أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - نضال الربضي - عندما تجلس لتتعلم














المزيد.....

عندما تجلس لتتعلم


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 09:39
المحور: اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
    


عندما تجلس لتتعلم

كتبت ُالبارحة َ رسالة ً نشرتها في الموقع أردت ُ فيها توديع الحوار المتمدن، و الانتقال إلى مكان ٍ آخر، كانت فكرة ُ مُدونة ٍ خاصة تُلح ُّ علي منذ زمن ٍ ليس بقريب، و لكني آثرت ُ الحوار، لسحره الخاص عندي، هذا السحرُ الذي يمتزجُ فيه العلم بالاستنارة ِ بالمشاعر في قدرٍ الساحرة ِ القديمة ِ نفسها، و التي تُحرِّك ُ مكوناته بعصا الزمن ِو العجيبِ و النادر، و وجهها الذي تشهدُ كل ثنية ٍ فيه على عصر ٍ و عصور.

توقعت ُ الردود َ من الكاتبات و الكتاب و المعلقين الكرام، و فاجأني تعليق ُ الإدارة ِ مشكورين لاهتمامهم، إلا أن ما استوقفني بحق و جعل الأفكار َ تعصف ُ في رأسي هو كلام الأستاذ سامي لبيب حين قال لي:

ليس من حقك الرحيل !!
نعم هذا القرار لا يحق ان تتفرد به طالما لا يوجد إنتهاك لإنسانيتك

يبرع ُ هذا الرجل في تبليغ ِ ما يريد أن يقول، مثل الحربة ِ الممشوقة ِ المدبَّـبة ِ تماما ً تنطلق ُ من قوس ٍ ثابت يشدُّ الوتر َ لها، لا كأي ِّ سهم ٍ في كنانة، لكن حربة ً في قوس، و يرمي.

"ليس من حقك"، في الحقيقة إن سحر هذه الجملة هو أني أستعملها دوما ً مع أطفالي حين يعتقد ُ أحدهم أن فعل الآخر يبيح ُ له ردَّة َ فعل أكبر من الحدث، أو ربما فعلا ً يفوق ُ في حدَّته و حدوده الحدث نفسه، فُيجترح َ ما هو فعلا ً ليس من حقه. و لقد وضعني الأستاذ سامي مشكورا ً أمام ضميري، و أمام نفسي، و أقلقني كلامه، لأنه لمس في الوتر الذي يحركني دوما ً: الحب، التنوير، و العدالة. فإن كنت ُ أطلب هذه كلها و أدعو لها، فكيف أكون ُ أنا نفسي من ينتهكها؟ أولا يكون ذنبي إذا ً أعظم َ و أنا الساعي وراءها، الباحث فيها و عنها و الداعي لها؟

ثم لمس الأستاذ ضرغام وترا ً مخفيا ً آخر حين قال:

هل ليس لديك سعه صدر للاستمرار

لقد أقلقتني تلك الجملة الأخرى، لأنها وضعتني أيضا ً أمام ضميري مرة ثانية، فسعة الصدر كانت هدفا ً لي تبنيتُه منذ واحد ٍ و عشرين َ عاما ً و كنت ُ وقتها لم أبدأ دراسة الثانوية العامة، و عملت ُ في فترة الصيف ِ قبلها "مُدخل بيانات" في إحدى الجرائد، و تعرفت ُ على محاسب ٍ شاب كنت أجد ُ فيه نموذجا ً جميلا ً أنظر ُ إليه و أتمنى أن أكون مثله، و حين كنا نتحدث لفت نظري إلى أمر ٍ مهم ٍ جدا ً و كانت المرة َ الأولى في حياتي التي أسمع أحدا ً يوجه الحديث إلي بكل عفوية لكن بود ٍ ظاهر: "نضال الأمور نسبية مش مُطلقة، الأمور مش أبيض و أسود"، كان هذا الشاب: لؤي، أول خطوة ٍ تدفعني للتفكير بشكل ٍ مختلف وجاد، و كانت تلك الخطوة أول المشوار لكي أُوسع من صدري.

سألت ُ نفسي كثيرا ً هل من المعقول أنني نسيت ُ ما أُخاطب به أطفالي، هل نسيت ُ ما أعمل ُ أنا من أجله دوما ً لكي أستوعب َ ما يكون استيعابُه صعبا ً و أُساهم َ و لو بجزء ٍ بسيط ٍ في استنهاض ِ مُجتمع ٍ تقتلُه الخرافة و يشلُّه الوهم و يجلس ُ متفرجا ً على الحضارة ِ قانعا ً بالاستهلاك دورا ً؟

سأعتبر ما كتبته البارحة و اليوم، محطة ً في رحلة ِ التنوير و الاستنارة، و التي فيها نتعرف ُ أكثر على ذواتنا، و تصطبغ ُ رحلتنا بالصبغة ِ الإنسانية ِ بكل ما فيها من ضعف ٍ و قوة، إحسان ٍ و خطأ، لتكون رحلة ً حقيقية ً، تستمد ُ شرعيتها من كونها حقيقية ً في الفعل، غير كاملة، غير مُزيَّفة، لأن هذه الرحلة َ لا بد لها و أن تكون كما هي الآن مليئة ً بالعيوب، بالأخطاء، بالسقطات، حتى نفهم ذواتنا أكثر، و حتى نفهم بعضنا البعض أكثر، و حتى نتصالح مع أسباب ِ نزاعاتنا الداخلية بصدق، و حتى نتصالح مع أسباب تنازعنا مع بعضنا بصدق، لكي نقوم، و يكون نهوضُنا شاهدا ً على صدق ِ ما نسعى إليه، و على صدق ِ نضالنا، فلا معنى أن نستمر َ دوما ً بقوة ٍ و بلا أخطاء، لأن معنى هذا أن كل ُّ خطأ ٍ ممكن ثد تم إخفاؤُه لا مُعالجته، أو أننا قد وصلنا للكمال، و هذا لم يحدث.

لدي الشجاعة ُ أن أقف َ لأقول: أخطأت، معذرة ً منكم.

و أنا مُمتن ٌّ لكم، يصحب ُ الامتنان َ بهجة ٌ كبيرة، أنني جلست ُ البارحة َ أمامكم تلميذا ً من جديد، يستذكر ُ ما نسي.

الشكر ُ لجميعكم، نلتقي في المقال القادم.

معا ً نحو الحب، معا ً نحو الإنسان!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى رواد الموقع الكرام.
- قراءة في واقع المسلمين العرب – الكشف ُ عن جذر ِ التخلف.
- إلى الأستاذ غسان صابور – و إلى الحوار المتمدن من خلاله
- خاطرة قصيرة – من وحي الحب من فم القديس أنطونيوس
- من سفر الإنسان – قراءة في الموت.
- قراءة من سفر التطور – كرة القدم شاهدا ً.
- قيمة الإنجيل الحقيقية – لماذا المسيحية كخيار 4 (من وحي الألب ...
- ماري
- من سفر الإنسان – الوحدة الجمعية للبشر و كيف نغير المجتمعات 2
- خاطرة - قرف ُ المازوخية عند المُستسلمة
- عودة حركة 24 آذار – تعبير ٌ عن الرأي في الوقت الخطأ
- صور ٌ من الكراهية – عن الموقف من الأستاذ سامي لبيب
- قراءة في الوحشية – الوجه الآخر للإنسان
- قراءة في الشر – مباعِثُه، مظاهره، و ارتباطه بالدين و الألوهة
- في اللاهوت و حرية الإنسان
- قيمة الإنجيل الحقيقية – لماذا المسيحية كخيار؟ - 3 (من وحي ال ...
- لماذا يُقتل رائد زعيتر؟
- قراءة في تحريم الخنزير
- في تحرير المرأة – مُمارساتٌ عملية للتمكين 2
- في تحرير المرأة – مُمارساتٌ عملية للتمكين


المزيد.....




- ترامب يعلن عن رسوم جمركية جديدة في -يوم التحرير-.. ما تفاصيل ...
- فرنسا: تفكيك وفاق إجرامي لتصدير نصف طن من الحشيش إلى تونس
- الخارجية الروسية: موسكو منفتحة على المبادرات الواقعية للتسوي ...
- زعيم عصابة إكوادورية خطيرة هارب يواجه اتهامات جنائية في الو ...
- استطلاع: ثلثا الفرنسيين يعتبرون أن ديمقراطية بلادهم تعمل بشك ...
- ترامب يعلن فرض رسوم جمركية كبيرة على الصين والهند والاتحاد ا ...
- العراق.. مواطن يفاجئ رئيس الوزراء بـ-عيدية- (فيديو)
- نتنياهو: سننشئ محورا جديدا في غزة
- شبح الجوع يهدد سكان غزة مجددا
- الوطن السورية: أهالي درعا يشتبكون مع القوات الإسرائيلية بالق ...


المزيد.....

- مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3 / عبد الرحمان النوضة
- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة / سالم سليمان
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني / عصام البغدادي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - نضال الربضي - عندما تجلس لتتعلم