أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - قراءة في مجموعة وفاء خرما















المزيد.....

قراءة في مجموعة وفاء خرما


خليل الشيخة
كاتب وقاص

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 1254 - 2005 / 7 / 10 - 12:40
المحور: الادب والفن
    


اهدتني القاصة وفاء خرما مجموعتها القصصية(واو في نيويورك). وهي المجموعة الثالثة لها. وبعد قراءة المجموعة استطعت أن أقسمها الى قسمين. القسم الأول ينتمي الى اللامكان والاخر ينتمي إلى المكان الا وهو (نيويورك). رغم أنه تجمع كلا القسمين هموما وأفكارا ونشاطات وهواجس مشتركة.
- واو الدلالات واللادلالات:
تنطلق الكاتبة من تشكيل شخصية القصص على شكل رمزي دون اسم واضح وهو مجرد حرف (واو). ومن خلال السياقات في النصوص نرى أن واو قد تكون تحت مسميات كثيرة لاحصر لها. فقد تكون (وفاء) وهذا اسم علم. وقد تكون تحت مسميات ومفردات مثل(وحش، وردة،وحل) حيث ورد مثل هذه المفردات كعناوين ضمن سياق النص. ويتكرر الحرف ذاته في مفردات أخرى تحتويه ويكاد يأخذ حيزا هاما في النصوص منل (تابوت،كوابيس، شرور، قرود، دودة، هروب، نوم) وكل تلك الكلمات يجمعها في الواقع حيز واحد هو الحلم؛ فبعد النوم يأتي الحلم ومن ثم تأتي الكوابيس وتظهر فيه التوابيت والشرور الانسانية والقرود. هذه النشاطات تتطلب هروبا وفي هذا الهروب قد تلتقي واو في نهاية المطاف بالفاجعة أو بورود جورية. هنا تمتزج هذه المفردات بطريقة سحرية لتعطي دلالات قريبة إلى عالم الوهم والحلم والخيال (الفنتازيا). وتلتقي كل مجاميع هذه المفاهيم في عالم سرمدي غير قابل للفناء. وبذلك تتقاطع الموجودات الاسطورية عند مفترق واحد الا وهو المتاعب البشرية الباحثة عن أمن وحب وخلاص.
تأتي هنا واو اللادلالات لتنفي كل هذه الافتراضات والمفردات كي ترتكز بشكل مغلق وذاتي في مدارات القاصة وتأويلاتها التي تشبه صندوقا مغلقا لاأحد يعرف مابه.
- واو الشبحية ومعاناتها :
واو هي شخصية اسطورية، وهمية، خيالية. كانت تحيا بيننا واختفت عنا، ولكن ظهرت بأشكال مختلفة على طريقة الشبح لتقول لنا ماكانت تعانيه في حياتها قبل أن يتم التحول. ومن ثم نرى أن هذه الكائنة تنتمي إلى عالم أحلام مليء بالكوابيس حيث تميل للعيش في المقابر والتوابيت وهي إضافة لذلك تفضل العيش في الجو المرعب بالنسبة لنا نحن الاحياء . وهذا جزء من عامل هروب للكائن الذي لم يستطع أن يتواصل مع محيطه الانساني الحي ولذلك يلجأ الى عالم الاموات لأن فيه نوع من اللاأذى والأمان كما ورد ذلك في كثير من القصص مثل(الآثار): اعتكفت واو في غرفة ، اغلقت بابها ونوافذها) أو قصة (القاصة) التي تفضل العيش مع الموتى لأنهم يقدرون فنها وأعمالها(أحست واو للمرة الأولى بطعم الحياة اللذيذة).
ومن خلال النصوص نرى أن واو تعاني من مشكلة مع محيطها خاصة الزوج الذي يتحول إلى قرد حيث تهرب منه إلى رجل آخر لكنها تفاجأ أن الاخر يتحول إلى قرد أيضا.فتقرر أن تتزوج قردا حقيقيا كما ورد في قصة ( زواج). ويتكرر هذا الهاجس في النصوص لما فيه من خيانات في الزواج أو في علاقة صداقة (الصديق): لكنها فوجئت بعد أيام برسالة منه ، فضت غلافها مندهشة فإذ بها تنطوي على فاتورة أتعابه.
ولكثرة معاناة واو من التواصل مع الناس أخذت تتصور بأتهم كائنات غير آدمية كما ورد في قصة ( الثدي الذي يشبه كرة ارضية): كان الطبيب مثل حية الكوبرة والممرضة تشبه ضفدعة ورجل مثل دودة.
اللغة والعبارات :
من خلال القص والسرد أثبتت الكاتبة مقدرة هائلة في التركيز على سياق النصوص اللغوية دون اضطراب مابين فواصل الأحداث. وعملت على الفكرة بطريقة خاطفة حفيفة. وقد اثبتت أيضا من خلال بعض العبارات على سعة الخيال اللغوي الرقيق كما ورد في قصة (الآثار) وهي تصف العودة إلى طفولتها : تعلقت بحبل جرس الكنيسة وشدته فسمعت دقاته البعيدة تدعو طفولتها للانطلاق إلى الباحة كعصفور .
تشكلات المكان في النص :
لعب المكان دورا حاسما في القصص رغم أنه بدا وكأنه غير صلب وغير واقعي. بمعنى أن القصص افتقدت إلى أرضية المكان للإنطلاق، لكن هذا لم ينف تموضع سمات لمكان ضبابي غير مرئي . ونرى أن الضبابية للمكان أتت بهذا الشكل لسبب قرابة الامكنة التي تعيش واو فيها . فقد عاشت في القبور وفضلت هذه الاماكن وعاشت في التوابيت والمقابر وتحت الأرض . فهو مكان مفضل للاشباح ، كما بدأت قصة (رغبة أخيرة): أعلنت واو من مكبر الصوت في المقبرة) وفي قصة (الوردة): قال حارس المقبرة ل(واو) وايضا قصة التابوت : الطريق إلى بيت (واو) مزروعة بالتوابيت والجثث القابعة فيها .
ويتغير المكان في قصص ( نيويورك) ليصبح مكانا يمكن الاحاطة به جغرافيا. فهنا تصبح واو في مدينة معروفة تذكر أماكن ومسميات موجودة، مثل ماكدونالد وستار بكس وغيره. وهنا ينفصل تقريبا القسم الأول من القصص عن هذا القسم بالتركيز على شكلية المكان جغرافيا ومناطقيا.

عالم اللامعقول في القصص :
ينتمي عالم وفاء الخيالي إلى عالم اللامعقول بحيث نرى شخصياتها المفضلة تتحول وبدون أي دهشة من إنسان إلى دودة صغيرة تنغرس في الأرض (دودة). أو تتحول إلى حبة اسطوانية ملونة(الحبة) أو إلى كتاب ضخم تتطاير أوراقه الممزقة(طباعة).
كل هذا يحصل في عالم خرافي ضبابي يتغلب عليه نمطية الخيال والأحلام. ولفهم هذا العالم البخاري المتطاير ، علينا أن نستعيد ذاكرتنا الطفولية في أفلام الكرتون. فهناك الموت غير جائز والاشياء تتكلم مثل الوردة ومثل الشجرة والحجارة. أو علينا أن نتذكر أحلاما أو كوابيس مررنا بها وكيف كنا نرى أنفسنا أمواتا أو نرجع إلى الحياة بعد الموت. كل هذه التخيلات واردة في قصص الكاتبة. فهذا العالم الذي يبدو للوهلة الأولى غير مفهوم هو عالم نمر به يوميا في احلامنا الليلية وتخيلاتنا اللاواعية .
- جثث الرعب أم توابيت الكآبة :
من خلال القصص نرى أن هناك تركيز على المقابر والتوابيت والجثث والمشانق والموتى والهياكل العظمية في النصوص بشكل يحيا فيه القارئ جوا أشبه إلى الرعب من عالم لايحب الاقتراب منه مثل (كان القناع لوحا حجريا - الوردة) أو (تعمل واو المنشار والأزميل في عظام بشرية-العظام) . إضافة إلى هذا الجو المرعب نرى شكلا آخر من المازوخية تتسم به تلك الشخصية الرمزية (واو) كما في قصة (وحش) : لتخفيف واو أثقالها حنطت جسدها وبقرت بطنها وانتزعت سائر أحشائها، اقتلعت عينيها .
أو في قصة (المرأة النيلية) : رأت في عجب مبالغ أن يدها اليسرى ترتفع لتلطم نصف وجهها الأيسر. وإضافة إلى كل ماذكر نرى تلك السلوكيات لشخصية واو تتخذ من إلام الذات طريقة للخلاص . حتى أن هذا الشعور بعدم الانتماء إلى العالم المحيط يتجلى بمفردة الانغراس كما وردت عدة مرات في قصص مختلفة ص25 وص27 لتأكيد على محاولة اللإنتماء إلى المحيط سواء في التراب او الحجر او الاسفلت . فهذا هو جزء من فقدان الالتصاق ومحاولة واهية للتاكيد عليه من خلال التثبت في الأرض.
ونظرة شاملة لحالات الرعب والخوف والمقابر، نظن في أول الأمر أن الهدف هو خلق حالة من الزعر والهلع للمتلقي كما يفعل رواد أدب الرعب من أمثال (ستيفن كينغ) لكن نرى أن الكاتبة لاتهدف إلى وضع القارئ بجو مرعب بقدر ماأرادت أن توصل رسالة ذهنية خالصة أرادت منها أن تضع يدها على سلوكيات ظننا نحن الأحياء بأنها عادية لكن اخلاقيا هي في غاية القباحة والرداءة.
في نهاية هذا المطاف ، نجد أن مجموعة (واو في نيويورك) هي قصص مليئة بالسحرية والجاذبية، فهي تخلق مزاجا فريدا عند المتلقي لايستطع أن ينساه، ولذلك كان اسلوب الكاتبة عبارة عن تدشين لهذه التجربة الزاخرة بالمفارقات الخيالية وعالم شاسع من اللامعقول. ولذلك نرجو للقاصة وفاء مزيدا من الأعمال والنحاح في تجربتها.



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غربة واغتراب
- عصور وايدلوجيات
- أكتشافات خطيرة


المزيد.....




- نخبة من نجوم الدراما العربية في عمل درامي ضخم في المغرب (فيد ...
- هذه العدسات اللاصقة الذكية تمنحك -قدرات خارقة- أشبه بأفلام ا ...
- من بينها -يد إلهية-.. لماذا حذفت نتفليكس الأفلام الفلسطينية؟ ...
- تونس تحيي الذكرى المئوية لانتهاء مهمة السرب البحري الروسي
- مصر.. نجمات -جريئات- يثرن جدلا في مهرجان الجونة السينمائية ( ...
- منصة ايكس تعلق حساب قائد الثورة الاسلامية باللغة العبرية
- -مصور العراة- يجرد الآلاف من المتطوعين من ملابسهم لالتقاط صو ...
- إسرائيل لم تضرب المنشآت النووية والنفطية الإيرانية فهل هي مس ...
- طوفان الأقصى يشعل حرب السايبر
- من مدرسة قرآنية إلى مركز فن حديث.. تجديد إبداعي لمعلم تاريخي ...


المزيد.....

- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - قراءة في مجموعة وفاء خرما