|
وحدة وصراع الاضداد والواقع الراهن
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 4424 - 2014 / 4 / 14 - 03:06
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
وحدة وصراع الاضداد في الوقت الراهن يتغير العالم باستمرار، كما تتغير مياه النهر، فالحياة هي الحركة، ولا شيء ساكن بالكون، وكما تتغير الحياة بفصولها وتتججد بحركتها، فان المجتمع يتغير، والمعطيات الموضوعية تتغير ولا يستقر إلا الموت، وخلال هذا التغير المستمر والذي جوهره التناقض فإن واقع الطبقات الاجتماعية تتبدل، والمصالح تتغير، والاحتياجات تتطور، والذي يجري بالطبيعة والمجتمع بالضرورة فهو يجري في العلاقات بين الدول، وتتبدل المصالح، وتتغير الاحتياجات والتحالفات، فإن كان التناقض هو جوهر الوجود، فان التناقض حالة مستمرة قد تفسرها لحظات لم تكن مقدرة ولكنها نتجت بالتراكم، لتظهر حالة جديدة قد يبدو ظاهريا أن لها ارتباط بما كان او ما هو مطلوب. تهتم وكالات الانباء وكتاب المقالات والاعمدة، في تحليل وتفسير المرحلة التاريخية الراهنة، وهنا تتشابك المداخل والاستخلاصات، فمن يذهب الى الازمة المالية المتفاعلة منذ 2007، الى الازمة الاوكرانية، ومن الارهاب معضلة القرن ،وينطلق من 11 سبتمبر، إلى أفغانستان ويتوقف في سوريا، ومن يركز على الازمة الايرانية، وحتما هناك من يجد في القضية الفلسطينية أزمة عالمية متجددة، حتى أصبحت تدعى أزمة الشرق الاوسط، والسؤال هنا أين الغابة !!!! الواقع ان الحراك او الصراع ظل قائما منذ الازل،على من يملك، وهو صراع اتخذ اشكالا عدة ، بغض النظرعن المسميات والمراحل التاريخية، واستقر القرن الماضي عبر الحربين العالميتين على تقاسم العالم بين الضواري، وخرجت تلك الحروب ببروز امريكا كامبراطورية استعمارية امبريالية، وقادت المعسكر الاستعماري، وحتى وهي تتحالف معه، كانت تعمل بجهد على إضعافه وفرض سياستها ومنهجها واسلوبها حتى طبعت كل الدول ومجمل العالم بصبغتها واسلوب حياتها واستهلاكها، لتتمكن من الهيمنة على اسواق العالم، حتى وصلت إلى ازمتها المتكررة منذ السبت الاسود والكساد العالمي ،إلى الازمة الراهنة والتي اضعفت مكانتها وشجعت الكثيرين على النهوض والحضور في هذا الصراع، فكانت التكتلات الاقتصادية الراهنة في مختلف قارات العالم والتي تطبع السياسة الدولية بهذه التحالفات الجديدة، ناهيك عن الشركات العبرة للحدود والكارتيلات الكبرى ، وهي نتاج راسمالية الدولة . بعد خروج السوفييت وتفكيك اتحادهم، حاولت امريكا تجاهل جوهر وطبيعة حركة الحياة والتاريخ، لتصبح قائدة وشرطي للعالم، واتجهت الى استخدام الارهاب، فحاربت افغانستان وحطمت العراق ،ونشرت الفوضى بالعالم العربي، لكنها وقفت عاجزة عن استكمال المهمة، حين داهمتها الحقائق والتي اوضحت ان لا مطلق موجود، ولا قدرة مطلقة، وان الحياة تتحرك وليست بالضرورة لصالح ارادة البعض، بقدر ما لها من قوة اندفاع مستمرة حتى تحقيق التوازن في الطبيعة والحياة والمجتمع، فقد تناقضت اميركا مع طبيعتها كونها حركة نهب في جوهرها ، وان نزعتها العدوانية بالحروب تتطلب قدرات اقتصادية لم تستعد لها ولم تكن في مضمون حركتها التي دفعها الاستعلاء والغرور ، فوقعت في تناقض داخلي ، وصل بها الى ازمتها الطويلة على طريق محتوم نحو الازمة العامة ، واعادة روسيا حضورها بعد ان افاقت وتمكنت من ذاتها ونظرت الى قدراتها، محاولة العودة الى دورها القيصري، وبحثت عن حلفاء الامس لاسناد مهمتها، دون ان تدري طبيعة التاريخ السير الى الامام، وان الطموح محكوم بمعطيات الحاضر، ولا عودة لاستقطاب العالم بين قوتين، وكل منها تمتلك عناصر ضعف تقيد حركتها، وعناصر صاعدة في التخوم لا تقبل اعاقتها، وربما تستفيد من صراعها لتتقدم بغض النظر عن كونها حليف معها، فقانون وحدة وصراع الاضداد متفاعل. وفي التخوم يجري الصراع بالوكالة، فاستخدام ( ولا اقول هنا إقامة) قوى الاسلام السياسي، بما تملكه من ارهاب انساني، ورجعية فكرية، قادرة على إعاقة تقدم ملايين البشر وتبديد ثقافتهم، وتفكيك بلدانهم، التي تحتاج في نهاية الامر إلى إعادة بناء، لا تتحقق إلا عبر استيراد المواد اللازمة والاستهلاكية من خلال الشركات العابرة والمسيرة بالراسمالية، وهنا يتم الصراع بين كافة الاطراف الداعمة والمؤيدة، حتى تكون قد امنت لها الحضور في اسواق النفط والبناء واعادة التاهيل، وربما اعادة هيكلة الصراع الاقتصادي بين ضواري راس المال وتقاسم الكعكة، حين لم تعد تتوفر امكانيات الصراع بالسلاح، وهذا جوهر التناقض وطبيعة الصراع، والذي يترك الناس لتفسيره كل على رايه، طالما غابت القوى الطبيعية القادرة على توجيه دفة الصراع لصالح الفئات الفقيرة والمضطهدة، وجوهرها الطبقة العاملة صاحبة المصلحة في جعل الصراع من خلال معرفة قوانينه لصالحها واقامة النظام العادل. سيطول مشوار البشرية ضمن حالة الصراع والاصطفاف، وليست بؤرة الصراع الاوسطي اسرائيل ،إلا حالة مستخدمة لخدمة راس المال، وهي بالضرورة جزء منه ،وحالة مثالية لاستخدامات الامبريالية للصراع بالوكالة، فالدور المناط باسرائيل اولا تقسيم العالم العربي ثانيا ابقاء المنطقة في حالة صراع، وثالثا جعل الانظمة الحاكمة قمعية، حتى لا تقوم حركة نهضوية عروبية لدولة موحدة ،وهنا يكون استخدام الدين وسيلة اساسية، لمناطحة الايدولوجيا، ولتوفير الصراع الداخلي بحكم التاويل المتعدد للدين ، وبالنتيجة الاستيلاء على المنطقة ليس بالضرورة بشكل مباشر فالاستعمار لا يحتاج اكثر من النهب،واسلوب الاحتلال المباشر اصبح غير مجدي ، وهو ما ادركته اسرائيل وتحاول ان تاكل الكعكة والاحتفاظ بها . وبالنتيجة فان القرن الراهن له طبيعته الخاصة، فقد وصل التراكم الى حد الطفرة، فتكونت كيانات صاعدة متعددة، متناقضة بالجوهر، لكنها لا تملك ذات التوجه وهو نهب الشعوب وخبراتها وابقائها اسيرة تخلف اقتصادي واجتماعي، ولا باس من استخدام الدين او العرق والاثنية في تاجيج هذه الصراعات، وستصل بالنهاية الى ان تفقد خاصيتها وتدخل مرحلة اخرى ، ضمن مسيرة نفي النفي حتى زوال الراسمالية الذي قد يطول ولكنه محكوم بالفشل .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العاصفة تقترب والابواب مشرعة
-
روسيا واكراينا
-
اميركا ليست قدر محتوم
-
المرأة والتحرر والمرحلة
-
تواريخ لها دلالات
-
المساعدات والمفاوضات والثورة
-
الحل الامريكي للشرق الاوسط الجديد
-
لماذا تفاوض اميركا عن اسرائيل
-
سوريا التاريخ والحاضر
-
تركيا
-
فشل الاسلام السياسي ينتظر البيديل
-
حوار الحلفاء
-
اتفاق ايران دشن مفهوم عالمي جديد
-
دور الاقتصادر في مقارعة الاحتلال
-
مفهوم الاممية بين الشيوعية والاسلام
-
القضية الفلسطينية الى اين ؟!!
-
سوريا وروسيا والمتغيرات
-
الطبقة العاملة العربية وتحالفها مع الطبقة الوسطى
-
القومية العربية يجب ان تكون شعار المرحلة
-
عن روسيا والمتغيرات العالمية والاقليمية
المزيد.....
-
جريدة النهج الديمقراطي العدد 586
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 585
-
حراك سياسي في تركيا بعد إشارات -إيجابية- من الزعيم الكردي أو
...
-
مخاوف في كوريا الجنوبية من مواجهات بين الشرطة ومؤيدي الرئيس
...
-
بعد زيارة أوجلان.. حزب مؤيد للأكراد يلتقي شخصيات تركية بارزة
...
-
مداخلة الرفيق جمال براجع في ندوة حول “طبيعة الأحداث في سوريا
...
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي المكتب السياسي : بيان
-
التاريخ في مواجهة اليمين المتطرف.. ابنة ناجين من المحرقة تقي
...
-
موقع إخباري: الدفاعات الجوية التركية تسقط مسيرة لـ-حزب العما
...
-
م.م.ن.ص// سنة جديدة كلها أمل في نضال الشعوب ضد عالم الاستغلا
...
المزيد.....
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
المزيد.....
|