ما هو القاسم المشترك بين الكوردي و الفلسطيني !!

عبدالسلام سامي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4430 - 2014 / 4 / 20 - 01:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قبل يومين و عن طرق الصدفة التقيت بجاري الفلسطيني ابو عماد و انا ذاهب لغرض التبضع ,, و بعد الانتهاء من مراسيم التحية و السلام ,, و شد الايادي و الاستفسار عن الصحة و الاحوال ,, انزلقنا و بشكل لا ارادي و كالمعتاد ,, في الحديث عن الوطن ,, و عن مرارة الغربة و السنوات الطويلة التي بعثرت و اكلت من اعمارنا هنا في بلاد الغربة ,, و كما هو معتاد و ماءلوف ,, فعندما يلتقي اثنان من الاجانب في مكان ما ,,سواءا في داخل الوطن او خارجه ,, فلا تجد لهما حديثا اخر يتداولونها غير الدخول ,, اما في اروقة و دهاليز الدين و الشعوذة و الخرافة ,, او الانجرار وراء المواضيع ذات الشاءن السياسي ,, و كون اكثرية اهل الشرق لا يمتلكون خلفيات ثقافية و معرفية كبيرة اخرى حالهم كحالنا ,, و كونهم لا يمتلكون في جعبتهم اية مسائل تخص العلوم و المعارف مثلا ,, او مسائل متعلقة بالامور الحياتية الاخرى ,, فما يبقى لهم اي مجال اخر ,, سوى القيام باءظهار ثقافتهم السطحية للاخرين ,, من خلال هاتين الزاويتين المذكورتين الضيقيتين جدا ,, فالاحاديث المتعلقة بالتاريخ و الجغرافيا ,, و الاداب و العلوم ,, و الفن و الموسيقى ,, و البيئة و المحيط ,, و فلسفة الكون و الوجود ,, و علوم الاحياء و المجهريات ,, و علوم الفضاء و التقنيات و غيرها ,, ستبقى امرا غريبا و مملا و غير مهم لهم و عليهم ,, و الحمد لله و الف شكر ,, و ستبقى هذه الاشياء بعيدة عن مناهجهم التربوية و التعليمية ايضا ,, و بعيدة و مجردة عن ثقافتهم الاجتماعية و الفردية ,, و عن تراثهم الديني الطائفي العشائري البدوي الهمجي المتخلف و الى يوم الدين ايضا . على اي حال ,, و كي لا انفصل عن الموضوع و اذهب بعيدا ,, فاءثناء ملاقاتنا دخلت انا و جاري المذكور ,, و كما في جميع اللقاءات الجارية في الهواء الطلق (اي في الشارع ) و تحت مراءى و مسمع الجميع في نقاش سياسي متعلق بالقضية الكوردية و الفلسطينية ,, النقاش الذي و الحمد لله لا نعرف منه الكثير ايضا , سوى قال فلان ابن فلان و تحدث علان ابن فلتان ,, لكن الامر الغريب و الاستثنائي في هذه المرة ,, هو اننا راءينا انفسنا هذه المرة متميزين فكريا بعض الشيء عن المرات السابقة ,, و استطيع ان اقول و في مستوى لا باءس به من الثقافة و المعرفة و امتلاك المعلومات ,, فكان كل منا له راءيه الشخصي ,, و موقفه الخاص من القضية المطروحة للجدل و النقاش ,, دون الاشارة و التلميح و لو مرة واحدة ,, الى القال و القيل,, و ابن العلان و الفلتان !! و عندما اخذ بنا الجدل و النقاش الى مرحلة ساخنة ,, و عندما كنت اؤيد صاحبي الفلسطيني المنكوب مثلي في الكثير من احاديثه المنطقية ,, اخذ به الحماس و الاندفاع الى القول : هل تعلم يا جاري العزيز ,, باءن الفلسطينين و الاكراد يجمعهم قاسم مشترك واحد !! فساءلته و كيف يا ابا عماد !! ,, فاءجابني عليك ان تعلم و بكل بساطة يا اخي ,, لاءن الشعب الكوردي و الفلسطيني ,, هما الشعبان الوحيدان اللذان اصبحا ضحية الانظمة في المنطقة ,, و ذلك لعدم ادراكهما و قلة فهمها ,, و جهلهما الكبير لسياسة المصالح بصورة خاصة ,, و للشاءن السياسي بصورة عامة !! فجاوبته لربما يا جاري العزيز !! فرد علي بصوت اعلى من ذي قبل , و اردف قائلا !! لا يا اخي كيف تقول لربما !! لاءنني واثق جدا من كلامي هذا ,, بل كلي على ثقة باءن الفلسطينيين و الاكراد اصبحا ضحية لعمالة حكامها و قياداتها السياسية المتخلفة عبر التاريخ ,, كما اصبحا ضحية لخيانة الانظمة السياسية الموجودة في المنطقة ,, و لمصالحها الخبيثة و لسياسات و مصالح الدول الاخرى !! فقلت له لا شك يا ابا عماد !! ثم قال و لا زلنا نعاني من تلك الورثة الثقيلة !! فساءلته , و كيف يا ابا عماد !! فلم يرد على سؤالي و كاءنني لست موجودا !! و استمر بالحديث و بداء يفور كالكوكا كولا !! و علا من صوته اكثر فاءكثر و قال: قل لي , الا يكفيكم برب السماء ,, بل افلا تخجلون ان يلعب بكم المالكي و العالقي و كل من تركيا و ايران و سوريا و كل العالم لعبة الشطرنج !! بل و حتى احزابكم و قياداتكم غير الوطنية !! بعد كل تلك الماسي و الويلات و النكبات و المعانات الكثيرة التي حلت و تحل بكم !! فقلت له اهداء قليلا من شاءنك , لكن ليس لنا في اليد حيلة يا ابا عماد ....فنحن ....!! لكنه لم يدعني ان اكمل من حديثي ,, فرد علي و صرخ في وجهي و علا من صوته بكل قوة و قال : يا اخي انتم الاكراد ليست لديكم اية مشكلة !! فشعبكم لا يعرف التطرف و العنجهية الدينية ,, و ليس له بالمرة مشاكل مذهبية و طائفية ,, كما ابتلينا بها نحن العرب و منذ اكثر من 1300 سنة !! قل لي فما الذي يمنعكم بالنزول الى الشوارع و القيام باءنتفاضات و مظاهرات شعبية واسعة و عارمة و في جميع مدن و قرى كوردستان ,, و المطالبة بحقوقكم و فرض اقامة دولتكم الحرة الموحدة ,, محل السكوت و الرضوخ لهذه الانظمة القرقوشية في المنطقة !! فقلت له اهداء قليلا من اعصابك و خفف قليلا من صوتك يا جاري العزيز !! فصعدت صيحاته الى السماء و قال اقسم بالله العظيم , و الله و ثم و الله , سوف لن ترون في حياتكم افضل من هذه الفرصة المتاحة !! فاءجبته انا معك يا عزيزي ,, لكن ارجوك و ثم ارجوك ان لا تصيح و تصرخ بهذا الشكل في الشارع !! لاءنني اخاف عليك و على صحتك !! بل اخاف ايضا ان يفكر احد المارة باءنك تريد قتلي و النيل مني !! فاءخذ جاري ابا عماد نفسا عميقا و رجع الى صوابه مرة ثانية ,, و بعد دقيقة من الصمت و السكوت , وضع يده على كتفي متاءسفا و طلب مني الاعتذار !! فقلت له لا يا جاري العزيز لست بحاجة الى تقديم الاعتذار ,, لاءنك انسان طيب , و جيران قديم , و اعرف طبعك جيدا , و اعرف جيدا ما كنت تقصده و تعنيه , كما اعرف جيدا ايضا لماذا كنت تصرخ بوجهي هكذا !! , فغربة الوطن ,, و هجرة الاهل و الاصدقاء و الاحباب ,, و ضياع سنوات العمر وزهرة الشباب ,, و كارثة الانقسام و التجزئة و التقسيم ,, و خيانة الحكام و القيادات و الاحزاب ,, و فقدان الشعور بالراحة و الامل ,, جعلك ان تصرخ بهذا الشكل اللااءرادي ,, لاءن جميعها تركت اثارا عميقة ,, ليس في قلبك لوحدك ,, و انما في نفسيتي و قلبي ايضا !! .

#عبدالسلام_سامي_محمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات