أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - انكسار المرايا














المزيد.....


انكسار المرايا


زكية خيرهم

الحوار المتمدن-العدد: 4415 - 2014 / 4 / 5 - 14:24
المحور: الادب والفن
    



رقصت أشعة الشمس ، متّشحة برائحة المطر، مرتدية حوافر اللحظات في تلك السويعات الأخيرة من الغروب. ألوان طيفها تعانق تلك المويجات التي تترامى مع ايقاع سكون مجنون، ثمّ تنسحب بعيدا ممتطية مركب الجزر في وسط تلك الأعماق. تاركة رمال ذلك الشاطئ تلملمُ أشلاء حُلمها المكلوم. كنت أنظر إليها من بعيد، أبحث في ثناياها المقفرة. خطوت نحوها رغم حلول الظلام، غير آبهة بذلك السّكون الموحش ولا بذلك البرد الصقيع. أبحث فيها عن روح تشدّ لي أزري، عن أذن تسمع بوح أصداء كلماتي. عن بعض الطريق التي عشتها في رحلة من حزن. أبحث فيها عن أهلي وعشيرتي.
التفتّ من خلفي، نظرت إلى وجه تلك الرّمال، لم تكن إلاّ قفارا تعزف في سكون، تعاني من عُقدة الإرهاق. تصرخ بلا صوت تتلوّى شغفا، تغرق في بحر خلف عتوّ الأمواج. لم أكن أصدقّ ان جدرانها همُّ وسقفُها تتهاطل منه آهات تشظّت في المدى، وحين جابت وسط علامات التّعجّب، جرتّ دهشتها وخيبتها في أنفة مصطنعة. ألقت بظلالها في متاهات من استفهام، عن أوراق وعن قزح من ألوان، وحبر يتعثّر في أسمال من كلمات مسكونة بصراخ في صمت. حديقة عطشى يلثم ثغرها سائل من علقم تحت سقف تتهاطل منه آهات وصهيل نزوات في شرفات اللهفة.
كنت أراهما يستاقطان من أعلى ناصية السراب. ابتسمت إليها وكأني بذلك أريد اشباع رغبات تساءلاتها وكأنها بذلك تريد ردّ الاعتبار. قلت لها:" إنها قزح من ألوان، وواحدة من الفراشات ، تتشظّى سرّا، تلوذ بأجنحتها الغرقى في اثمك. ترتمي خلف علل الأمواج ، تغرس قصتها فوق زنابق خاوية. تعيش أحلاما اعرف أنها ستستيقظ يوما على قارب الوهم، حيث ضباب الحيرة وتدرك أنّ ذلك الحبر كان يخطّ سوى خرافات قاحلة معهودة منذ الأزل.
هناك في تلك الضفّة الأخرى صرخة لأنثى تحمل رضيعها في صدرها. تداري قلقها اليومي ووحدتها المخبوءة تحت الرّغبة وذكرى حروبها المتشوّهة. تجرّ ويلاتها في متاهات الصّدى، لا يسمعها ذلك الحبر ولا قزح تلك الألوان. توارويا بعيدا عنها في رعشة من جنون. تائهين في شوارع بعيدة كسيرة. غادرا مسالك العيون وراء كواليس يئنّان جوعا يتأجّج لظى. لهيبما تطفيه تلك الأمواج ليشتعل اعصارا. وبين الشجن والتيه يرقصان فوق أشلاء روح تلك الواقفة من بعيد وطفلها ينتحب تلك المسافات التي تفصله عن ذلك الولهان التائه بين شوارع مواطن ضائعة، يجري بين الزّوايا وراء أحلامه المعطوبة الأمل ،المبتورة المنال.
غدت روحها احتواء الأزمات وطفلها بين يديها تدثّره بقلبها الحزين، تترقب طيرها الزاجل الذي حطّ عشه على قزح تلك الألوان. في عتمة ذلك المكان تترقب في شواطئ وحشتها البائسة، على أمل رجوعه الذي بات وهما وحلما كاذبا. انهمرت دموعا حرّى على حياتها العرجاء ومصابها المُفتعل. تراءت لها على تلك الرّمال آثار خطوات زمنها الميّت. تتعثّر في وهن تُرمّم ما تبقى لها من روحها المتدلّية وجعا. وعلى كلّ خطوة في مداها حيرة الشّوق في امتداد السّباق.لم يتبقّ شيء. بهث اللون واصفرت الروح وتهاوت كما أوراق الخريف. توجّهت صوب ذلك الغروب الذي اصبحت اشعته تتوارى ببطء خلف مياه البحر وهي ترافقه متجهة لوحشتها الأبدية.

قصة قصيرة
بقلم
زكية خيرهم



#زكية_خيرهم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برنامج جاري يا جاري لمغرب كبير يتأرجح بين الحلم بالوحدة وعدو ...
- تعدد الزوجات والازواج في العالم الجزء الثاني
- قاتلنا من أجل النرويج
- قوس قزح
- في النهاية نحن جميعا شيكانا الجزء الثاني
- استطلاع حول قضية الصحراء المغربية مع الصحافي والمحلل السياسي ...
- استطلاع حول قضية الصحراء المغربية
- مأسآة غزة : من أذناب الاحتلال إلى أسياد المقاومة
- الديموقراطية البوشية
- الواقع العربي ما بين الديموقراطية الدكتاتورية والدكتاتورية ا ...
- فراشات و ثعابين
- العاصفة
- صراخ الصمت
- قصة قصيرة
- الأسود الناصع
- حرية...حرية!!!
- حذاء الرئيس
- الفنانة المغربية سميرة جموشي: فن شرقي غربي في قالب واحد
- هيفاء سابقا
- رواية -الجمال العربية على الثلوج القطبية -


المزيد.....




- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - انكسار المرايا