أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حسين عجيب - جميلة هي البلاد التي أغلقت أبوابها















المزيد.....

جميلة هي البلاد التي أغلقت أبوابها


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1256 - 2005 / 7 / 15 - 05:21
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


إخماد الخوف مصلحة فردية ووطنية وكونية


أستغرب عزوف علماء النفس والاجتماع,في بلادنا, عن مشاكل الإرهاب وتفشي ظاهرة العنف والاستخدام المفرط للقوة, وترك المشكلة بمجملها للفقهاء والساسة والعسكريين , وهم يشكلون تغذية دائمة لأسباب المشكلة بغض النظر عن نوايا الحل.
يشبه الأمر ترك مريض يعاني من مجموعة أمراض خطيرة, لمغامرات واقتراحات أطباء التجميل ومعظمهم من الهواة, فيما أهل الاختصاص يغطّون في النوم.
لا أزعم المعرفة بكيفية الحلول, ولا أمتلك حتى التصورات البدائية المناسبة, لكن من الجهة المقابلة , معظم ما أقرأه وأتلقاه من المشاريع والأفكار والقناعات, يشير إلى قصر نظر وأحادية مفرطة , وبالأخص لمن يسمّون بالمحلل الاستراتيجي أو السياسي إلى آخر الصفات المضحكة التي تتحفنا بها الفضائيات ومختلف أجهزة الإعلام المرئية والمقروءة في بلادنا, وهذا سبب ومبرر جرأتي في دخول حقل شائك يختلط فيه المعرفي بالسياسي بالأخلاقي ويحوّله إلى شبيه بصحن معكرونة يتعذر معرفة البدايات والنهايات لخطوطه المتشابكة. ربما ذلك يفسر ابتعاد العقلاء وأهل العلم عن البؤرة المتفجرة التي تلتهم رموز الاعتدال والعقلانية بلا توقف ولكنه باعتقادي لا يبرر ذلك.
الخوف سبب رئيسي ودائم في الانحراف السلوكي والفكري, والمشكلة مع الخوف أنه يتجذّر في المستويين الغريزي والبيولوجي للفرد, ويتجذّر في اللاوعي السياسي للمجتمع. ومن هنا صعوبة وتعذر تحديده وعزله عن الخيارات والمشاريع العقلانية التي تتأسس على الوضوح والتجربة وتهدف لدعم الحياة وتخفيف حدّة المعاناة.
بقية حلفاء الخوف كالفقر والمرض والجهل والتسلط والتعصب والغرور والشراهة, ليسوا أقل ضراوة وعنفا, ويشتركون في تسميم المنبع الأساسي للحياة , الحب.


*

الفجوة الهائلة بين العلماء والمنتجين للأجهزة الحديثة والمتطورة وبين الحكام والإعلاميين الذين يعيشون في عقلية وتفكير عدميين, مصدر تهديد للحياة بمجملها .
بدورها متلازمة "الجفاف العاطفي والطغيان الانفعالي" تتسع وتتعزز باستمرار, الانكفاء على الموروث الأخلاقي والثقافي والانطواء على الاستيهامات والرغبات الطفالية المكبوتة أو الواعية , يترافقان مع إهمال الأكثر أهمية والمصدر الأساسي للتجارب الغنية, المكبوت والمهمل وغير المستحّب في العرف والعادة وبقية محاور العيش والحب الأساسية, كل ذلك تزدريه وتهمله مصانع الرأي والترويج, وليتها ترفضه أو تعترض عليه صراحة, لكان في ذلك حماية له من التلاشي و النسيان.
لطالما ارتبط الخوف بالمجهول وخارج الوعي, وكان في ذلك احتياطي هائل للعنف والمصدر الدائم للعدوان وتبريراته, وما تزال عبارات"رفيق السلاح" و"رفيق الدرب" بما تحمله من غموض وإثارة, ترفد العدوان والخوف بتغذية عكسية لا تتوقف. ارتباط الإيمان بالمجهول مصدر لطاقة كبرى للأسف ما زالت موجهة للقتل والموت والعدم, ذلك المزيج المركب والمتعدد العناصر يستمر في تخريب التوازن والانسجام بين الثقافة والطبيعة داخل الفرد البشري, الذي فقد الكثير من سلامه الروحي والعقلي مجّانا.
الخيار البوذي المتمثّل في إخماد الرغبة, وفي التحرر من "التعلّق بموضوعات الحب والنفور الشديد من الموضوعات المكروهة " سندا لفرد معزول ومعتزل, لكنه شحب وانحسر مع الزمن بفعل التداخل والتشابك بين ما يجري على هذا الكوكب, الذي تحوّل ليس إلى قرية صغيرة فقط, بل إلى كوب من المواد الأساسية والخلائط والنفايات, لا تنفع معها عزلة, عدا عن استحالة ذلك في عالمنا المعاصر.
الوعود المستقبلية بدورها تكشفت عن هوس شديد بإنكار الحاضر والواقعي, عدا الفصام الصريح بين الفكر والتفكير وبين اللغة والعيش, وفقدت بريقها بالجملة مشاريع المجتمع الشيوعي أو الإسلام السياسي وبقية الأحلام القومية والوطنية التي تضمر نزعة عنصرية صريحة يسهل تلمسها في الخطاب والممارسة.
طيلة القرن العشرين سيطر الرجل الصغير بأوهامه وطفاليته على السلطة والثقافة والمجتمع, وبعدما تعمم الرعب والغضب والعنف, عاد البعض لتلمس الأسس والجذور لكن بشكل خجول وسطحي, وبعد خراب مالطا بالتعبير السوري الدارج.
*

منابع الخوف وتغذيته تصدر بمجملها عن مؤثرات لا شعورية وخارج الشعور, يضاف لها المخاوف الحقيقة الفعلية أو الممكنة. لعلاج المشكلات لا يكفي معالجة الأعراض والنتائج, بل يتطلب معالجة الأسباب العميقة والمتجذرة في الأغوار السحيقة للنفس وللجملة العصبية, ذلك المشترك الأساسي للجنس البشري, بالتزامن مع الحلول المناسبة للمؤثرات الخارجية في الثقافة والسياسة والاقتصاد.
تعزيز ثقافة الحياة في العالم الداخلي للفرد, لا يقل أهمية عن المعالجات العقلانية لمشاكل الفرد والمجتمع, وكل ما يشمل العالم الخارجي.
الفنون والآداب والاحتفاء بمظاهر وأسباب الحياة, طريق مضاء بكنوز الأسلاف وخبراتهم ومعارفهم, وما يزال هو السند الأساسي للأفراد والمجتمعات, لتدعيم نزعة الفرح والحب, وللحفاظ على التواصل الطبيعي ولو بحدوده الدنيا.


كي لا يتحوّل هذا المقال إلى الإنشاء والثرثرة, لا خيار أمامي سوى التحديد, ويبقى النموذج السوري, على ما في العبارة من غموض وادعاء وتعالي, نقلة حقيقية من المطلق والمبهم بتسمياته المكررة عالمي, عربي, إسلامي,...., على أمل ولادة جيل وعقلية جديدين, يسهمان في إدخال الجملة النقدية والفكر النقدي إلى الحياة والتفكير.



النموذج السوري: الثمرة المعطوبة
تتمثل المشكلة في سوريا, بأن الحاضنة والمنبع والمصدر الدائم للقيم الأخلاقية والاجتماعية وإن جاز القول السياسية كذلك, ما زالت هي الأسرة وترفدها المدرسة والحارة, ويندر وجود تعارض بين المنظومتين. السلوك السوري العام هو سلوك دفاعي محض, يفترض العدو أولا وما يستتبعه من سوء ظن وقلق توقعي, وتراكم مستمر لمختلف أنواع الأسلحة من النفسية إلى السحرية مرورا بالأسلحة الفعلية, التي تتحول جميعها إلى عبء شاق يتعذر تحمّله.
بعد خطوتين على طريق الهاوية يتعذر التوقف أو التراجع, يستبدل الواقع الموضوعي بالواقع النفسي الخاص والمشّوه, ويتناسل دون كيشوت بنسخ وصيغ لا تنتهي.
بعد تجاوز عتبة الخوف, أمام الفرد البائس إما الطاعة والإذعان أو السلوك الانتحاري والرفض المطلق.هذه ليست مشكلة صحية وفردية معزولة, هي مشكلة اجتماعية أنتجتها ثقافة الموت بالتحالف مع الحكم المتسلّط وأخلاق التضحية, مع الحرمان المعمم وتفكك الشخصية الفردية إلى اتجاهات وقوى ودوافع متناقضة, يتعذر معها ليس قبول الآخر المختلف فقط, بل حتى الحد الأدنى من الانسجام الشخصي غير متحقق. ذلك يفسر حالة السعار التي تتخلل جميع الأنشطة المشتركة, الثقافية وغيرها, خفض درجة الخوف والعدوانية,شرط مسبق ولازم للارتقاء إلى مستوى الحوار, حيث بوسعنا الإصغاء والفهم, ولا نقول القبول بالمختلف والآخر, ذلك ترف تفصلنا عنه قرون من الجور والتعسّف والممارسات التدميرية بمختلف الاتجاهات.
علاج فرد يشكو من اضطراب فكري أو سلوكي خفيف, يحتاج إلى زمن وخطط والكثير من الخبرة والمهارات المتعددة, وتبقى النتيجة غير مضمونة, فكيف سيكون الحال المقابل, في بلاد وسلطات وثقافة بمجملها تتمحور حول تمجيد الموت, وما زالت مصانع الرأي والتعليم والإعلام تصبّ الغضب والخوف في مطحنة العذاب والبؤس والحرمان, مع غياب شبه تام للبرامج والخطط العلاجية؟ ذلك السؤال الذي يتجنبه أصحاب الخبرة والتجربة في بلادنا, إن كان لهم وجود فعلا, بعدما تحول الأدب إلى تهريج أ وطرق ورغبات ممّوهة لتدمير الخصم, وتحوّل الفكر إلى وعظ سطحي كاذب وممل, وتحولت اللغة السائدة بمجملها إلى تصويت بيولوجي لا يختلف عن الزقزقة أو النقيق أو الحشرجة. هل من أمل فعلي بالإصلاح.....!؟
الرصيد المشترك من الخوف زائد عن الحاجة بالأصل, كذلك الحصة الفردية منه, والوصول إلى الجذر الفاسد, يمر عبر طريق شاق وخطر, وعلى الأرجح مهلك.
دودة الخوف التهمت البذرة, والتمثال الراسخ ليس أكثر من قفّاز مقلوب....
حتى اليوم لم يعد أحد, ذلك يقيننا المريع, الذي يدفعنا بالجملة إلى العدم.

شاهدة على قبر

جميلة هذه البلاد التي أغلقت بوابها
ليتني كنت أعرف
ليتني كنت أعرف



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاتمة أشباه العزلة
- رالف
- ظل أخضر
- أبواب متقابلة
- ورق الخريف_ أشباه العزلة
- لا يوجد طريق لا تمشي عليه امرأة عاشقة
- الفصل بالفأس بين الديقراطية والثقافة الليبرالية
- قوس قزح على الأرض
- الأقرب من الألم..الجزء الثاني لأشباه العزلة
- عشب أزرق
- أوهام يقودها رجل
- انكسارات الظل_
- يا تفاحا يغسل الذاكرة المريضة_
- أبراج العدم
- هل يمكن أنسنة الوجه اليساري من جديد؟
- خيوط الزئبق
- أنين أعالي الكلام
- كلام ملاصق للشفتين
- أزهار سوداء, تكملة
- أزهار سوداء


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حسين عجيب - جميلة هي البلاد التي أغلقت أبوابها