أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شوكت جميل - حياة الرومان:الجنائز و مراسيم الدفن(2)














المزيد.....

حياة الرومان:الجنائز و مراسيم الدفن(2)


شوكت جميل

الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 20:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تحدثنا المقالة الفائتة عن الزواج و الإنجاب،و اليوم عن الجنائز و مراسيم الدفن لدى الرومان.
فكان إذا قضى رومانيٌ نحبَه،اجتمع قومه لتأدية طائفةٍ من الشعائر تتصلُ اتصالاً وثيقاً باعتقادهم فيما سيحدث بعد الوفاة،و لمّا كان الرومان يظنون أن روح المتوفى تهيمُ مجدّفةً على ظهر قارب ٍ يقوده ربانٌ أسطوري يسمونه شارون"Charon"،عبرَ نهرٍ سرائري"the Styx" في طريقها إلى العالم السفلي(*)"Hades"لتلقى هنالك حسابها، فتذهب إما إلى السماء"Elysium"،و إما إلى الهاوية"Tartarus".لذا اتخذوا من الجنائز سبيلاً لإعداد و تجهيز المتوفى لرحلته الشاقة الأخيرة تلك.و كان من دأبهم وضع عملة معدنية تحت لسانه كرسمٍ للعبورِ إلى العالم السفلي،و بطبيعة الحال،لم تكن الجنائز سواءً،إنما يتمايز المواطنون في موتهم كما تمايزوا في حياتهم.

فكان إذا بلغَ أحد النبلاء أجله، يُغسّل جثمانه و يضمخ بالزيوت،فإن كان من ذوي السلطان و المراتب السياسية،أُلبس زيه الرسمي الذي كان يرتديه في حياته،و إلا ألبسوه الزي الروماني المعتاد"التوجا"،و من ثم وضعوه في بهو منزله،تتحلقُ حوله القناديل و الشموع.و تُنْثر على جثمانه الورود و أكاليل الغار حتى تكاد تغطيه،و يلبث على تلك الحالة بضعةَ أيامٍ،يتقاطر فيها الناس مبدين التوقير و التبجيل،أما الإمبراطور المتوفى فكان يقيم على تلك الحالة أسبوعاً كاملاً!

و في يوم الجنازة يوضع الجثمان على مهادٍ محمولٍ أو محفةٍ"The litter"،يحملها ثمانية رجالٍ،في موكبٍ شبيهٍ بالزفة،إلى ساحة المنتدى،و في ذيلهم حَمَلة القناديل و الضاربون على آلات الموسيقى،و الضاربون على حناجرهم من الندابين المحترفين"Praeficae"،و الذين يتخذون من الندب مهنةً يتكسبون منها.فإذا انتهى الموكب إلى المنتدى ألقيت الخطب في تأبين و تقريظ مناقب و محاسن الفقيد..و بطبيعة الحال،فقد تغير كثيرٌ من العاداتِ بتغير الزمن؛ففي العصر الجمهوري كان أهل المتوفى يتقدمون الموكب وقد ارتدوا ثياب الحداد،و أقنعة جُعِلت للموت خاصةً،و قد زعم البعض أنهم كانوا يتبعون تلك السيرة،كي يتخفوا عن ملائكة الموت التي تبحث عن أقارب الفقيد لتستكمل مهمّتها!،و كيفما كانت الحقيقة،فقد بطلت هذه العادة على العهد الإمبراطوري.

فإذا أتموا المراسم،حملوا الجسد إلى ناووس الدفن خارج المدينة؛إذْ أن الرومان كانوا يحظرون المقابر داخل مدنهم،إنما يقيمونها على جانبي الطريق الرئيسي المفضي إلى مدينتهم،كصفوف الأشجار التي نراها الآن في مداخل بعض المدن،و الحق لقد كانت هذه التوابيت غاية الجمال،مصنوعة من الحجر أو الرخام"sarcophagus"،و كان ينقش عليها مشاهد من الحياة اليومية و مطاردات الصيد و المعارك الحربية،و حسبك أن تعرف أن واحداً من هذه النصب المتبقية في "إيغل"بالمانيا يرتفع في السماء ثلاثة و عشرين متراً.

إلا أنه ما بين الحين و الحين،كان الرومان يحرقون الجثامين عوضاً عن الدفن،و في طقسٍ بسيطٍ يحفرون جفرةً بالأرض و يملئونها بالأخشاب و ركام من الحطب و الجذوع و من ثم يحرقون الجسد،فإن خمد اللهب،أهالوا على الرماد التراب.
و في بعض الطقوس الأكثر تعقيداً،كان يجري رمد الجسد مع شعيرة خاصة يسمونها شعيرة المحرقة"Pyre"، يلقي فيها الأقارب بالثياب و الطعام إلى ألسنة اللهب تحسباً و احترازاً،فلربما احتاج إليها المتوفى لاحقاً،و بعد أن تنطفئ النار،تُغمر بالنبيذ،و يجمع الرماد في جرة صغيرة"an uran"، وكانوا يحفظون هذه الجرار في قبو سفلي"columbarium"للتبرك و الذكرى.
.................................
Hades:هادس كان بالأصل إله الموتى عند الإغريق،و لاحقاً بات بعهد الرومان هو العالم السفلي الذي تقصده الروح بعد الموت.



#شوكت_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهزلة النقد اللغوي للنص الديني
- حياة الرومان:الزواج و الإنجاب(1)
- رسالة نادرة من جبران إلى الدين السياسي
- هل يحرم الحوار أبحاث اللغة؟!
- مريم و أرض تبغض الزهور
- النقد الديني و البيدوفيليا الفكرية
- الغواص الضرير(1)
- حقيقة ما يجري في أفريقيا الوسطى(1)
- الصوت الصارخ في أريحا
- الإعلام المصري:تبني التفاهة و الانفصام عن شعب(2)
- محلب يستنجد بالنور السلفي لمحاربة الفساد!
- حديث الدائرة و المربع
- نقابة المهندسين المصرية على المحك
- الوجه العنصري في ضحايا ليبيا
- الإعلام المصري:العود و ظله
- بلاد الأنوف الطويلة
- البيان ركلة لعنان لا أكثر
- و بعض التخاذل عنصرية_الشامية_
- شهوة الطريق سارة العقاد(2)
- شهوة الطريق و سارة العقاد(1)


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شوكت جميل - حياة الرومان:الجنائز و مراسيم الدفن(2)