|
الإسلام: من الجذور الشامية للتعريب
جورين كيلو
الحوار المتمدن-العدد: 4417 - 2014 / 4 / 7 - 18:45
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
توطئة : الحدث الإسلامي بين التاريخ و الميثولوجيا إن محاولة فهم آلية الانتقال الثقافي والتاريخي عموماً من الجاهلية إلى الإسلام من خلال الاعتماد على المصادر الإسلامية تبدو صعبة إن لم نقل مستحيلة وذلك بسبب التشويش الذي يكتنف ليس فقط عملية الانتقال هذه فحسب وإنما يمتد لينسحب على كل مفاصل جسد الرواية الإسلامية الرسمية، ليترك الباحث أخيراً في حيرة من أمره، ما بين التعامل مع مادة تاريخية أصلاً أم ميثولوجيا أسقطت عنوة على تلك الفترة بشكل ارتجاعي ومتدرج، ففي حين تم انتزاع الرواية الإسلامية الرسمية الأولى للحدث الإسلامي، من السياق التاريخي للمنطقة خلا من إشارات ولو بسيطة عن الروم والأحباش، بحيث ظهر هذا الحدث يدور في جزيرة منعزلة، بقي في المقابل الضبط الميثولوجي للرواية حاضراً وبشكل واضح مما يشي بعملية إعادة كتابة بل وإنتاج للحدث في مرحلة أعقبت بقليل أو بكثير المرحلة المفترضة لوقوع الحدث نفسه، وعلى سبيل المثال لا الحصر نورد هنا تكرار قصّة يوم العقبة وأتباع الرسول السبعين هو ذات العدد الذي يوافق أتباع إبراهيم حين قتاله نمرود والعدد الذي يوافق أتباع موسى يوم الطور وهو العدد الذي يوافق أتباع الحسين بن علي يوم هجرته إلى الكوفة، أيضاً نجد أن مبعث الأنبياء في الأربعين من أعمارهم هو أمر شائع في الأدبيات الدينية السماوية وقد تكررت عند إبراهيم نفسه كما نجد أن قصة تحطيم الأصنام أو ازدرائها بين ابراهيم ومحمد تنسخ نفسها بصورة غريبة في حين نجد الاتهام نفسه بالإصابة أو المس بالسحر على لسان قومهما. ورد التشابه والخلط أيضاً في رواية إتخاذ أتباع محمد يوم بدر لشعار يا منصور أمت تتكرر مع المختار يوم الكوفة، كما تتشابه الروايات في معركة الخندق والحرة، وأحد حيث قتل من الأنصار سبعين ومن المشركين سبعين يوم بدر، وبين (اضطراب العلاقة بين الرسول وعلي وقصة التخليف) وبين خلاف محمد بن الحنفية وعلي زين العابدين بن الحسين حول الإمامة والوصاية، وبين تسمية الهاشميين وأتباع عبد الله بن محمد بن الحنفية الملّقب بأبي هاشم، وبين ما يروى عن نسب الأخير لعلي ووصايته للعباسيين، نجد الشبه والتكرار حتى بين تسمية أبناء علي الحسن والحسين وبين أبناء هارون شبرا وشبيرا، وتشابه شرعية الإمامة والسلطة بين كل من أل البيت والإرث الديني الإسرائيلي في إعطاء الولاية لأبناء هارون دون موسى، وبين صيام عاشوراء المرتبط بقصة مقتل الحسين بن علي في العاشر من محرم وبين كفارة بني إسرائيل على تكسير ألواح موسى يوم العاشر من الشهر القمري الأول من السنة العبرية، أيضاً نجد تواتر الروايات في لقب الصديق والفاروق بين كل من عليّ وعمر وأبو بكر، ولا ننسى دور عمر بن الخطاب الذي ينسخ دور القديس بطرس في المسيحية بشكل غريب ومن خلال الكثير من الصفات والمواقف. في ذات السياق نجد أن التقارير الغزيرة التي وصلتنا واختلافها وتناقضها وتضاربها فيما بينها لعبت الدور الأبرز في عملية التضليل والتشويش حول ما حدث ووقع فعلاً، كما لا يمكن للمرء تجاهل الميول الإثنية والسياسية للرواة خاصةً عند المحاولات التبريرية الساذجة لبعض السلوكيات الخاطئة والطابع الأسطوري للمواقف الغامضة والمتضاربة، والأمر الأوضح من خلال بعض ما ورد من روايات هو بروز عنصري المال والسلطة الذي يفسر تغير المواقف وازدواجها أمام المصالح وعلى أنقاض النزاعات بين التيارات الأموية والهاشمية والتي غلبت الولاءات القبلية نذكر منها تجاهل ابن عباس لعقيل بن أبي طالب ووقوفه مع معاوية يوم صفيّن، والتعامل مع الأقاصيص التي أبرزت دور بلاد الشام في المرحلة الإسلامية المبكرة والتي انتشرت خلال نهاية القرن الهجري الأول امتزجت بأزمنة وحقب وأحاديث أخرى، نذكر منها مسألة قبلة الإسلام الأولى القدس وانتقالها لاحقا إلى الكعبة والصلاة باتجاه الشام التي فقدت صدارتها في العقيدة الإسلامية كما فقدت يثرب - "بيث رابو" الأرامية وتعني بيت الرب- في المراحل الأولى أهميتها، بالإضافة إلى الكوفة التي اتخذ منها علياً حرماً له و من إيوان كسرى مصلى بحسب الروايات الشيعية. كما يروي لنا الإخباريين (بالاستعارة من جواد علي) قصصا حول تطّهيرها أي الكوفة من قبل إبراهيم الخليل والقادسية بعد هجرته من الكوثا أو العكس في روايات أخرى، كما أتخذ محمد من يثرب حرما إتخذ إبراهيم من مكة وينسب لابن الحنيفة قوله: الكوفة دار هجرة مرتين، هاجروا إلى علي بن أبي طالب ويهاجرون إلى المهدي، ويذكر أن كل من القادسية والكوثا ألصق أسمهما بمكة بالإضافة لعشرات الأسماء الأخرى بهدف ترقيع الفجوات في الرويات والأحاديث وخلق توازن يناسب الواقع الجديد من الفترة المروانية على ما يبدو والتي بدأت بالتعريب في محاولة لرفع مكانة الكعبة والعرب وتجاهل جغرافية صدر الإسلام وفرض صيغة موحدة له لم تكتمل إلّا على دور عمر بن عبد العزيز الأمر الذي قد يكون تسبب باغتياله من قبل بطانته الأموية "بالسم" بحسب بعض الروايات. إذن من الواضح أننا لسنا أمام مجرد تشويش في الأصل، بل كل ما ورد وغيره مما لا يتسع المقال لذكره، يضعنا في حالة حيرة حول الأصل نفسه لا مضمونه وحسب، كما أن الإنتاج المتأخر للكلاسيكيات الإسلامية وجوانبها السياسية على وجه التحديد بحيث جرت موضعتها بالكامل في شبه الجزيرة العربية والتي ما يزال البحث العلمي عاجز عن فهم حقيقتها رغم بحثه وتقصيه كل ذلك بالجملة يجعل من مسألة البحث عن مصارد أكثر موثوقية من خارج المصادر الإسلامية المعروفة، ضرورة ملحة وذلك على ضوء الدراسات والمستجدات الكشفية على الساحة الأركيولوجية في كل من سوريا والعراق وفارس والسعودية واليمن، فالتاريخ الذي لم يخرج من دائرة الخرافة ودخل حيز التاريخ الصحيح سيبقى ميثولوجيا.
الشام بوصفها الأرض الموعودة مما لا شك فيه أنه وفي القرون الأولى للميلاد كان ثمّة تنافس بين مجموعات هائلة من العناصر المحلية والوافدة حول الشام ومناطقها الخصبة بأنهارها ومزارعها وينابيعها وأهميتها الاقتصادية عموماً والسياسية والإستراتيجية، وشمل هذا التنافس أيضاً كلاً من النبط والعشائر البدوية العربية واليهودية التي حطّت رحالها في المنطقة خلال فترات متقاربة، وبطرق مختلفة بعضها عن طريق الغزو المباشر والإغارة تارة أو الهيمنة على الطرق التجارية بين مصر والشام والجزيرة العربية وجنوب الجزيرة تارة أخرى أو التغلغل الناعم بين السكان في بداية الأمر، ونرى العرب الأنباط "الذين غيّروا لسانهم للآرامية" قد نزلوا شرق الأردن "إقليم مؤاب الواقع في طرف الشام نواحي البلقاء" بعدما فشلوا في السيطرة على جنوب فلسطين ونرى عام 85 ق.م يحتل الملك النبطي أريتاس الثالث دمشق ويأخذ لقب حبيب الإغريق Philhelene وفي بحوث نولدكه نجد إشارة إلى أول أمير غساني يدعى الحارث بن جبلة وقد أنتصر على المندورس "المنذر" في أبريل عام 528 م ونرى ذكر لوالده جبلة عند ثيوفانوس "المؤرخ البيزنطي" يغير على فلسطين عام 500 م، ومن المهم الإشارة إلى أن جستنيان منح لقب ملك لأول مرة في التاريخ للعرب في القرن السادس للميلاد ما يدفعنا تلقائياً للعودة إلى قبر أمرؤ القيس الواقع في حوران والمكتوب على شاهدته ملك جميع العرب المكلل بالتاج عام 328 م وبالعودة لبحث الأستاذ روتشتاين في أسرة اللخميين نجد أن "العرب لم يعرفوا تاجا إلّا عند الفرس ولقب ذا التاج قد خص السلاطين العرب تحت الرعاية الفارسية" ولم يتسلمه الغساسنة إلّا عام 580 م ولم يكُن لأي ملك عربي أن يكُلّل بتاج ما، إلّا إن جاء تسلميه عبر الفرس. إن قراءة جديدة حول الوضع السياسي برمته لبادية الشام في القرن الرابع للميلاد في حال توفرت نقوش جديدة أمر لابد منه مستقبلا برأينا، فكيف بملك عربي يخضع أقوى قبائل بادية الشام وشمال جزيرة العرب كمعد وأسد ونزار ومذحج والخ لسلطانه مستمداً قوته من الفرس وفي ذات الوقت هو حليف للروم؟ هذا التناقض يصعب الوقوف على حل له حالياً لنقص المصادر عن تلك الفترة، وعلى سبيل الترجيح نقول لربما كان قانون الحكم بالفلارخيات الذي أقره الرومان للعرب، قد خولهم نوعاً من الاستقلال السيوجغرافي أكثر مما نعرف، أو أن بيزنطا كانت تعترف ببعض ملوك الحيرة الواقعة على مقربة من التخوم السورية. فيما يلي بحث في أكثر العناصر السكانية البدوية في سوريا شهرة ومعرفة والتي تم إغفالها والتعامي عنها لتطابق عقيدتها والعقيدة الإسلامية قبل إزالة صفة الوثنية عنها وإعادتها لدين إبراهيم، ندعمها بالاستناد على النقوش والآثار نتناولها هنا (وسنتجاوز في هذا المقال موضوع التاريخ الشبحي الذي أثار ثورة علمية في العالم وأهمل تماماً من قبل العرب والمسلمين رغم أهميته وقيمته وسنحيله لبحث أخر.) .... الصفويين نسبة إلى منطقة الصفا في جنوب سوريا - وهؤلاء وكي لا يلتبس الأمر على القارئ لا علاقة لهم بصفويي القرن السادس عشر ميلادي الذين حكموا إيران والتي تعود بتسميتها للشيخ صفي الدين الأردبيلي- إذن الصفويون هو الإسم الذي يطلق على مجموعة القبائل التي كانت تعيش في الحرة جنوب شرق دمشق والحرة منطقة من الصخور البازلتية السوداء، وتعود أصل التسمية إلى جبل الصفا في تلك المنطقة، وقد أطلق اليونان قديما تسمية صفائن "Safathene " على المنطقة ، عثر في الصفا على المئات من النقوش ترجع إلى الفترة ما بين القرن الثاني والسابع الميلادي، وكذلك عثر على نقوش صفوية في العراق والأردن في جرش وإربد وفي جرود عرسال في لبنان. ويظهر من خلال بعض النقوش التي عثر عليها هناك أن الصفويين اشتركوا في حروب الرومان ضد بعض الوجود العربي في سوريا الجنوبية اعتبارا من حوران حتى فلسطين، فيظهر جلياً أنهم حاربوا النبط واليهود وقد استعملهم الرومان في التعامل مع القبائل العربية الحجازية، ويظهر أنهم تمكنوا إلى حد ما من الاندماج ضمن الخليط الاجتماعي السوري نتيجة العلاقات التي أقاموها مع السكان المتحضرين في الشام بينما قطعوا كل صلاتهم مع بدو الصحراء وترينا بعض نصوصهم لعنات توجّه إلى البدو أو عرب الصحراء الكبرى، واستعمل الصفويين اليونانية للكتابة في مرحلة متأخرة بعد استعمالهم الآرامية المربعة لفترة طويلة. أعتادوا على قضاء الشتاء في الحرة والصيف في سهول حوران حيث تجف كل موارد المياه في الحرة وإذا كان الصفوي ينتقل من الحرّة إلى حوران الزراعية المروية فقد تكون هذه الحركة قد أخذت طابع مقدّس وديني تشبه بشكل كبير تلك الواردة في القرآن رحلة الشتاء والصيف، حتى النصوص الصفويّة تبيّن تقديسها للموضوع فتظهر بعضها قد كتبت: "لقد قضى الصيف في هذا المكان" أو "لقد قضى الصيف في هذا المكان الذي يوجد به ماء" وذلك عبر مجموعة النقوش السامية رقم 158 و231 وغيرها. أستعمل الصفويون في الحرب القوس والرمح والفأس وبقية الاسلحة الكلاسيكية المعروفة حينها بشكل عام، وكان لهم بيوتا للحج يحجّون إليها كما تظهر نقوشهم، ويقومون بطقوس معينّة لا تختلف كثيراً عمّا يقوم بها العرب اليوم علاوة على الذبح والإغتسال وصيانة العورة والصيام كما كانوا يغسلون الآلهة وأفواهها والمذبح الخاص بالأضاحي كما هي عادة غسل الكعبة تماما. الأبجدية الصفوية المنقولة من الأحرف الآرامية تبلغ 28 حرف وبحسب أقدم نص مكتشف يعود للقرن الرابع ميلادي وهو نقش النمارة يبين لنا الادغام الذي طورّه الصفويون على ما يبدو وقد يلاحظ المرء عند قراءة النصوص الصفوية أنها لا تختلف عن طريقة كتابة القرآن، اللات تعادل عشتار وفينوس وأفروديت وهي الأكثر ذكراً في النصوص الصفوية واختصت بالوادي الخصيب حيث تقع منطقة الطائف " ܛ-;-ܐ-;-ܝ-;-ܝ-;-ܦ-;- طاييف" في حين كانوا كهنتها أسرة بن عتابو بن مليكو، وهناك كان حماها والبقعة التي تقابل الحرم حرم عليها قطع الأشجار وقتل بعض أصناف الحيوان وقدّس السمك في بعض المجاري المائية في الشام، كما نرى الحيوانات التي تربى في حرم معبد الألهة السورية في هيرابوليس وعلى تلك البقعة تنطبق رواية ناقة صالح عندما وهب ناقته لله وقال هذه ناقة الله لكم أية فذروها تأكل في الأرض ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب. لكن قومه لم يؤمن بكلامه فعقروا الناقة حتى هلكهم الله، ونرى النبي أرميا يهدد كل من يعصي أوامر الله بالنفي إلى الحّرة والحّرة تقع في الجنوب الشرقي من دمشق موطن الصفويين كما أسلفنا والتي نجد فيها نقوش صفوية حفرت على كتل من الصخور البركانية. أرميا 17:6 "ملعون الرجل الذي ينكل على الإنسان ويجعل البشر ذراعه، وعن الرب يحيد قلبه ويكون مثل العرعر في البادية ولا يرى، إذا جاء الخير بل يسكن الحّرة في البرية، أرضاً سبخة ملحة وغير مسكونة" وكان من طقوس حرم الإلهة اللات حجر جيري أبيض مربّع الزوايا، كما أورده هيرودوت على سكان Arabia جزيرة العرب غرب دجلة والتي نسميها اليوم الجزيرة السورية أنهم كانوا يعبدون أفروديت ويسمّونها الإلات أو ألئتا. أما الله عند الصفويين مثلّه حجر أسود مقدس في حين مثل الإله هبل صنم، ونجد لفظ الله عند الصفويين قبل الإسلام بخمس أو ستة قرون ووردت أكثر من خمس مرات في النصوص الصفوية. عثر في الصفا على عدد من القصور تبين أنها تعود إلى العصر الأموي وإنحدار نسب الأمويين والغساسنة من الصفويين موضوع بحاجة حفر أركيولوجي طويل ووقت وجهد وصبر، إذ نرى ولفترة قرنين تقريباً تخلو المنطقة من أي أثر يعود للقبائل التي حلت محل الصفويين إلى حين مجيء الغساسنة، الأمر الذي يثير الريبة والشك في أن الصفويين لم يذوبوا خلال مُدّة قرنين مع السوريين بشكل كُلّي بل ظلّوا بقوتهم وتطورهم حتى تبني التسمية الجديدة. مجموعة النقوش السامية 170 CIS2 - تشير سنة 47 م إلى شخصا يدعى مليكو بن قصيو كان كاهنا للات في حيران وجيرات موضع يقع في جبل حوران. ويذكر ذات المرجع برقم أخر وهو CIS2 - 182 أنه في سنة 50 بنى روحو بن مليكو وأسرته معبد لها في صلخد وهو أبن أخ روحو بن قصيو وحفيد قصيو أما روحو الأول فهو مؤسس عبادة اللات في صلخد. هناك نص نبطي أخر وجد في صلخد في مجموعة النقوش السامية2-183أن قصيو بن أذينت شيد معبد للات سنة 95 م معبد شيدل "اللات ووجره" والوجر كهف في الجبل ووجر جبل بين أجا وسلمى وقد يكون كهف حراء "من الحرة مسقط الصفويين" أُسقِطَ على مكّة لاحقاً كما نجد في نفس المجموعة السامية نقش رقمه 2-198 نقش على قبر البنت فوق قبر كَمكَم وأبنته كليت تجرم من يفسد القبر وتنزل عليهم لعنة داوزاريس ومتاب لعنة اللات في عمند لعنة منو تو وقيس. أما مجموعة النقوش السامية المكتشفة في تدمر وهما عبارة عن منحوتتان في الصخر رسمتا طاقة مستطيلة قليلة العمق عليهما مربعان صغيران وبهما ثقب قائم الزوايا علما أن الإلهة اللات التي يمثلها الحجر الأبيض في أسفله فتحة يسمى غبغبا توضع فيها كنوز الإلهة من ألبسة ومجوهرات ومقتنيات ثمينة وبخور وحلي وذهب وفضة وفي بحث كليرمون جانو تقديم رينيه ديسو الذي أعاد قراءة الكلمة المكتوبة أسفل الطاقة في دراسة حملت عنوان مجموعة الأثار الشرقية أكد أنها كلمة مؤنثة مأخوذة من منبج "هبرابوليس" وهي صفة تخص اللات في حين يذكر لوسيان السمسياطي أنه من بين القرابين التي كانت ترسل لهيرابولس تورد من بلاد العرب. نذكر أيضاً أن أبن أذينة وزنوبيا هو وهبلات أي هبة اللات ترجم أسمه إلى Athenodoreنسبة أن اللات أخذت تكتسب طابع يوناني لتتحول إلى أثينا كما نجد نقش باب محراب معبد اللات أثينا في دامة العليا باللجة كما تتكرر لاحقا في حوران عبر الصفويين والنبطيين الذين تطورت ديانتهم عليها. نذكر بالمناسبة أن نصوص قرطاجة ترد إلت وبابل اللاتو، ولابد من العودة إلى تسمية الطائف في الجزيرة العربية الجنوبية بحسب الرواية الرسمية المتأخرة في تفسير آية 37 سورة إبراهيم. حيث تقول روايات العرب: أن الله أمر جبريل بقلع قرية من الشام ووضعها في مكانها بالطائف الحجاز بعدما طاف بها بالبيت أي الكعبة سبعا. عد إلى معجم البلدان لياقوت الحموي لترى طبيعة الطائف الخضراء والمثمرة وقارنها بطبيعة الحجاز، أما الرواية التي وردت عن زمزم فهي أكثر غرابة من الأولى والتي تقول أنها سميت زمزم لإن الفرس كانت تحج إليها سابقاً وتزمزم أي تخرج المياه من أنوفها، وأنشد المسعودي في هذا الصدد بيتا يقول: زمزمت الفرس على زمزم وذاك في سالفها الأقدام. التنبيه والإشراف. قرابة الدم عند القبائل العربية وفي الواقع كما تزودنا الوقائع والتواريخ في أكثر من مناسبة أنها لم تشكل العلاقة الوحيدة بين منتسبي القبيلة بحسب ما توضحه لنا نقوش الصفويين والتدمريين والحضريين بل قد تكون القرابة حلف عسكري أو سياسي وقد تنحل قبيلة في أخرى أو تختفي بالتحالفات القبلية ولهذا الموضوع قرائن في تاريخ النسب القبلي في شمال الجزيرة وخُلدّت في الكتب الإسرائيلية المقدّسة فاخد اسم اسماعيل على سبيل المثال كمرادف للعرب المتهودين والمتنصرين الذين تبنوا الرواية التوراتية في حين أن لفظ اسماعيل لم يكن منتشرا في الجزيرة العربية قبل الإسلام ولغويا يعتبر الاسم صيغة غريبة أرتبط في بداية الإسلام بالبيت الهاشمي حتى أدخله ناقلي السيرة والنسابة في العصر العباسي الأول إلى الرواية الإسلامية وذلك عبر ربط عدنان الإسم الذي ارتبط بعرب الشمال ولم يعرفه عرب الجنوب قبل الإسلام بإسماعيل، علاوة أن تلك الرواية لم يأتي على ذكرها القرآن. التلاعب بالنسب ظلّ حتى فترة متأخرة من نشوء الإسلام فمثلا تذكر لنا الروايات أنه وبضغط من معاوية تم نقل نسب قضاعة من معد إلى حمير في حين تقول أخرى أن قضاعة من حمير تزوجت أمه من معد أو أنه كان في معد وتزوج من حمير فنسب إليها، النسب إلى القبيلة والإفتخار به جاء مقرونا بالشعر الجاهلي ويظهر الشاعر العربي غالبا متحيز لقبيلته والتي قد تكون عدّة مجموعات غارت على أحدى. ورغم أن الشعر الجاهلي يفتقر التاريخ الزمني إذا تجاوزنا القالب الأسطوري الخيالي المسرف للنص بيد أن تلك الأشعار نقلت لنا أمر بغاية الأهمية والإيجابية وهي طبيعة العلاقات الإجتماعية السياسية والتركيبة القبلية للمجتمع العربي آنذاك. أسرة قصيو بن أكلابو وقبل أن نتطرق لنسب قصيو نذكر أن البدو خليط من الجماعات نزحت من أماكن خصيبة بفترات الجفاف بحثا عن الكلأ والمأوى والقوت فسكنوا حول الآبار والواحات وضفاف الأنهار، وخلقوا لأنفسهم مستوطنات حول المدن لاحقاً للإتجار بمنتوجاتهم وحاصل حيوانتهم فنراهم وبحسب النقوش سكنوا ضفاف دجلة والفرات وهضبة الحبشة ومنهم جماعات جاءت عبر البحر ويبدو أنهم أستقروا في عمان والبحرين والخليج وعاشوا على الصيد، أختلطوا وأندمجوا مع بعضهم البعض وأطلق عليهم تسمية العرب بحسب طريقة الحياة التي عاشوها في زمن تقاربت ثقافتهم ووحدتهم السياسية فرضت اللغة واللهجات ولغياب الوثائق الخاصة بجاليات البدو الرحل وحالتهم السياسية والثقافية وعاداتهم وعباداتهم وأعرافهم قبل الإستيطان فليس أمامنا إلّا الترجيح غير أن البحوث كشفت تداخل عبادات الآلهة السامية وآلهتهم وتطورها كما اللغة والأسماء العلم، ونذكر في هذا السياق أن تسمية عرب ظلّ أهل المدن والمناطق الزراعية والحواضر الكبرى في سوريا يطلقها على جماعات تعيش على السطو والإغارة حتى فترة قريبة.. نعود لقصيو بن أكلابو وبحسب مجموعة النقوش السامية تبدأ الإسرة بقصيو ويعود إليه الإبن روحو الأول وأكلابو ومن أكلابو ينحدر أربع أبناء وهم قصيو ومليكو وروحو الثاني وأيضاً مليكو وقد يكون هذا الأخير حفيده أو قد تكرر الإسم نسبة لوفاة الأبن الأول لكن النصوص لم تمدنّا بحقيقة الأمر بعد، وهي أسرة هجرت شمال جزيرة العرب "الجزيرة السورية" وحطت حبران وهو موضع في جبل حوران لأسباب نجهلها ونرجح أن تكون دينية بالدرجة الأولى خاصةً أنها أسرة كرسّت حياتها للآلهة فبحسب ما تشير النقوش أن مليكو بن قصيو هو الذي أسس عبادة اللات في حبران وبنى روحو بن مليكو المعبد في صلخد وفي نقش أخر يذكر أن قصيو يكون والد روحو وهو المؤسس الحقيقي لعبادة اللات ثم يمدنا نقش أخر ببناء معبد أخر عبر قصيو بن أذينت ونرجّح أن يكون من ذات الأسرة حيث كانت الوظائف الدينية مقسمّة عليهم دون غيرهم وبالعودة لعادة أهل حران في الشمال نجد أنه عندما تحسب الآلهة على شخص فهذا يعني أنه في أعلى هرم الأسرة الدينية، وكذلك نجد في جبل الصفا بحوران، ونذكر في هذا السياق أن الصفويين حولّوا الأسرة إلى أساس بطن القبيلة بمعنى أن الأسرة تتفوق على القبيلة والتي لم تتأسس على رابطة الدم فقط كما بينّا في باب قرابة الدم عند القبائل العربية، بيد أن هذه الأسرة تحديدا ووظيفتها الدينية تعيدنا إلى قبيلة قريش والتي يجمع بعض الرواة العرب على أنها صفة تعني التقرّش أي الجمع ولعلّ النسب أو أصل قريش ما هو إلّا محاولة توظيف متأخرة أنتجتها مخيلة الكتبّة أثناء بناء الدراما القصصية عن مكة والمدينة والتي بدأت نصوصها تتهافت أمام العلوم الحديثة وخاصة التنقيبية منها، لربط طبقة سياسية معينة بجذور كهنوتية ذات طابع مقدّس تم الإعتماد على إرجاعها لمكة لأغراض سياسية ودينية بحتة، نظراً للمكانة التي كان يتمتع بها مؤسس العبادة والمعبد في صلخد والشهرة التي لابد جابت الأفاق بين القبائل وبعودة سريعة إلى نقوش أورانيا وتراخونيا "حران وبادية الشام" نجد إنتشارا لعبادة اللات وصلت عمرة وشمالي جبل حوران وبلدة تربة والمشنف في الإقليم الشرقي لجبل حوران ونجده في الرحا وولفا وكنثا في السفح الغربي واللجة في حران وفي دامة العليا والخ. غير أن أسماء المناطق الشمالية خاصة في حران والبادية السورية وإسقاطها تحت ضرورات ظرفية سياسية ودينية على جغرافية الحجاز أمر يوجب الباحثين دراسته دراسة دقيقة، فلو عدنا لواقع مكة الإجتماعي المبكّر في السيرة والحديث نرى أن قريش تتحكم بكل القوة الإقتصادية من أعمال تجارة وزراعة ورعي وربا والخ وفي ذات الوقت نراهم كهنة انشأوا مؤسسات دينية وقادة عسكريون يديرون شؤون المنطقة ويقضون على حركات التمرد والمعارضة النشطة وذلك يعني بأننا أمام بيئة تجارية ومدنية خصبة وتراكم معرفي ضخم وهائل في الفكر المحلّي، الواقع الذي يتعارض وحقيقة المنطقة الجغرافية والبقايا الأثرية والأدلة التاريخية وحتى جذور القرآن الغنيّة التي لا توافق الصورة التي يرسمها الإسلام التقليدي. ولإننا كُنّا قد ذكرنا كيف تسير رحلة الشتاء والصيف عند الصفويين نعود لمقارنتها في هذا السياق بالآية التي وردت عبر سورة قريش والتي تقول: "لإيلاف قريش، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمتهم من خوف" إذن مقارنة بالمعطيات الموضوعية والدراسات الأركيولوجية والقراءات اللغوية لنا أن نتخيّل حجم الإقتباس والنقل والتحريف والتشويه الذي أنتجه الرواة والكتبة هذا من ناحية ومن ناحية أخرى التبعية السياسية وفي الظروف السياسية والعسكرية المعادية سواءً لبيزنطا أو فارس الساسانية أمر مضحك وساذج خاصة أن جغرافيتها تتصل بالبادية السورية وهذا ما يجعل من فكرة نشوء الحدث الإسلامي الأول في الحجاز أمر يصعب فهمه أو قبوله. فمن الواضح إذن أن أسرة "قصي بن أكلابو" تشكل حلقة مفتاحية يمكن من خلالها الانطلاق لجمع بقية الحلقات الضائعة عن الأصل الحقيقي لقريش ثم للاسلام، وثمة ملاحظة مهمة تجدر الإشارة إليها وهي ورود اسم أذينت ضمن نقوش الأسرة كأحد اسلافها، وقد يحملنا هذا على الشك بكون اسم عدنان أو أد هو من أسلاف قصي المروفين، وبقراءة فيلولوجية سريعة في أذينت حيث يمكن إبدال الذاء بالدال والعين بالألف والعكس بحسب قواعد الإبدال في القراءة كما في أسم أدي وعدي نستلخص أسم عدنان المُحرّف. وبالعموم كما يبدو أن نشر عبادة اللات أرتبط بقصيو إذن، وبالعموم كانت عبادة الاصنام عند العرب هي عبادة نجمية بالأصل، وكان العرب يطلقون عليها بشكل عام دين الصابئة، رغم أن هذا التعبير كانت قد أطلقه محمد على نفسه في مناسبات كثيرة، كما نرى إشارات إتهام من قريش على صابئيته وصحبته، غالباً لقوله "أنا على دين إبراهيمَ حنيف" كما أشارت الروايات إليه واتباعه في مرحلة مبكرة. ولفظ حنيف ورد في القرآن كصفة لدين ابراهيم واللفظ حنيف معرب من التعبير الأرامي Hanpa والتي تعني وثني حيث يعتقد بعض الدارسين أن الكنيسة البيزنطية ربطتها بالهرطقات الخارجة عن الدين اليهودي النصراني التوحيدي أيام خلافه مع التيارات المسيحية في الشام حول طبيعة المسيح الواحدة الأمر الذي شدّد عليه الإسلام والقرآن باعتباره بشر وليس ابن الله، ومن أشهر الشعراء الحنفاء الجاهليين إن أسلمنا بروايته هو أمية بن أبي الصلت الثقفي وديوانه يعكس التأثيرات اليهودية المسيحية، ويتردد حديث لابن عباس وهو جد سلالة الخلفاء العباسيين توفي سنة 668م والمرجع الرئيسي للاحاديث النبوية وتفسير القرآن لقبه الترجمان والحبر، كان في سن الـ 13 عندما توفي الرسول كما تشير المصادر الإسلامية ان علمه الهي وقد مسح الرسول على راسه ودعا الله ان ياتيه العلم والحكمة والنور والخ يقول: نحن معاشر قريش نبط من أهل كوثا والكوثا في العراق صابئية ويقال أن عبد المطلب كان يملك هناك بعض الأراض يطمئن عليها باستمرار، ويروى على لسان أبي الأذر: أتيت مكة وقد بلغني أن بها صابئا، كما يروي الأصبهاني قول لقريش: عندما تشهد أبو ذكر صبأ الرجل. لا تنكر الرواية الإسلامية سيطرة زعيم قريش قصي بني كلاب على مكة بيد أن إدخال آلهة الشام عزى ومناة تعيدنا إلى المربّع الأول علاقة قصي بني كلاب باسرة قصيو بني أكلابو أهل بيت اللات ومعبد صلخد في سوريا، والمعترف بها بحسب مجموعة النقوش السامية، بغض النظر عن التطابق الكُلّي في الأسماء والذي قد نفرد له بحثا خاصاً لاحقا فقد تطابقت الروايات حولهما ما قد يعني بأن قصي توجه بأوامر من البيزنطيين للسيطرة على مكة وبذلك يعود قصي للأصل النبطي ونسب إسماعيل، كما نلاحظ أن إنتصارات البيزنطيين تتزامن مع إنتصارات محمد على قريش، ومن الجدير بالذكر أن المؤرخ البيزنطي سوزومينوس Sozomenus عاش في القرن الخامس ميلادي يشير بأن اليهود هم من أشاعوا النسب السامي بين العرب ومن الجدير بالذكر أن بعض الدارسين يميلون إلى فرضية أن اليهود لم يتحدثوا قبلا العبرانية والتي تعتبر لهجة كنعانية قبل إقامتهم في شرق الأردن وبحسب سفر التكوين في العهد القديم نجد تراح بن ناحور قد خلّف إبرام "إبراهيم" في أور الواقعة في بلاد بابل الجنوبية "مقر عبادات القمر" ثم رحل إلى كنعان وتوقف عند حران سكن فيها وتوفى هناك، وإذا كان باعتراف أمهات الكتب الإسلامية أن أول من أصاب الملك من قريش هو قصي بعد ولد اسماعيل أيام ملك الساسانيين بهرام جور عام 420 ــ 438 أي في النصف الأول من القرن الخامس فالرواية المنسوبة لجنوب الجزيرة هي مجرد إبتداع من مخيلة الرواة لأسباب سياسية بدأت مع حقبة العباسيين. هذا الإضطراب والإبتداع في الرواية لم يقف عند قصي في النسب وحسب بل شمل رواية سيطرته على الكعبة عبر زواجه من أبنة أحد ولاته حبى بنت حليل التي باحت له عن مكان مفاتيح الكعبة كما تتكرر الرواية مع خزاعة الذي أنتزع سيطرة الكعبة من إياد عبر قدامة المضرية التي أفشت بسر المفاتيح فأُعيد نسب خزاعة لمضر ولو عدنا للأسماء فهي كلها شمالية لا تمت للجزيرة الجنوبية بصلة. وفي سياق آخر تجدر الإشارة إلى أن فترة الآلهة الثلاث اللات والعزى ومنات أرتبطت بالآلهة اليونانية أثناء فترة إزدهار الحضارة الهيلينية كما تحتفظ بعناصرها السامية القديمة، فباستنثناء ود إله الكلبيين الواردة في دومة الجندل، فنسرا وينوق ويغوث وسواع وغيرها من آلهة نبطية ليست من بيئة الجزيرة العربية بل بيئة سورية وهذا ما يعتبر دليل انتروبولوجي على أن البيئة التي نسجت بها آيات القرآن لم تكن بيئة الجزيرة العربية بل بيئة سورية شمالية، كما أصبح يميل لهذا الإعتقاد معظم الدارسين المعاصرين والجيل السابق. فالأدلة التاريخية عن الفترة المسماة جاهلية في قلب شبه الجزيرة العربية تكاد تكون معدومة عدا بعض النقوش والأثار في أطراف الجزيرة وجدت أغلبها في اليمن وحضرموت وحفريات نمارة أما النقوش الأشورية والبابلية والفارسية فهي تشير لعرب الأطراف الشمالية للجزيرة وبادية الشام بالإضافة لإشارات التوراة والإنجيل علاوة على الكلاسيكيات اليونانية في التاريخ والجغرافيا، كهيرودوتس وبطليموس وأخيليوس وثيوفان وسترابو. أما البناء الوحيد الذي يمثل الإسلام الأولي فهو الكعبة التي تحولت قبلة للمسلمين حول العالم بعد هدمها من قبل الحجاج، وبعدما تغيرت من كعبة الشام، ونعود ونذكر بأن الرواية الإسلامية لم تُعيد الأحداث إلى جغرافيتها المعروفة اليوم إلّا عند نهاية الحقبة الأموية في منتصف القرن الميلادي الثامن واليوم وبعد مضي ألفية ونصف تزداد تلك الرواية الهشّة بأرضيتها إنهياراً كلمّا كثفنا بحوثنا بالتاريخ ودراسة المنطقة خاصة الأركيولوجية منها.
سيطرة الأمويين على مقاليد الأمور في 1 ـــــ تابعية الحجاز للأكروبوليس الشامي 2 ـــــ قراءة نقدية في المصادر الرسمية زعمتم أن لكم ملكاً هاشميا مهدياً قائماً والمهدي عيسى بن مريم صلوات الله عليه وهذا الأمر بين أيدينا حتى نسلمه له. هذا ما رد به معاوية على تيار علي حول المهدي، علاة على أن الرواية الإسلامية تجعل تتويج معاوية على جبل الجلجلة وعند موقع كنيسة حستيماني وليس على أنقاض الهيكل، كما نجده قد صلى في الجبل وعند قبر العذراء، ويروي المؤرخ البيزنطي ثيوفانوس أن معاوية بنى لأهل الرها كنيستهم التي هدهّا الزلزال كما نرى روايات أخرى تظهر الشاعر الأخطل في مجلس عبد الملك بن مروان والخمر يقطر من لحيته والصليب معلق برقبته. بيد أن هناك رواية في غاية الغرابة وهي عبارة عن اتهامات بين معاوية ووالي علي على مصر قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري روت عن معاوية أنه يقول: إنمّا أنت يهودي ابن يهودي. فيرد قيس بل أنت وثني أبن وثني. غير أن أكثر ما يربك الباحثين والدارسين المعاصرين عملية سك النقود التي ظلّت تحتفظ بنقش الصليب ورسم القيصر والإبقاء على اللغات الرومية والفارسية رسميا على الدولة حتى بعد نصف قرن وأكثر من نشوء الإسلام، وما نلاحظه من سيطرة الأمويين على مقاليد الحكم المرافقة لتنصيب أبو بكر الخلافة نجدها أعمق زمن عمر الذي ينزل إلى الشام ثم يمر بنهر الأردن للغطس أو العماد وقيادة حروب الردة والتي هي أقرب لواقع الإحتلال على الجزيرة العربية وإلحاق وخضوع لسلطة الأمويين وقد تكون النزاعات في الحجاز حقيقية وشخصيات الخلفاء رغم طابعها الأسطوري أحيانا، الا انها في الحقيقة لم تخرج عن أوامر الأمويين ما يفسر رمزية سلطة الخلفاء وإفتقارها للقوة الحقيقية، فخليفة المدينة لم يحتفظ بالجيش وخلى حكمه من أي مظهر من مظاهر القوة العسكرية في حين نجد واقع القيادة في يد الأمويون والقرشيون ، وقد روي عن أبو بكر وعمر أنهما أضعف بطون قريش، وتروي لنا بعض المصادر أنه عندما أحتج معاوية على علي وطالب بتسلميه قتله عثمان قال له: أهل الشام حكام أهل الحجاز! بالإضافة الى المظاهر التي توضح تبعية الحجاز للشام في التقاير التي وصلتنا عن تدخل معاوية ومواقفه من المراحل المبكرة من فترة حكم عثمان وما سميت فتنة فهناك نبرات تهديد واضحة في خطبه لأهل الحجاز منها خطبته في المهاجرين الواردة في شرح نهج البلاغة عند تذكيرهم أنهم لم يكونوا قبل الإسلام من أهل الشرف والرياسة وأنهم سادوا بالسبق لا بغيره، وإجتماعه في دار عثمان بكل من علي والزبير وطلحة وسعد والخ من المهاجرين يحذرهم من فلتان الأمور وخروجها من أيديهم، وإن دل على شيء فانما على أن الشام هي من شكلت مركز الحكم وحاضرته في الحجاز من ذلك رواية أن عثمان كان ينفي زعماء المعارضة إليها كنفي الأشتر من مجموعة القراء العراقيين وحتى أثناء الفتنة أظهرت الرواية لنا المدينة خالية من المظاهر العسكرية التي من المفروض تواجدها في عاصمة ومركز السلطة فنجد استنجاد عثمان بمعاوية حين حوصر حتى أمده بأربعة ألاف مقاتلة من الشام بقيادة يزيد بن أسد بن كرز البجلي، وينسب إلى الأخير قوله: لو دخلت المدينة وعثمان حي، ما تركت بها محتلا إلّا وقتلته؟ وتذكر روايات أخرى أن ما عجل بمقتل عثمان تواتر أنباء عن الحملة. يروى ايضاً أن معاوية أرسل جيشا في صراعه مع علي سنة 38 ه إلى الحجاز بقيادة عبد الله بن سعد الفزاري وبعدها بسنتين ارسل بسر بن أرطأة في حملة أخرى فهرب أبو أيوب الأنصاري عامل علي على المدينة ولحق به وسفك بسر بها الدماء واستكره الناس على بيعة معاوية بحسب الرواية السائدة. أما الرواية الإسلامية ترسم انطباعا واضحا حول مقاومة أهل المدينة يوم حصار عثمان ووقوفهم إلى جانبه غير أن الحقيقة تعكسها رسائل عثمان لمعاوية عن خروج اهل المدينة عن الطاعة ونكث البيعة، وتظهر ايضا في رسالة نائلة زوجة عثمان إلى معاوية تقول: أن أهل المدينة هم من حاصر عثمان ومنعوا عنه الماء ورموه بالحجارة والنبل ثم أحرقوا عليه باب الدار قبل ان يدخلوا عليه، والغريب أن كتاب نائلة يذكر بعض من حاصر عثمان بالأسماء كخزاعة وسعد بن بكر وهذيل وطوائف أخرى من جهينة ومزينة وأنباط يثرب. وهناك رواية لنصر بن مزاحم تقول: عندما شاع في الكوفة أن معاوية قد طالب عليا بتسليمه قتلة عثمان، لبست الشيعة أسلحتها ثم غدوا فملئوا المساجدا وأخذوا ينادون: كلنا قتلة عثمان. وهذا ما يعارض رواية دفاع علي عن عثمان يوم مقتله أو أنه لم يسيطر على المدينة. كما أن هناك رواية مضطربة يذكرها البلاذري: أن عثمان طلب إلى علي أن يأتيه أثناء الحصار وأن محمد بن الحنفية منعه خشية أن يكون جماعة عثمان أرادوه رهينة. وإن لم يكن لعلي أي دور في قيادة المتمردين لما خشي عليه أبن الحنفية من أن يؤخذ رهينة رغم أن الرواية تتناقض وطابع العلاقة من ما تكرره الكثير من الروايات أما أجواء الفتنة على عثمان فتبدو متشابهة لحد التطابق مع أجواء الفتنة على الوالي الأموي عثمان بن محمد قبل معركة الحرة في ستينات القرن الهجري الأول.في حين نجد بعض الروايات والاحاديث التي اتخذت موقفا استعلائيا متطرفا تفرق ما بين الاعراب والمهاجريين في صدر الإسلام بالإضافة للمواقف السلبية الواردة عبر بعض الأيات المبكرة يتقلب لاحقا ليبينهم عماد الدين وأساس مادته وتنهيهم عن التشبه بالعجم من خلال الزي والاسم واللغة لنشهد بلورة متأخرة في موقف تعريب وصيغة قبلية موحدة للإسلام عكستها الأيات والروايات والأحاديث في مرحلة التدوين أو الإعوجاج الحقيقي زمن عبد الملك بن مروان في ما سمي بعملية تعريب الدواوين والمكابيل والموازين الأموية ثم صك النقود الإسلامية والمنقوشة بالرسوم الفارسية والتي يلاحظ أنها كانت أقل وزنا من الدنانير البيزنطية والدراهم الفارسية ونقل الكعبة لقبلة العرب والتخلص من أثار التبعية لبيزنطا، وفي الواقع وخلافا للرواية الإسلامية المتأخرة والسائدة عن صدر الإسلام فعمليات الهجرة والإنتشار والمد القبلي عملية منفصلة تماما عن عملية بلورة الإسلام كتعريف موحد ودين ودولة ونظام إجتماعي أحتاجت لعقود من الزمان والأجيال المخصبّة بالفكر القومي واللغة المحدثة والإتفاق حول الكثير من الشعائر الدينية كالصلاة والصيام والزكاة والحج والخ بعد عمليات طويلة في الإستيطان العربية وهنا تكمن حقيقة الصراعات والنزاعات والنعرات القبلية بين عرب الجنوب والشمال والتي أدت لإنتعاش ودخول عنصر الشعر المسمى جاهلي ورواية الأنساب وعملية جمع القرآن في تلك الأجواء المتوترة الشبيهة لما قبل الإسلام منها صراع قبائل قيس وكلب من ناحية وقيس وتغلب من ناحية أخرى، الصراع الذي غطى بادية الشام وغور الأردن وجزيرة الفرات وشمال غرب جزيرة العرب أمتدت لاحقا لإستيطان القبائل العربية في خراسان فنشأت معسكرات إسلامية متفرقة، هذا الصراع المسموم القبلي العصبوي الذي تسربّت سمومه إلى مفاصل الدوائر الحاكمة وشكلت خلفية مناسبة لما روي عن المغازي. القرآن : من اشكاليات النصّ إلى مشكلة الإطار التاريخي أقدم مخطوط له يعود لبداية القرن الثامن ميلادي أي أواخر القرن الأول للهجرة وهناك روايات مختلفة على تعدد صحف الصحابة والصراعات على تبنيها والإتفاق حول أياتها فعلى سبيل المثال، العباسيين لم يقبلوا مصحف عثمان، أرتبطت بحوادث تسردها لنا الرواية في مناسبات كثيرة، كما يدعي الشيعة أن السور التي تخص علي حذفت كسورة النوران والولاية ومصحفهم يسمى مصحف فاطمة وسينزل مرة اخرى مع المهدي المنتظر، وفي الحقيقة أن موضوع القرآن يتطلب فرد خاص ومساحة كافية تغطي ثقل مادته وتطوراته ومصطلحاته وتفسيراته والأبحاث الحديثة حوله سنتطرق إليها في مواضع أخرى، فهو مادة غزيرة وكثيفة جدا وبحاجة التدقيق والتعمين والتمحيص لن يسعه المقال. القرآن لا يذكر مكة إلّا مرّة واحدة لإنهاء بعض الأمور العسكرية الخاصة بالعبادة ويعطيه أسم بكة في مناسبة أخرى وقد وردت بعض الدراسات الفيلولوجية المتأخرة أن مكّة خطأ لغوي وقع به الناسخون ، والقرآن يذكر الأسماء عرفات والصفا والمروة المرتبطة بشعائر الحج والتي قد تكون الرواية نسبتها مؤخراً لأسباب جيوسياسية ليست خافية على أحد. ولم يأتي على ذكر تاريخ ميلاد محمد ما دفع الرواة لتنشيط المخيلة وربطها ببعض الأيات الواردة في القرآن مثال: سورة الضحى: الأيات 93:6 - 93:7 93:8 كما اعتبرت الأية 214 من سورة الشعراء 26:214 إشارة نسبه لهاشم وهذه النقطة لن نخوضها لسذاجة الرواية المنقولة عن سيرته اولا ولاضطراب النسب وتشتت المصادر والخلافات والتساؤلات التي تطرح حتى عبر بعض الاحاديث ثانياً والتي تبدو الميول القبلية السياسية الإجتماعية الخ في عملية متأخرة لتعريب الرسول والإسلام بشكل صريح علاوة على أن البحوث الأركيولوجية لم تثبت لنا دليل يعود لأي إسم طرحوه للرسول من اسماءه المتعددة اللا منتهية قبل الإسلام وكلها غريبة عن جنوب الجزيرة، ففي بيت منسوب لحسان بن ثابت يقول: ألبسوا الرسول اسما مضى ما له مثل، كما يقول صحيح البخاري عن أبو هريرة عن الرسول قوله: يشتمون مذمما ويلعنون مذمما وأنا محمد. وعلى ما يبدو الإشارة هنا للحمد يذكر في هذا السياق أن محمد بن الحنفية نعته أعداؤه بالمذمم ايضا واسمه محمد ولقبه أبو القاسم رغم نهي الرسول بحسب الروايات عن ذلك وفي أخرى أنه سمح لابن الحنفية فقط، كما ان ابنته اسمها فاطمة وكنيتها ام أبيها وهو لقب فاطمة ابنة الرسول، كما تختلط الروايات بين السيرتين تتابعا كالهجرة وتكرار الأسماء والاحداث والصفات والهوية والنشاط إلى حين الوفاة والمنية، في الحقيقية المادة التي تناولت شخصية الرسول غزيرة جدا ألا أن الغموض والاسطورية حينا والخلط والحك والتصحيح ثم الإضافة ضرب المادة بمجملها، فما أن تبدأ طريقك برواية حتى تخرج بدهاليز عشرين أخرى تتضارب وإياها، كبحيرة الراهب الذي يظهر لنا راهباً في بصرى الشام تارة وحبر لدى يهود تيماء تارة أخرى أو عبد قيس أسمه سرجس كما ورد عند المسعودي، علاوة على أن قصتّه تتكرر بقوالب جديدة وكثيرة كما تلك التي تتحدث عن تأثير أحد حنفاء مكة على الرسول قبل الإسلام، وأبن هشام يفسر آية من سورة النحل رقمها 103 بأنها جاءت للرد على إدعاءات قريش بخصوص غلام نصراني أسمه جبر، وجبرا بالأرامية تعني الرجل وإن لوحق بايل يصبح جبريل أي رجل الله، يقول ابن هشام: وكان رسول الله فيما بلغني كثيراً ما يجلس عند المروة إلى مبيعة غلام نصراني يقال له جبر،عبد لبني الحضرمي، فكانوا يقولون: والله ما يعلم محمد كثيراً مما يأتي به إلّا جبر النصراني، غلام بني الحضرمي. كما يورد أبو عبد الله القطّان رواية مرفوعة إلى زيد بن ثابت قوله: قال لي رسول الله، أتحسن السريانية؟ قلت: لا، قال: فتعلمها، فتعلمتها في سبعة عشر يوما، إذن الرسول حث زيد بن ثابت على تعلم السريانية في رواية وإن جبريل نفسه علمه إياها في رواية أخرى قد يفسّر أنه على علم ونسب غير عربيان، نذكر الحديث المنسوب لعمر بن الخطاب قوله: يا رسول الله مالك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟ فقال: كانت لغة إسماعيل قد درست فجاء بها جبريل فحفظتها. ويورد نولدكه في أبحاثه أن البسملة أقرأها جبريل على الرسول ثلاثا بحسب البلاذري ولم يكن يسمّي بها قبلا ببداية السور، نذكر هنا أن لفظ قرآن فسرّه الكثير من الباحثين والدارسين وخبراء اللسانيات أمثال الباحث السابق ثيودور نولدكه الذي قال أنه بالأرامية تلاوة وترتيل Queryana بسبب أن القراءة لم تكن معروفة إلّا عند ما ندر من الناس، كما نبه كريستوف لوكسنبيرغ قبلاً وغابريل صوما مؤخرا ان سورة اصلها ارامية من صورتا تعني كتاب مقدس او صحيفة مقدسة من العبرية شورا بمعنى سلسلة كما اشار لوكسنبيرغ ان الفرقان من الارامية والعبرية فرقونا = الخلاص وزكاة من زكوتا الأرامية. نعود لحديث في غاية الأهمية ينسب لحسان بن ثابت قوله: نصرنا وأوينا النبي بجابية الجولان بين الأعاجم! كما ينسب لسعد بن معاذ يوم بدر قوله للرسول: والذي بعثك بالحق، لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك. أي بحر في بدر؟ وفي الرواية التي أظهرت عنصر الغطس على عمر والتي رواها ابن الجوزي في الأحاديث المائة يقول: : فلما ردهن بعد ان حج بهن شخص بهما بعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وبالعباس وخلفا علي عليه السلام على الناس ثم اسرع حتى قدم الجابية يوم الواقعة فاتاه فتح نهاوند وركب عمر من الجابية يريد الاردن ووقف له المسلمون واهل الذمة والخ. وترد روايات أخرى أنه توضا من بيت نصرانية وأن واركون الجابية صنع له طعاما في الكنيسة وصلى واصحابه في الكنيسة، كما تتعدد الروايات وتضطرب بخصوص التأثيرات الخارجية على الرسول ونسبه ورسالته وأسفاره وحتى حياته الشخصية تضطرب عند شخصيات متعددة كبحيرة الراهب وورقة بن نوفل أبن عم زوجته خديجة الذي يظهر لنا قس نصراني تارة ويهودي تارة أخرى في قوله للرسول هذا الناموس الذي أنزل على موسى عندما قص عليه حكاية بعثه، كما يتهمه قسطنطين السابع بالدجل وإدعاء الأريوسية والرهبنة، مما سبق يتبين لنا كيف أن الأحاديث شكّلت حلقة من الصراعات المذهبية والعصبيات والإنتماءات القبلية، وإضطراب الأنسان وجغرافيا الأحداث فخلال النصف الثاني من القرن الهجري الثالث وضعت ست صحاح وسنن اعتمدت في فترة التقنين. المغازي والتي كانت النواة التي تبلورت حولها الرواية والأحاديث والاخبار الإسلامية وأستندت عليها علم تطور التاريخ الإسلامي، ولا نجد أي علماء عدا المغازي في القرن الهجري الثاني في المدينة. نحن هنا لا نقلل من أهمية عامل الزمن في تقنين وقولبة التاريخ ألا أنه من الضروري ذكر أهم الأسباب التي دفعت لنفوق التأريخ الإسلامي الأولي وذلك أن الجيل الأول لم يكن يسند رواياته والجيل الناقل لم يخلو من الأيديولوجيا والحك والصقل والبتر والالصاق والاضافات والازالات غير مقدرين للبعد الزمني لرنينها وتحديد محيطها ومناخها المذهبي والجيل الثالث لم يكن ليصحح التشويه حتى وصلنا في القرن الثالث للهجرة ضرب وخلط وإزدواج وتحريف وتشويه وتزييف كبير وعميق لعلّ أهمه الخلط بين شخصية الرسول ومحمد بن الحنيفة الذي عايش فترة حكم عبد الملك بن مروان كما أسلفنا ، وبين عمر بن الخطاب وكل من عبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز وعبد الله بن الزبيرة كما خلطت الروايات معارك ببعضها كالحرة والحديبية وصفين والجمل والخندق وبين حروب الزبيريين في البصرة، ذلك الإجترار وللأسف أبقي على فجوة الإجتهاد مفتوحة حتى يومنا هذا وبدل أن ينكّب المسلمون على علاج المشكلة إنشغلوا بالتناسل العشوائي للتأويلات والتبريرات اللامنطقية لتزيد العوائق والفوارق والإشكاليات سوء وتزيد من سعة الفجوة. يقول الذهبي عن يزيد بن عبد الملك: فأتوه بأربعين شيخاً شهدوا عنده أن الخلفاء لا حسابُ عليهم ولا عذاب. كما يقول الفقيه الشعبي ومحدث الحجّاج: لولا أنتم معاشر الملوك ما تأدبنا، فقال الحجاج فالمنّة في ذلك لنا دونكم. قال صدقت. خاتمة في بعض مشكلات الرواية الإسلامية . أبو عبيدة 110 هـ ــ 209 هـ لم يصلنا أي شيء من كتاباته بيد أن من جاؤوا بعده أدعوا أنهم نقلوا عنه ويذكر من الموضوعات المنقولة عنه أسماء القبائل والأيام والفتوحات والأخبار الإسلامية وموضوع الموالي والخوارج هشام بن محمد الكلبي توفي سنّة 204 هـ يعادل 819 م نظم المصنفات التي جمعها والده محمد بن سائب الكلبي المتوفي سنة 146 هـ المقابل لـ 763م، ثم يأتي بعدهم: عواده الكلبي وأبي مخنف لوط بن يحيى الذي أنتسب إلى أزد الكوفة وكان صديق لمحمد بن السائب الكلبي الذي نقل عنهما هشام أبنه ونقله لنا الطبري في تاريخه، أما روايات أبي المخنف تبين لنا إرتباطه بالعراق وميله للحزب الشيعي المعارض للأمويين ويبدو ذلك جلياً عند إهماله لقضية إنضمام عقيل بن أبي طالب لمعاوية ومحاربته إلى صفه في معركة صفيّن، عموما أغلب روايات الكوفيين متحيّزة، أما أهم رواة المدينة هم الواقدي وابن اسحق وابن معتر وهم لم يجمعوا المواد إنمّا نقلوها عمن حفظها. ابن اسحق كتب السيرة زمن خلافة المنصور لم يصلنا من نسخته الأصلية سوى بعض الفقرات المحفوظة على أوراق البردى وما نقله الطبري وتبدو الأثار العباسية على سيرته جليّة من خلال الدور البارز الذي يمنحه لجد السلالة العباسية، أما الواقدي وهو متهم عند أصحاب الحديث والطبري أسقط له معظم رواياته فقد تجاوز السير والمغازي وكتب في موضوعات تاريخية أخرى لاحقا حتى خلافة الرشيد، ولم تصلنا النسخ الأصلية لكتبه سوى المغازي، أما كاتبه محمد بن سعد فقد ألف كتاب الطبقات عن سير الرسول وصحابته وتابعيه وتناول في كتابه فصولا عن أخلاق وصفات الرسول وعلامات دلائل النبوة، في منتصف القرن الثالث هجري يأتي البلاذري كأقدم المصنفين في التأليف التأريخي توفي سنة 892م. أي مع بدايات القرن العاشر ميلادي يبدأ تأليفاته بسرد عن الخليقة حتى يدخل الإسلام أي على نهج ابن اسحق ويبدو المأثور الفارسي بصورة رسمية مع أن أبن المقفع توفي سنة 756م، ترجم كتابه خداي نامه الملوك قبل ذلك بقرن من الزمان، ثم يتغير المنهج وفي حدود القرن الحادي عشر ميلادي لدينا المسعودي واليعقوبي ويلاحظ أن مؤلفاتهم تحولت إلى موسوعات تاريخية ومؤلفيها يظهرون تاريخين وجغرافيين ايضا، لكن في القرن الثالث الهجري كان قد تم تقنين كل شيء ووضع صحاح الحديث وأمهات الأعمال الفقهية الشرعية على سننها ومساندها، وبالتالي لم يتمكن الطبري ولا البلاذري من تصحيح التشويه والتغييب للرواية الشامية "التي نجد بعض رواياتها عند الرهبان النصارى وعواده الكلبي والبلاذري" التي أصابت صدر الإسلام والتي بترت مع بداية العهد العباسي بيد أن أهم الموضوعات التي كانت تطغى تلك الأمور هو موضوع الحديث والتفسير.
المراجع Wo lag das Paradis فريدريك ديلتسن: أين تقع الجنة Tristam: The Land of Moab ترستام : أرض مؤاب Th. Noldke: Die Ohassä-;-nischen fürsten. Sketches from Eastern History: Th. Noldke. A History of the Middle Ages: 284-1500. Sidney Painter. سلسلة محاضرات من دراسات في العصور الوسطى جامعة Salzburg Rothstein: Die Dynastie der lehmiden in al-Hira دولة اللخميين في الحيرة روتشتاين تاريخ العرب في سوريا قبل الإسلام: رينيه ديسو التاريخ الأخر: سلمان بشير Welhausen: Reste Arabische Heidentums. Lucian: De Dea Syria. P10 البلاذري: أنساب أبن هشام: السيرة تأريخ العرب في الإسلام: جواد علي ياقوت الحموي: معجم البلدان Ignaz Goldziher: Der Mythos bei den Hebrä-;-ern und seine geschichtliche Entwicklung. Volker Popp: Die frühe Islamgeschichte nach inschriftlichen und numismatischen Zeugnissen. Christoph Luxenberg: Keine Schlacht von "Badr" Zu syrischen Buchstaben in frühen Koranmanuskripten. Das syrische und arabische Christentum und der Koran. OHLIG. Die syrische Liturgie und die "geheimnisvollen Buchstaben" im Korn. Ch. Luxenberg.
#جورين_كيلو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|