|
حديث حول الديمقراطية
فهد المضحكي
الحوار المتمدن-العدد: 4408 - 2014 / 3 / 29 - 13:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يمكن الحديث عن معالجة الظواهر السلبية الا اذا قبلنا بعملية التقييم والنقد والمحاسبة ونعني بالقبول هنا ليس فقط على الصعيد النظري وإنما ـ والأهم ـ على مستوى الممارسة. فغياب هذه العلاقة تقودنا الى تعثر في تصحيح الأخطاء ووضع استراتيجيات المستقبل والدفع بعملية التغيير نحو آفاق جديدة مشرقة. ومن هنا فإن تجاوز الأزمات الاجتماعية والمشكلات الاقتصادية والسياسية والثقافية تحتاج الى ارادة جماعية جادة حقيقية لا تغرق في التبرير والتسطيح وهو النظام الذي تتبعه الحكومات والأحزاب الشمولية غير الديمقراطية ذات المرجعيات الاقصائية بل في كيف ان يجري التغيير وفق شروطه ومنهجه النقدي الذي يجب ان ينطلق منه، وهذا لا يتم ويتحقق إلا في ظل الانفتاح الديمقراطي والحديث عن حقوق وواجبات متساوية لا عن محاصصة طائفية وولاءات عشائرية وقبلية ودينية متعصبة تراهن على المقدس والخرافة في مواجهة الحداثة والتقدم، وهنا تأتي اهمية العملية النقدية العقلانية القادرة على كشف أبعاد ومخاطر هذه الرؤى المقيدة للعقل والثقافة بغية ترسيخ مشروع الحداثة والنهضة كأولوية في الخطاب الحداثي التنويري والقادرة ايضاً على الانخراط في تغيير الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي لمصلحة الديمقراطية وحقوق الانسان، وهذا يتطلب وعلى صعيد الأداء قوى ديمقراطية علمانية عقلانية تتعامل مع المفاهيم الحقوقية والقيم الديمقراطية بخطاب حداثي لا بخطاب ديني يتبنى الديمقراطية شكلاً وتكتيكاً وتنظيراً بهدف الوصول الى السلطة وإن كانت اغلب المطالب والحقوق مشروعة لان التحول الديمقراطي مشروع لكل الشعوب ولا يستطيع احد تجزئته أو اقتصاره على شعب دون آخر فإن جوهر هذا الخطاب يتناقض تماماً مع تلك القيم والمفاهيم ولنا امثلة على ذلك كثيرة سواء كانت التجربة الايرانية التي ما ان وصلت الخمينية الى السلطة حتى تبخرت كل الشعارات الديمقراطية وأصبح النظام السياسي على الصعيد الداخلي اكثر استبداداً وتسلطاً وتفاقمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وحوّلت تحالفات سلطة رجال الدين «الملالي» المتحالفة مع اصحاب رؤوس الاموال «البا زار» الجماهير الشعبية الى الفقر المدقع وتضاعف جيش العاطلين عن العمل ونصبت المشانق للشيوعيين والديمقراطيين وكل المدافعين عن الحقوق الديمقراطية وعلى صعيد السياسة الخارجية المدفوعة بسياسة الاطماع التوسعية برزت الحاجة الى تصدير الثورة! وكذلك الامر لا يختلف بالنسبة للإخوان المسلمين في مصر ذا فشل النظام في عهدهم فشلاً ذريعاً وأصبحت نموذجاً لإخوانة الدولة وإرهاب الجماعة وليست بعيدة عن المشهد السياسي الايراني حيث تفاقمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية فهو دليل ضعف السلطات الحاكمة وضاعت اهداف الثورة واحلام المواطن في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وعندما فشلت الجماعة في تحقيق احلام مصر والمصريين اسقط نظام الاخوان في ثورة مصر الثانية في الثلاثين من يونيو. يقول الباحث د. علي الدين هلال في بحثه تحولات الديمقراطية في الوطن العربي: الدين والسياسة أو تديين السياسة وتسيس الدين. عندما يحدث ذلك فإنه توضع عقبة جديدة تثير التلعثم في المسيرة الديمقراطية ويثير هذا الموضوع بدوره اسئلة مختلفة وفي مقدمتها قضية الانتماء. ففي النظام الديمقراطي المواطنة لا علاقة لها بالدين ولا بالمذهب الطائفي ولا بأي رابط آخر غير المواطنة ذاتها. ولكن عندما يتم ادخال افكار تعلي الانتماء الديني مثلاً على الانتماء الوطني فسيحدث خلل من نوع ما اي يتم تحطيم فكرة الدولة الوطنية، ولك ما يرتبط بها من مؤسسات بما فيها مؤسسة الديمقراطية نفسها. وحول اهم السمات التي تميز النظم الديمقراطية يوجزها هلال في ان النظام الديمقراطي هو النظام الذي يوفر للمواطن العادي فرصة التأثير على القرارات التي تمس حياته ومستقبله من خلال التصويت، وهو النظام الذي يسمح للمصالح المختلفة سواء كانت طبقية او فئوية بالتعبير عن نفسها وهو النظام الوحيد الذي يسمح بإدارة الخلافات على نحو سلمي. على انه من الخطأ البالغ ان اترك انطباعاً بأن الديمقراطية هي مجرد تنظيم لشكل نظام الحكم، بل هي اسلوب لحياة المجتمع والناس، وبالتالي فإن الفهم الأعمق للديمقراطية لا يقتصر على انها شكل من اشكال التنظيم السياسي ونظام الحكم بل نحن نتحدث عن الديمقراطية في داخل الاسرة وعن الديمقراطية داخل المؤسسة الدينية والمؤسسة التعليمية. وبعبارة اخرى فإن هذه القيم التي ذكرناها ليست قاصرة على النظام السياسي بل تشمل الدولة الديمقراطية والمجتمع الديمقراطي، علماً بأن من دون وجود هذا المجتمع يظل نظام الحكم الذي يأخذ بالأشكال الديمقراطية مجرد تنظيمات او مؤسسات لا تضرب بجذورها عمقاً في الأرض. باختصار ان مشروع الديمقراطية يحتاج الى قوى ديمقراطية لا قوى تقليدية محافظة شمولية.. قوى منفتحة على الآخر دون ان تغلق الأبواب امام حقوق المرأة والتسامح والتعدد واحترام الآخر.. قوى علمانية عقلانية. وباختصار ايضاً لا يمكن ان تعالج كل التحديات إلا بمزيد من الديمقراطية.
#فهد_المضحكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإرهاب!!
-
عيد المرأة العالمي
-
المنظمة العربية لمكافحة الفساد
-
الحوار طريق المصالحة الوطنية
-
ندوة التقارب الأمريكي الإيراني الخلفية والآفاق
-
هيئة الإنصاف والمصالحة.. المغرب مثالاً
-
عقبات تواجه الاتفاق النووي الإيراني
-
رحل في صمت
-
عبدالجليل بحبوح
-
حول الحوار الوطني
-
(( العرب وجهة نظر يابانية ))
-
المراجعة النقدية
-
هكذا كان شاعر الفقراء
-
مانديلا وداعاً
-
غياب مبدأ المساءلة والمحاسبة!
-
النواب والرقابة البرلمانية!
-
محمد دكروب الإنسان المثال
-
نيران الحرب.. حول آبار بترول الخليج!
-
لماذا أكتب؟
-
التقارب الأمريكي الإيراني
المزيد.....
-
لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح
...
-
السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام
...
-
-د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت
...
-
صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي
...
-
اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي
...
-
بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
-
هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا
...
-
مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
-
ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|