أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالخالق حسين - تفجيرات لندن.. الدوافع والعواقب















المزيد.....

تفجيرات لندن.. الدوافع والعواقب


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1253 - 2005 / 7 / 9 - 09:12
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تعرضت العاصمة البريطانية صباح يوم 7/7/2005 وخلال ساعات الزحام، إلى سلسلة من التفجيرات اتصفت بمنتهى الوحشية والدقة والتنسيق، تحمل تكتيكات وبصمات منظمة القاعدة الإرهابية من حيث توقيتها وأهدافها وتحقيق أكبر قدر ممكن من الخسائر في الأرواح في صفوف المدنيين الأبرياء وإشاعة الرعب بين الناس. حصل ذلك بعد أقل من 24 ساعة على الفرحة الكبرى التي غمرت سكان لندن والشعب البريطاني بفوز عاصمة بلادهم لاستضافة الدورة الأولمبية في عام 2012. وهذا يدل على أن هذه الجماعات الإرهابية ضد كل شيء اسمه فرح وبهجة ومسرة، إنهم أعداء الحياة وأعداء كل معلم من المعالم الحضارية مثل الرياضة العالمية التي من أهم أهدافها تقوية أواصر المحبة والصداقة بين الشعوب. كذلك تزامنت موجة التفجيرات مع عقد مؤتمر الدول الصناعية الثمانية الكبرى في سكوتلندا والذي من أهم أجندته مساعدة الدول الأفريقية الفقيرة وإخراج شعوبها من محنة الفقر.

كانت حصيلة هذه العمليات الإرهابية لحد كتابة هذه السطور 37 قتيلاً وأكثر من 700 جريح بينهم أكثر من 40 إصاباتهم خطيرة، وربما تتصاعد هذه الأرقام. إضافة إلى أنها تسبب في شل حركة المواصلات في لندن وخاصة قطارات الأنفاق التي تنقل يومياً من وإلى لندن حوالي ثلاثة ملايين راكب. لا شك أن الإرهابيين ومن يقف ورائهم اعتبروا هذه العملية نصراً من الله وفتح قريب، وتبادلوا التهاني والتبريكات فيما بينهم على غرار ما حصل في الأردن بعد مجزرة الحلة في العراق التي ارتكبها إرهابي أردني قبل ثلاثة أشهر.

ولكن الغريب في الأمر أن يطلع علينا بعض المهووسين من الإعلاميين العرب وحتى من اليسار الأوربي ليظهروا شماتتهم بكل وقاحة وصلف بما حصل في لندن حيث يحاولون إلقاء اللوم على دعم بريطانيا للحرب التي حررت الشعبين الأفغاني والعراقي من أعتى نظامين جائرين. ويعتقدون خطأً أن الانفجارات هذه حصلت انتقاماً من الحكومة البريطانية على سياستها المؤيدة لأمريكا ودعمها لها في العراق وأفغانستان وراحوا يبشرون بسقوط حكومة توني بلير!!. هذا تفسير يدل على غباء مفرط وعنجهية وقصر نظر ودعم خفي للإرهاب.

لقد ذكرنا مع غيرنا مراراً وتكراراً، أن الإرهاب الإسلامي لا يبحث عن مبررات لأنه لا يميِّز بين الدين أو مذهب ومدينة ولا حتى موقف سياسي معين وإليكم الدليل:
1- كان كين ليفنكستون، عمدة لندن، اليساري العمالي المعروف في موقفه المناوئ لتوني بلير رئيس الحكومة البريطانية، والذي وقف ضد الحرب في العراق ومازال يطالب بسحب القوات البريطانية فوراً وهو صديق مخلص لمفتي الإرهاب، الشيخ يوسف القرضاوي الذي استقبله في لندن بالأحضان في العام الماضي، علق بعد التفجيرات أمام الإعلام العالمي قائلاً: (أنها ليست موجهة ضد رئيس الوزراء البريطاني ولا ضد زعماء الدول الصناعية المجتمعين في سكوتلندا ولا ضد أية حكومة وإنما ضد الناس المدنيين الأبرياء، مسيحيين ومسلمين ويهود ومن مختلف الأديان الأخرى.). الحمد لله، وأخيراً توصل السيد كين لفنكستون إلى قناعة أن الإرهاب ضد الأبرياء وليس من أجل العدالة.
2- وقفت تركيا ضد الحرب في العراق ومنعت على القوات الأمريكية استخدام مطاراتها وحتى مرورها في أراضيها. ومع ذلك لم تسلم تركيا من الهجمات الإرهابية عدة مرات.
3- كما وعارضت فرنسا شن الحرب على صدام حسين وبذلت كل ما في وسعها لإبقاء النظام الصدامي في الحكم أطول فترة. ومع ذلك تعرض الإعلاميون الفرنسيون في العراق إلى الخطف. والآن في فرنسا حالة تأهب لمواجهة الإرهابيين وقد تم خلال الفترة الأخيرة القبض على شبكات إرهابية واسعة.
4- الحكومة المصرية ووسائل إعلامها عارضت الحرب على العراق ومازالت غير مؤيدة لوجود القوات متعددة الجنسيات، وكانت متعاطفة مع العمليات الإرهابية في العراق والتي تسميها مقاومة وطنية مشروعة، تعرضت القاهرة لتفجيرات، ولم يسلم سفيرها في بغداد من الخطف وقد أفادت الأنباء أخيرا ومع الأسى والحزن، أن منظمة القاعدة أعلنت عن ذبحه بتهمة الردة.
5- المملكة العربية السعودية ليس فيها احتلال أمريكي ولم تؤيد إسقاط النظام البعثي في العراق ولكن رغم ذلك فهي ساحة لشن الهجمات الإرهابية على مؤسساتها.
6- كذلك نعيد ما قلناه مراراً أن الهجمات التي تعرضت لها أمريكا في 11 سبتمبر 2001، قد حصلت قبل أن تشن الأخيرة أية حرب على نظام الطالبان في أفغانستان أو احتلال العراق. بل جاءت الحرب الأمريكية ضد النظامين، الطالبان والبعثي، كنتيجة للهجمات الإرهابية وليست سبباً لها.

ومن كل ما تقدم، نفهم أن الإدعاء بأن الأعمال الإرهابية في لندن كانت رد فعل على السياسة الخارجية للحكومة البريطانية فهو ادعاء باطل ومحاولة لإيجاد تبريرات واهية للإرهابيين. فهذه التفجيرات هي أعمال قتل عشوائي، ولا بد من بين الضحايا حتى من الذين عارضوا الحرب على العراق. كذلك، ألا يمكن أن يكون من بين الضحايا مسلمون؟ فكيف يمكن معاقبة الحكومة البريطانية بقتل الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة؟ وأي دين يبرر لهم قتل الأبرياء؟ وقد جاء في القرآن الكريم «ولا تزر وازرة وزر أخرى». في الحقيقة إن الإرهابيين الذين يرتكبون هذه المجازر باسم الله والإسلام قسموا العالم إلى كفار ومسلمين، دار حرب ودار سلام. إذ يقول أحد فقهاء الإرهاب: [.. فاليهود والنصارى ليسوا أهل كتاب، بل كفار ومشركون ويجب قتالهم حتى يسلموا، وإن الجنة حرام عليهم، ودمهم ومالهم وأهلهم مباحون "لأهل التوحيد" وأن يتخذوهم عبيداً.] (الشيخ الدكتور صالح الفوزان، عقيدة التوحيد، ص93-95). وهذا يعني أن كل غير مسلم هو مشروع قتل مباح لجماعات الإرهاب، فهم لا يبحثون عن سبب معقول، لأنهم يقتلون من أجل القتل.
من هنا نعرف أن الإرهابيين أناس مهووسون بالقتل، نتيجة تعرضهم إلى عملية غسيل الدماغ فتحولوا إلى وحوش بشرية كاسرة يتلذذون بقتل الأبرياء لا يسعدهم سوى مناظر الدم وأشلاء الضحايا. ومن الخزي والعار على الجهات العربية وغيرها إيجاد المبررات لهذه الأعمال الإجرامية. فكما قال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير: « إن الإرهابيين يريدون إرغامنا على تغيير قيمنا ونمط حياتنا، ولن نسمح لهم بأن ينتصروا». لقد نسي الإرهابيون ومن يدعمهم أنه من السهولة ارتكاب أية جريمة في بريطانيا ولكن لا يمكن أن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن، وهذا ما تعهد به رئيس الوزراء لشعبه.
كذلك راحت بعض الفضائيات العربية تردد بفرح ساذج أن هذه التفجيرات ستؤدي إلى سقوط حكومة بلير، على غرار ما حصل لحكومة خوزية أزنار في أسبانيا على أثر تفجيرات مدريد في العام الماضي. مرة أخرى أخطأ هؤلاء قراءة الواقع السياسي. في الحقيقة إن التفجيرات البريطانية تختلف كلياً تفجيرات مدريد التي حصلت قبل الانتخابات البرلمانبة الأسبانية بثلاثة أيام. أولاً، لم تسارع الحكومة البريطانية إلى تشخيص الجهة المسؤولة عن التفجيرات بل تركت ذلك إلى الخبراء المختصين. ثانياً، سارع الإرهابيون من جماعة القاعدة وأعلنوا عن مسؤوليتهم عن الجريمة. ثالثاً، وخلافاً لما حصل في أسبانيا، وقف قادة المعارضة البريطانية في البرلمان وأعلنوا دعمهم غير المشروط للحكومة في حربها على الإرهاب. كما وحاز توني بلير بدعم ومؤازرة جميع قادة الدول الصناعية الكبرى المجتمعة في سكوتلاندا بمن فيهم جاك شيراك، الخصم التقليدي لبلير. وعليه فهذه التفجيران عززت من مكانة حكومة العمال والرئيس توني بلير على عكس ما يعتقده السذج من الذين يدعون أنهم محللون سياسيون وهم ليسوا كذلك. كما تأكد العالم أن الإرهاب ضد الجميع.
وأخيراً نقول، رب ضارة نافعة. فكما دفعت أحداث 11 سبتمبر 2001 أمريكا إلى شن حرب على الإرهاب وتحرير الشعبين الأفغاني والعراقي من أعتى نظامين جائرين، كذلك تفجيرات لندن تعتبر نقلة نوعية دفعت الحكومات الغربية، إلى طي خلافاتها جانباً وأشعرتها أنها مهددة بالإرهاب دون استثناء. لذلك عقد قادة هذه الدول العزم على الوقوف صفاً واحداً لدحر الإرهاب وسحقه. كذلك تعزز الاعتقاد بأن لا يمكن القضاء على الإرهاب بمجرد مطاردة الإرهابيين، بل بمعالجة أسبابه. ولعل أهم سبب لتفشي الإرهاب وتفريخه في دول الشرق الأوسط هو الأنظمة الاستبدادية والتربية الدينية الخاطئة، لذلك فأحداث لندن ستعزز المشروع الأمريكي لدمقرطة الشرق الأوسط الكبير، الذي سينال الدعم والتأييد من أغلب الدول الغربية والعالم للتعجيل بنشر الديمقراطية والثقافية الإنسانية في البلدان العربية ودحر الإرهاب.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والفساد
- الفن في خدمة الشعوب الفقيرة
- الإرهاب السني والإرهاب الشيعي
- البعث السوري على خطى توأمه العراقي
- هل للعقل دور في اختيار الحلول الصائبة؟
- قراءة في بيان، ليبراليون عرب: صرخة ضد التبسيط
- لا يمكن-تطهير- كتب التراث..... تعقيباً على الأستاذ أشرف عبدا ...
- ملاحظات حول الدستور الدائم
- الماركسية وأفق البديل الاشتراكي
- الدكتاتور عارياً!!
- انتصار المرأة الكويتية ترسيخ للديمقراطية
- أزمة قوى التيار الديمقراطي في العراق
- مخاطر الحرية المنفلتة
- شاكر الدجيلي ضحية القرصنة السورية
- الفتنة أشد من القتل... تضامناً مع العفيف الأخضر
- تحليل نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة
- حكومة الوحدة الوطنية وإشكالية المحاصصة
- فوز بلير التاريخي انتصار للديمقراطية
- المحاصصة شر لا بد منه!!
- حملة الانتخابات البريطانية والقضية العراقية


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالخالق حسين - تفجيرات لندن.. الدوافع والعواقب