إلى الرئيس القادم، مطلب ونبوءة

داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 13:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مطلوب من الرئيس القادم، أيا من يكون، أن تكون أولويته الأولى بسط وتوكيد سيادة القانون. وإذ أقول هذا فإنى لا أعنى فقط، ولا حتى فى المكان الأول، استهداف الإرهابيين ومقترفى التفجيرات والاغتيالات، ‘نما أعنى عامة المواطنين، الذين لا تحوم حولهم شبهة تطرّف فى دين أو مذهب ولا يتصوّر أحد أن يُقدموا على حرق مركز شرطة أو إطلاق النار على معارِض. مواطنونا "الأبرياء" هؤلاء هم أشد خطرا – وأنا أعنى تماما ما أقول – هم أشدّ خطرا من مفجّرى العبوات الناسفة ومطلفى النار غلى الشرطة وعلى معارشيهم من المدنيين. هؤلاء يغتالون الوطن، بدءا من صاحب المصنع الذى يصرف مخلفات مصنعه فى النيل، إلى "المستثمر" الذى يبنى العمارات على الأرض الزراعية، إلى القروى البسيط الذى يلقى ببهيمته النافقة فلا الترعة، إلى البوّاب الجاهل الذى يغسل سيارات سكات العمارة بالخرطوم ويهدر كميات هائلة من الماء، كل هؤلاء يشتركون فى اغتيال الوطن. ولا تقل أهمية عن ذلك، وإن كانت بمعيار ما أقل فداحة، اعتداءات على القانون نكاد نمارسها جميغا: الموظف الذى يتفاضى رشوة وإن التمسنا له بعض العذر لأن راتبه لا يفى بحاجاته الضرورية، والمواطن الذى يدفع الرشوة وإن وجدنا له بعض العذر لأنه لا يستطيع قضاء مصلخته فى يسر بغير ذلك، والمواطن "المحترم" الذى يقود سيارته فى الاتجاه العكسى ليوفر على نقسه الوصول إلى الملفّ على مسافة نصف كيلومتر. كل هؤلاء يشاركون فى تخريب النظام العام، وأخطر من ذلك، يشاركون فى خنق الضمير الاجتماعى.
من يستهِن بهذه الأمور يفتقر للرؤية السياسية، وإذا لم يجعل الرئيس القادم أولويته الأولى أن يبسط سيادة القانون وسيطرة الفانون على الجميع، على الكبير وعلى الصغير دون استثناء، على المموّل الكبير وعلى رئيس المؤسسة وعلى رجل الشرطة وعلى صاحب المقهى الذى يحتكر الرصيف إذا لم يفعل الرئيس القادم هذا، فإنى أتنبّأ له بأنه مهما ـمجزاد فى الاقتصاد وفى المرافق العامة وفى هيكلة الشرطة وهيكلة المؤسسات، فإنه يرغم كل ذلك سيتركنا فى نهاية فترة توليه السلطة أكثر فقرا وأكثر بؤسا وأكثر تخلـّفا. وأخشى ما أخشاه أنه وإن أدرك كل ذلك ورأه فى وضوح فإنه لن يقيم لذلك وزنا ما دام يستطيع أن ينال رضا أصحاب المال والسطوة والنفوذ، ولتنجرف البلاد إلى حيث تنجرف، فمن بيده مفاليد الأمور يستطيع دائما الإفلات إلى ملاذ آمن ينعم فيه بكل أطايب الحياة.
القاهرة، 16 أبريل 2014

#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات