أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - كيف نفهم الله؟















المزيد.....

كيف نفهم الله؟


أحمد القبانجي

الحوار المتمدن-العدد: 4407 - 2014 / 3 / 28 - 09:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قالوا وقلنا:........

يقول القران:(هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون)-الحشر 23-

اقول: ماورد في الاية اعلاه يمثل فهم الدين لله, وهناك عدة فهوم ورؤى اخرى لا بأس من استعراضها هنا باختصار ليطلع عليها القارئ ويختار منها مايراه الانسب والاقرب للعقل:
1-الرؤية الاسلامية: وهي ماورد في الاية المذكورة وكثير من الايات والنصوص الدينية من اتصاف الله بصفات بشرية ولكنها على مستوى اعلى بكثير من مستوى البشر,فالله رحيم بعباده بمانفهمه من الرحمة لدى البشر ولكنها اكثر منها بملايين المرات,وهكذا صفة الكريم والعظيم والرؤوف وماالى ذلك,ولا يمكن القول بانها ليست كما نفهمه من صفات البشر لان ذلك يستلزم التعطيل,اي لا نفهم من هذه الصفات شيئا ويكون ذكرها لغوا,ولكن هذا الفهم والتصور عن الله وان كان اقرب الى عقول عامة الناس واكثر مقبولية,الا انه يواجة عدة اشكالات مهمة ولا يمكن الدفاع عنه عقلا,لان هذه الصفات تحكي عن وجود عواطف لله,والعواطف متغيرة ولا يمكن ان يكون الله محلا للمتغيرات,لانه وجود بسيط غير مركب والا لاحتاج الى اجزائه,اضف الى ذلك ان هذه الصفات متناقضة فيما بينها,فالرحمة اللامتناهية تتعارض مع النقمة والعقاب,لانه بمجرد ان يعاقب احدا فهذا يعني ان رحمته انتهت عند هذا الحد ويعني انها متناهية ولها حد.. ثم ان بعض هذه الصفات مشينة ولا يعقل ان يتصف الله بها كما في الاية المذكورة كالمتكبر مثلا,والحال انه لا أحد اكثر تواضعا من الله بدليل انه مع عظمته يتحدث مع الانسان ويهتم لاموره, والانسان عندما يتكبر فانه يتكبر على اقرانه ومن هو مثله,والله لا يوجد له نظير في الكون بل هو وحده, فعلى من يتكبر؟ وهكذا في صفة المستهزئ(الله يستهزئ بهم)والماكر(ويمكرون ويمكر الله) او صفة الملك,فالانسان انما يكون ملكا على بشر مثله ولا يعقل ان يكون ملكا على النمل.وليس الملك بمعنى المالك,او صفة المؤمن,فهل يؤمن بوجوده هو؟ هذه ليست فضيلة فكل انسان وحيوان يؤمن بوجود نفسه..وكذلك صفة السلام وهو يأمر بالغزو والقتل ويعذب الناس في النار,فأي سلام هذا؟.. ولا نطيل في ذكر الاشكالات على هذه الرؤية فهي كثيرة.

2- الرؤية المسيحية: وفيها تخلص المسيحيون من جميع الاشكالات المذكورة اعلاه حينما نسبوا كل هذه الصفات للاله الابن وهو يسوع المسيح وهو الله المتأنسن او الانسان المتأله بعد ان تجسد الله المطلق في هذا الانسان, فيعقل حينئذ اتصافه بصفات بشرية من جهة كونه انسانا,الا ان هذه الرؤية تواجه اشكالات من جهات اخرى لدى عامة الناس من قبيل كيف يمكن تعقل الثالوث وان الله له ثلاثة اقانيم؛الاب والابن والروح القدس,وكيف كان الابن مع الاب منذ الازل,وكيف يعقل ان الله يولد من بطن امرأة بتلك الحالة من الضعف والمهانة,وكيف يمكن تفسير صلب الله ليكون كفارة عن خطيئة آدم المركوزة في البشر,والى آخرها من الاشكالات ,وطبعا يجيب علماء المسيحية عن هذه الاشكالات بما لا يسع المجال لذكرها هنا.

3-الرؤية الفلسفية: حيث يرى الفلاسفة المؤمنون بوجود الله ان الله هو الوجود المنبسط على الكائنات والمبدأ لجميع المخلوقات ولا يتصف بأي صفة من صفات البشر,فهو تلك العلة الاولى والقوة العظيمة التي خلقت الكون وما فيه وكفى,طبعا هناك خلاف بينهم في التفاصيل الا انهم يشتركون فيما ذكرنا, وهذا يستلزم ان الكون ازلي وابدي لان الله هو العلة التامة ومتى وجدت العلة وجد المعلول,فلا يكون الله موجودا في زمان لوحده قبل وجود الكون,وهذا هو احد اسباب تكفير الغزالي للفلاسفة لانهم يقولون بقدم العالم.. وهذه الرؤية رغم انها تتخلص من الاشكالات السابقة الا انها غير محببة للناس,فهم يريدون الله الذي يتعاطف معهم ويحبهم ويحبونه وله رحمة وعدالة ويتفاعل مع الانسان ويجازي المحسن باحسانه ويعاقب المسئ باساءته,ولهذا كان اله الانبياء اقرب الى عقولهم ونفوسهم من اله الفلاسفة.

4-الرؤية اللادينية: وهي رؤية جميع العلماء والفلاسفة الماديين الذين يرون فكرة الله مجرد وهم وخرافة ناتجة عن حاجة الانسان القديم للامن من مظاهر الطبيعة المخيفة التي لا يجد لها تفسيرا الا بفرض قوى غيبية تتصرف في العالم والطبيعة, او حاجة الانسان للحنان والدعم الغيبي لشعوره بالضعف امام التحديات الصعبة التي تواجهه في الحياة, او هي فكرة ابتكرها الحكام والطبقة الحاكمة كوسيلة للسيطرة على الطبقة المحكومة او وسيلة يجد المضطهدون عزاءهم فيها ويمنون انفسهم ان الله سوف يجازيهم على صبرهم وينتقم لهم من الظالمين, او هي حيلة ذكية من روح المجتمع لشد افراد المجتمع في اطار واحد بما يحقق لهم مزيدا من التكاتف والتعاون وامثال ذلك... وهذه الرؤية وان كانت صحيحة في موارد كثيرة في تفسير نشأة الاديان ولها مصاديق كثيرة بين الناس الا انها مع ذلك قاصرة عن تقديم اجوبة مقنعة لكيفية نشوء الكون وعالم الطبيعة ومافيه من عجائب الخلقة من بدن الانسان والحيوان الى اعظم المجرات في هذا الكون الفسيح.

5-الرؤية العرفانية: وتتميز هذه الرؤية بأنها تتجاوز جميع الاشكالات الواردة على الرؤى الاربع السابقة,وتتلخص في ان الله المطلق-كما في الرؤية الفلسفية-لا يمكن ان يتصف بأي من الصفات البشرية بل لا يمكن ادراكه مطلقا,فهو غيب الغيوب ,ويسمى(هو) عند العرفاء,ومنه صدر الوجود الذي يسمى الله كما تصدر اشعة الشمس من الشمس,فالله هو الصادر الاول عن الهو,ويسمى عند العرفاء المسلمين بالروح المحمدية, وعند المسيحيين بالروح القدس, وعند الهندوس كريشنا, وعند قدماء الفلاسفة بالعقل الاول, وهذا الله يمثل وجود الموجودات والكائنات,اي ظهر على شكل كائنات العالم كما في اللوحة الفنية التي تظهر للناس على شكل مناظر ملونة مرسومة على قطعة قماش او لوح من الخشب,فالرسوم الملونة مستندة في وجودها الى تلك القطعة من القماش او الخشب ولكننا نرى الرسوم ولا نرى اللوحة نفسها,وهذا الوجود-اي الله- عندما يظهر في الانسان يكتسب صفات بشرية,لانه يمثل وجوده الحقيقي فيظهر على شكل صفات بشرية كما ظهر في المسيح,وكما تظهر الوان قوس قزح من اشعة الشمس عندما تمر في منشور,فالله المطلق من جهة لا يتصف بأي صفة,ولكن الله الشخصي المتحد مع وجود الانسان والذي هو شعاع من ذلك المطلق هو الذي يتصف بالرحمة والرأفة واللطف وماالى ذلك,فالمسيح او اي انسان يصل الى درجة الكمال فانه يتحد مع الروح القدس ويصير هو الله كما قال الحلاج:انا الله,لا انه يكون الله المطلق بل شعاع منه,ويرى نفسه ازليا وابديا مع الله..
وهذا الروح القدس هو الذي يتواصل مع الانسان ويدبر اموره ويرعاه كما اننا نتواصل مع اشعة الشمس ونستفيد منها لا مع الشمس نفسها,وهذا الروح القدس هو وجود الانسان وذاته الحقيقية والذي نسميه بالوجدان, فالوجدان او الروح الانسانية هو ماورد في القرآن:ونفخت فيه من روحي.فهو روح الله في الانسان ومتصل مع جميع ارواح البشر,ولكن الحاجز بينهم هو الانا النفعية والفردية في كل واحد منا,فكلما ضعفت هذه الانا في الانسان قوي وجدانه وشعر بالحب اكثر للاخرين,ولو استمر الانسان في تقوية وجدانه فسوف يصل الى مرحلة يتصل بها بارواح جميع البشر وتموت الانا منه فيحس انه الله,اي يتحد بروح القدس .
وعلى هذا الاساس لا يحتاج اثبات وجود الله الى دليل عقلي كما يقول علماء الكلام لانه امر وجودي لا معرفي, اي ان كل انسان يشعر بوجود ذاته وهذا الوجود للذات هو الله, غاية الامر انه مغطى بالرسوم والماهية كالانا والعواطف والغرائز والتصورات الذهنية وغير ذلك, فكل شئ في العالم متشكل من وجود وماهية,ووجوده هو الله, ويختلف عن الموجودات الاخرى بالماهية,اي اننا نشترك مع جميع الموجودات بالوجود ونختلف في الصفات والاعراض وهي غير حقيقية,فالوجود هو القاسم المشترك بين جميع الكائنات وهو الله, وكل فرد منا له شعاع من ذلك الوجود المنبسط كما ان كريات الدم البيضاء والحمراء لها روح مستقلة ولكنها متصلة بروح واحدة وتشترك جميعها في روح واحدة وهي روح الانسان..
وكذلك الحال في التوحيد فكل واحد منا يشعر ان ذاته الحقيقية واحدة,فهذا يعني ان الله واحد ولا حاجة لدليل آخر على التوحيد, وهذا هو ماورد في النصوص ان التوحيد موافق للفطرة,لأن ذات الانسان واحدة,والمطلوب من الانسان المؤمن ليس ان يقول ان الله واحد,لانه امر بديهي ومحسوس,بل ان يكون هو واحدا,اي متحدا مع ذاته الحقيقية في فكره وعواطفه واعماله دون اي ازدواجية ونفاق في شخصيته ولا أي كذب وخلاف في أعماله واقواله,فاذا كان كذلك فهو الموحد والا فلا........ وشكرا لكم



#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نفهم خطوات الشيطان؟
- کيف نفهم الشيطان؟
- كيف نفهم العقلانية؟
- كيف نفهم الوحي؟
- كيف نفهم العقل؟
- كيف نفهم الحب؟
- كيف نفهم موسى وفرعون؟
- كيف نفهم الموت؟
- كيف نعرف الحياة؟
- كيف نفهم الانسان؟
- كيف نفهم العالم؟
- لماذا نقد الدين؟
- من ثمارهم تعرفونهم !!
- هل الخلل في النظرية ام في التطبيق
- هل الله يريد لنا حكومة دينية ام مدنية؟
- عندما يتحول الدين الى ايديولوجيا
- روعة الاقتصاد الاسلامي
- وهم الحق
- الاخلاق في السياسة
- القانون الجعفري وحقوق الانسان


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - كيف نفهم الله؟