قائلا : لابد لمجلس الامن ان يرسل رسالة واضحة يعبر فيها عن دعمه لاوكرانيا في جهودها لانهاء حركة التمرد المسلح في شرق وجنوب اوكرانيا . واستنادا الى كلمة سمو الامير الاردني فان عودة الامن الامن والاستقرار الى ربوع اوكرانيا لا تكمن بالحل الروسي الداعي الى اقامة دولة فيدرالية في جمهورية اوكرانيا ، والى عودة الرئيس الشرعي والمنتخب لاوكرانيا ، والى عدم الاعتراف بالحكومة الانتقالية التي انقلبت على النظام الشرعي ، والى اعتبار اللغة الروسية لغة رسمية للبلاد ، بل يكمن الحل من وجهة نظر سمو الامير حسبما ورد في رسالته الموجهة للمجتمع الدولى : في رفض الحل الروسي ، وفي تقديم الدعم للحكومة الانتقالية غير المنتخبة لكافة جهودها الرامية لانهاء ما وصفه بالتمرد في الاجزاء الاوكرانية التي تسكنها اغلبية روسية ، وحيث يعلم سمو الامير ان الحكومة الاوكرانية قد وجهت انذارا للمتمردين باخلاء المباني الحكومية في مدة زمنية لا تتجاوز 24 ساعة وتاكيدا لتوجهاتها القمعية فقد حشدت قوات عسكرية كبيرة معززة بالدبابات والمصفحات في اطراف مدن شرق وجنوب اوكرانيا فيما اصطدمت قطاعات منها بلجان الدفاع الشعبية وقتلت اعداد منهم بما يؤكد ان الحكومة الانتقالية لا تريد حلا سلميا وتوافقيا للازمة بل حلا عسكريا ، وذلك تمشيا مع توجيهات مندوب السي أي ايه الذي توجه الى اوكرانيا قبل يومين من اطلاق الحكومة الانقلابية حملتها القمعية ضد المحتجين ! . لو دققنا جيدا في مضمون كلمة مندوب الاردن فلن نجد فيها فرقا عن كلمة مندوب الماما اميركا الاستفزازية ضد روسيا ،اللهم ان كلمة سموه مكتوبة باللغة العربية ، بينما كلمة المندوب الاميركي مكتوبة باللغة الانكليزية ، ولهذا فقد خلت كلمة سموه من اية اشارة الى مقدمات التطورات الجارية في اوكرانيا والتي اثارات قلقه مثلما اثارت قلق حكومته ، وحيث يعلم سمو الامير المتخصص في الشئون الدولية التطورات الجارية في اوكرانيا المثير لقلقه ، وتحديدا في شرق وجنوب اوكرانيا التي تشهد وفق توصيف سمو الامير الاردني تمردا مسلحا انها لم تندلع من فراغ بل تصاعدت وتطورت الى مواجهات مسلحة بين المحتجين هناك وبين القوات الاوكرانية لان الاحزاب اليمينية والقومية المتطرفة كانت البادئة في استخدام السلاح بهدف الاستيلاء على المباني الحكومية في العاصمة الاوكرانية ، ولا ننسى قرارها الجائر بعدم اعتبار اللغة الروسية لغة رسمية والذي اتبعته بفرمان يقضي بعزل الرئيس المنتخب بالقوة ، رغم ان الاخير قد اجرى حوارا مع احزاب المعارضة تركز البحث فيه حول مطالبها الداعية لتعديل الدستور، وتقليص صلاحياته وتمخض في نهاية المطاف عن اتفاقية وقعت عليها احزاب المعارضة وممثلون عن الجماعة الاوروبية تنازل بموجبها عن جزء من صلاحياته للبرلمان وتعهد ايضا باجراء انتخابات رئاسية مبكرة ،اليس هذا الحل التوافقي كاف لتجنيب اوكرانيا الفوضى والصراعات القومية واراقة الدماء وتمرد مناطق واسعة على السلطة الانقلابية التي ابدى سمو الامير حيالها انزعاجا وقلقا شديدين ودعا مجلس الامن ولو بشكل غير مباشر الى القضاء عليه بحجة الحفاظ على وحدة واستقلال اوكرانيا وكأن سلامة ووحدة اوكرانيا لا تتحقق الا باستئثار اليمين النازي الاوكراني بالسلطة وباقصاء التيارات السياسية الاخرى وبسحق المتمردين ، الغريب في الموقف الاردني الذي عبر عنه مندوبها سموالامير حيال الازمة الاوكرانية انه يقف الى جانب الحكومة الاوكرنية غير الشرعية في توجها لقمع التمرد رغم ان المتمردين على الحكومة الاوكرانية يشكلون جزءا كبيرا من الشعب الاوكراني ولا مطالب لهم سوى عودة الرئيس الشرعي المنتخب من جانب غالبية الشعب الاوكراني وتعديل الدستور بينما يتخذ الاردن الرسمي موقفا مغايرا حيال الازمة السورية رغم ان ما تشهده سورية ليس تمردا شعبيا ولا ثورة شعبية كما تسوق لذلك لهذه الاكذوبة وتروج لها مشيخات النفط والغاز الاكثر عداء للثورات الشعبية وانحيازا للانظمة الدكتاتورية التي تقمعها ، بل هو غزوة وهابية اكثر المشاركين فيها هم من غير السوريين ، فلماذا يحق للحكومة الانتقالية الاوكرانية الانقلابية النازية قمع التمرد ، ولا يحق للنظام السوري التصدي للغزوة الوهابية حفاظا على امن وسلامة شعبة ضد عصابات تناهض كافة اشكال الحداثة والديمقراطية ، ولا تجيد أي نشاط الا الذبح على الهوية الطائفية والتطهير العرقي ، وتفجير السيارات المفخخة في الاحياء المدنية وتدمير المرافق الاقتصادية وبيع المصانع للاتراك بابخس الاثمان وتدمير الكنائس والمساجد : الا يدل الموقف الرسمي الاردني حيال الازمتين انه يتماهى مع الموقف الاميركي حيث لا ترى الادارة الاميركية حلا للازمة الاوكرانية الا بالقضاء على تمرد جنوب وشرق اوكرانيا بالقوة وانضمام اوكرانيا لحلف الاطلسي ومن ثم تحقيق الهدف الاميركي الرامي الى تطويق روسيا وتفكيكها في مرحلة لاحقة ، ولا ترى الادارة الاميركية حلا للازمة السورية الا بتدمير الدولة السورية وتحويلها لدولة فاشلة ، والا كيف نفسر اشتراك الاردن في كافة مؤتمرات اصدقاء سوريا التي كانت تعقد تحت رعاية اميركية ، وكيف نفسر تدريب عناصر ما يسمى بالمعارضة المعتدلة " الجيش السوري الحر " في معسكرات تقع على الاراضي الاردنية تحت اشراف ضباط اميركيين ، وهل ثمة تفسير لانحياز الاردن للموقف الاميركي سوى انه قد اتخذه ضمانا للفوز بمزيد من المساعدات الاميركية والسعودية والقطرية ؟ قبل شهر تقريبا من اندلاع الازمة الاوكرانية قام جنود اسرائيليون باغتيال القاضي الاردني نضال زعيتر بدم بارد اثناء اجتيازه جسر الملك حسين متجها الى الارض المحتلة ولم يكن من عذر يقدمه الجنود القتلة دفاعا عن جريمتهم سوى ان القاضي قد تلاسن معهم ودفع احدهم،، عقب عملية الاغتيال لم تتخذ الحكومة الاردنية اية اجراءات تستحق الذكر ردا على الجريمة الاسرائيلية اللهم الا التنديد والااستنكار و مطالبة الجانب الاسرائيلي بتشكيل لجنة تحقيق مشتركة للتحقيق في الحادث ومحاسبة القتلة ، كما لم يبادر مندوب الاردن الدائم في الامم المتحدة سمو الامير زيد ابن رعد بتقديم شكوى الى مجلس الامن ، او على الاقل القاء كلمة يعبر فيها عن قلق حكومته حيال الممارسات الاجرامية للجنود الاسرائيليين التي تستهدف سلامة وحياة المواطنين الاردنيين ، كما عبر في الازمة عن قلق حكومته حيال سلامة المواطنين الاوكرانيين خاصة وان الحكومة الاسرائيلية لم تقدم أي اعتذار مكتوب عن الجريمة التي اقترفها الجنود الاسرائيليون بل قدم بيريزاعتذارا شفويا للملك عبر الهاتف ، او حتى تقدم لذوي الشهيد تعويضا ماليا كالذي قدمه الاردن لذوي الاسرائيليين الذين اطلق النار عليهم الجندي الاردني الدقامسة وارداهم قتلى ، وحيث بلغت ديّة الواحد منهم 70 الف دينار اردني ، الا يدل كل ذلك ان المساعدات الاميركية السعودية القطرية المشروطة للاردن هي التي حالت دون تقديم الاردن شكوى الى مجلس الامن ، وبالتالي التشدد في مواقفة حيال سلامة وامن مواطنية مثلما كانت دائما قيدا عليه ولا تمكنه بالتالي من انتهاج سياسة مستقلة تصب في خدمة مصالحه الوطنية والقومية بل تضعه في تعارض معها حتى لو كان من شروطها ان يكون الاردن منصة تنطلق منها الثورات المضادة التي تستهدف الاطاحة بالانظمة التقدمية والعلمانية العربية وضرب حركات التحرر الوطني والاجتماعي العربي ؟ الحجة التي تتذرع بها الحكومات المتعاقبة ، كونها حكومات معينة ولا تعبر عن ارادة الشعب ولا تمثل الا مصالح الراسمالية الطفيلية والكمبرادور، ان الاردن بلد فقير في ثرواته الطبيعية وهو بهذا الوضع لا يمكن له ان يتقدم ويتطور اقتصاديا واجتماعيا بدون الحصول على المساعدات والقروض الاجنبية وهي حجة تدحضها امكانية تحقيق مثل هذا التطور اوحتى تحقيق نقلة نوعية في كافة مرافقه الاقتصادية والخدمية : لو بادر باقامة وحدة فيدرالية مع سورية والعراق ،ولكن هل يمكن لنظام وضع بيضاته في السلة الاميركية ان يخطو اية خطوة باتجاه وحدة عربية ترفضها وتحاربها بكل طاقاتها كل من اسرائيل واميركا
#خليل_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزوة جهادية عثمانية عبرية لسورية
-
الوزير الاردني صالح القلاب مدافعا عن جبهة النصرة وداعش والشي
...
-
هيبة عمر البشير على محك تضخم البروستاتا
-
شر البلية ما يضحك: اسرائيل تقتل قاضيا اردنيا ، والاردن يستنك
...
-
برعاية اوباما : داعش تفرض الجزية على نصارى الرقة
-
اوكرانيا على صفيح ساخن
-
الوقائع الماثلة على الارض تؤكد ان الاردن هو الوطن البديل للف
...
-
مجلس الامن يذرف دموع التماسيح على الوضع الانساني في سورية
-
ضوء اخضر اميركي لفتح جبهة جنوب سورية
-
الائتلاف المعارض السوري يتعامل مع جنيف 2 كمنصة للوثوب الى ال
...
-
برعاية بشار الاسد : داعيات محجبات يطلقن حملة تنويرية للشعب ا
...
-
متى يقع قتلة وزير الدفاع السوري في قبضة العدالة ؟
-
الوزيرة السورية تحجبت تمشيا مع توجهاتها الوهابية
-
بعد مذبحة - عدرا - : هل ثمة اسلام معتدل واسلام متطرف ؟؟
-
بفضل الوصفات العلاجية لرئيس الوزراء الاردني: الدينار الاردني
...
-
السعودية تتغوّل على سورية والعراق : فلماذا لا تردان عليها با
...
-
الاديان بين النظرية والتطبيق. اشادة بالنظرية وصمت حول التطبي
...
-
محطة كهرباء غزة متوقفة .. ولا مانع من جانب حماس تشغيلها بالو
...
-
دول اصدقاء سورية ينوبون عن 22 مليون سوري في تقرير مصير بشار
...
-
وحدة فيديرالية بين سورية والعراق لمواجهة ودحر الغزوة الوهابي
...
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|