عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 4409 - 2014 / 3 / 30 - 15:13
المحور:
الادب والفن
إختُتمتْ أمس 29/4 فعاليات مهرجان بابل الدولي بمشاركة عربية وأجنبية، لا نقول خجولة ولكنها نسبياً أفضل من سابقتها، في عهد مجلس المحافظة السابق، الذي حرَّم فقرات الغناء والرقص حينذاك إلتزاماً بما تمليه عليهم عقولهم المتقوقعة المؤمنة بالثقافة الشمولية الثيوقراطية، بحيث تحوّل ذلك الاجراء الى فضيحة، وسبب ذلك يعود إلى أنّ غالبية أعضاء ذلك المجلس هُم ليسوا من أبناء مدينة الحلة المعروفة بتنوّع وإنفتاح وتطور ثقافة المجتمع الحلي، بَل أنّهم من قرى ونواحي المحافظة، وهذه الحالة تعاني منها جميع مراكز المحافظات، وأعني زحف الريف على المدينة (ظاهرة الترييف) والقضاء على مدينيتها.
إنّ الذي لفتَ إنتباهي في الحفل الختامي لمهرجان بابل الدولي هي اليافطة ألتي عُلّقَت على المسرح البابلي تقول (ستبقى ثقافتنا الإسلامية منفتحة على الثقافات العالمية..). هؤلاء لا يزالون يرفعون شعارات تَنُم عن عدم وعي من خلال المؤشرات التالية: أولاً - يفرضون على الآخرين ما يؤمنون به بالإكراه، ثانيا – يؤسسون لواقع إجتماعي غير موجود أصلاً، فالمجتمع العراقي بغالبيته هو مجتمع مسلم وليس مجتمع إسلامي، ثالثاً – إخضاع الغالبية المسلمة (وليست المؤمنة) من العراقيين الذين يتقاطعون مع الأحزاب الدينية بمتبنياتهم الفكرية الداعية الى تعدد الثقافات، رابعاً – تجاهل ثقافات المكونات الإثنية الأخرى، الذي يؤدي بالنتيجة إلى ذوبانها قسراً تحت راية تديينها ووضعها تحت هيمنة فئة إسلاموية متخلفة طارئة على المجتمع العراقي تعمل بذهنية القرون الوسطى.
عند حلول الموسم الانتخابي، تنفلت الأمور وتكشّر قوى الاسلام السياسي عن أنيابها، مستغلةً كافة الوسائل اللاحضارية واللانزيهة بالتشبث للبقاء في السلطة، وإحدى تلك الوسائل هي الإصرار على تقزيم وتغييب بعض أركان الثقافة العراقية. فقبل عدة أيام ظهرَت إحدى مومياءات مجلس محافظة البصرة، ذات الوجه المكفهر، متشدّقة بإصدارها أمر منع الرقص والغناء على خشبة مسرح مدينة البصرة!... تلك المتخلفة ومَن على شاكلتها يجهلون أنَّ فَن الأوبرا هو فن يعبّر بالغناء عن فحوى المسرحية، وكذلك الحال مع رقص الباليه الذي يستبدل النطق باللسان بالحركات التعبيرية الراقصة الجميلة التي تتناسب مع ما يُراد النطق به كلاماً، لكن تلك الإمّعة، صاحبة القرار، ومَن يشاركها الرأي ينظرون إلى رقص البالية كونه رقص غير محتشم ويُثير الشهوة الجنسية!.. هذه هي حقيقة عقليتهم، فالمرأة، حسب قناعاتهم، ما هي إلاّ مخلوق خُلِقَ لإشباع الغريزة الجنسية فقط، وهذا ما كشفه جوهر قانون الأحوال الشخصية الجعفري بدوي المفاهيم!!!.
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟