|
الجدلية والتاريخية فى النص الدينى : الحجاب نموذجا 1/3
هشام حتاته
الحوار المتمدن-العدد: 4417 - 2014 / 4 / 7 - 19:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
رغم اننى مشغول الآن باعداد بحث عن رحلة الشيطان من بداياته الاولى كإلها للشرحتى الملاك العاصى من خلال الاسطورة وصولا الى الاديان الابراهيمية الثلاث اليهودية ،المسيحية ،الاسلام . وايضا اعداد ورقة بحثية عن العقلية النقدية العلمية وصناعة المستقبل تكون موضوع مؤتمر قادم لجبهة الطليعة ، الا ان موضوع الحجاب فرض نفسه عندما خاطبتنى انسانه مثقفة تمارس العمل الحر وتدير اعمالها بنفسها وتنتمى الى احدى العائلات العريقة ، اى انها حسب التصنيف الطبقى تعتبر من الطبقة فوق المتوسطة وافادتنى بانها منتقبة نظرا لما قرأته فى العديد من التفاسير الاسلامية سبق لى وان كتبت ضمن سلسلة ( نقد الفكر الدينى ) على صفحات الحوار المتمدن فصلا عن ( العلاقة الجدلية بين النص والواقع ) من عدة مقالات وتضمن كتابى الاخير ( تطوير الخطاب الدينى واشكالية الناسخ والمنسوخ ) فصلا كاملا عن هذا الموضوع تحت عنوان ( الصلاحية لكل زمان ومكان ) ناقشت فيه وهم هذا التصور فى الفكر الدينى ، واوضحت فى المؤتمر الصحفى الذى عقدته جبهة الطليعة يوم 16/3 الماضى ثم مقابلات جانبية مع العديد من الفضائيات التى قامت بغطية المؤتمر ان الاسلام مر باربعة مراحل خلال فترة النبوة وكانت لكل مرحلة آياتها المختلفة عن الاخرى كنتيجة طبيعية للواقع على الارض وهو مااطلق عليه ( العلاقة الجدلية بين النص والواقع ) ، تعالوا نستعرض معا فى ايجاز هذه المراحل الاربعة وسنورد اية واحدة معبرة عن كل مرخلة حتى لانطيل على القارئ العزيز : 1) مرحلة الاستضعاف فى مكة (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. [الأنعام:68].بالاضافة الى 122 آية فى حرية العقيدة ( لكم دينك ولى دين ) ( لست عليهم بمسيطر ) ( وماعليك الا البلاغ ) ............ الخ 2) مرحلة التأليف عند دخول المدينة (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون 62 البقرة 3) مرحلة التمكين وبداية الغزوات (أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ-;- وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) 60 الانفال ثم تبعتها آيات اخرى ( ان الدين عند الله الاسلام ) و ( من يبتغى غير الاسلام دينا لن يقبل منه ) .... الخ 4) وعند مرحلة النصر النهائى بعد فتح مكة وعام الوفود تاتينا سورة التوبة او سورة براءة لتقول (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ) وينهى عن حج المشركين الى الكعبة (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللَّه ) ثم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) وان خفتم من تاثر موارد الحج بعد حج المشرمكين (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) فكان الحل (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) والتى تتضمن ايضا آية السيف (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) والتى قال الفقهاء انها نسخت كل آيات حرية العقيدة فى الفترة المكية .
هذا هو مانعنيه بالعلاقة الجدلية بين النص القرآنى والواقع الارضى الذى انتجه ، وان كان رجال الدين لايقرون بهذه الحقيقة الجليه والظاهرة للعيان فى آيات القرآن حشية ان يؤثر ذلك على وجود اللوح المحفوظ ، الا اننا فاننا نقول لهم ( الا يعتبر هذا مرونة من النص القرآنى وتفاعلة مع الواقع الارضى الذى انتجه ؟) ان علم اسباب النزول الذى وضعوه ، وعلم الناسخ والمنسوخ الذى اخترعوه لحل اشكالية آيات المراحل الاربعة فى استخراج الاحكام الشرعية هم خير دليل على هذه العلاقة الجدلية بين النص والواقع الارضى الى انتجه فالقرآن فى مجملة كان يعالح مشاكل الواقع فى الزمكان الذى انبثق فيه ، ولدينا وبنص القرآن نفسه ان هناك آيات نسخت ورفعت من الصدور تجاوبا مع المستجدات فى فترة لم يتجاوز عمرها عدة سنوات .واحيانا عدة شهورواحيانا عدة ايام واحيانا عدة ساعات فى العصر النبوى فالنسخ فى عدة اعوام وعدة شهور لايحتاج الى دليل وعلى رأسة آيات تحريم الخمر الاربعة وآيات الوصية ، ولكن قد يستغرب البعض عن النسح فى عدة ايام والنسخ فى عدة ساعات لها سنورد الدليل القرآنى : - النسخ فى عدة ايام : (ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ) ولما استكثر الصحابة ان يقدموا صدقة للرسول كلما جلسوا اليه جائت الاية التالية مباشرة لتقول ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ) - النسخ فى عدة ساعات : ابان الاستعداد لمعركة بدر قال القرآن (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ) ولما استكثر المقاتلون هذه النسبة العددية تقول نفس الاية (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين ) فهل لم يكن الله يعلم ان فيهم ضعفا ؟ ولكن القصة ان الرسول جاءة من يقول بانصراف عدد من القبائل عن مقاتلى مكه فجاء النص بالتخفيف فى نفس الاية .
ثم ناتى الى النموذج عنوان مقالنا والذى يجمع بين العلاقة الجدلية والبعد التاريخى فى موضوع الحجاب فنراه يتركزفي آيتين: - الآية 59 من سورة الأحزاب « يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهم من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين». - والآية 31 من سورة النور « وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيبوبهن» إلي آخر الآية.
وإذا راجعنا أسباب النزول لكل من الآيتين (والغريب ان علماء الدين يقرون بعلم اسباب النزول وانه من علوم القرآن ولكنهم فى نفس الوقت لايقرون ارتباط الوحى بالواقع الذى استدعى نزول الآية..!! ) ، فإذا كان الوحي لا يرتبط بالواقع الذي انتجه فلماذا أسباب النزول؟ نقول ...إذا رجعنا إلي أسباب نزول كلا من الآيتين سنعرف ان الاية الاولى كانت بسبب تعرض فساق المدينة لنساء المسلمين عند قضاء حاجتهم فى الخلاء ، واما الثانية فكانت بسبب حديث الإفك في قصة صفوان بن المعطل مع السيدة عائشة التي اتهمت معه في سمعتها.
** بالنسبة للآية 59 من سورة الاحزاب ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهم من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين ) تدمع كل التفاسير ان مساء النبى ونساء المسلمين كانت تهب ليلا لقاء حاجتهن فى الخلاء - فلم تكن دورات المياه معروفة فى هذا العصر- وكان الفساق من شباب المدينه يتربصن بهن فقاموا بالشكاية الى عمر بن الخطاب الذى نقل الشكوى الى النبى فنزلت هذه الاية للتمييز بين الاماء (الجوارى ) والحرائر من نساء المسلمين ( ذلك ادنى ان يعرفن فلايؤذين ) وحسب معظم التفاسير ايضا فلم يكن هناك خلاف انها كانت للتمييز بين الاماء والحرائر عند قضاء الحاجة فى الخلاء وان كان الخلاف بين امرين اوردهم الطبرى فى تفسيره الاول : هو أن يغطين وجوههن ورءوسهن فلا يبدين منهن إلا عينا واحدة الثانى : ان معنى إدناء الجلباب هو أن تقنع وتشد على جبينها حتى الحواجب . وسواء هذا ام ذاك فان هذه الآية كانت للتفرقة بين الاماء والجوارى عند قضاء الحاجة فى الخلاء فقط لاغير، ورغم هذا فانى اعتقد ان هذه الاية كانت من الاسباب التى استند عليها من قاموا بتشريع النقاب ، وهذا يعتبرتعسف فى التفسير للسبب الاول الذى ذكرناه والسبب الثانى انه ماعادت هناك حاجة للتفرقة بين الاماء والحرائر ولاعاد قضاء الحاجه يتم فى الخلاء وجدير بالذكر ان الخليفة عمر بن الخطاب نهى الاماء من التشبة بالحرائر بادناء جلابيبهن . وفى المقالة التالية سنتحدث عن قصة حديث الافك وتداعياته التى وردت فى سورة النور بكاملها ثم نضع بعض الامثلة عن وهم الصلاحية لكل زمان ومكان .
#هشام_حتاته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الابتزاز السلفى للمشير السيسى
-
حكايتى مع تراث العفاريت
-
تراث العفاريت بين العلم والخرافة (4)
-
الوهابية وتراث العفاريت (3)
-
الوهابية وتراث العفاريت (2)
-
الوهابية وتراث العفاريت (1)
-
الدستور بين اقبال المراة وعزوف الشباب – قراءة تحليلية
-
( علمانيون ) وسنابل القمح
-
السحر التشاكلى والسر الاعظم
-
الدستور من التوفيق الى التلفيق
-
الى الاخوة الاقباط : المواطنة بالميلاد
-
فى ممالك البترودولار : قائمة باجمل النساء مع قهوة الصباح
-
تزوير التاريخ : دور الامويين فى الاسلام ( أخير )
-
الماده 219 بين السلفيين والكنيسة
-
تزوير التاريخ : دور الامويين فى الاسلام (4)
-
الدستور بين السلفيين والكنيسة
-
مسكوكات العمله وتزوير التاريخ : دور الامويين فى الاسلام (3 )
-
فى ممالك البترودولار : الامير وهاب نهاب
-
تزوير التاريخ : دور الامويين فى الاسلام (2)
-
تزوير التاريخ : دور الامويين فى الاسلام (1)
المزيد.....
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|