أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - الكنطره بعيده














المزيد.....

الكنطره بعيده


حازم شحادة
كاتب سوري


الحوار المتمدن-العدد: 4425 - 2014 / 4 / 15 - 11:06
المحور: الادب والفن
    


قبل خمسة عشر عاماً لم يكن الصيف قاسياً بِحرِّهِ كما هو الحال عليه هذه الأيام.
يقولون إن الاحتباس الحراري هو السبب في ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة بينما أعتقد أنها طريقة أمنا الطبيعة في التعبير عن غيظها من أفعالنا الشنيعة كمجموعة بشرية غير قادرة على العيش مع بعضها أو احترام الأرض التي منحتهم كل شيء فقابلوها بالحقد والكره والخراب.
قبل خمسة عشر عاماً كان من أحب الامور إلى قلبي الجلوس عز الظهيرة في فيء شجرة الزيتون أمام منزلنا باللاذقية نستمع إلى سعدون الجابر أنا وشقيقي مجد بينما نحتسي المتة.. يمتد أمامنا كرم الشجر المبارك تتخلله بعض شجرات التين هنا وهناك، نعم كان الجلوس عز الظهيرة بين التين والزيتون في حضن (البلد الأمين) جميلاً لدرجة أجد نفسي حائراً في كيفية استدعائه بكلمات معدودات.
(لاشوقك ينساه البال.. ولا حبك غير هالحال.. ولا تقدر تنساك الروح.. تريد تضل تريد تروح) يقول صاحب أجمل صوت عراقي بينما نشعل النار استعداداً لوليمة الشواء التي سنلتهمها على الغداء.. تصرخ والدتي علينا شاكية رائحة الدخان الذي ملأ المنزل بينما نحاول مراضاتها من خلال تصوير الوجبة الشهية التي سنعدها بعد قليل.
ـ ولا مجيدو... روح عالمطبخ سخن أبريق المتة
ـ معقول سماك أنت؟ النار جنبنا وبدك ياني أنتع هالمشوار.. يقول ثم يضع الإبريق على نار الحطب واعداً بتنظيفه من الشحار الناجم عن النار .. لكنه ولا مرة فعل..
ـ أبو الجود الحبيب.. ألا تلقي نظرة إن كنا ظاهرين على أمي أو أبي.. أريد أن أشعل سيجارة
ـ دخّن ولا يهمك.. لا أحد في الجوار
سيجارة الشرق في تلك الفترة كانت ثروة بالنسبة لي.. وكحال رجل إعلان المارلبورو الشهير... أنتزع غصناً صغيراً يدب الجمر في طرفه لأشعل به السيجارة..
ـ يجب أن نزيد النار كي تصبح وجبة الشواء أشهى.. أّذهب واجمع بعض الحطب مجود
ـ ولم لا تذهب حضرتك؟
ـ أريد أن أستمتع بهذه السيجارة يا زلمة.. لا تكن غليظاً
ـ حسناً.. دخنها واذهب بعد أن تدخنها لجمع الحطب.. لا مشكلة
هكذا كنا نمضي الوقت خلال نحضير وجبة الشواء.. نناكف بعضنا بعضأً.. نراقب الدوري وهو يقفز من غصن لغصن مع الفشل في كل مرة باصطياد واحد على الرغم من أنهم أخبرونا بعدم جدواه للأكل.. ربما إدراكنا لفشلنا كصيادين هو ما كان يدفعنا لمداعبة تلك العصافير أكثر مما هو اصطياداً..
ـ ناولني سيخ اللحمة أريد أن أحرك الوجبة
ـ قم وأحضره.. شو ناقصك؟
ـ لا تكن غليظاً أنت أقرب
ـ حسناً .. تنشط واحضره ولا تكن بليداً.. يجيب على اتهاماتي باتهامات.. أنهض وأقوم بتحريك النار حول وجبتنا التي توشك أن تكون جاهزة
ـ ربما حان الوقت لوضع البصل في النار.. هذا لن يأخذ وقتاً.. اذهب واحضر البصل
ـ ولم لا تذهب حضرتك لتحضره؟
ـ ألا تراني أقوم بتحريك النار حول الوليمة؟
ـ أووووووف.. الله يعطيك العافية.. إنه عمل جبار.. يقول ساخراً.. لكنه هذه المرة يذهب
نضع البصل على النار.. نجلس نراقب اللهب ونشرب المتة

(حدر التراجي وبرد.. والكنطره بعيده .. أمشي وأقول وصلت.. والكنطره بعيده.. تعبني يا قلب.. تعبني مشي الدرب.. والشوق هز القلب.. والكنطره بعيده..) بينما أكون أدخن مغافلاً أهلي.. ينشد سعدون الجابر ويصاحبه أبو الجود فيأتي النداء من الجياع في المنزل حيث أكل الجوع بطونهم وهم ينتظرون وجبة الشواء التي أصبحت جاهزة وما علينا إلا أن نقوم بوضعها في الصحون.
أقوم بإبعاد الجمرات عن الوجبة الرئيسية (البطاطا) وعن البصل.. ثم أخرج حبات البندورة التي استوت بدورها.. البصل المشوي في صحن لوحده.. البطاطا المشوية في صحن لوحدها.. نقوم بهرسها جيداً ثم نغرقها بزيت الزيتون مع رشات من الملح.. بعد ذلك تبدأ معركة صراع الوجود لا الحدود.. والبقاء للأقوى.
عندما كان عدد أشجار الزيتون أكثر من عدد المنازل في بسنادا.. كان للحياة طعم
هذا الطقس الذي حدثتكم عنه أحرص خلال إجازتي السنوية إلى سوريا أن أقوم به مع أهلي.. لكن أشياء كثيرة تغيرت عبر هذه السنين.. أشياء تُقال.. وأخرى لا تقال.. سوريا بأسرها تغيرت أيها الأصدقاء.. لكن ليس للأفضل بالتأكيد..
وأمشي.. وأقول وصلت... والكنطره بعيده



#حازم_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيلو نمورة مَحرّمِة عالمغلوب
- لا شيءَ عِندي كَي أقولهُ
- لغةُ العيون
- أنا سأذكركَ دائماً.. وأنت؟
- حكايةُ محاربٍ سوري (1)
- نادين
- موعدٌ مع امرأتي
- رِيحُ الجُنون
- ازدواجية امرأة
- دربُ الهوى
- الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل
- الثورة الفرنسية السورية العرعورية
- ألف ليلة وليلة
- امتلاك الحقيقة
- راياتك بالعالي يا سوريا
- لمَ لستم سعداء؟
- طريق النحل
- عَزفٌ مٌنفَرد على أوتَارِ رُوح
- أنا حازم شحادة
- المُقَامِر


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - الكنطره بعيده