داود روفائيل خشبة
الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 16:22
المحور:
الادب والفن
هل أنا متفائل؟
داود روفائيل خشبة
إن سألتنى: هل أنت متفائل؟ لأجبتك: لا يمكن أن تكون هناك إجابة بسيطة عن هذا السؤال. الأوضاع من حولنا لا تبعث على التفاؤل.، بل على العكس، إن أى نظرة موضوعية لما نحن فيه، ولست أعنى فقط ما يكاتفنا من مشكلات أمنية واقتصادية واجتماعية وبيئية، وكلها خطيرة، إنما أعنى ما هو أخطر من ذلك، فأساليب الفكر السائدة عند معظم من يتولون الأمور قى بلادنا وعند أكثر من بتصدى للعمل العام، أساليب متحجّرة عاجزة تفتقر للعمق والشمولية وبعد النظر.. كل هذا ينبئ بأننا لا يمكن أن نشهد فى المستقبل القريب تحسّنا ملموسا فى أوضاعنا العامة. هل هذا تشاؤم؟ كلا. هذا استقراء واقعى للنتائج التى تترتب منطقيا على المقدمات البادية للعيان.
لكن ثمة وجها آخر للأمور يبعث شعاعا من ضوء يخترق دياجير الظلام. فمن المؤكد أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تغيّرا ما. لقد كان أكثر ما يحزننى قبل يناير 2011 أنى كنت أرى مجتمعنا خانعا مستسلما لما كنا نرزح تحته من فساد وتدهور وبؤس، وكنت أصادف كثيرين من شبابنا حصلوا على شهادة جامعية بطريقة أو بأخرى وهم لم يتعلموا شيئا، وأخطر من ذلك أن من تولوا تغليمهم أدخلوا فى روعهم أنهم بلغوا الغاية وأنهم لا يختاجون المزيد من معرفة أو علم.
لكن بركانا تفجّر فى يناير 2011 وانطلقت طاقات كانت حبيسة. أصبحتا نرى عزما على التحدّى وإصرارا على الرفض. وأصبحنا نرى انبعاثات إبداعية تجرؤ على التجريب وكسر القيود والخروج على التقليد والمألوف.
هذه الطاقات التحررية والإبداعية ستصنع مستقبلنا غلى مدى إن لم يكن قريبا فإنه لن يكون بعيدا. لكن هذا لن يتحقق إلا فى جوّ يصون الحرية. لذا فإنى أرى أن أوجب واجبات كل مثقف وكل مخلص يريد الخير لهذا البلد ويريد الخير لأبنائه وأحفاده، أن يعتبر أولويته الأولى أن يناضل فى سبيل صيانة الحرية: حرية التفكير والتعبير، وحرية الإبداع، وحرية النقد وحرية الرفض، وحرية المعلومات، وحرية تنظيم النقابات والجمعيان.هذه الحريات هى السياج الذى لا غنى عنه لإفساح المجال للتغيير والتطوير، ولبعث النور والاستنارة والتنوير الذى يبدد ظلام العفول وظلام النفوس وظلام المعتقدات والتفاليد البليدة المتحجّرة. كل ما عدا هذا يمكن التجاوز عنه مرحليّا، لكن إذا لم نتشبث بخرياتنا فلن يكون لنا مستقبل.
الحرية قضيتنا، الحرية معركتنا، وأول الحريات خرية الفكر والتعبير.
القاهرة، 8 أبريل 2014
#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟