أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - حكاية من الثمانين !














المزيد.....

حكاية من الثمانين !


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 4424 - 2014 / 4 / 14 - 23:06
المحور: كتابات ساخرة
    


الزمان سبات في آخر الليل والمكان بلاد الوشايات والغزوات والتطبيل , حدث ذلك حين أتصل الرئيس بوزير الأعلام آنذاك وقال:
(عندك ذوله اللي تسمّوهم فرقة الريف ُأشو من زمان ما مشاركين بالمجهود الحربي وما جاي أشوفهم بالتلفزيون , سوّيناهم موظفين و أنطيناهم رواتب وعفيناهم من الجيش , سمعت مخلصين وقتهم بالمكسرات , البارحه شايفينهم ربعنا تالي الليل, رفيق أبو أنمار لخاطرك راح أنطيهم فرصة يوم واحد بس , خلّي نشوف نشاطهم , وأذا ما بيهم نفع , عجل ياباه سووهم قاطع جيش شعبي وأخذوهم للبسيتين) .
جفّت الأقلام وطويّت الصحف فلا نفس بعد صوت الرئيس
كانت الجبهة مشتعلة خصوصاً البسيتين في النصف الأول من عقد الثمانين , كان فيه هجوم عنيف جعل الخبر ينزل على الهواتف الأرضية للمتهمين (قيد الوشاية) , نزول (الكومبريسر) على الأرصفة عند (التفليش) , لم يناموا في تلك الليلة وأجتمعوا في بيت أحد الفنانين , لم يجرؤ أحدهم على مناقشة الموضوع , قريحتهم الغنائية تفتحّت قسرياً لوحدها يحبوا بها حب البقاء لهؤلاء المرهفين المساكين, لتنفجر مثل البركان من الكلمات والأغاني والألحان , الملحنون جهزّوا في ليلة واحدة مقطوعات أطول من سمفونيات بيتهوفن و موزارت و باخ , الشعراء أبدعوا في قصائدهم بعد أن أنقذهم الكم الهائل من الفلكلور أقصد التراث خصوصاً الهوسات و العراضات و أراجيز الملّايات والدراويش , لم ينم حينها سكان قطاع (خمسه وعشرين) حيث البيت الذي أجتمعوا فيه , بسبب المواهب المنفلقة مع الضجيج , وبعد أكمالهم للتحضيرات أنطلقوا مع الغبش الى مبنى الأذاعة والتلفزيون في الصالحية من دون أفطار وهم يرتدون الزي الرسمي للفرقة من يشماغ أو غترة مع عبائة وعقال , فالأمر أخطر مما يتصوّر القراء , أما نجاة (الكبيرة وليست الصغيرة) أو (نقيب مع تكريم) , والأخير تسمية تطلق على الشهيد بعد أن يلف (عادة) بالعلم المكون من ثلاث نجوم ليحصل ذويه على سيارة (كرونا موديل واحد وثمانين)
سجّلوا في ذلك اليوم ستة أناشيد وطنية , مع ثلاث أغاني فردية و أوبريت , كل العاملين في الوسط الفني شعروا بالتوتر الفاضح على وجوه أعضاء فرقة الريف حين شوهدوا على شاشة التلفزيون , حتى أعتقد المشاهد بأنه أمام شكل جديد لتلك الفرقة المليئة بكبار السن , فهم رغم عدم حلقهم لـ لحاياهم كانوا مليئين بالحماسة , ولم يعرف أحد حينها أنهم كانوا صاغرين لأمر دبّر بليل , أتذكر أن أحد أصحابي (أياد السامرائي الله يذكره بالخير ) شدّني الى شاشة في مقهى قريبة من جامع عادلة خاتون ليريني كيف تحولت تلك الفرقة الى كتلة نشاط , حتى أن الواحد منهم يريد أن يلتهم المايكرفون ويتدافع مع الذي قبله وكأنهم حصلوا على (نص بالدولة) على حد تعبير ذلك الصديق , دعونا نعود لعبد الجبار الدراجي وفرقته الفنية , لم يكتفوا بما فعلوا في ذلك اليوم المشهود بل أستحلفوا مدير التلفزيون أن يبث أعمالهم على مدار الساعة و يعيدها في اليوم الواحد مرات عديدة وأنهم سيبقون متوثبين لأنجاز أعمال كثيرة سيرفدون بها المجهود الحربي تعزيزاً لمايفعل الجنود ولن يبارحوا المبنى الا للصلاة و الذهاب لفواتح الشهداء من أقربائهم , كانوا فعلاً قد ألتزموا بالعبادة وأعلنوا توبة سريّة بينهم وبين الله , بعد ما طرأ عليهم من خوف يستدعي تحضير أنفسهم للموت فهو قريب , أما في الجبهة أو بعد عمر قصير أو طويل , فالكل يموت في نهاية الأمر , وفعلاً توفي الكثيرون , (موت الله) وليس من (عبد الله) فالأخير مكروه وهّذا عندنا عرف معروف , مؤلم أن لايسعنا المكان لنذكر أسماء تلك الفرقة , فلكل فرد منها حكايات طويلة , والأختصار هنا لم يأت من باب الخوف من الأجتثاث و التهميش , بل مصدره طبعنا في الأجحاف والتدليس , فهم مواطنون أدوا رسالتهم سواء مجبرين أو مخيرين , نفخر بهم رغم أنوفنا , يشفع لهم رصيدهم الرسالي الثري الذي تحول الى زوادة ذكريات لذيذة تخفف عنا في عصرنا المأبون الممنوع .
تلك الواقعة لم نرد منها التأليب على ما نرى من تحشيد قسري يقوده سلطان عقائدي ليسود به على خصومه الكثيرين , ولا نقصد منها أن نستعرض ما كان يحصل مع مايحصل الآن من توجيه , أنما هو تذكير لما يلاقي المبدع من تجاهل حتى ساعة حشد وتطبيل , يبقى الأغلب منهم مركونين , وعند الحاجة لهم يبيتون مثل السمك مأكول مذموم , وذلك مايحصل على مر السنين , لم يتغيّر من المشهد سوى شكليّته التي فرضتها الظروف , حيث كان السلطان يعاقب من لايراه مفيداً لمشاريعه بأن يخرجه من الحلقة الضيّقة المترفة ليرميه مع القطيع , أما اليوم فقد تغيرّ الأمر , فالعقوبة الشديدة يتلقاها المرء بمجرد الخروج عن القطيع , يعتبرها البعض مؤشراً لزيادة أعداد الجهلة أمام المثقين , ويقسم آخرون أنها ثمرة الديمقراطية التي تجعل الناس متساوين ! , وأمام تلك الرؤى المتضاربة لا نعرف الا حقيقة واحدة , وهي أن المواطن (خصوصاً المميّز المبدع) يبتلى دوماً بما يجنيه عليه السلاطين , فهم في أبراجهم العاجية متنعمين فيما القطعان الى حتفها تسير , أبحثوا عن كل ماترونه مناسباً من وصمات أو مثالب كما تفعلون دوماً حين تأتون بالفتن والشقاق من بطون التاريخ , لكنني أتوسلكم لمرات عديدة أن لاترموا بتبعات طرهاتكم على المواطن المسكين ,فالأحداث الجسام يديرها دوماً أصحاب القرار ولذلك نسميهم مسؤولين , فمن غير المنطقي أن يتنصل أحدهم مما يفعل ليخرج سالماً كما الشعرة من العجين , ومن غير الأخلاقي أن يدفع المواطن الجزية والدم و العمر بذريعة أثم الأريسيين , الزمن تغيّر ليس عندنا فقط , والقطعان المثقفة وليست الجاهلة هي وحدها تصنع المصير و تقوم بالتغيير كتحصيل حاصل وإن كره المتسلطين, و عساكم سالمين



#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة أوباما و بوتين للترشّح في أنتخاباتنا
- رئيس البلدية يغازل السيدة فيروز
- واجبات مستحبات الله وكيلك كلاوات
- الخامط والمخموط والجاهل بينهما
- للكبار فقط
- الأبناء يرقصون الهجع والأمهات تحترق
- غزو العراق ونبوءة الشيطان الأجرب
- جفاف في جرف النداف
- يلّي نسيتونا يمته تذكرونا
- بهارات وملح لمؤتمر الأرهاب
- سطور في الكذب المقارن
- القشطيني ونقطة نظام
- ترقبوا ثورة النساء
- بخيرهم ما خيّرونا و بصخامهم عمّوا علينا
- أصدقاء أم خراعات خضرة بكروش
- أسطوانات الطغاة للفوز في الأنتخابات
- الحيتان الحيدرية والشبابيط الأعلامية
- حكاية قديمة عن الخرخاشات
- قوادة اليانكي وعهر زوجة الشيخ
- يوميات أهل الطرف : حلم زنوبه بالجنة


المزيد.....




- بلاغ ضد الفنان محمد رمضان بدعوى -الإساءة البالغة للدولة المص ...
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة الاستسلام
- جامعة الموصل تحتفل بعيد تأسيسها الـ58 والفرقة الوطنية للفنون ...
- لقطات توثق لحظة وصول الفنان دريد لحام إلى مطار دمشق وسط جدل ...
- -حرب إسرائيل على المعالم الأثرية- محاولة لإبادة هوية غزة الث ...
- سحب فيلم بطلته مجندة إسرائيلية من دور السينما الكويتية
- نجوم مصريون يوجهون رسائل للمستشار تركي آل الشيخ بعد إحصائية ...
- الوراقة المغربية وصناعة المخطوط.. من أسرار النساخ إلى تقنيات ...
- لبنان يحظر عرض «سنو وايت» في دور السينما بسبب مشاركة ممثلة إ ...
- فيديو.. -انتحاري- يقتحم المسرح خلال غناء سيرين عبد النور


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - حكاية من الثمانين !