أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سماح هدايا - إعادة البناء...لا ترميم المتداعي















المزيد.....

إعادة البناء...لا ترميم المتداعي


سماح هدايا

الحوار المتمدن-العدد: 4406 - 2014 / 3 / 27 - 22:32
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



إعادة البناء... لا ترميم المتداعي
اتفق نظام الاستبداد مع مدراء مشاريع الاستعمار والهيمنة في المنطقة العربيّة على محاربة الثورات العربيّة. والحرب لها أشكال مختلفة. وفي سوريا يحاربون الثورة بأسلحة تدمير وبصواريخ ومشاريع وقطعان بشر من كل الأصقاع تحت رايات الثأر والمظلومية والتكفير. ويحاربون الثورات بالمعارضة.
والمعارضة السوريّة، في عموم أدائها، سلاح فتّاك بالثورة؛ فهناك فوضى معارضات كثيرة حتى حالة العشوائيات. وهناك معارضات تصبّ في خدمة النظام وداعميه، بشكل قصدي أو غير قصدي. بل أصبحت المعارضة حصان طروادة للغدر، وقميص عثمان للانقضاض على مشروعية الثورة وشرعيتها ومطالبها بحجة الاختراق والتضليل وسرقة الثورة من أهلها.
المعارضة السوريّة مصطلح واسع فضفاض، لكنّه يعكس صورة سياسية كبيرة، لحالة متناقضة متناحرة تسير بين خطين متباعدين متنافرين أخلاقيّاً وسياسيّاً: خط النظام وخط الثورة. وهي تحمل اللوثة الاستبداديّة الاستئثاريّة؛ فترفض استيعاب بعضها ومصابة بضحالة التّعبير الوطني والإنساني، وبالتّحديد، في أمثلة معروفة لبعض الأطياف، مصابة بضعف الإخلاص الوطني، وانسداد النظرة الديمقراطيّة، حد القبول بالخيانة، أحياناً، من أجل تحقيق مكاسب فئويّة. ولديها، في الأغلب، إشكاليّة إعادة نسخ الفكر الاستبدادي تحت مفهوم العصمة والنخبة والعصبية السياسية.
اتسعت الفجوة بين المعارضة و أطياف الشعب حتى التّباين في الرؤية والموقف والمسؤولية، وصار شائعا اتهامها باللاوطنية والعمالة لدول عربية رجعيّة، أو غربية، وبالعمالة لنظام الأسد. وبالمقابل لم تتوقف أطياف كثيرة من المعارضة عن اتهام الثورة بالسذاجة والإرهاب والظلاميّة، والطائفيّة والعنف واستجلاب الغريب والعمالة لتمويله. وهذا الوضع، يستمر يوميا وتستمر معه حالة استقطاب وفرز، من دون التّوافق على عمل وطني مشترك منظّم مسؤول مخلص.
من الواضح أن المعارضة السورية لايمكن ان تتوحد واقعيّاً في المدى المنظور؛ لأنها تنطلق من متناقضات متناحرة ومن مشارب متنافرة. ممارساتها الاستبداديّة وحالات المرواغة والذاتية والغرور والفساد، وظهور بعض الأصوات والأفعال المشبوهة والمتواطئة مع النظام الأمني، وتصريحات بعضها، التي تصب في خانة العدو، أصابتها بالوهن الشديد. وللاسف فإن أصوات المعارضين عالية ضد بعضهم في التخوين والسخرية والإقصاء، لكنّهم لا يؤسسون أي قواعد عمل متينة وقابلة للبناء عليها، ويعجزون عن التّصدي الواعي الناجح للعدو الطاغي ونظامه وإسقاطه؛ فهم شتى وقلوبهم متفرّقة؛ كأن الأمر شبيه بطوشات حيّ وزعامات حارة. وواقعيا؛ فإن خدمتهم للثورة جاءت قاصرة ومتواضعة جدا، وأحيانا معرقلة ومسيئة؛ فلا مشاريع عمل ميدانية ظاهرة أو حاضرة بما هو مفروض ومفترض ومتوقّع. لا في المخيمات ولا في الأماكن المتضررة، ولا في الأماكن المتحررة، ولا في ميادين الثورة، ولا على الصعيد الدولي السياسي. كلّه جهود ارتجاليّة وشلليّة وعشوائية فيها حالة من الفساد ومزاج التمويل، تفتقر للاستدامة والثبات والتنظيم والعمليّة الناجحة، أو مزاجية انتقائية، متعلقة بانتماءات العائلة والعشيرة والقرية أو محسوبة بحساب المكتسبات الشخصية قاصرة عن إنجاز عمل يرتقي لقيمة الدماء والتضحيات والبطولات.
عندما تكون قويّاً على الأرض، ملتصقاً بروح مايحدث، تنقلب المواقف؛ فالمعارض الحيادي أو الذي يتفرّج ويشاهد وينتقل من شاشة إلى شاشة، من دون أن يشارك في الفعل الثوري، غير الذي يقاتل ويكافح ويجاهد بحياته وماله ومصيره من أجل إنقاذ يومه وحياته وحريته وسلامته وسلامة أهله.
نظام الأسد الإرهابي حاول تفريغ الثورة من معانيها وشرعيتها، وأرهقها، وعمل على دعم مكونات المعارضة المخمليّة غير الخطيرة على نظامه وعرشه، وغطاها بهالة وطنيّة، وأغرقها بأوهام الإصلاح والحل السياسي وتقاسم السلطة. واخترع معارضات أخرى لتمديد الفتنة؛ لكنّ ذلك كلّه، على الرغم من تحقيق بعض نجاحاته في التشتيت، غذّى الثورة وألهبها وزاد من طاقة الإصرار على التحدي والثأر. ومن كان يراهن على التفاوض والسلم سقط سياسيا تحت براميل الموت التي كان النظام يلقيها على المدن والقرى. واستمرت الثورة بعزم الضحايا والمبادىء. فالنظام الذي قتل وجرح وارتكب المجازر وأباد واستغل كل المكوّنات الضعيفة والشروخ، لا يمكن التعايش معه، قد رسّخ في مواجهته مفهوم الجهاد حيث لا حل مع ممارساته الإجرامي إلا الحرب مهما جاءت التكلفة.
الثورة استمرت وتعمّقت رغم الإحباط والخسائر والخذلان والتآمرات والانحرافات المؤقّتة، لكن، فشلت المعارضات، وفشل الائتلاف، بشكله الحالي، وهو الممثل الرسمي للمعارضة والثورة، في كل مهماته الوطنية؛ لأنّه عجز عن تحقيق مصداقية وجدية في العمل والدعم، وخسر في أدائه السياسي والوطني ولم ينجح في دعم الثورة عسكريا وسياسيا وإغاثيا وميدانيا، بسبب بنيته وطبيعة نشأته وعقليّة إدارته ومسار عمله، إذ غرق في متاهات اللعبة الدولية؛ وفقد قيمته المعنويّة في الشارع السوري.. وليس أمامه الآن سوى الانتفاض على نفسه وإعادة بناء نفسه وترسيخ خطة عمل مقبولة ومتفق عليها، استنادا إلى الأرض والشعب، وإلا فلا مكان له ولا مستقبل في الخارطة السياسيّة.
النظام يحارب بعنف وشراسة ووحشيّة وخسّة. مجرد إطالة وقت وزيادة دمار وتدمير، يراهن على انهيار الثورة وانهيار مشروعيتها وشرعيتها حتى تتخلى الناس عنها. والعالم، كلّه، معني بمصالحه فقط. ولكي يبقى رهان الشعب المؤمن بالحرية والكرامة على الثورة وعلى سواعده في الثورة. ويجب تقديم مشروع عمل للثورة والثوار، مشروع منهجي بعيد عن الاستقطاب الفئوي، وأكبر من أطروحات ضيقة، يستوعب المجاهدين والثائرين والمغيثين والمدنيين وعموم الشعب من المنكوبين والنازحين والمحاصرين والخائفين. لذلك على من يمثل الثورة والمعارضة أن ينسجم مع الثورة ومطالبها التحررية وحاضنتها الشعبيّة، وأن يظهر إخلاصه لها، ويقدم برنامج عمل يستوعب المتناقضات والظروف ويكون بديلا عن المشاريع الرجعية والذتية التي أكلها العفن والأنانيّة. وإلا سارت الثورة في طريق والمعارضة في طريق آخر وتخبّط الجميع، وكان الضحيّة سوريا وشعبها.
د. سماح هدايا



#سماح_هدايا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يصير العطر ذاكرة قارصة وحلما دافئا
- ليس بسخاء الرثاء والتعاطف...بل بالعدل
- التحليق خارج منظور الأقفاص
- يحترقون...بدماء الضحايا
- شاركهم رغيفك
- اللعبة الطائفية
- نساء بين سقف وسماء
- قناعات وعقائد واحتياجات..ومشاريع في ظل التهاوي والهيمنة
- لماذا...خوف الأقليات من الثورات؟
- ماذا وراء الغضبة الشعبيّة القطيعيّة؟
- الظلام الطائفي في لبنان
- بناء التغيير
- ثقوا بالثورة واتركوا روحها تقودكم
- المثقفون والثورة
- المرأة ودورها في الثورات العربية


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سماح هدايا - إعادة البناء...لا ترميم المتداعي