|
إنقلاب الجيش
صلاح الدّين عابر
الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 13:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تشبثنا بالدفاع عن الدولة المصرية و مؤسساتها بمختلف تلاوينها و عن إرادة الشعب في تقرير المصيره، بدأ من 25 يناير إلى ثورة 30 يونيو، ظن منه الكثير أننا نؤيد إقامة " دولة عسكرية يحكمها العسكر " و لأنهم صنفوا هذا الجسم في خانة خاصة وأطلقوا أحكامهم عليه، و دون أن يعوا مفهوم المؤسسة العسكرية في مصر و ارتباطها و تلاحمها مع عموم الشعب ولا الدولة الصلبة في البلاد بامتدادها التاريخي. لأننا اليوم إزاء حمالات منظمة تقودها مُختلف التيارات التي رأت نفسها هوت وفقدت ركيزتها في البلاد، حمالات لا يمكن وصفها إلا بالتشويهية التي تهدف إلى ضرب الدولة بعرض الحائط مؤسستاً أرضاً وشعباً، لأنها كما – الحال – ترى مصلحتها داست عليها جموع المصريين بالأقدام، تيارات لايوجد في قاموسها الوطن و الوطنية، ولا هي تهتم بالتاريخ و هوية و ثقافة الدولة المصرية ولا هي تريد البحث فيهم. في الواقع الجيش المصري ليس كأي جيوش المنطقة و القارة العربية، ولأن ركيزة الجيش وقوته وشرعيته تعتمد دائماً على محبة الناس ،فهو يُعتبر العمود الفقري للدولة ولأنه ولد مع نشأة الدولة المصرية فقد أسس قاعدته حتى أصبحنا أمام جيش من أقوى جيش المنطقة، فقد نشأت حركة التصنيع الأولى أيام محمد علي من حول الجيش، وكان تحطيم الجيش سبيلاً لكسر نهضة محمد علي بتوقيع «اتفاق لندن» الاستعماري، وبعد أن تحالفت جيوش أوروبا مع الدولة العثمانية المريضة، وأوقفت حملات إبراهيم باشا ـ ابن محمد علي ـ على أبواب الآستانة، بعدها كان التحكم الأجنبي يشق طريقه إلى جميع مجالات الحياة في مصر، ووصل الغزو الأجنبي إلى الاحتلال الكامل مع تحطيم جيش أحمد عرابي، وإلحاق مصر بالإمبراطورية البريطانية التى كانت لا تغيب عنها الشمس، و إلى نكبت جلاء الاحتلال البريطاني حيث آنذاك تكونت مئات الخلايا الوطنية في الجيش. لم تكن هزيمة 1976 في مصر إلا ختاماً لعصر من الملاحم، كانت مصر العفية في أعلى ذراها التاريخية، حررت المنطقة كلها من الاستعمارين البريطاني والفرنسي في عشر سنوات تلت قيام ثورة 1952، و تتويجاً لكل هذا، وفي عشر السنوات لاحقة، حققت أعلى معدلات التنمية والتصنيع والاختراق التكنولوجي في العالم الثالث وقتها، وبنت السد العالي في دراما العشريتين، وأقامت العصر الذهبي للعدالة الاجتماعية، ومسحت عار الهزيمة بالعبور إلى النصر في حرب 1973، ثم كان ما تعرف.. وبين النهضة و النكبة، جرى فرض القيود على حركة الجيش في سيناء، وتقليص الصناعات العسكرية، وإضعاف الجيش، والتحكم في تسليحه، وفرض الوصاية بخبراء جهاز المعونة الأمريكية، وعمل الأعداء على تحطيم الجيش المصري وتشويه صورته و إفساد قياداته عبر مفهوم " البزنيس " ثم تسييد الركود الطويل في العهد الأطول للمشير طنطاوي، والذى وجد نفسه أخيراً منقادا لروح الجيش الوطنية الكامنة، ونفذ أمر الشعب بخلع مبارك، ولكن دون خلع نظامه، والتركيز على فرصة «الخروج الآمن» مقابل «الدخول الآمن» للإخوان. وللأسف الشديد كان حكم مجلس الطنطاوي وعنان نكبة و مما يذكر بالخير، نكبة بصمت أن ثقافة الجنرالات غاية في البؤس، ولم يتورعوا عن ارتكاب جرائم دم لا تليق بشرف الجيش المصري، ثم إنهم تصرفوا كهاربين من شرطة التاريخ، وليس كقادة لجيش مصر العظيم، ثم كانت المقايضة المريبة، والتى ضمنت لطنطاوي وعنان خروجا آمنا. فلقد حصل انقلاب في الجيش داخلي، جرى على اثره تنصيب قيادة جديدة للجيش في لحظة خطر عاصف، وبدت القيادة الجديدة أكثر شبابا وحيوية ووعيا، وإن حاول البعض تشويهها، وبادعاءات من نوع «إخوانية» الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، و جاء السيسي في لحظة «احتلال أهلي إخواني» بدأت معالمه منذ الإعلان الدستوري، ولمجرد أنه وعائلته مُتدّينين كعموم المسلمين – ظنت – قيادات الغباء الإخوانية أنها بإمكانها الاستحواذ على هذا الشخص، فعين مرسي عيس العياض «السيسي» قائداً و وزيراً للقوات المسلحة. وبعد هذا، لم تنتهي محاولات إضعاف الجيش المصري و تشويهه، حيث وجد الجيش نفسه أمام تلميذ أستاذته أمريكا، يُدعى الإخوان، هدفه رفس الدولة المصرية وتاريخها و ثقافتها وقصم ظهر مصر، وإخلاء المنطقة من أكبر جيوشها في مواجهة الجيش الإسرائيلي، وهو ما يفسر تربص الإخوان بالجيش، وبدت نخبة الإخوان أسوأ وأجهل من نخبة مبارك، وكل ما يهمها ـ كما كان يفعل مبارك بالضبط ـ إغراق البلاد في ديون « ست قروض في أقل من مئة يوم » و شفط السلطة والثروة لصالح الجماعة، ويبدو أن جنون التتار الإخواني جاوز حدود الخطر، وتخيل أن الدولة المصرية غنيمة لمكتب الإرشاد، ولم يفرق بين «معنى الدولة» و«معنى الحكم». وكان وصول «السيسي» لإعلانه لترشحه للانتخابات ماهو إلا امتداد من معركة بدأت طويلاً في تاريخ الجيش من أجل إيقامة دولة المصرية عظيمة بقيادات من قرارت الشعب، فلبى السيسي الطلب و الإلحاح وسط انفجار اخواني بكل الأساليب التشويهية، ورغم ذلك – عدى الإخوان – مُتشرداً لا مآوى له، يبحث عن تحويل إقامته من لندن إلى نمسا، بعدما استنفذ كل الأساليب من اجل العودة، و من دور الضحية إلى حامل قذائف الآربيجي مُستعيناً بمختلف دروعه العسكرية وكتائبه الإعلامية في المنطقة و العالم، و مجدداً يجد في جبهة الجيش المصري و الشعب المصري الذين لطالما دافعوا عن راية الوطن و شرفه. فالجيش المصري نحو تحوّل جديد اليوم، و كما داس مبارك و طنطاوي و عنان، و إن أخطأ غيرهم الحاليون وقادمون سيعصف بهم الجيش المصري، لأن الجيش المصري لم يكن يوما هو السيسي و لا شخصاً، الجيش للوطن و الوطن الشعب، فهنيئاً لنا بإنقلاب الجيش.
#صلاح_الدّين_عابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد أن فرضتها أمريكا على الصين وكندا والمكسيك.. ما هي الرسوم
...
-
بسبب بطة.. رجل يتعرض لموقف مرعب بينما كان يحاول اللحاق بكلبه
...
-
ظهور الشرع في -سدايا- للاطلاع على أهم الجهود ضمن -رؤية السعو
...
-
الرئيس الألماني يزور الشرق الأوسط لبحث الوضع في سوريا
-
قائد عربي جديد ينضم إلى قائمة مهنئي الشرع بتنصيبه رئيسا لسور
...
-
ستارمر يضغط لإحلال السلام في فلسطين بصيغة السلام في إيرلندا
...
-
أمريكا.. مظاهرات ضد خطط الترحيل الجماعي (فيديو)
-
إصابة عشرات الأشخاص على الأرض في حادث طائرة فيلادلفيا
-
قمة للاتحاد الأوروبي والناتو وبريطانيا حول الإنفاق الدفاعي ي
...
-
قلق صالات الـ-جيم-.. لماذا يخشى البعض الذهاب إلى النادي الري
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|