|
الخجل الشديد لدى الأطفال
نورا جبران
الحوار المتمدن-العدد: 4407 - 2014 / 3 / 28 - 02:26
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
الخجل حالة نفسية يشعر معها الشخص بالقلق وعدم الراحة في المواقف الاجتماعية، وعدم القدرة على الشعور بالمتعة نتيجة المشاركة في أي نشاط اجتماعي، ما يدفعه إلى تجنب التواصل الاجتماعي، والانسحاب من هذه المواقف. ويعتبر الخجل إحدى مشاكل الطفولة الشائعة، حيث تشير الدراسات إلى أنّ 20% من الأطفال لديهم هذه المشكلة، بينما يتصف 25% من الأطفال بالجرأة، ويتردد 55% من الأطفال بين الخجل والجرأة. تختلف مشكلة الخجل لدى الأطفال الذين يعانون منها من طفل إلى آخر، من حيث حدّتها، والمواقف أو الأماكن التي قد تحدث فيها، ودرجة تأثيرها في ممارسة الطفل لحياته وأنشطته. عادة ما يؤدي الخجل الشديد إلى الانسحاب الاجتماعي، إذا كان قائما على الخوف والقلق الاجتماعي على الرغم من الرغبة في التفاعل اجتماعيا، كما يحدث مع الأطفال الذين يرغبون في تكوين صداقات لكنهم غير قادرين على ذلك، فيفقدون دوافعهم للانخراط في التفاعل الاجتماعي، أو ما يسمى "عدم الاهتمام الاجتماعي"، ويظهر هذا في سن مبكرة. تظهر على الطفل الذي يعاني من الخجل الشديد، مجموعة من الأعراض، عند مقابلة أشخاص جُدد، أو حين يُطلب منه الحديث أمام مجموعة من الناس، أو الصف، أو المشاركة في أي نشاط تفاعلي منها: صعوبة الحديث، والتلعثم أو التأتأة، احمرار الوجه، وتعرق اليدين، وصعوبة إيجاد الكلمات للحديث أمام الآخرين، وعدم التواصل البصري (عدم النظر في عيني من يتحدث إليه)، وعدم الابتسام بسهولة، بالإضافة إلى عدم الرغبة في اللعب مع الأطفال الآخرين، والاكتفاء بمراقبتهم عن بعد، وعدم الرغبة في زيارة الأقارب والجيران. تشير الدراسات والبحوث الخاصة بالأطفال الخجولين إلى وجود عامل وراثي يتسبب في ظهور هذه المشكلة، إلا أن نسبة تأثير العامل الوراثي ضعيفة مقارنة بتأثير البيئة والتي تعتبر أهم مؤثراتها في تشكل مشكلة الخجل؛ عدم شعور الطفل بالأمن والاهتمام، وسوء العلاقة الوالدية (بين الآباء والأبناء)، والصراعات الأسرية أو الفوضى، والانتقادات المتكررة من قبل الأهل والمعلمين والأصدقاء لسلوك الطفل، وهيمنة أو سيطرة الأخ أو الأخت الكبرى على الطفل. ويمكن أن ينتج الخجل عن النمذجة وتقليد سلوك الآخرين، كأن يكون أحد الوالدين أو الإخوة الكبار خجولا جدا، بالإضافة إلى عدم توفر فرص التفاعل الاجتماعي في سن الطفولة المبكرة، أي أن ينشأ الطفل في السنوات الأولى من حياته في بيئة معزولة، وبعيدا عن العائلة والأصدقاء، بالإضافة إلى الفشل الناتج عن ارتفاع المتطلبات والتوقعات المرتفعة التي يفرضها الآباء أو المعلمون. مضاعفات الخجل يمكن أن يؤثر الخجل الشديد والمستمر في حياة الطفل، ويفوّت عليه الكثير من الفرص في الحياة الاجتماعية والأكاديمية، كانخفاض فرص تطوير أو ممارسة المهارات الاجتماعية، وقلّة عدد الأصدقاء، وانخفاض المشاركة في أنشطة ممتعة ومفيدة تتطلب تفاعلا مع الآخرين، مثل الرياضة والرقص والدراما والموسيقى والرحلات، وتزايد الشعور بالوحدة، وعدم أهميته كشخص، وانخفاض تقدير الذات، وارتفاع مستويات القلق. وللخجل كذلك نتائج إيجابية، منها ارتباطه في كثير من الأحيان بأداء مدرسي جيد، وعدم دخول الطفل في مشكلات أو متاعب، والقدرة على الانصات للآخرين، وعدم قلق الأهل من إمكانية ابتعاده أو إيذاء نفسه، ولكن هذه الإيجابيات تبقى أقل أهمية وتأثيرا مقابل السلبيات التي يعيشها الطفل بصحبة حالة الخجل. كيف يجب أن يتصرف الوالدان: - يجب أن يحرص الوالدان على عدم وصف الطفل بـ "الخجول"، وعدم السماح للآخرين بوصفه بهذه الصفة أو الحديث عنها أمامه، أو الثناء عليها باعتبارها نوعا من الأدب، أو حتى استخدامها كوصف لصيق أو مرادف لشخصية الطفل. - الحرص على عدم انتقاد الطفل أو السخرية من خجله، بل إبداء قدر كبير من التفاهم والدعم لما يقوم به، وتشجيعه على التفاعل مع الآخرين بهدوء ولطف، وبصوت منخفض. - تشجيع الطفل على الحديث عن سبب خجله، وعما يخافه وما يدفعه لعدم اللعب أو التفاعل مع الآخرين. - إخبار الطفل عن فترات من حياة الأب أو الأم كان فيها خجولا، وكيف تغلب عليها، فالأطفال يعتقدون أن والديهم مثال للكمال، وشعورهم بأن والديهم مروا بالحالة نفسها سيخفف كثيرا من قلقهم، ويساعدهم على الشعور بشكل أفضل. - أن يكون الوالدان نموذجا وقدوة سوية أمام الطفل في التواصل الاجتماعي اللطيف والمتوازن. - تعزيز الطفل على أي تفاعل يقوم به والثناء على تحسنه، بدون مبالغة تزيد من خجله وارتباكه. - عدم ترك الطفل الخجول لقضاء وقت طويل بممارسة الألعاب الالكترونية أو مشاهدة التلفاز أو تصفح الانترنت فهذا يزيد من فجوته مع التواصل الاجتماعي، ويشعره بوجود البديل، وبالتالي عدم الحاجة لعلاج الخجل. - تسهم العلاقة العاطفية الجيدة مع الأبناء والتعبير عن الحب والاهتمام في تحقيق الإشباع العاطفي والشعور بالأمان، والقدرة على التعبير عن النفس والمخاوف بشكل منفتح، وتعتبر أساسا مهما جدا للصحة النفسية للأطفال والمراهقين، فلا تحرم طفلك من حق قربك وحبك.
#نورا_جبران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشاجرات الأشقاء
-
الإدمان الالكتروني لدى الأطفال والمراهقين
-
كيف تجيبين على أسئلة أطفالك حول الموضوعات الجنسية؟
-
اللعب والاستكشاف الجنسي عند الأطفال
-
من دفاتر الطفولة
-
خيانة الذاكرة
-
أيّار الياسمين
المزيد.....
-
فيضانات غير مسبوقة تجتاح بريتاني الفرنسية والسلطات تدعو للحذ
...
-
رئيس أركان الجيش الجزائري يبحث مع وفد -الناتو- سبل تعزيز الح
...
-
روسيا تدين أعمال المتمردين في الكونغو الديمقراطية
-
رئيس وزراء سلوفاكيا يهدد زيلينسكي بمنع المساعدات المالية لأو
...
-
وفد حماس يبحث مع المخابرات المصرية تطورات ملف التهدئة بغزة
-
العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
-
بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4
...
-
احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر
...
-
العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة
...
-
رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|