عمار علي
الحوار المتمدن-العدد: 1255 - 2005 / 7 / 14 - 13:15
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يتداول الان في الخطاب الاعلامي والكتابات الصحفية العراقية مفهوم (المقاومة الشريفة والمقاومة غير الشريفة) وهي مفاهيم ملتبسة عمومية , وتقسيم لاصناف المقاومة بشكل يخدم اتجاهات محددة لها مصلحة في خلط المفاهيم. وهي قراءة غير دقيقة وناقصة ,لما يحدث بالعراق .وتحاول هذه المفاهيم ان تضفي شرعية على اعمال الارهاب بخلق أجواء فوضى المفاهيم . وتؤسس خطاب مبهم وغامض و معتم. ولا يسمي الاشياء بأسمائها الحقيقية . ويصيغ بينية الفكر السياسي العراقي بطريقة نفعية مشوهه .
ان مفهوم المقاومة يستند على معطيات وطنية عامة ومشتركة, وعلى وجود القوى الوطنية الحقيقية والفاعلة والتي تعمل على قراءة الواقع السياسي وتحليله وفق منطق توازن القوى والامكانيات المتاحة,قوى عقلانية ومعتدلة.
وصار من البديهي والواضح ان مقاومة الأحتلال في كل مكان وزمان, حق شرعي تكفله كل القيم و الاديان والاعراف والدساتير. وهو حق مطلق لا نزاع عليه .والشعوب التي لاتقوم الاحتلال يكفيها ان تعيش حياة العبيد . ولكن الاختلاف هنا هو حول اساليب المقاومه ووضوح المشروع السياسي لها.
ولكن بهذا الصدد اي مقاومه نقصد؟
هل هي مقاومة الاحزمة الناسفة ضد المدنيين؟
هل هي مقاومة تفخيخ السيارات والبشر ؟
هل هي مقاومة قطع الروؤس ؟
هل هي مقاومه ضد الغالبية العظمى من الشعب ام هي مقاومه من اجل تحريره واسترداد كرامته المهدورة؟
ام انها نشر الفوضى والخراب والرعب واستبدال لغة الحوار بلغة الدم . والعودة بالبلاد الى مرحلة الاستبداد والدكتاتورية.؟
ام انها مقاومة التغيير؟
ومن الطبيعي ان تنشئ في ظل الغزو والاحتلال الاجنبي للبلاد, حركة وطنية مقاومة لهذا الوجود,كرد فعل موضوعي لكون الشعوب لاتقبل بوجود جيوش غازية فوق اراضيها.
وهي حركة تنشئ برحم المجتمع , بشكل جنيني و حسي بسيط, نتيجة الاعتزاز بالروح الوطنية, ومن ثم تنمو و تتبلور الى ان تصبح حركة قوية عامة منظمة لها مشروعها الوطني الاستقلالي ولها برنامج سياسي واضح المعالم وعلني , ولها جناح مدني سياسي يعمل على رفد هذه المقاومه بكل وسائل الدعم بمافيها الدعم البشري .وهو الذي يقدمها للمجتمع الدولي على انها حركة تحرر شعب واقع تحت الاحتلال , وبأسمها يتحرك من اجل كسب الراي العام الداخلي والدولي.
ومقاومة الاحتلال لها اساليب متنوعة .مثل المفاوضات والمساومات (الحوار), الاضرابات بكافة انواعها ,العصيان المدني, حركة احتجاجات شعبية واسعة,اعمال عسكرية ,وكل وسائل المقاومة المتاحة والشرعية.
وهي مقاومه موجهة بألأساس و بشكل كامل ضد جيوش الاحتلال . وهو هدفها الرئيسي المستهدف بالاعمال العسكرية والمدنية. وهي مقاومه وطنية معروفة للجميع. تتحرك ضمن أطار علني واضح الاهداف والمشروع.
اعتقد ان هذه ملامح اولية او تصور لمفهموم حركة تحرر وطني, علنية الحركة والنشاط وسرية الخطط والتكوينات التنظيمية.وهو مايميزها عن اعمال الارهاب لمنظمات سرية في كل شيء, الا اعمال الموت الجماعي في نشاطها علني ومدوي.
لقد نشأت في ظل وجود الاحتلال والتغييرات التي طرأت في بنية النظام السياسي . وأنهيارالدولة وضعف الحكومة, وعدم وجود جيش وطني قادر على ألاخذ بزمام الامور, وردع العنف والسيطرة على الفوضى السائدة.وبسبب لعدم وجود أيضا موقف واضح من الحكومة بصدد الاحتلال وفترة بقائه. نشأت وبشكل مو ضوعي قوى ترفض هذا الوضع الجديد ,وتطالب بالاستقلال زورا وفق مشروعها السياسي الغامض والعدمي . وهي تيارات متنوعة الاهداف والمصالح.و تتحرك على اساس طرد الاحتلال او الانسحاب وفق برنامج زمني محدد .و لها رغبة باعادة العراق الى ماقبل سقوط النظام.مستغلة الوجود العسكري الاجنبي. ودعم خارجي قوي وغيرمحدود
وفي ظل هذه الفوضى وازمة الملف الامني المتصاعدة بشكل يومي وخطير, تتحرك قوى عمياء متطرفة تدميرية تتذرع بالاحتلال كمبرر لنشاطها العدواني, تنشر الموت في كل زاوية من البلاد ,مؤطرة باطار من منظمات دينية واجتماعية وسياسية تنشط بالسر والعلن تدعم اعمال الارهاب و تؤكد شرعية هذه القوى , بو صفها مقاومة وطنية شريفة عادلة وشرعية.و تدعوها انتهاج مقاومة عنيفة وبالقوة المسلحة والقتل الجماعي ,بدون دراسة توازن القوى العسكرية الموجود فوق الارض, والتفوق الملحوظ في قدرات الاحتلال ماديا وعسكريا. ولا تعمل هذه القوى تحت مشروع وطني عام واضح وصريح , ولكنها تتحرك في محيط محبط ويائس ومتخلف. وسهل الأستقطاب, وخاصة بين بسطاء الناس الذين لم يشعروا بتغيير الواقع بعدالاحتلال نحو اشياء ملموسة تخص وضعهم على جميع الاصعدة . و تستخدم في ذلك الدين وسيلة و شعارا عريض لتنفيذ مشروعها بقيام دولة أستبدادية,مختفية وراءه باعتباره مؤثر موضوعي قوي ومباشر وسهل ,في اسلوب الدعاية بين اوساط البسطاء. لكي تسترجع مجدها المفقود وحلمها المريض بالسلطة , ولو بموت نصف الشعب العراقي. هذه التيارات العمياء والمتعصبة تعمل على زرع بذورالفتنة الطائفية وأشاعة اجواء الحرب الاهلية و الكراهية بين نسيج المجتمع العراقي المتآخي وهي مدعومة بفقه تكفيري شديد الكراهية والتطرف ولايمت بصلة الى روح الاسلام المتسامح و بقيمه الداعية الى السلام والمحبة بين البشر.فقه يشرعن لها كل وسائل الموت وبكافة الاساليب ولايفرق بين محتل او مواطن.بين عسكري و مدني , بين امراة او طفل او شيخ او عاجز. فقه منفلت ارعن ومتوحش. فقه غير اخلاقي ومدنس ومرفوض بكل شرائع الكون.
ليس هناك مقاومة شريفة واخرى مدنسة في العراق الان . بل هناك ارهاب مرتبط عضويا بقوى ومصالح ترتبط بأجهزة خارج الوطن أقليمية ومحلية هاربة من العدالة التي سوف لن تدعها هاربة الى الابد, وهي تقاوم المشروع العراقي الجديد و لاترغب بتأسيس ثقافة التداول والديمقراطية وليس هدفها الاحتلال.
ان الذي يجري بالعراق من ذبح وتفجير وتفخيخ ودمار ليس له الا وصف واحد وهو الارهاب . والعودة الى ماقبل سقوط النظام.انه حلم مريض.
بالحقيقة لاتوجد مقاومة وطنية حقيقية تقاوم المحتل وتطالب بتحرير البلاد وهي ترتكب كل هذه البشاعات بحق الابرياء من الشعب العراقي..
لاتوجد في العراق ألان قوى وطنية تحررية علنية تعمل و تنشر برنامجها الوطني , بشكل واضح وصريح. ولها تأثير في القرار السياسي االموجود خارج السلطة.وفي البنية التحتية للمجتمع .
هناك فقط ارهاب منفلت اجرامي معزول وخائف . هناك ملثمين مسلحين بفقه التفخيخ والاحزمة الناسفة. هناك اخلاقية مغرقة بالعدوانية والمرض وكراهية الناس.
اين المقاومة الوطنية التي هدفها تحريرالانسان والعقل والارض, من هذه الاعمال الاجرامية السوداء.
انها مقاومة غير شريفة , أنها أعتداء على مصائر البشروعلى ألتاريخ, انها مقاومة تستهدف العراق المذبوح منذ عصر قبائل الدكتاتوريات. بدو الصحراء الاجلاف
لا توجد مقاومة شريفة بدون شرف
#عمار_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟