|
البيدوفيليا مرة أُخرى : الفضاء الديني وفضاء الحياة .
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4419 - 2014 / 4 / 9 - 21:54
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
البيدوفيليا مرة أُخرى : الفضاء الديني وفضاء الحياة . استمرارا لمقالتي الأُولى بعنوان :" كابوس الأهل الرهيب : الإعتداء الجنسي .." ، والذي تطرقت فيه الى دور الأهل في حماية أطفالهم من الإعتداءات الجنسية المُحتملة ، سأُحاول في هذه العُجالة استعراض الأضرار والعوارض عند ضحايا الاعتداءات الجنسية . لكن ،وقبل استعراض جملة العوارض ، بودي أن أتطرق قليلا، للنظرية التي يستنبطها الأُستاذ حسن رمضان في مقالاته عن البيدوفيليا في فضاء "المسيحية " ، وهذه النظرية تقول بأن شيئا ما(مناخ ) في نمط حياة الرهبان المسيحيين ، يُسبب لهم خللا مرضيا – نفسيا ، بما في ذلك ، البيدوفيليا أيضا . ويقول الاستاذ إعتمادا على التقرير الذي يقتبس منه المعلومات ما يلي :" وكلما ابتعد عن هذا المناخ في فترة شبابه وكهولته الأولى قلَّت فرص اصابته باضطرابات نفسية وسلوكية ومنها البيدوفيليا" . هذه المقولة تفترض بأن "ظروف الزمكان " هي التي تُحدد الاضطراب في أوساط الكهنة ، وبناء عليه يُمكن اعتبار كل المؤسسات المُغلقة وشبه المغلقة "كمراكز تفريخ " للبيدوفيليين . فالسجون ، الاصلاحيات ، المدارس والمدارس الداخلية وما شابه ذلك من مراكز، تؤدي الى اضطرابات نفسية وسلوكية ، والبيدوفيليا على رأسها . ولنُحاول أولا وقبل كل شيء ، أن نستأنس برأي العلم في تعريفنا للبارافيليا والبيدوفيليا ، فكتاب تصنيف الامراض والاضطرابات النفسية ، يُعرّف البيدوفيليا كما يلي : " انها دوافع جنسية متكررة تبرز في السلوك الجنسي أو الخيال الجنسي ، وهي مرتبطة بأولاد يقل عمرهم عن 13 عاما، وتستمر هذه الدوافع لفترة 6 أشهر على الأقل وتُسبب خللا في الإداء الوظيفي اليومي ، أو ضائقة ،عند المُصاب بها ، ويكون المصاب في عمر 16 عاما على الأقل والضحية في سن أقل ب- 5 سنوات من المصاب ، وقد تكون الضحية فردا من الأسرة أو أي طفل غريب أخر ". . (Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorder) DSM-IV-TR 11 ، فالتعريف العلمي لا يتطرق الى" البيئة" المهنية أو المعيشية (مكان العمل أو مكان السكن ) ، كمكان يُحفز المرض أو الاعتداءات الجنسية ، لكن بالتأكيد ،هناك أماكن كالسُجون المُغلقة على سبيل المثال ، تكثر فيها نسبة الإعتداءات الجنسية وخصوصا على صغار السن من السجناء وعلى الضعفاء . وقد قادنا "عزيز نيسين" الروائي الكبير إلى هذا العالم الوحشي في روايته الرائعة والصعبة على القراءة ، "السرنامة" ، حيث يُطلعنا على عمليات الإغتصاب للصغار من السُجناء الاكبر سنا ،الأقوى جسدا والأشد سطوة في السجن ،وتحويل هؤلاء المساجين الصغار والضعفاء ، الى "عبيد " جنس عند عتاولة المُجرمين . لا أقول هذا ، لكي أُبريء ساحة الكهنة المُعتدين ، لكن إلقاء الذنب على المناخ الكنسي ، وإتهامه بأنه مناخ يُشكل حاضنة لتفريخ البيدوفيليين ، في هذا الطرح تسطيح وتبسيط لواحدة من أصعب الجرائم المُرتكبة بحق الأطفال ، ولا يوازيها ، في رأيي ، سوى بيع المُخدرات للأطفال والقتل العمد . لذا أنا من الداعين للضرب بقوة والعقاب بشدة لكل المُعتدين ، أينما كانوا ، في الشارع ، المدرسة ، الكنيسة ،الجامع ، الكنيس ، المعبد ، المدرسة ، السجن والبيت !! وكل ذلك لماذا ؟ لأني سأُحاول في عُجالة ، التحدث عن الاضرار النفسية والجسدية التي تتسبب بها الاعتداءات الجنسية على الضحايا ، والتي هي (اي هذه الاضرار) قد تكون ضربة قاضية لحياة الطفل (الضحية ) ، وتضع نهاية لمسيرة حياته الطبيعية . وقبل البدء علينا التأكيد على أن عواقب الإعتداء وحدة العوارض تتعلق بأمور كثيرة ، من بينها : سن الطفل وقت الاعتداء ، نوع الاعتداء واستمراريته (مرة واحدة أو على فترة زمنية طويلة )، الخلفية العائلية للضحية ، وكذا ثقة الضحية بالبيئة القريبة وخاصة ثقته بوالديه . يتسبب الإعتداء باضرار نفسية وسلوكية فادحة ، للضحية ، نذكر منها : تطورسلوك هستيري ( والهستيريا اضطراب نفسي معروف )، المخاوف المرضية (الخُواف والرُهاب )، الذُهان (المرض النفسي المصحوب بهلوسات سمعية – بصرية )، والاكتئاب . ومن ضمن الأضرار النفسية والتي تظهر على السلوك ، نُصادف لدى الضحايا ، أضطرابات الطعام ، كالافراط المرضي في تناول الطعام (البوليميا ) ، ورفض تناول الطعام ( الانوركسيا نرفوزا ) ، خلل في النوم (النوم المتواصل أو عدم القدرة على النوم لفترات طويلة ) والكوابيس ، العدوانية ، والارتكاسية ( أي أن يعود الطفل لتبليل فراشه ، التبول اللارادي بعد أن تجاوز هذه المرحلة ) ، وعودة سلوكيات طفولية أُخرى كان الطفل قد تجاوزها في مرحلة سابقة . اضافة الى أن التقييم النفسي أو الذاتي لدى الضحية هو تقييم مُنخفض ،بل يصل الأمر الى إحتقار الذات والإحساس "بالقذارة الداخلية " ، مما يؤدي إلى وسواس قسري – قهري ( وسواس النظافة ) ووساوس أُخرى . ولا ننسى الاضطرابات الجنسية ، فقسم من الضحايا يتحولون الى مُعتدين في جيل متأخر ، ناهيك عن صعوبات في اقامة علاقات عاطفية وجنسية لاحقا ، مما يمنع من الضحايا امكانية بناء علاقة عاطفية (شعورية وجسدية ) سوية مع شريك -ة ، مستقبلا. وعلى صعيد أخر ، وفي فترة لاحقة ، فأن الضحايا يفتقدون لمهارات الوالدية ، وقد يتحولون الى اهل يُمارسون العنف بحق ابنائهم . أما الأضرار الجسدية المُحتملة ، ونتيجة التعرض للاعتداء الجنسي فقد يتعرض الضحايا الى أمراض جنسية كالايدز مثلا ، وأمراض أو اصابات أخرى ، في الفرج والأُست . لكم من المهم أن نؤكد بأن بعض هذه الاعراض أو الامراض قد تظهر مباشرة بعد الاعتداء ، وقد تظهر بعد فترة طويلة . لكن علينا ،كأهل ، أن ننتبه لأي تغير في العادات ، السلوك والمزاج لدى أبنائنا ونبني معهم علاقة مبنية على الثقة المُتبادلة ، وأن نمنحهم الثقة بحبنا غير المشروط لهم . فمحاربة الاعتداءات الجنسية هي واجب على الجميع ، ويجب الاعتراف بأن البيدوفيليا هي "مرض " ينخر في المُجتمعات البشرية ، وهي عابرة للثقافات ، الاديان والشعوب . ولعلي أُكرس لاحقا مفالا مُنفردا عن العوارض لدى فئات عمرية مُختلفة .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن ، الحوار المتمدن وأليات السوق .تعقيب على مقال الزميل مجد
...
-
كابوس الأهل الرهيب : الإعتداء الجنسي ..
-
فقه السيف في خدمة السلطة..!!
-
إضاءة على مواهب نسائية
-
ما هو سبب ضعف ((الذكاء الاجتماعي))عند المسلم برأيك؟
-
الخنزير بين الحرام والحلال ..!!
-
فلسطينيو اليوم يهود الأمس ، كبش المحرقة .!!
-
دقت ساعة الاستيقاظ أيها النائمون!!
-
السياسة والمال .. والإعلام ايضا !!
-
طبقات الكتاب واهل البيان على موقع اهل التمدن والعمران ..!!
-
هل تحول الموقع الى نصير للبيدوفيليا ؟؟
-
شرعنة البيدوفيليا
-
البيدوفيليا ليست دينا .. ثم أين الضحايا ؟
-
الحاج أمين والحوار ..في خدمة اليمين الاسرائيلي ؟!
-
أسباب التخلف العربي : صدمة حضارية ..
-
أسباب التخلف العربي ، قراءة المُستقبل -بعيون - ماضوية ..
-
التدين والالحاد وما بينهما ...حوار مع الاستاذ سامي لبيب
-
حوكمة أم عقلنة ؟؟ تداعيات على مقال الاستاذة عايدة سليمان ..
...
-
ختان الاناث بين السادية والمازوخية
-
الناصرة وأزمة الحزب الشيوعي الاسرائيلي ..
المزيد.....
-
الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
-
بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح
...
-
الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس
...
-
من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
-
هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر
...
-
مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في
...
-
-كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش
...
-
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول
...
-
دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط
...
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|