أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسام الرشدي - وداعاً يا غابيتو














المزيد.....

وداعاً يا غابيتو


محمد حسام الرشدي

الحوار المتمدن-العدد: 4428 - 2014 / 4 / 18 - 17:18
المحور: الادب والفن
    


كانت معرفتي الأولى بماركيز في شارعِ من شوارع كربلاء، حيث لفتَ أنتباهي عنوان روايةٍ مرميةٍ على الأرض مع عددٍ من الكتب لبائعٍ عجوز، كنتُ وقتها مراهقاً يخطط أن يقرأ جميع الروايات والأعمال الأدبية التي أنتجها البشر. كان ثمن الرواية أقل مما أملك، فدخلت بجولة من المفاوضات مع البائع العجوز كانت نتيجتها أن اخذت الرواية في يدي وأخذ هو كل ما في جيبي، فرجعتُ للبيت وبين يديّ كنزي الصغير.

في البيت -وبعد مشي لأكثر من ساعة- قررت أن أتصفح الرواية على أن أبدأ بقرأتها صباح الغد، ولكني ما أن أمسكت الكتاب حتى غرقتُ بين أوراقهِ ولم أتركه إلا بعد أن سمعتُ استيقاظ أهلي لتناول الفطور. فكانت هذهِ ليلتي الأولى مع أدب ماركيز ومعرفتي الأولى برائعتهِ "الحب في زمن الكوليرا".

هذهِ الليلة بقيت عالقاً في بالي فهي تمثل حداً فاصل بين تاريخين فمن خلالها أدمنت السهر مع الروايات، وعرفت لذة أن ترى أحداثاً وتراقب مواقفاً في وقتٍ يكون فيهِ أغلب الناس يغطون في نومٍ عميق. هي ليلةٌ تحولت إلى ذكرى بمرور الأيام صارت نائمةً في عقلي الباطن، وبعد سنوات استفاقت عندما رأيت "الحب في زمن الكوليرا" معروضةً في جناح "دار المدى" في معرض كربلاء للكتاب، كانت النسخة الأولى قد ضاعت فاخذت نسخة المدى ورجعت للبيت فتكررت ليلتي القديمة بنفس الأحساس ونفس الإنفعالات فكأني ذاك الفتى القديم مع قليلٍ من الواقعية فخططت أن أقرأ باقي أعمال ماركيز بدل " جميع الروايات والأعمال الأدبية التي أنتجها البشر" .

اليوم قد عادت هذهِ الذكرى من جديد وأنا أقرأ خبر وفاة ماركيز، شعرت بأني خسرتُ شيئاً من ذاكرتي برحيلهِ، أحسستُ بالظلم وكأني أرى أن الأديب لا يحق لهُ أن يموت دون أن يستأذن قراءه. شعرتُ بغصة كأني فقدتُ صديقاً قديماً، تربطني بهِ تجارب وذكريات، فهل يا ترى يمكن للعمل الفني أن يكون جسراً لصداقة متينة بين أناسٍ لم يلتقوا من قبل؟! لا أدري..

لستُ بموقعٍ يسمح لي بالحديث عن أدب ماركيز، ولكني سأتجرأ وأبدي رأيي، فقد كان ماركيز -أو غابيتو كما يناديه أهلهُ وأصدقائه- قامة أدبية يصعب تكراررها، فمن خلاله أكتشفنا أدب أمريكا الجنوبية، ومن خلاله تعرفنا على عادات وتقاليد أهل الكاريبي، وبكلماتهِ رحلنا إلى عوالم رائعة، فكم من قارئ منا أرهقهُ حفظ أسماء الشخصيات وعلاقتها ببعضها في رواية "مئة عام من العزلة"، وكم من قارئ منا تعاطف مع "فلورنتينو اريثا"، وصفق لخاتمة "الحب في زمن الكوليرا"، وكم من قارئ تتبع بشغف الأيام الأخيرة للجنرال سيمون بوليبار -محرر أمريكا الجنوبية - في "الجنرال في متاهته"، وكم من قارئ تفاعل مع أحداث "قصة موت معلن" أو "حكاية غانياتي الجميلات".
لا أعرف ماذا أكتب عن وفاة ماكيز، فقد كان نسيجاً لوحدهِ، ويكفيه ما ترك من أثر سيخلدهُ، وسيجعله الحاضر دوماً بين القراء وعشاق الأدب، كما ستكون وصيته الأخيرة حاضرةً دوماً كنص من أجمل ما تركه الراحلين للقادمين، والتي يختمها بهذهِ الكلمات:
“ربما تكون في هذا اليوم المرة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين تحبهم . فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي ولا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت من أجل ابتسامة، أو عناق، أو قبلة، أو أنك كنت مشغولاً كي ترسل لهم أمنية أخيرة.
حافظ بقربك على مَنْ تحب، إهمس في أذنهم أنك بحاجة إليهم، أحببهم واعتني بهم، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل: أفهمك، سامحني، من فضلك، شكراً، وكل كلمات الحب التي تعرفها.
لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فاطلب من الربّ القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك".
وداعاً يا غابيتو.. وداعاً يا شيخ الأدباء.. أرقد بسلام..



#محمد_حسام_الرشدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد عشرة سنواتٍ من الفشل الدولة المدنية هي البديل
- الإسلاميين والعلمانيين ومستقبل العراق السياسي
- فاوست يبيع نفسه من جديد..
- يوتيوبيا حمودي
- الغريب: نبيٌ وملعون


المزيد.....




- اللقاء المسرحي العربي الخامس بهانوفر.. -ماغما- تعيد للفن الع ...
- يرغب بنشر رسالته في -الخلاص- حول العالم.. توصية بالعفو عن نج ...
- أهرمات مصر تشهد حفل زفاف أسطوري لهشام جمال وليلى أحمد زاهر ( ...
- الملتقى الإذاعي والتلفزيوني في الاتحاد يحتفي بالفنان غالب جو ...
- “هتموت من الضحك ” سعرها 150 جنية في السينما .. فيلم سيكو عص ...
- جوائز الدورة الـ 11 من مهرجان -أفلام السعودية-.. القائمة الك ...
- ما الذي نعرفه عن العقيدة الكاثوليكية؟
- روسيا ترفع مستوى التمثيل الدبلوماسي لأفغانستان لدى موسكو
- فيلم Conclave يحقق فقزة هائلة بنسب المشاهدة بعد وفاة البابا ...
- -تسنيم-: السبت تنطلق المفاوضات الفنية على مستوى الخبراء تليه ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسام الرشدي - وداعاً يا غابيتو