أكرر نفسي

ناصر ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 4408 - 2014 / 3 / 29 - 07:56
المحور: الادب والفن
    

أكرر نفسي
شعر ناصر ثابت

أكرر نفسي
كأنيَ أخشى عليها من الإندثارْ
كأني حين أكررها، أتجنَّبُ نسيانَها
وألقِّنُها الكلماتِ
وأكتبُ عنها، ومنها، وفيها
وأسمعُها، كاملَ الحسِّ والحدسِ والانتظارْ

أكررُ نفسي كثيراً
كثيراً أكررُ نفسي
أعيدُ الكلامَ بترتيبه المختلف
وأدخلُ في غيمهِ المؤتلفْ
وأسقطُ في أرضِ ذاتيَ
في قعرِها... في القرارْ
أكرِّرُ نفسي
وأبحثُ عن شجرٍ للفِرارْ
لأقطفَ منه فراخَ العصافيرِ والمفرداتْ
كأنيَ أخشى على الذاتِ من وجع الإندثار،
كما اندثرتْ صورتي السابقة
وضاعت بلا سبب واضحٍ
في بلادٍ تعوَّدَ تأريخُها أن يضيِّعَ كلَّ الكلامْ
قليلٌ كلامُ النصوصِ الذي لا يضيعْ
قليلٌ، وأكثرُه لا يُناسبُ لونَ القصائدِ والأمتعة
وقد لا يناسبُ شكلَ القصيدةِ أو عطرَها
ولا لغةَ الوهمِ فيها

أكررُ نفسيَ، علِّيَ أمسكُ خبزَ التأملِ،
علِّيَ أدخلُ في رحلةٍ للتصوفِ، أو قلقٍ قد يطولُ
وإن التصوفَ قد لا يُدجِّن وهمَ الإلهِ، ليمزجَهُ بالرثاء
وقد لا يفكك جيدَ الحقيقةِ، حتى يقررَ كيفَ وأينَ وماذا يقولُ
لأنَّ التأملَ فاكهةُ القلبِ، أدخلُ بستانَه، وأكررُ نفسي
وحينُ تُصادفني خلوةُ الشعرِ، أدخلُها،
غالباً ما أضيعُ هناكَ على نسماتِ الصباحْ
وأخفي المحاصيلَ بين سطورِ الرياحْ
وأهجرُ تلكَ الدفاترَ حتى أعيدَ إليها الحياة
أدرِّبُها أن تصونَ الهزيمةَ في سرِّها المستباحْ

هنالك أغنيةٌ للكلامِ الخصوصيِّ
تأخذني في حماسةِ حبرٍ من الأمل الناعمِ الأبدي
أفتتُ ذاتي على صدرها ذرة بعدَ ذرة
أذوِّبُها في سماءِ المسرة
وأشربُها مع طلوعِ القصيدة
أمارسُ ذاكرةَ المحوِ
حتى أعيدَ إلى النفسِ فقهَ الهوى
لأنطقَ في لغتي عن هواي
وحتى أدرِّبَها أن تكونَ كمنفى كبيرٍ لأفكاريَ المهملة
أقولُ لها:
تلاشَيْ
ولا تتعالَيْ
ولا تخذلي خافقي في الغيابْ

أكررُ نفسي
كأنَّ قريناً من الشكِّ يتبعُني
يقلدني بل يكرِّرُني، فالرتابةُ أصلي الجديد
ودربي إلى التهلكة

لأن القصيدةَ كوخُ الكلامْ
وفضةُ هذا الرحيلِ السخي
ولعبةُ هذا الفراغ الجميلْ
لأن القصيدةَ أن نتأملْ
ونصنعَ من خشبِ اللفظةِ الساكنة
صخوراً وغيماً طريَّاً، وجدولْ
لأن القصيدةَ مثلُ السفرْ
تعودُ إليها الألوهة
وتهربُ منها البديهة
أكررُ نفسي!

#ناصر_ثابت (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات