|
الموت والحزن في مجموعة سائر قاسم
خليل الشيخة
كاتب وقاص
(Kalil Chikha)
الحوار المتمدن-العدد: 1254 - 2005 / 7 / 10 - 23:20
المحور:
الادب والفن
مجموعة (المسافر) القصصية هي الأولى لسائر قاسم وهي تجربة هامة في عالم القصة. وهي في مجملها تتمحور حول مواضيع عامة في شكلها أي تبحث في افكار مثل الموت والحياة والبطولة والفضيلة والشرور أما في مضمونها فهي تعطي لأفكار مثل الموت جوهرا يكون فيه الموت مهربا، او بديلا وحيدا لتلك الشخصيات القصصة. وحتى فهم تلك الأطر لابد من مناقشة تلك الافكار. الموت والاحباط: يتشكل في هذه المجموعة هاجس يتردد في كثير من القصص الا وهو الموت. حيث يفرض ظله في نهايات كثيرة . وهنا يجب علينا التفريق في كون الموت سنة طبيعية تخضع له الكائنات ومن مفهوم الموت كونه مطلب او نتيجة لواقع مؤلم. ونرى غالبا مايسبق النهايات المرة الاحباط حيث تتمركز كل الخيوط حول رفض الواقع بطريقة سلبية على شكل رغبات مخفية الا وهو الانتحار. واذا عرفنا أن القصة بحد ذاتها عبارة عن تفاعل مابين البيئة والكاتب وهي انعكاس لرؤية ما، فانها تشكل المزاج العام للكاتب وتصبح مزيجا لهذا التفاعل أكان ذلك سلبيا ام ايجابيا. وماان تبدأ بقراءة المجموعة حتى تطالعك تلك الجمل القصيرة ذات الأفعال الحركية والتي تعطي جوا من التوتر للنص وللقارئ مثل(يفتح النافذة، يرفع، يحدق، ينظر، يوقظ) كل هذه الافعال المتتالية والمتواصلة تخلق مدى صارخا للحدث. والموت يكاد أن يكون القاسم المشترك بين شخصيات القصص. فهو يشكل نوعا من الخيارات ذات الاتجاه الاحادي. وهو بحد ذاته حلا سريعا لمشكلة ما للخروج من ازمة وجودية. وحتى أنه يشكل في بعض القصص رغبة على شكل انتحار كما ورد في قصة (البرقية) جملة تعبر عن فحوى هذه الرغبة ( ثمة رجل اشترى مدية ..بحث عن مكان خال من البشر..رفع مديته وهوى بها نحو احشائه. وبالطبع الموت هو نتيجة حتمية لاحباط مؤكد لواقع مقدور. ولذلك كان على الكاتب تدوين جمله لتخدم سياق القصص ذات الطابع الحزين البائس ولاترى تلك الشخصيات قيمة عالية في أن تحيا كما ورد في قصة (البرقية) حيث يقول ( خذني أيها الهارب الى بلاد لاحزن فيها). ويلف هذا الاحباط شخصيات القصص ويدفعها الى غربة عن ذاتها ومحيطها كما ورد في قصة (كوخ على رصيف البحر) حيث يقول البطل (لقد علمتني الغربة في الوطن سهولة الغربة خارجه). يبحث الكاتب عن احلام صغيرة في بعض قصصه لكن لايجدها. وبذلك يتعدى البحث عن تلك الاحلام عند الاحياء فيذهب الى الأموات لتحقيق احلامهم. تلك الاحلام تتجسد في قصة (غرق الاحلام الصغيرة) حيث نرى بوضوح تكرار كلمة حلم واحلام بشكل يمتزج البؤس والشقاء بحب الارض في جملة (نقترب من القرية حتى نرى البؤس والفقر ونبتعد عنها فتبدو وكأنها جنة عدن). وصف الطبيعة والشخصيات : تتميز القصص بوصف الطبيعة والبيئة للحدث. احيانا اتى هذا الوصف مكملا واحيانا اخرى اتى متقدما على الحدث. ويبدو ان الكاتب مغرم في وصف الغيوم والشمس والسهول والجدران كما ورد في قصة (الشاغر) حيث كان الوصف جميلا (امتدت غيمة كأنها كف آدمي تشير بسبابتها اليه). وهنا تتآمر قوى الطبيعة مع جميع الاطر كي تخدم النص والحدث. ورغم هذا الهوام في الطبيعة لكن كان الجمال احيانا مشروطا كما ورد في قصة (عازف الكمان) عندما سأل احد ما البطل عن جمال الطبيعة فأجاب :الطبيعة جميلة لكن ينقصها الحرية. وأتى في مكان اخر وصف للشمس ( فيما الشمس تسحب خيوطها كأنها شباك صيد من البحر). وفي مجال الشخصيات فقد اتى الوصف في سياق الحدث ليخدم النص وان تجاوز هذا الوصف الحدث وسرده. وربما اراد الكاتب أن يبرز الحالة النفسية الداخلية للبطل قبل مسألة السرد . ومثال ذلك في قصة (البرقية) حيث بدأ بوصف حالة البطل قبل البدء في القصة وكانت الجملة الأولى متقدمة على اعتياد سرد المقدمات (في التماعات الفضاء ، انشطر القلب .. وفي جذوة الروح ). وتميزت الشخصيات في الغالب بطابع الانغلاق على ذاتها. كما ورد في قصة (القبعة الصفراء) في وصفه للرسام وحالته النفسية. وهنا يجب الاشارة الى أن تلك القصة تحمل قيمة اجتماعية لاشك فيها خاصة عندما تميز بين المال كوسيلة والفن كغرض روحي. الخاتمة: بشكل اجمالي حملت القصص قيما روحية واجتماعية سامية ففي القصة الأولى نرى غرض المسافر تحسين معيشة اهله. ولذلك عمل الكاتب حول بعض هذه القيم بطريقة واضحة واسقاطات جلية. وتميزت القصص ببساطة الفكرة والحدث بحيث لايحتاج القارئ الى جهد كبير لاستخلاص الهيئة العامة لأفكار القصص. وفي النهاية ، تطالعنا هذه المجموعة - لسائر قاسم - الى تجربة قصصية ناجحة وقد ارست لنفسها معالم اسلوب مميز في عالم
#خليل_الشيخة (هاشتاغ)
Kalil_Chikha#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في مجموعة وفاء خرما
-
غربة واغتراب
-
عصور وايدلوجيات
-
أكتشافات خطيرة
المزيد.....
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|