|
النقد البناء كسكين الجراح الذي يجرح ليشفي
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 4410 - 2014 / 3 / 31 - 17:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع وجود اسهال كبير في عدد الاحزاب والحركات السياسية الخاصة بعرب الداخل الفلسطيني – عرب 48 – لكن هذا الكم الكبير في عدد التنظيمات السياسية شكل عبئاً كبيراً على المواطنين العرب ، لأنه تجاوز قدراتهم وامكانياتهم في تغطية هذا العدد من الاحزاب مادياً وبشرياً وفكرياً . هذا العدد الكبير ادى الى خلق صراعات وخلافات بسبب محاولة هذه الاحزاب استقطاب اكبر عدد من المؤيدين لها ، كما ادى الى احتراب فكري وتلفيق شعارات بعيدة عن الواقع المؤلم الذي نعيش فيه . بعض هذه الاحزاب والحركات ما شبت قوية متحمسة ، استعارت افكارها ومبادئها من الاحزاب العربية التي كانت قائمة سابقاً خاصة الحزب الشيوعي ، مع اجراء اعلال او ابدال في بعض مقاطع او حروف كلمات هذه المبادىء ، فظهرت صوراً جديدة من الخطابات السياسية البراقة ، المصطلحات اللغوية المشتركة لغالبية هذه الاحزاب والحركات ذات مرجعية واحدة ، يتصدر او يتوسط او يتبع اسمائها مصطلحات متكررة ومعروفة ، منها الوطنية ، العروبة ، الديمقراطية والقومية . غالبيتها تجزم بأنها ديمقراطية ، ليس باللافتات ومنشيتات وعناوين النشرات و الصحف ، بل بالممارسة والتعاطي الحزبي من الافراد والمؤسسات والقيادات المختلفة مع ان الواقع والحقيقة غير لك ، فغالبية احزابنا وحركاتنا الوطنية تستخدم الديمقراطية واجهة من الواجهات الاخرى المزيفة التي تستخدمها ، فهي تتستر وراء هذا المصطلح السياسي الحضاري الرفيع ..!! أين الديمقراطية في الحركة الاسلامية بشقيها الشمالي والجنوبي ؟؟ مع شعارها " امرهم شورى بينهم " هل قرأنا مقالاً واحداً في الصحف الصادرة عن هاتين الحركتين يحمل أي نوع من روح النقد الفردي او الجماعي ، هل يوجد أطر منظمة لاختيار مؤسسات كل حركة بحرية وشفافية وديمقراطية ..؟؟ لقد سمعنا الكثير ممن طردوا او قرروا الابتعاد عن هاتين الحركتين ، غالبية هؤلاء تحدثوا عن الغموض في أخذ القرارات وأيضاً الغموض الذي يكتنف بيوت المال التابعة لهاتين الحركتين . اما حزب التجمع الوطني الديمقراطي فهو يسبح بالديمقراطية من اعلى الرأس الى اخمص القدم ، ما يميز ديمقراطية هذا الحزب بأن القرارات الهامة ، خاصة ما يخص توزيع الوظائف والتفرغ وصرف الميزانيات وجريدة الحزب يتم اقرارها جميعها في كابينت خاص ، غالبا ما يكون هذا الكابينت مكون من عضو واحد مجاورا في اقامته لصحراء الربع الخالي ، يصادق على هذا الفيتو كابينت مصغر لا يتجاوز الخمسة اعضاء ، المهم ان هذه القرارات تصل مطبوخة الى بقية المؤسسات من ذلك المكان المحاط برائحة البترودولار . الكل يعرف بان الطبخة التي اوصلت باسل غطاس الى منبر الكنيست تم تحضيرها في احدى قصور الدوحة ، لأن انتماء المذكور ونشاطه داخل الحزب كان موسمياً ومزاجياً منذ أن تأسس هذا الحزب ، وانا شاهد على ذلك ، هناك من لقبه بالضيف ، وقد فشل اكثر من مرة بالوصول الى عضوية اللجنة المركزية . اما بيت القصيد من هذا المقال فهو الحزب الشيوعي وتوأمه الجبهة ، وما دفعني لكتابته ليس دفاعاً عن الجزب والجبهة لأنه يوجد غيري من يدافع عنهما ، بل ما دفعني هو تطاول عدداً من تجار الاعلام على قامة الحزب والجبهة ، خاصة ايتام شركة البستاني للدعاية وربائب المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة – ومن المضحك ان يطلق على الصحيفة والموقع كل العرب - . مع انني لم اكن يوما في الحزب الشيوعي او الجبهة ولا انوي ذلك مستقبلاً بعد تركي الحياة الحزبية ، لكن هذا لم يقلل من تقديري واعترافي بدورهما الريادي كونهما بوصلة وطنية ورباناً خبيراً ، باعه طويلة في توجيه مراكب الجماهير العربية ، في نفس الوقت فان هذا الربان ارتكب أخطاءً جسيمة ادت الى نزول الكثيرين من هذه المراكب . الحزب الشيوعي والجبهة كبقية الاجسام والتنظيمات السياسية الاخرى يصيبان في مسيرتهما ويخطئان ، معرضان للمد والجزر لكنهما لم يفقدا البوصلة ، الحزب الذي لا يتحمل او يقبل النقد غير مؤهل للتجديد ، لأن النقد ملح الحياة ورافعة من روافع النهوض ، مهما يكن فان احداً لا يستطيع الانكار حتى من خصوم الحزب والجبهة السياسيين بان هذين التنظيمين من بين اكثر الحركات السياسية في الداخل الفلسطيني تحملاً للنقد بأساليب متعددة ، حصل هذا التحول منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية ، والدليل على ذلك المقالات المتكررة التي تنشرها صحيفة الحزب " الاتحاد " لرفاق الحزب واصدقائه ، هذه المقالات كسكين الجراح الذي يجرح ليشفي ، لأنها سلطت الاضواء على الكثير من الثغرات والمطبات والتشنج في حياة الحزب ، وغالبيتها تطالب بضخ دم جديد في شرايين الحزب وكوادره وقياداته . هذا يعتبر عملاً سباقا وتحولاً في حياة الحزب السياسية ، كما يعتبر قدوة ومثلا يحتذى به لبقية الاحزاب والحركات السياسية العربية ، ان تقديم عريضة او عرائض لقيادة الحزب والجبهة للمطالبة بالإصلاح والتجديد يعتبر مطلبا حضاريا لا تسمح به سوى الاحزاب التي تثق بنفسها وبأعضائها ومؤسساتها . لقد تناولت بعض الصحف المريضة هذا التحرك بنوع من السخرية والتشفي ، هذه القوى الظلامية لا تدرك بان الاحزاب التي تجلد ذاتها هي الاحزاب الراسخة في اذهان الجماهير ، انها ليست احزابا موسمية يقودها القرضاويان في قطر ، الاحزاب الموسمية هي الاحزاب التي لا تحتمل جلد الذات والنقد الذاتي . اليوم نحن امام تحالف غير مقدس بين التجمع والحركة الاسلامية ، وقد رفع راية هذا التحالف - القرضاوي وعزمي بشارة - في الدوحة ، ما يجمع هذا التحالف هو الاستمرار بالتآمر على سوريا ودعم الارهاب فيها ، وعلى ما يبدو فان هذا التحالف قرر الانتقال في تآمره الى جبهة ثانية وهي دعم الاخوان المسلمون في مصر ، فقد اصدر التجمع من جهته والحركة الاسلامية من جهة ثانية بيانات متشابهة ضد الجهاز القضائي في مصر ، لأن هذا الجهاز ادان القتلة والسفاحين من هذا التنظيم لانهم ارتكبوا جرائم بشعة بحق الابرياء من رجال الامن المصري ومن المؤيدين لثورة 25 يونيو ، اتركوا مصر وشأنها لان تحالفكم ضدها يعني صدق طريقها ، لا تكرروا الخطيئة التي ارتكبتموها بحق الشعب السوري ،الذي يعاني من القتل والتشرد واللجوء والتدمير للتاريخ والثقافة السورية ، ان وجودكم في خندق القتال ضد سوريا هو قمة العار والمستقبل كفيل بكشف عمق هذا العار .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكل زمن وموقف دايتون جديد
-
قلة الشغل تعلم مفكر النيتو التطريز
-
عندما يبكي السجان دموع النفاق
-
في انتظار طيور سنونو جديدة قادمة الى اسرائيل
-
بين أنصار المخلوع وانصار المعزول حبل من مسد
-
النقد هو الجانب الآخر للحقيقة
-
قاطرة المفاوضات تبحث عن سكة حديد واضحة
-
تركيا واسرائيل توأم سيامي في قهر الشعوب
-
مصالحة نتنياهو اردوغان سكاكين جديدة فوق الجسد الفلسطيني
-
في حكومة نتنياهو تعددت الضفادع والنقيق واحد
-
طقع حكي بماركة صهيونية
-
اليمين الاسرائيلي يريد انتفاضة ثالثة
-
لكل قديس نزوة
-
الجيش خاسر إن لم يربح الحرب والمقاومة رابحة إن لم تخسرها
-
الازمات تلد الهمم
-
حق القوة لا يهزم قوة الحق
-
عباس فرط بكل الثوابت الفلسطينية وماذا بقي ؟؟؟
-
السجن في الوطن ولا الحرية في المنفى
-
من مذكرات معلم سابق (1): مدير ليوم واحد .. !
-
أمريكا تحصد زرعها..!
المزيد.....
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|