امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4408 - 2014 / 3 / 29 - 11:15
المحور:
كتابات ساخرة
" في إحتفالية الذكرى الخمسين ، لزواجهِ .. سُئِلَ الزوج : ما هو سِر نجاح علاقتكما الزوجية خلال كُل هذه السنوات الطويلة ؟ وكيف إستطعتُم الحفاظ على الإنسجام والعيش المُشترَك ؟ . إبتسمَ الزوج وهو ينظر الى رفيقة دربه وشريكته ، قائلاً : .. المسألة سهلة ، فلقد إتفقنا أنا وزوجتي ، منذ الأيام الأولى لإرتباطنا ، إتفاقاً بسيطاً ، مفادهُ .. عندما يغضب أحدنا ويفقد أعصابه ويبدأ بالصياح ، ينسحب الآخر بهدوء الى الحديقة ، ويبقى هناك ، الى أن تهدأ الأمور فيعود الى الداخل ! . إندهشَ السائل وقال : جميل جداً ، وهل كُنتُما تُطبِقان ذلك على الدوام ؟ أجابَ الزوج : طبعاً .. تعال إلقِ نظرة على حديقتنا الكبيرة ، بأشجارها الباسقة وأزهارها المتنوعة ، التي زرعتُها أنا وإعتنيتُ بها طوال نصف قرن ، فلقد قضيتُ معظم حياتي هُنا ، في هذه الحديقة !! " .
العلاقةُ بين بغداد وأقليم كردستان ، فيها بعض الملامِح من علاقة الزوجَين أعلاه .. فلقد جرَتْ الأمور كما يلي : كُلما غَضَبَتْ الزوجة " بغداد " أي الحكومة العراقية ، وكّشَرتْ عن أنيابها ورفعتْ صوتها ، بالتهديد والوعيد والوَيل والثبور وعظائم الأمور ... سارعَ الزَوْج أي " أربيل " أي أقليم كردستان ، أي الكُرد .. بالخروج الى الحديقة ، والإنتظار الى أن تهدأ أعصاب بغداد ، فيعود الى الداخل ! . وكانتْ موجات غضب الحكومات العراقية في بغداد ، خلال السبعين سنة الماضية ، تتفاوتُ ، في الشّدة والمُدّة .. فأحياناً تكون صياحاً مُعتدلاً وتهديداً لفظيا لفترةٍ قصيرة.. وأحياناً حرباً شعواء طويلة الأمد .
وخلال الأشهُر الماضية ، تصاعدتْ نبرة الغضب لدى الزوجة في بغداد ، بحيث ان خروج الزَوج الى الحديقة ، وإعتصامهِ فيها ، رُبما لاينفع كثيراً ... إذ أن التهديدات قد تصل الى عُقر الحديقةِ هذه المّرة ، " إذا رأتْ الزوجة ، أن لديها القُدرة على فعلِ ذلك ! " .
حاولَ الزوج ، ان يُجّمِل الحديقة ويهتم بها .. على أمل ان تهدأ الأحوال ، فيرجع الى الداخل .. لكن يبدو ، ان الأزمة الحالية والخلافات الزوجية المتراكمة ، رُبما ستُؤدي الى الطلاق بالثلاثة ! .
................
مِنْ حُسن حَظ الزَوج ، أن منزلهم فيهِ " حديقة " يستطيع اللجوء إليها ، عندما تغضب زوجته .. لكن المُشكلة ، أعمق ، لدى الأزواج المُقيمين في شُقَةٍ في طابقٍ مُرتفع ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟