أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - تأملات مختزلة في الزمن والنسيان














المزيد.....

تأملات مختزلة في الزمن والنسيان


سعدي عباس العبد

الحوار المتمدن-العدد: 4415 - 2014 / 4 / 5 - 21:35
المحور: الادب والفن
    




لشد ما تربكني الذاكرة ..ذاكرتي المثقوبه ..التي لم تفلح في الحفاظ على تلك الصور .. صور امكنة الطفولة الاوّلى .. لا ادري كيف تسربت من الثقوب ..بالمناسبة كيف تسنى لِثقوب انّ تحدث ؟ او مَن احدثّها .. اعني بالثقوب , النسيان الذي يقابل او يعادل الامحاء او المحو في فعاليته المدهشة وهو يلغي او يمحو ما كتبناه في الورقة .. الورقة تساوي الذاكرة وتعادلها في قوّة الحفظ والأرشفة .. الذاكرة تؤرشف تلقائيا على نحو آلي بمنأى عن القصدّيه .. فيما الورقة تخضع لِفاعلية وإرادة الآخر .. الذاكرة ايضا تساوي الجمال او تنتجه عبر استعادة الصور , استعادة تحوي ضمنا متعة وسحرا ينتجان شعورا بالمتعة , فيما يتعلق بالذكريات او الصور الأثير , التي تركت اثرا ما , جميل له صدى في النفس . اثر يبقى مطبوعا على جدار الذاكرة لوقت ما غير معلوم , قبل انّ يتعرض إلى التلف او ينال من جماله النسيان او يصيبه احد عوارض الزمن .. صور امكنة الطفولة هي الاشد تأثيرا بتلك العوارض الزمنية . وما تبقى من التالف , محض بقايا شاحبة تترواح في عملية الاستراجاع او الاستعادة مابين المتخيّل المنتج من المخيال ومابين الوقائع الباهته التي بالكاد ادراكها ..تلك البقايا تحت تأثير فاعلية التخريب الزمني تاخذ طابعا حلُميا او تنحوى ناحية الحلُم ..فيغدو التالف حلُما . حلُم في امكنة ومشاهد خيّل لنا إنها حدثت ذات وقت ما .. مع إنها كانت حدثا ومشهدا التقطته عدسة كاميرا الذاكرة ذات وقت ما او زمن ما .. الزمن والذاكرة خصمان لدودان . الاوّل ينشط في عملية المحو والتخريب , واتلاف سائر ما اشتغلت عليه الذاكرة في مراحلها المبكّرة ..سيما تلك التي لها صلة او وشيجة بالتجربة الاوّلى او الامكنة الموغلة في البعد والنأي .. الزمن يتضامن مع النسيان فينتج ما يعرّف بعملية المحو .. في المقابل تنشط قوى الذاكرة عبر تضامنها وتعاضدها مع قوى المتخيّل .. فتجهد لترميم وتأثيث صور الامكنة عبر اضافات تسقطها المخيّلة على الاجزاء المغيّبة اوالتي غيّبها الزمن عبر جريانه المطرد .. فلانعود والحال هذا نستطيع انّ نميز فنفقد القدرة على فرز المتخيّل عن الوقائع ..لكن ما الغاية من تفكيك صور الامكنة المتخيّلة المتداخلة مع الوقائع في التحام شديد الوشيجة والاتصال ..اظن هناك متعة جمالية تدعونا لِذلك .. متعة كامنة في الداخل غير واضحة الملامح .. بيد انها تنشط لا شعوريا في الذاكرة كما اظن ولا ادري مدى موضوعية ما اذهب اليه ..غير اني استشف ذلك عبر انطباعي او مايتركه الانطباع من تأثير ..فالفتاة في الرواية التي كنت قد كتبتها .. الفتاة التي كانت حبيبتي وكانت تلك الطفلة التي لها صلة قرابة من بعيد بأمّي قبل انّ تصبح او تغدو لاحقا في طور المراهقة حبيبتي . هل هي حقا تلك الطفلة بكامل صورها وامكنتها المطبوعة في الذاكرة ام حدثت اسقاطات من عندياتي . اسقاطات انتجها الحبّ والوله ..ملامح تلك الطفلة التي غدت حبيبتي فيما بعد , بقيت لوقت عصيب تحتفظ بملامحها في ذاكرتي ..ثم شعرت على نحو ما في وقت لاحق بتخلخل الملامح فتخلخلت صورة المكان تلقائيا في الذاكرة .اقصد حدث انتاج ملامح مغايرة للاصل ..لم اتحسس ذلك عبر مدركات عقلية او لها صلة بالعقل ..انما حدث الامر على نحو اقرب ما يكون الى التدرج غير المحسوس او حدث نتيجة لعمليات شعورية خفيّة متراكمة .. فصورة الفتاة التي كانت طفلة وعلاقتها الحميمة بالمكان لم يعودا نفسيهما . فقد اسهمت الذاكرة في تحولهما او بمعنى اخر قامت المخيّلة في انتاجهما ..هذا التحول في ملامح الاشياء هو على نحو ما , يعد ابداعا تنتجه المخيّلة الموهوبة .. ابداع لم تعمد فيه المخيّلة الى الخلق وانما هو كان نتاج الزمن في تداخله مع نشاط الذاكرة الخفي ..اما النشاط الفني يكون نتاج مخيّلة لا تعتمد الحياد في التصورات انما تجهد لخلق عالما قائما بذاته ليس للزمن او النسيان والمؤثرات الموضوعية الاخرى اي شأن ..عالم قائم جوار العالم الواقعي .. بيد انّ الحنين والانشداد إلى الذكريات وما تركته الامكنة عبر علاقاتها بالنفس من انطباعات تؤدي دورا ياخذ مساحة جوهرية في الانتاج والخلق ...



#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اخي الناخب , اختي الناخبة : حذار إنهم قادمون
- الاغلبية الصامتة سوف تجدّد صمتها في الانتخابات
- انتخابات الكهنة : البرابرة قادمون بقوّة
- لا تنتخبو العلماني ..........!!!! : دعوة للكراهية
- شرعنة اغتصاب الطفولة : قانون الدعارة المشرعن
- صنّاع الطواغيت .. / الشاعر العامّي او ما يسمى بالشاعر الشعبي ...
- غياب المثقف العضوي .. وحلول الآخر الطارىء
- اميركا ماذا فعلتِ بنا !! ؟
- تأملات في المكان
- العراق : ذلك الشيخ الوقور .. المحدودب .. الحزين
- عن : جان دمو .. بلا مناسبة
- غياب الاحتجاجات المليونية في العراق ..! ؟ وإلى متى .. ؟
- لماذا باتت نتائج الانتخبات محسومة سلفا
- : عن الجمال __ محض انطباع
- فصل من رواية مخطوطة : سلمى والنهر _ 1
- كتابة عن الشعوب النائمة او // ضد الحكومة
- العام العاشر في الغابة
- نص في المكان : مقهى الميثاق : علامة .. / مقطع من رواية مخطوط ...
- بمناسبة ما يسمى بعيد الأمّ
- الفصل الاخير __ التاسع عشر __ من رواية مخطوطة : بقايا الجندي ...


المزيد.....




- رحيل يفغيني دوغا مبدع أحد 4 روائع موسيقية في القرن العشرين ( ...
- من -الكائنات الفضائية- إلى تماثيل الأنبياء... زاهي حواس يفنّ ...
- رحيل سميحة أيوب، -سيدة المسرح العربي- تغلق الستار
- رحيل الفنانة المصرية سميحة أيوب عن 93 عاما
- لقبت بـ -سيدة المسرح العربي-.. وفاة الممثلة المصرية سميحة أي ...
- سينما دادا ــ الصورةُ تُتأتئ عينُها الغامضة
- رحيل -سيدة المسرح العربي- الفنانة المصرية سميحة أيوب
- الموت يغيب الفنانة المصرية القديرة سميحة أيوب
- مينا مسعود يكشف عن موعد عرض فيلم -في عز الضهر-.. والكاتب يقو ...
- مصر.. وفاة الفنانة الكبيرة سميحة أيوب


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - تأملات مختزلة في الزمن والنسيان