|
كلُّ شويعرٍ مناضلٌ صنديد
كمال سبتي
الحوار المتمدن-العدد: 1256 - 2005 / 7 / 15 - 05:26
المحور:
الادب والفن
قال المتنبي في قصيدة أمامَ سيف الدولة : أَفـي كُـلِّ يَـومٍ تحـتَ ضِبنِي شُوَيعِرٌ ضَعيــفٌ يُقــاوِيني قَصِـيرٌ يُطـاوِلُ ومما يقوله المعري في شرحه هذا البيتَ :"وقيل: هذا تعريض بالنّامي ، وقيل: بابن نباتة . وقيل: أراد غيرهما من شعراء سيف الدولة."
**** كانت القصيدة منذ مطلعها تعريضاً بملك الروم : دروع لمَلْــك الـرُوم هـذي الرَسـائِلُ يَــرُدُّ بهــا عــن نَفسِـهِ ويُشـاغِلُ وفيها مما فيها : أَرَى كُــلَّ ذي مُلــكٍ إِلَيـكَ مَصِـيرُهُ كــأَنَّكَ بَحــرٌ والمُلــوكُ جَــداوِلُ
لكنَّ أبا الطيب وهو في غمرة انشغاله بمدح بطله سيف الدولة والتعريض بملك الروم فإنه يتذكر نفسه ، ولست أعرف قصيدة واحدة للمتنبي في مدح سيف الدولة لا يتذكر فيها نفسه فيقول للأمير : أَذا الجُـودِ أَعـطِ النـاسَ مـا أَنتَ مالِكٌ وَلا تُعْطِيَــنَّ النـاسَ مـا أَنـا قـائِلُ أَفـي كُـلِّ يَـومٍ تحـتَ ضِبنِي شُوَيعِرٌ ضَعيــفٌ يُقــاوِيني قَصِـيرٌ يُطـاوِلُ
وهذا طلبٌ أمرٌ بفعل الأمر من سيف الدولة تحيَّرَ المفسرون فيه وإن هم اتفقوا على ما هو فيه أصلاً بشرح أبي العلاء : "أعطِ الناس ما أنت مالِكٌ من المال، ولا تُعْطهم ما اختصُّ به." والمتنبي في هذا وفي البيت الذي يليه عرّضَ بخصميه المذكورين عند المعري بعد أن عرّض بملك الروم والفرق شاسع بين الخصمين وبين ملك الروم منغص العيش على الدولة الحمدانية لكن الخصمين كانا منغصيْ عيشِهِ أيضاً: قارصَيْنِ أو نمّامَيْن حدَّ أن اضْطُرَّ معهما إلى التعريض بهما دون ذكر اسميهما تعالياً. ولست على علم بما حاكاه له "ليكون سبباً مباشراً" قبل القصيدة لكنني على علم بحرقة أبي الطيب وبتأوهه في هذه القصيدة وفي غيرها ، وبحرقة غير أبي الطيب من الشعراء وتأوهه. وكم غير أبي الطيب من الشعراء في وقتنا تحرّقَ وتأوَّهَ من قارص أو نمام..مع الفرق الجليّ بين خصميْ أبي الطيب وبين قارصي الشعراء في هذا الوقت ونمّاميهم الذين لا يرقون إلى علم الخصمين المذكورين عند أبي العلاء..
**** كلما ظهر لي خصمٌ جديد ضحكتُ من حظي ومن زمني.. كلّ خصومي لا يجيدون العربية ، لا القراءة فيها ولا الكتابة بها. **** لكنَّ أبا الطيب لو كان يعيش زمننا لربما غيَّرَ مفردةً واحدة في بيته هذا ، فيكون : أَفـي كُـلِّ يَـومٍ تحـتَ ضِبنِي مُناضِلٌ ضَعيــفٌ يُقــاوِيني قَصِـيرٌ يُطـاوِلُ **** والمناضلون عندنا كُثْرٌ كُثْرَ جهلائنا وكذابينا ومنافقينا وأدعيائنا.. **** كلُّ شويعرٍ مناضلٌ صنديد. حكمة عراقية. **** أين كانوا سنواتِ كنّا نكتب مئاتِ المقالات ضد صدام حسين وحكمه ؟ لا أدري. بل كانوا قانعين بكذبة أنهم خرجوا من العراق بعد انهيار الجبهة كما خرج أفذاذٌ حقّاً أو أنهم ينتمون إلى الحزب- الضحية أو أنهم يُحسَبون عليه. فماذا فعلوا في معارضة الدكتاتور ؟ لاشيء. بل أن بعضهم كان على علاقةٍ مّا ببغداد وبعضهم كان ينشر في صحف بغداد وبعضهم كان يستغرب انشغالنا في الكتابة ضد الدكتاتور حتى صدرت في لندن جريدةُ المؤتمر المبشرةُ بالحرب الأميريكية فحدَّ أسنانه فيها ضد الدكتاتور! **** أشاع هؤلاء التجار نمطاً من الإرهاب كي يعيشوا تحت مظلته. إرهاب ضد الجميع لا يفرق بين أحدٍ وآخرَ في المزايدة. مزايدة لايحدها معنى ولا لفظ ولا جرجانيّ ولا دي سوسير. لاتبدأ من هنا ولا تنتهي هناك. الكل ضحية والكل مهيأ لأن يكون متهماً حتى لو كان من الجماعة ذاتها. كل مزايد يستطيع أن يأتي بأي رفيق له ، بل حتى بالزعيم نفسه ويقول إنه كان كذا وكذا وكذا. **** ولكنك لا علاقة لك بهم ، لا بالأعضاء ولا بالزعيم. تضع رأسك على وسادتك الفقيرة لتنام مرتاحَ البال فقد أديتَ حتى اللحظة ما عليك لبلادك وفعلتَ ما لم يفعله كثيرٌ غيرك. ولا تنام مرتاحَ البال. فسيأتي خصم دميم جديد ليتلبنن عليك هذه المرة في النضال وهو الذي لا ناقة له فيه وفي الكتابة ولا جمل. ولِمَ لا يزايد فيشتم حتى يظهر اسمه. وهذه قصة أخرى. فخصومك كلهم يريدون الظهور من العتمة إلى النور بمخاصمتك. **** فلا يكفي كمال سبتي أنه هرب من العراق أيامَ كانت الأحزاب تتباحث مع نظام صدام حسين من أجل العودة ، وأيامَ كانت دولٌ كبرى تخشى الدكتاتور فكيف بالبشر ؟ ولا يكفيه أن يقول عنه زملاؤه الخارجون من العراق بعده : إنَّ حكم الإعدام الصادر ضده عُلِّقَ على الجدران في مؤسسات بغداد. ولا يكفيه أنه عاش فقيراً في فندق بالميدان له فيه سرير مؤجر واحد في غرفة بسريرين.. فلم يكتب عن الدكتاتور أيامَ كانت الكتابة عنه تعني مالاً وبيتاً ووظيفة وسيارة..إلخ ولا يكفيه أنه جنديّ مكلف هارب حتى لحظته هذه!! ولا يكفيه أنه كتب منذ وقت مبكّر مئاتِ المقالات الدورية ضد الدكتاتور وقبل أن تتكون معارضات عديدة ، وبما تشكّلُ لوحدها كمّاً أكثرَ من أدبِ عددٍ غير قليل من الأدباء المناضلين بل وأكثر "أدبيةً" من أدبه. **** خصم جديد وشويعر..من كتائب النمّامينَ ظهر لي فجأةً. دميمٌ عراقيٌّ جديد يتلبنن عليَّ في النضال. أهلاً.. أهلاَ هولندا 10-7-2005
#كمال_سبتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أميريكا..اِذهَبي وضاجِعي نفسَكِ بقنبلتِكِ الذَّرِّيَّة
-
القاص السجين محسن الخفاجي
-
بِساطُ السُّكْر
-
المَغيب
-
الخليفةُ والنَّبيّ
-
موتُ عقيل علي
-
الإِمام
-
دعوة اتحاد أدباء العراق إلى اعتراضٍ قانونيٍّ
-
من أجل احترام آدميّة الشاعر عقيل علي
-
خيمياءُ جابر وجعفر
-
لا لقتل الطلبة العرب في العراق
-
أقولُ لقاتلي العربيِّ : أنتَ شَهيد
-
تغييبُ مثقفي العراق
-
وبغدادُ فيها للمشاةِ دروبُ
-
حول نشيد حزب المؤتمر الوطني العراقي
-
وداعاً عبد كاظم..وداعاً أيها الرياضي الكبير
-
تشظّي الصّوتِ الشّعريِّ الأوّل
-
قراءةُ قصيدةِ سامي مهدي : رحلة الطير
-
الشاعرالمسالم والأمة
-
..حين يبيع الغشيم شعرنا رخيصاً
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|