|
المزاودات بين كرد الداخل والخارج (الجزء الثاني)
محمود عباس
الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 02:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا شك انتبه الجميع إلى النواقص المطروحة في الجزء الأول من المقال، والتي تظهر جليا في الأدبيات السياسية التي تنشرها أقلام العديد من مثقفي وكتاب الداخل ومعظمهم من المنتمين للأحزاب الانتهازية أو الذين يسيرون في أجنداتهم، والصمت الذي يخيم على المثقف المتواجد في الداخل واضح، رغم وجود ما يبرره تحت الظروف المعاشة، لكنه فاضح بالنسبة للبعض الآخر، أمام كل ما تقوم به السلطة الشمولية من خدع وتلاعبات سياسية وجرائم، ونجحت السلطة في هذا المجال بشكل واسع، وتمكنت من تأليب العديد من أقلام الداخل ، وخاصة قبل الثورة، على هذا الصراع، وإلهائهم بمحاربة كلية المعارضة الخارجية من السياسيين والمثقفين وغيرهم، وللأسف وجدها البعض من الانتهازيين فرصة للتخفي وراء هذا الشعار، وإظهار الذات على أنه المعارضة الوطنية الصادقة ودونهم في الخارج خونة أو ما إليه من اتهامات. برزت هذه الثقافة منذ بداية الثورة السورية وبشكل جلي مع ظهور شبه سلطة كردية، هذه الحقائق أصبحت بينة لدى الداخل والخارج، لكن الكثير من الداخل يلازم الصمت إما خشية من السلطة، متهماً الخارج ببيع الوطنيات والشعارات الرنانة، وهو محق في بعض صمته هذا، مدعياً بأحقية الداخل بالمعرفة والكتابة عنها دون الأخر المتواجد في المهجر، وهي في الحقيقة انتهازية بينة مبتغاها السلامة والحفاظ على الذات الأنانية، وهنا يدرك تماما كم يجرد ذاته من الوطنية الصادقة، لكنه للتعتيم يبرز معاناة الشعب وكثيرا ما يتلاعب بالمقدسات كدماء الشهداء الكرد، وغيرها من الحجج. لا شك هناك أقلام في الداخل بقدر ما يعانون يعارضون السلطة بالكلمة والعمل في البيت وعلى النت وفي الشارع، يشهد لهم المواجهة وتبيان الحقائق بجرأة نادرة، وكلمتهم تسمع في الخارج وتقدر أكثر مما تعطى لها الاعتبار عند الداخل الانتهازي، والغريب أن هؤلاء بعكس الصامتين قريبون جدا من المهاجر ولا يهاجمون المهجر ولا يبيعونهم الوطنيات، بل يجدونهم الصوت المشترك والمكمل في المواجهة، وللتاريخ يذكر أن هؤلاء، لا الداخل الانتهازي ولا الخارج المعارض، سيكونون رمز النضال والشهامة في القادم من الزمن، بعكس الأقلام أو السياسيين المهاجمين والذين يرون السكوت صفة السلامة، والنهج الذي تبناه العديد من المثقفين كطريقة مثلى للحفاظ على الذات، والتي تعتبر خدمة مجانية للسلطة الحاضرة تحت خيمة الوطنية المزيفة. محاربة الأقلام الخارجية، المطالبة بزوال السلطة، والتي تعريها أمام القوى الدولية وتبين أخطاء الداخل، غطيت بالمفاهيم التي نسخت من ثقافة السلطة الشمولية، متناسين أن الأقلام الخارجية لها من الإمكانيات التي لا قدرة للداخل عليها، وبدونها يبقى الداخل قزماً وناقصاً وسيندثر تحت نهج الذي ذكرناه، الصمت من أجل السلامة، وللتذكير، لا يحق لهذه الأقلام التباهي بالشباب الثائر الذين كسروا جدران الرهبة، فالانتهازيون من الأحزاب السياسية التي تتبعها معظم هذه الأقلام بطريقة أو أخرى كانت ساكتة يوم كانت الأحزاب تحارب هؤلاء الشباب، ويوم هجرتهم وأرسلتهم إلى الشتات، وهم نفسهم الأن يهاجمون الأقلام الشبابية وغيرها التي كانت جريئة حتى عندما كانت في الداخل والتي تكتب وتفضح السلطة الشمولية من الخارج، كما ولا تدرك أبعاد صرخة الكلمة والمثقف الكردي في الخارج، ومنها : 1- إمكانية إقامة العلاقات الخارجية الممكنة مع القوى الدولية التي لها تأثير على السلطة، والتي يعجز الداخل بوجود سلطة شمولية من القيام بها. 2- فضح السلطة في الإعلام العالمي والتي هي في الداخل مخفية أو ساكتة عليها. 3- بناء منظمات وتجمعات بإمكانها تقديم خدمات متنوعة، منها جر المنظمات الاجتماعية الإنسانية إلى الداخل أو للضغط على السلطة، أو حتى إثارة القضايا الإنسانية في المحافل الدولية. 4- إيصال القضية الكردية بشموليتها إلى المراكز التي لها الإمكانية على إحداث تغيير على مساري المعارضة والسلطة معاً، والتي لها دور في إبراز القضية إذا رغبت. ثقافات بنيت وتبنى عليها الحضارات، وأخرى شوهت وتشوه القيم والأخلاق حطمت وتحطم الحضارات، وفي الحالتين تبناها شريحة مدركة، أحدها تنحو للشر والغواية وفي كثيره لذات أنانية، وأخرى تبحث بتفاني عن الأفضل لشعبه ولوطنه. فالوطني الصادق يبقى نقياً إن كان في الداخل أو الخارج، والمزاود في بازارات الخدع والتباهي تظهر ماهيته أينما كان، فالذي لا يتمكن من تقديم الأفضل، لا يستحق معاتبة الكلمة الجريئة، والذي لا يتجرأ على المواجهة يفضل أن يبقى صامتاً محافظا على ذاته الأنانية، اليوم الوطنية الصادقة تطلب تعرية السلطة الشمولية وأدواتها، وفضح ثقافتها ومفاهيمها، ونهجها الذي يتجاوز الصراع بين الداخل والخارج بل تجاوزتها إلى مفاهيم أخرى نشرتها وتتبناها البعض من الأحزاب الكردية والمثقفين المنتمون إلى أجنداتهم كتكية لا يحيدون عنها، كمفهوم عدمية الثورة، ورؤيتها أو تقييمها للثورة السورية من خلال التيارات التكفيرية والجهادية الغارقة في النفاق والعمل للسلطة والجهالة الدينية والفكرية كداعش والنصرة بل معظم التيارات الإسلامية السياسية، والبعض هنا يبررها بالصراع العسكري الدائر في سوريا بين طوائف تتقاتل من أجل السلطة وليس لتغيير النظام، وهم بهذا يلغون الشريحة الثورية التي اخترقت جدران الرهبة، ويعدمون جدلية زمن الثورات، والمراحل التي تمر بها، ومثلها مفهوم ظهور بوادر الحرية والاستقلال في المنطقة الكردية والتي أدت إلى سباق بين الأحزاب والمنظمات الثقافية التابعة لهم بشكل أو أخر في فتح مكاتبها وإعطاء صفة الديمقراطية للسلطة المخفية في المنطقة، وهذا ما بينته رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا وخرجت بقراراتها بعدم الاشتراك في هذه الزوبعة الإعلامية المغرضة، بل ورفض عقد المؤتمر التوحيدي في قامشلو تحت رؤية وظل السلطة الموجودة، وهي نفسها الرؤية التي أدت بها إلى رفض فتح مكاتب لها لئلا تكون سهلة لنفس السلطة مراقبتها. هذه الأبعاد والمزاودات المطروحة في هذا المقال وغيرها سنتناولها في فرصة سانحة. د. محمود عباس الولايات المتحدة الأمريكية [email protected]
#محمود_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المزاودات بين كرد الداخل والخارج (الجزء الأول)
-
عادةٌ ضاعت مع ذاكرة الزمن (الجزء الثاني)
-
عادةٌ ضاعت مع ذاكرة الزمن (الجزء الأول)
-
السياسة الأمريكية في سوريا بين المصالح والأخلاق
-
جدلية بقاء الأسد بالجهاديين
-
أمريكا وروسيا والمنظمات الجهادية
-
أقلام نست الإنسانية وتغذي الطائفية
-
الأقلام التي تخدم السلطة السورية
-
لولا الكرد لما كان جنيف 2
-
مؤتمر العرب وتركيا حضور لنشر ثقافة موبوءة 4/4
-
مهاجمة الديانة الإيزيدية-خلفياتها وغاياتها
-
مؤتمر العرب وتركيا حضور لنشر ثقافة موبوءة 3/4
-
غاية عزمي بشارة وقطر من مؤتمر العرب وتركيا ...2/4
-
غاية عزمي بشارة وقطر من مؤتمر العرب وتركيا ...1/4
-
د. كمال اللبواني من ضحايا سجون النظام
-
نخبة المعارضة العروبية وتقسيم سوريا كردياً - الجزء الثاني
-
آشيتي يبحث عن هدم أقليم كردستان وليس تصحيح مساره
-
حثالة البشر والأحزاب الكردية
-
جريس الهامس عن كردستان الخيانة
-
التكفيريون والمنطقة الكردية
المزيد.....
-
لحّن إحدى أغانيه الأيقونية.. محمد عبده يرثي ناصر الصالح بحفل
...
-
فرنسا: بايرو يعلن أنه سيلجأ للمادة 49.3 من الدستور لتمرير مش
...
-
مباشر: عمليات عسكرية إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية وأربعة
...
-
مشاهد منسوبة لأحمد الشرع في سجون العراق.. هذه حقيقة الفيديو
...
-
هل تتحول العلاقة بين ترامب والسيسي إلى -فاترة- بسبب غزة؟ - ن
...
-
تبادل الاتهامات بين روسيا وأوكرانيا بشأن قصف مدرسة في كورسك
...
-
إسرائيل تُعيّن إيال زامير خلفا لهاليفي.. ماذا نعرف حتى الآن
...
-
فيدان: ندعم بيان القاهرة حول مواجهة مشروع تهجير الشعب الفلسط
...
-
مراسلتنا: المستوطنون حرقوا مسجدا بالضفة الغربية ومطالب فلسطي
...
-
الشـرع يصل إلى الرياض في أول زيارة خارجية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|