أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فؤاد الصلاحي - في اليمن ... بؤس الاحزاب والنخبة















المزيد.....

في اليمن ... بؤس الاحزاب والنخبة


فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 4409 - 2014 / 3 / 30 - 17:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


في بلاد تتسم نخبتها الحزبية والسياسية بالبؤس الفكري والابداعي لم تستطع ان تبلور الحدث الشعبي الكبير (الانتفاضة/الثورة) من خلال دلالات معرفية وسياسية تتجه بانزال السياسة من اهتمام النخبة وخاصة الخاصة الى جعلها هما شعبيا وحدثا وفعلا ممارس ضمن الفئات والشرائح الشعبية وهنا اهم انجاز للربيع العربي بانه جعل السياسة اختيار شعبي وكسر احتكار النخبة لها .و هنا فرضت الانتفاضة الشعبية على الاحزاب والحكومة الانفتاح على متغيرات الواقع وتقدير فاعلية الشباب والمرأة والشعب (فلاحين /عمال/قبائل) رغبة منهم بتحسين شروط حياتهم اقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا مما يستدعي مزيدا من النضال لتحقيق بناء الدولة الوطنية واعادة الاعتبار لمؤسساتها وابراز مرتكزها الرئيسي بانها دولة المواطنة والمساواة .
في هذا السياق لابد وان تراجع الاحزاب جميعها افكارها وبرامجها وسلوكها لترتقي الى مصاف المتغيرات وفاعلية الواقع المتحرك . فلايجوز للاحزاب ان تظل حبيسة افكارها الجامدة والبائسة واهتمامات نخبها الخاصة بانتهازيتها المعروفة .وهنا يكون واجب الاسلاميين مثلما اليسار والقوميين والجماعات الحركية الجديدة ان تدرك انها لاتمثل كل المجتمع ولا تستطع ذلك ولايمكنها ان تظل حبيسة افكار مفارقة للواقع وتطلب تأييد الشعب لها ، والدليل على ما نقول ان اختيارات الاحزاب لممثليها في الحكومة وفي مؤتمر الحوار واللجان الاخرى لم تكن اختيارات جيدة ممن تتوافر فيهم الكفاءة والمعرفة والمهارات وهذا يعني ان جميع الاحزاب ليس لديها كوادار فاعلة ومؤهلة وفق متغيرات الواقع السياسي ومعارفه المتجددة. ولهذا كان الفشل حليفهم في كل مساراتهم السياسية ..نحن امام احزاب بائسة وقيادات انتهازية لاتهتم لامر الشعب بل تهتم لمصالحها وفق منطق الغنيمة والمحاصصة . وهنا تتساوق نخب اخرى اكاديمية وصحفية وعسكرية وقبلية في نفس البؤس ولانها كذلك فهي تقبل ان تكون مدجنة لصالح مراكز القوى ولصالح الخارج ، وهنا لايمكنني وصفها بالنخبة الا مجازا . فالنخبة كما في السوسيولوجيا تمثل الكفاءات من المجتمع في تخصصات علمية ومهنية وفي مختلف المكونات الحزبية بل وحتى المكونات التقليدية وهي تعمل وفق سياق مجتمعي تدرك طبيعته وتطلعاته وتعبر عنه . والنخبة طليعية في جماعتها او مجتمعها وليست متعاليه عليه أومنحبسة في ابراج عاجية تجعل من الشعب مجرد قطيع وأحطاب ليحترق في معارك تكسب منها النخبة فقط .في هذا السياق ظهرت انتهازية النخبة الحزبية واعوانها ومن لف معها في سياق التنكر للشهداء والجرحي وللثوار في هرولة نحو مبادرة اهم دلالاتها انها شكلت اعتداء على مطالب الشعب في التغيير والتجديد .
ومن يتتبع مسار تشكل الاحزاب في اليمن يجد انها نشأت في ظروف مرحلة سابقة لم تعرف العلنية ولا الديمقراطية وكانت القيادات تتشكل وفق مجموعات صغيرة وبرامجها وافكارها حبيسة مرحلة التصادم الايدولوجي رغم اننا اليوم نعيش مرحلة الاعتراف العلني بالاحزاب والاقرار بالديمقراطية وانهيار التخشب الايدولوجي حيث الانتقال من الايدولوجي الى السياسي اصبح من متطلبات المرحلة الراهنة .
ورغم كل فاعلية الشباب والشعب في انتفاضات الربيع ، ولأنهم لم ينتظموا في تكتلات حزبية وتنظيمية جديدة كانت النخبة الحزبية والقبلية والعسكرية واعوانها وازلامها جاهزة للحوار السياسي وللأمساك بالحكومة وفق محاصصة مقيتة . هنا عملت هذه النخبة ضد مصالح الشعب وقادة المجتمع عكس مطالبه وعكس تطلعاته . والمشكلة في بلادنا ان النخب التي تعيش في المدن (وهي ليست حضرية في ثقافتها وسلوكها تماما) تقود مجموعاتها نحو تحقيق مصالحها هي دون قواعدها الاجتماعية. فالشيخ يقود قبيلته لمصلحته وتعزيز مكانته وحضوره الاجتماعي والسياسي وتستمر القبيلة في الفقر والثأر والجهل ، وكذلك الاحزاب تقود اعضائها لمظاهرات وانتفاضات تعزز من حضور القيادات الحزبية التي اصبحت قيادات متحفية . ومع هذا المسلك الانتهازي هرول بعض الشباب والاكاديميين والصحفيين الى مراكز القوى من اجل ان يتم تعيينهم في مواقع وظيفية او ضمن لجان سياسية مقابل ان يكونوا تابعين وازلام لتلك النخب التي هي في الاصل جاهلة ومتخلفة وبائسة .
وللعلم مفهوم النخبة احد الموضوعات الرئيسية في علم الاجتماع السياسي وكان منظري هذا المفهوم قد استهدفوا منه ان يكون بديلا لمفهوم الطبقة في مرجعيته في النظرية الماركسية ، ومع مسار التطور المجتمعي ومتغيرات السياسة والاقتصاد العالمية وظهور تشكلات اجتماية وبنيوية جديدة اتجه العلماء لدمج بعض المحددات الماركسية في مفهوم النخبة كما تم اعتماد محددات من النظرية الليبرالية في مفهوم الطبقة وهنا ظهر بما يسمى بتعدد المناهج والمفاهيم والدلالات . ومع ذلك فالمفهوم عربيا وفي بلادنا خصوصا يكتنفه بعض الغموض فنحن لانجد نخبة Elite بمعناها الكلاسيكي وفق محددات اقتصادية واجتماعية مع منظومة ثقافية موازية مثل الباشوات في مصر او اللوردات في بريطانيا واوربا الوسيطة . ولا نجد نخبة حداثية اعتمدت قطيعه مع بناها السابقة ، بل غالبية النخب الحزبية والاكاديمية والاقتصادية لاتزال ترتبط عاطفيا بالمرجعيات الجهوية والمذهبية وهذا يعكس ضعف مسار التحول الاجتماعي وبطئ تشكلاته بنيويا . لكننا نجد قفزات سريعة في المجال الاقتصادي –الملكية للمشاريع والعقارات وحجم الثروة- بدون النظر الى مشروعية اكتسابها . لان مسار التطور السياسي وصراعاته المتعددة شرعن لمنطق الجهوية وشراء الولاء وكانت الثروة والملكية والوظائف الكبيرة محددات لهذا المسار غير القانوني المناهض لمفهوم ومبداء المواطنة المتساوية .وعليه نحن ازاء نخب –مجازيا- لاتستوعب مسار التطور السياسي والاجتماعي ولاتمتلك مشاريع حداثية تجيب عن اسئلة المواطنة وحقوق الافراد وحاجاتهم المعيشية ، ولا تمتلك رؤى ومشاريع ثقافية تعزز من الحدثة السياسية وتغرس مفرداتها في الوعي الفردي والجمعي . وهنا نكون ازاء احزاب في مظهرها العام ، لكنه دون فاعلية او قدرة في التواصل المجتمعي ولا قدرة في ادارة التغيير السياسي بل هي واجهة لمراكز القوى التقليدية ولهذا فهي احزاب بائسة فكرا وقيادة في آن واحد. ونحن امام تنظيمات جمعوية متعددة المهام والوظائف تبحث عبر قياداتها عن تمويل ولو من باب التسول من السفارات لكنها غير قادرة على ان تكون حركة اجتماعية تشكل رافعة للشباب وللطبقة الوسطى وتؤسس لمجتمع مدني بأبنيته التنظيمية ومنظومته الثقافية المشرعنة لوجوده.
ونحن ازاء نخبة من الاكاديميين والمدرسي والصحفيين يكتفي غالبيتهم بدور الموظف المنسحب من المشاركة في الشأن العام ولايمارس دوره التغييري عبر الاشتباك مع قضايا المجتمع الرئيسية ومع مراكز القوى كل من زاوية تخصصه وممكناته في الكتابة او الخطابة او غيرها . وقد عرفنا هؤلاء من خلال ساحات التغيير في اكثر من بلد عربي .
في هذا السياق تبرز مراكز القوى كنخب تقليدية عبر استملاكها لمؤسسات الدولة والثروة الوطنية وعبر تحالفها مع الخارج باعتبارها واجهة محلية للراسمالية ومراكزها الاقليمية . وهنا لن تنجح مسارات التغيير الجديدة عبر الانتفاضات والاحتجاجات المحدودة مثل التي شهدناها في بلادنا وسائر بلاد الربيع العربي وعليه يكون التغيير الحقيقي عبر ثورات كاملة بمساراتها تطيح نهائيا بمراكز القوى وكل النخب التقليدية لتؤسس لبديل اجتماعي – طبقي- يتولى ادارة الدولة والمجتمع وفق مشروع سياسي مغاير بعموميته سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وبدون هذا الامر لن نحظي سوى ببعض المظاهر الشكلانية التي تقدم على انها تغييرات يتم الاحتفاء بها لتزييف وعي المجتمع خاصة وعي الشباب الذي كان ولايزال عنده تطلعات كبيرة ومتزايدة للولوج نحو الفضاء الحضاري بممكناته الفلسفية والمادية وبمحدداته السياسية المغايرة للدولة السلطانية تأسيسا لدولة مدنية بمظاهرها المؤسسية ومضمونها الاجتماعي الثقافي.
والاحزاب كما في بلادنا لم تكن عونا للمسار التغييري فهي لم تشكل دعما ولاسندا للانتفاضة الشعبية –الثورة مجازا- بل انحرفت بمسارها مهرولة نحو الصفقات وفق منطق المحاصصة والغنيمة وهنا باعت الثورة/الانتفاضة بمبادرة مكنتها من الوصول الى مقاعد السلطة بل وتنكرت للشهداء والجرحي ووصمت الشعب بالجهل وعاقبته بتعميم الفوضى الاقتصادية والامنية طيلة ثلاث سنوات .
ولم تستطع الاحزاب جذب القبيلة كأفراد ومجموعات الى الفضاء المدني وتغيير منظومة علاقاته وثقافتهم بل ما تم هو العكس من ذلك استطاعت الرموز القبلية ان تحول الاحزاب الى منصات لصالحها سياسيا وتعزيز مواقعها الاجتماعية التقليدية .. ومع تعدد الاحزاب وكثرتها فهي احزاب دفترية يتم تسجيل اسمائها وعنواينها دون قاعدة اجتماعية تعبر عنها او تحتشد وفقا لمشروعها الذي لاتمتلكه من الاساس . وحتى قيادات الدولة وهم افراد عاديون يحتلون وظائف كبيرة لاننا لانجد في بلادنا من نسميه برجل دولة أظهرت نزوعا نحو اعادة انتاج البنى التقليدية وتبلورت بشكل فاضح في اتجاه الرئاسة والحكومة لدعوة الرموز القبلية لتكون حكما بين الدولة وبعض الرموز العشائرية والقبلية المتنازعة معها في عمليات تخريبية استهدفت المؤسسات العمومية هنا سلمت الدولة هيبتها وسيادتها والغت مفهوم القانون والدستور لصالح القبيلة ومنظومتها في الضبط الاجتماعي .
والسؤااال متى تأتي الدولة المدنية ؟ ومادور الاحزاب في هذا المسار ؟ ام انه علينا الانتظار لبعض الوقت حتى تتشكل احزاب جديدة ونخب جديدة تتولى صياغة مسار سياسي جديد يضع اليمن في قلب المسار الحضاري العالمي بعيدا عن مرتكزات البداوة وابنيتها ورموزها، وهذا رهين عملية تشكل جديد لانماط العلاقات الاجتماعية والانتاجية ضمن مشروع سياسي اقتصادي يستفيد من المتغيرات العولمية الراهنة دون ان يفتقد لبوصلة التغيير محليا ضمن تفعيل حركة اجتماعية تتشكل معها ومنها كتلة تاريخية تعبر عن مختلف قوى التغيير والتجديد.



#فؤاد_الصلاحي (هاشتاغ)       Fuad__Alsalahi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الربيع العربي يحدث أهتزازات في النظام السياسي الخليجي
- السعودية تجدد مملكتها
- مملكة السيد وجمهورية الشيخ ..صراع الزعامات داخل القبيلة الزي ...
- قطر في عين العاصفة السعودية
- الربيع العربي يبيع النظام الجمهوري ..
- المشهد السياسي اليمني ..تقدير موقف
- المخلص ... رمز الميثولوجيا السياسية في الفكر العربي
- في اليمن..الغباء السياسي والصدفة التاريخية
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
- برجوازية طفيلية وحكومات فاسدة ..؟
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
- اليسار الجديد.. رؤية نقدية


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فؤاد الصلاحي - في اليمن ... بؤس الاحزاب والنخبة