أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عيسى محارب العجارمة - سرادق العزاء السوري لا زال منصوبا














المزيد.....


سرادق العزاء السوري لا زال منصوبا


عيسى محارب العجارمة

الحوار المتمدن-العدد: 4424 - 2014 / 4 / 14 - 16:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سرادق العزاء السوري لا زال منصوبا

عيسى محارب العجارمة

ما يجري في سوريا من بداية (العنف والعنف المضاد) منذ نحو أربعة سنوات، أمر لا يكاد يتكرر في هذا العالم، ليس في مسألة (القتل الذر يع) فقط، فالمجازر والقتل والتهجير والتدمير والدموع تحدث في كثير من فترات التاريخ القديم والمعاصر، وإنما المؤلم أن (صوت العقل والضمير) شبه منعدم عالمياً تجاه هذه الأحداث.

فالاصطفاف أقوى من أن يسمح لأصوات العقل والضمير القليلة جداً أن تقول: كفى أيها العابثون!
والعالم منقسم إلى نصفين، كل نصف يرثي قتلاه ويسميهم (شهداء)! ويسمي الضحايا غير المنتسبين إليه (مجرمين)، مع أن معظم هؤلاء (الشهداء- المجرمين) لا ناقة لهم ولا جمل في الألاعيب المجنونة التي يقودها عقلاء العالم وحماته وبناة السلم والأمن الدوليين.

سوريا تدمر فيها كل شيء، ويذوب عليها كل شيء، الإنسان والضمير والأخلاق والدين والعقل والسلم الأهلي والإنسانية.. كل شيء تدمر! وكل عاقل يتكلم فإنه سيصبح (إما عميلاً أو شبيحاً)!
حفلة جنون كبرى برعاية عالمية وعربية وإسلامية، وأخبار وتقارير وخطب وصلوات وأدعية وتبرعات..الخ، أما الشهادة لله وللحق وللضحايا ولبقايا الإنسانية وللحقوق فهي مؤجلة إلى أمد غير معلوم، وقد لا تعود.

والتدمير في سوريا ولأجل سوريا لا يقتصر على التدمير الخارجي للإنسان والأبنية، بل هو تدمير داخلي، داخل النفس الإنسانية، إذ يصبح هذا الإنسان كأنه غير الإنسان الذي نعرفه.

(إنسان العصر السوري) إنسان آخر، صدقه هو الكذب، وكذبه هو الصدق، وقتله هو الحقوق، واضطهاده هو الكرامة، وغشه هو الأمانة، وتخليه هو المسؤولية، وجنونه هو التعقل، وظلمه هو العدل، وإجرامه هو الجهاد،.. إنسان آخر تماماً، لغته أخرى، عقله آخر، مبادئه أخرى.

إنسان العصر السوري لا يمكن أن تفهمه ولا يفهمك، معه نفس ألفاظك ولكن الشمس معناها القمر، والجبل معناه السهل، والحياة هي الموت، والموت هو الحياة..الخ.
إنسان ليس من بني الإنسان الذي نعرفه، مسخ ظريف عجيب، له نفس ألفاظنا لكن بمعاني الأضداد، فكل لفظ هو ضده، وهذا الإنسان المسخ الهابط من كوكب آخر، وجد له قنوات أهل الأرض، وأصبحت أنت الغريب والجاهل باللغة، فالجميع يصدقونه في هذه الألفاظ بأن معانيها هي الضد، فتدمرت اللغة أيضاً والصورة والمكان بعد استبدال الإنسان الذي نعرفه بإنسان ألفاظه تدور حول جسمه، لا تدخل عقله ولا قلبه، يتناولها من الأثير، من جيبه، من على الطاولة، من تحت الطاولة، ويعيدها للأثير كما أخذها.

دمى بشرية تشرب وتأكل وتتحرك وتتكلم مثل الإنسان تماماً، لها ألسن وآذان وعيون، وبعضها مطور يلبس كرافيتات جميلة الشكل بخطوط زرقاء طولية. والسؤال: هل بقي خير بعد هذا ينتظر سوريا؟
كيف وإنسان المستقبل هو إنسان آخر غير الإنسان الذي كنا نعرف؟! ونحتاج لقرون لإعادة هذا المسخ إلى لغته وعقله وضميره ودينه وإحساسه..الخ.
هذا التدمير الداخلي لإنسان العصر السوري يؤكد لبقايا العقلاء والمتأملين قدرة السلطة والإعلام والمصالح والمكر على مسخ البشر وتعطيل البدهيات وقلب المبادئ، قدرة هائلة جداً لا يمكن تصورها.

وهنا مسؤولية بقايا الإنسان الذي أنعم الله عليه بالاحتفاظ بالعقل الأول واللسان الأول واللغة الأولى والضمير الأول، قبل المسخ العام الذي حصل للبشرية، أن يتأمل في هذا المسخ ويدرس أسبابه وكيف حصل وكيف يمكن تجنب هذا المسخ ولو في قليل من الأجيال القادمة على الأقل، لتتم المحافظة على (الإنسان الأول= فطرة الله).
ولا ينسى هؤلاء البقايا أن يوثقوا هذا المسخ الذي تحول إليه إنسان العصر السوري (من جميع الأطراف)، فهو أهم من كل أبحاث الأنثربولولجيا ومختبرات النفس البشرية والاجتماع، فهو شاهد حي موثق مرئي مشاهد، ليتم الاستشهاد به مستقبلاً على أن هذا المسخ قد حصل فعلاً، فقد لا تصدقه الأجيال الحية إن أتيح لها مجدداً أن تسود يوماً ما.
لأول مرة في التاريخ يتاح للعقلاء مشاهدة مسخ جموع كبيرة من بني الإنسان أمام عينيه!

مشهد لن يتكرر، وتتناسب متعة المشاهدة مع عمق الألم، مثلما يتاح لك رؤية كارثة طبيعية أو تسونامي قياسي يجرف المدن بمن فيها، وتستقر بعده السفن والزوارق فوق العمارات والأبنية. مشهد ممتع والإبادة شاملة.

[email protected]



#عيسى_محارب_العجارمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قائد قوات اليرموك الاردنية الشيخ عطا الشهوان
- ناهض حتر وعذر أقبح من ذنب
- من هو رئيس الحكومة الأردنية القادمة ؟ ولما لايكون السيد نوري ...
- شاهد عيان من واسط يروي تفاصيل مقتل فيصل الثاني ملك العراق
- هل يعتبرالنظر إلى وجه العاهل الأردني الهاشمي عبادة؟


المزيد.....




- نتنياهو يبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة خلال زيارته إلى أم ...
- السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق ...
- هيغسيث: -داعش- تكبدت خسائر جراء الضربة الأمريكية في الصومال ...
- قلق في إسرائيل بسبب منصب رئيس وفد المفاوضات مع حماس 
- وزير الخارجية المصري: لن تنعم المنطقة بالسلام ما لم تقم دولة ...
- تقدم روسي.. وترمب يصر على الحل بأوكرانيا
- لقطات جوية من مكان تحطم طائرة طبية في مدينة فيلادلفيا الأمري ...
- بولندا.. مرشح المعارضة للرئاسة يتعهد بإعادة 20 مليون بولندي ...
- ويتكوف ونتنياهو يتفقان على بدء مفاوضات المرحلة الثانية لوقف ...
- الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية ارتكبت جريمة حرب جديدة بقص ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عيسى محارب العجارمة - سرادق العزاء السوري لا زال منصوبا