أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نوري قادر - الشجرة القيثارة














المزيد.....

الشجرة القيثارة


محمد نوري قادر

الحوار المتمدن-العدد: 4425 - 2014 / 4 / 15 - 22:42
المحور: الادب والفن
    



انها الشجرة القيثارة والجوع المدوي للشمس
تترنح من غبار البراري كل يوم , تروض الفك المفترس , تروض وتبتسم
والآهات تسكن جوفها الخفي
انها العاشقة المكحلة بأريج السلالات وعشبة الخلود
الشجرة التي لامست كل شيء , والتي توارى عشاقها الذين يمسكون مفاتيح (بوابة النسيان) في ( جنائن آدم )
الشجرة التي ترتدي مزهوة (ثياب حداد بلون الورد)
الشجرة التي تتنهد الآن , ونحن نصرخ
الشجرة المضيئة بإيقاع عشاقها, تئن من وجع الصمت , ونحن صرعى هلوسة الاعمى
الشجرة التي عانقت الضوء في الأبجدية الأولى, تمد يدها , تدعوك , لتمرح بجوارها , لتنام في فيئها , وحين لا تجد ما يكفي , نعود للنهر ونمضي
أما تراها عكست ظلها في المرآة وتتمايل بغنج لتراقص طيفك وطيفي, بأنفاسها السومرية ؟
هي واحة من القصائد , كل قصيدة تترنم الشغف في الحقول والتفاتة الطائر للعش وصوته الندي الذي نبتهل له أمام القشعريرة والاصيل والاغلال والافواه المكممة والمنخفضات الخانقة والايادي الباردة والضجر
هي , كما الضوء لا تخشى الانفاق , تعانق اردان الرياح وما ترتديه الحكمة
لنصغي .. لنصغي لصدى أجراسها , لنرتل ابتهالات ذلك النهر , وتلك الطيور , لنسلك طريق النجوم , لنقف كما نخلة , لنزيح الاشباح , فما زال الصباح ينتظر
نحن في الغبار , لا نقوى ان نمد أيدينا , وان نغني ..
انني اتحدث عنها لا سواها , عن عشقها وعشقي
اتحدث عن الأوفياء الذين رسموها , الذين يمسكون بخصرها ويتحسسون رهبتها
انها شجرتي
شجرتي التي لا تشبهها شجرة ولا يطربها غير همسي
شجرتي التي ارسم لكم فصولها الآن , فصولها المدماة والآم مفاصلي ,وعويل ثماني عجاف وما بعدها , وهمس المتعجرف ومخاطه على جدران كوخي, والعانس في الصمت وليلنا الطويل , وبائعو الأقراط بالثمالة ,الساجدون بفم القشعريرة , والعابثون بضفائر النخلة ,وبائعات الهوى بابتسامة رضى من اجل نافذة مفتوحة ,والسكاكين في جهاتها الاربع, وغرف بأفكار عفنة ومقرفة بلا نوافذ , ومحطات التسول , والقصائد الموروثة وايقاعها ما بين سمسار نزق وإيماءة بدوي أخرق وثمارها الفاسدة التي منحتني الحمى , والانقاض وشحوب الحواس والشفاه المذمومة .
ارسم ارتفاع الضجر وانخفاض السكون والدم المسفوح بالثرثرة .
ارسم القبائل التي جمعتها البذاءة والعري على هذيان نديمها, واحمر الشفاه الذي لطخ خيمتها , والطيور التي هجرت دفئها, والمتربص في الوله , الجاحظة عيناه من شدو العصافير في ممرات الهيام .
ارسم تصدع الفم في المرآة والخطى المتثاقلة كالأجفان من النعاس ,والأقدام الهزيلة ووقعها وروائح البغاء .
ارسم سوط الشرطي على جدرانها ووقع خطواتي ودماء بكارتها.
ارسم المدججين في كل فصولها بالكراهية , وصوت الطيور الذي افزعه الليل الموحش , والثكالى الذين افترشوا المقاهي والأرصفة .
ارسم الغرباء وبغيهم , واحتراس المتدثر بشحوبه , وارتداء الثياب القاتمة وزيارة الأضرحة , والعراة في البراري القاحلة, , والتسكع اللامجدي في الظهيرة .
ارسم براثن الذئب وشهيته للدم وشهوته المعلبة , واشقاء الفزع والغفران على سفحه المقطب بالأسى , والتنكيل المزمن , والأفواه المطبقة , والزاني وسجاياه .
ارسم المقرفص بالرضى في المتاهة ودورانه, وتورم الأسى , ونشيد الاعمى , والمتلعثمة سبابته وزفيره والوهن .
ارسم الدمى الراقصة والأجوف في مساعيه والمماطلة بخطى مفتعلة , والأحراش المكتظة على شواطئنا ,وذلك الذي يرتدي العمامة ويتحدث بلغة المقصلة والقمامة تزاحم سريره .
ارسم اصواتا واناشيدا فقدت بريقها في الدخان المتصاعد , والفئران التي قضمت البراءة , والفسق وخدوشه , والطفح السرمدي الذي يلتف حول خصرها.
ارسم المشاغب وتأتأة الحواس والمحتشدون بألفة على انقاض العزلة والنبش في المنخفضات.
والخراف والأفاعي والابتسامة الساخرة , والوله ببصيرة أحمق وما تقيئه والأصنام والسجود المزمن دونما سبب .
ارسم الممرات الملوثة وضيوف الزلة المتوارثة, ومن يربت على أكتافنا بصوت عاقر , والبرابرة الجدد وخيامهم والمراعي الظامئة وطوفان النواح , والجرذان التي لم تترك اي شيء وكلابهم السائبة وطلاسمهم والبخور .
ارسم الحرافيش والمدن التي طمرتها أوجاعها والتحريض وهزالها , واكاذيب المفلس وسهام بطشه , والمسافر بالخداع ويديه ملطخة بصهاريج اللغو .
ارسم خبازا يكتب شعرا بدم أوردته, وأزرق يرتل ويلون ويقرأ مباهج الضوء في الممرات , وفيض من الضوء طمروه نديا خلف اسوار المدينة خشية من بريقه , وعاشقة طريق الشمس التي كانت تهلهل وتهدي خاتم زفافها في الطريق الى المقصلة .
ارسم طرائد الغفلة والمسربلين بالوله وهم يذرفون الدموع , والمعاول الصدئة وفؤوس الزاني ترتفع وتنخفض بالإشارة .
ارسم المقامر اللقيط الذي بعثر المفاتيح بهذيانه , وايقونات لا تحصى أطفأها شلال الضغائن, وخريفا طويلا نشب أظافره سفوح اجسادنا وأوراق التوت التي تساقطت , والجراد ولعابه الذي يسيل لرائحة القمح والمراكب الرثة وركابها الثملين بالروائح الفاسدة .
ارسم تنهيدة أم أثكلها الغياب وغرقى الوهم وازدراء البهجة بمزمار صدأ , والليل وافتراشه سطوحنا بإيماءة مبتذل ونحن نتلوى ونتلظى على صفيح ساخن , والمشاكس وظله والفم الأدرد وهو يمد لسانه والفخ الذي اوقعنا فيه بغتة , والأنفاق المهلكة ... _
تلك هي فصولها هذه الدامية
أما آن الأوان لنرتقي ؟
لنطمر أوجاعها, لعلنا نصل ذات يوم بطمأنينة للمرفأ
اللهاث لا يجدي
باتت الجداران صدئة , والاعمدة ينخرها التسوس
لا مفر ... لا مفر
ان نتدثر الضوء ,ان نغور بعمق في النهر
انها ظلنا وغرسنا
اطفئوا الجمرات
من بدونها يحمينا
هذه الشجرة القيثارة .



#محمد_نوري_قادر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أناديك
- لعلك تصغي
- أسئلة
- الآن .. من يزيح هذا الغبار
- آه كم أوجعنا البرد
- في مبغى
- دماء شجرة
- هكذا هو .. الصوت
- وداع الترقب
- المتدثر بشحوب أطرافه
- هؤلاء
- خمسة أصوات
- أنت .. ياليلنا الطويل
- اليك .. أيّها الصديق
- في الضباب الكثيف
- ايّتها النديّة.. الناصرية
- زيارة مفاجئة
- أنا ... الشيوعي
- سيدي الرئيس
- أرجوحة التوبيخ


المزيد.....




- السوق الأسبوعي في المغرب.. ملتقى الثقافة والذاكرة والإنسان
- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...
- فيلم -فانون- :هل قاطعته دور السينما لأنه يتناول الاستعمار ال ...
- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نوري قادر - الشجرة القيثارة