حيدر عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 00:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان يوما أسودا في تأريخ الكورد عموما حينما قام (علي حسن مجيد) بأمر وإيعاز من (صدام حسين) باستخدام الأسلحة الكيماوية، لاسيما في قريتي (شيَخ وسان وباليسان). وكان عمري آنذاك قرابة الأربع سنين.
أتذكر هذه المصيبة المؤلمة التي وقعت في 16/4/ 1987 والذي أعده أسوأ يوم في حياتي كلها. ما رأيت مشهدا قط بمثل هذا المشهد الفظيع المروع، لم تكن بوسع الأم ان تتعرف على أبنائها، والأب لم يكن باستطاعته أن ينأى بأبنائه عن هذا الكابوس الخبيث. لا أبالغ لو قلت اجتمعت في ذلك اليوم العصيب كل مآسي العالم في تلك المنطقة المنكوبة، وبالأخص قريتي (شيَخ وسان) التي تحفها سلاسل الجبال من أغلب جهاتها، حيث تعطلت فيها الحياة بأكملها، وتحول الربيع المزدهر إلى خريف، وأُخرست العصافير عن التغريد، وهاجر بنو جنسها إلى خارج أوطانهم، وبعد ذلك لم يعودوا ولن يعودوا إلى الأبد. ويا لهذا اليوم الرهيب! كما يقول القران الكريم: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱ-;---;-----;---لنَّاسَ سُكَارَىٰ-;---;-----;--- وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ-;---;-----;---...) كان استخدام هذه الأسلحة بالنسبة لنا شيئا جديدا وغريبا، ولم يكن الناس جميعا يعرفون شيئا عن هذه الأسلحة الفتاكة وأضرارها، وفي الوهلة الأولى، بعد قصف 12 طائرة حربية القرية هذه وضواحيها، انتشرت رائحة التفاح، لكنها في الحقيقة كانت رائحة سموم بأنياب الذئاب، تردد بلسان حالها: (الموت مكتوب للجميع، الموت مكتوب للجميع، أتيت لكي لا أفرق بين الكبار والصغار، والرجال والنساء).
وأغرب من كل شئ، أن العالم بِعُربانه وأعاجمه، وغربه وشرقه، ظلوا صامتين، أمام هذه الفاجعة الكبيرة، وظلوا هكذا صامتين حتى جاءت بعدها فاجعة حلبجة فى 16/ 3/ 1988، وعمليات الأنفال.
#حيدر_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟