|
فتاة المصنع .. فيلم يخصم من رصيد محمد خان السينمائى
رياض حسن محرم
الحوار المتمدن-العدد: 4402 - 2014 / 3 / 23 - 14:03
المحور:
الادب والفن
منذ بدأ تتر الفيلم فى النزول والإهداء لروح الفنانة "سعاد حسنى" وكلماتها البسيطة " سيداتى آنساتى سادتى..كل عام وانتم جميعا طيبين" سرحت ذاكرتى الى فيلمه الأجمل زوجة رجل مهم وإهدائه الى روح "عبد الحليم حافظ" ولم يغب عن بالى طوال الفيلم المقارنة بينهما، خصوصا وأغانى السندريلا تتقاطع مع أحداث الفيلم كسابقه وأغانى حليم وروحه ترفرف على شريط "زوجة رجل مهم" الذى ابدع فيه كاتب القصة والسيناريو والحوار المتميز "رؤوف توفيق" الذى إستطاع أن يخلق على الورق الصدام الحضارى بين الشخصية المرّكبة لبطله أحمد زكى والحالمة الرومانسية ميرفت أمين ليترجمها بعبقريتة محمد خان فى الفيلم، ومر أمامى شريط طويل من أبداعات خان "ضربة شمس" و "فارس المدينة" و"غريب فى بيتى" و "أحلام هند وكاميليا" و "سوبر ماركت" و "شقة مصر الجديدة" وغيرها من أعمال تخلط بين قسوة الواقع ورقة الرومانسية، ومنها هذا الفيلم الأخير الذى حاول أن يرسم بسمة على شفاهنا من خلال مجموعة من البنات الفقراء يعملن فى مشغل للملابس يصنع منهن خان برغم الفقر والألم واقعا يحمل به قدر من الأمل والعلاقات الأنثوية الجميلة. الفيلم عبارة عن لوحة فنية مرسومة بعناية بقلم "وسام سليمان" تهتم بالتفاصيل اليومية لمجموعة من النساء يعشن حياة بائسة يسطر عليها الرجل فى الماضى والحاضر وفى الخيال والواقع، تلعب فيه الكاميرا دورا إستثنائيا بالتركيز عليهن بالزووم من أعلى، ولكن ما يميزه تصوير شخصيات تلك المجموعة من النساء هو القوة والشجاعة والقدرة على الفصل بين واقعهن وأحلامهن، ربما تصدمنا مدرسة "الواقعية الإجتماعية" فى الفن بأشكاله المتنوعة ومن أبرزها السينما منذ أن عمّد هذا التوجه "خيرى بشارة" فى " يوم مر ويوم حلو"، وتتميز تلك الطريقة فى عرض الواقع كما هو بتفاصيله الأليمة دون تدخل وليس كما كان "محمد كريم" يصنع أفلام متألقة ويأمر بغسل الجاموسة بالماء والصابون قبل تصويرها، ولكن تبدو الواقعية الجديدة وكأن الأبطال مسوقون الى مصائرهم ويتصارعون على موارد شحيحة فى عشوائيات تصدم العين وتدمى القلوب لكن يبقى الإحساس بالآخر والعلاقات الإنسانية الدافئة وبعض البهجة وفى القمة منها الحب الذى يعتبر تعويضا متخيلا أكثر منه حقيقة واقعة، والفيلم تجسيد مستمر للأحلام المحبطة. من الظلم المقارنة بين "ياسمين رئيس" البطله وغيرها من النجمات فى أفلامه السابقة كسعاد وميرفت ونجلاء وليلى علوى، فذلك أول ظهور ملموس لها على الشاشة، وقد حاولت قدر ما يمكنها أن تجسد الشخصية بثبات إنفعالى عالى وعينان لامعتان تشعان ذكاءا ورغبة فى إثبات الذات، إنه فيلم كأنما وضع خصّيصا لها لتضع قدميها على التراك الطويل للشاشة الفضية وأمامها مشوار ممتد لتثبيت ما أنجزته والبناء عليه. عنوان الفيلم مباشر الى حد كبير رغم أن هوليود طرحت فيلما بهذا الاسم فى ثلاثينيات القرن الماضى لكن الفيلمين مختلفين تماما لايجمعهم شيئ سوى النساء والمصنع، كما أن فيلم محمد خان لا يظهر فيه الصراع الطبقى الاّ متخيلا فهو يركز على طبقة إجتماعية واحدة بدون تفاوت يذكر اللهم الاّ ذلك المهندس من الطبقة الوسطى الذى جسده بشكل جيد "هانى عادل" الذى بدا متوازنا فى دوره القصير وساهم بنيانه الجسمانى السمهرى وسمرته فى إضفاء طابع مصرى أصيل على الشخصية، ولم تدهشنا "سلوى خطاب" بتألقها فى دور الأم المصرية التى تصنع من الفسيخ شربات وتهب بشراسة وعنف للدفاع عن ابنتها عندما تتعرض لمحنة قاسية "العذرية" التى هى الأكبر فى مجتمعاتنا المتخلفة، على أن إختيار قضية سبق إستهلاكها كثيرا ويحويلها الى تيمة متكرره، غير أن الكاتبة لم تنجّر طويلا للإبحار فى هذه المشكله بل وجدت حلا منطقيا وسريعا فى الظروف البيئية وسوء التغذية التى تؤدى الى الأنيما وما تسببه للفتيات من تأخر أو إنقطاع للعادة الشهرية. من المشاهد الضعيفة وغير المفهومة عملية قص شعر البطلة بواسطة جدتها، وكذلك مشهد السقوط من البلكونة والرقصة الأخيرة التى يختتم بها الفيلم والتى يحاول فيها المخرج محاكاة السندريلا فى مقارنة ظالمة والتى لم ينجح فى توصيل مقصده من تلك الرقصة، هل هى إرتعاشة الطائر الذبيح أم القصد منها شيئ آخر؟ لا ندرى، وكذلك منظر خلع المهندس ملابسه فى البحر وهجوم البنات عليه فى طابع كوميدى يحاول كسر الإيقاع الكئيب المحبط، وموضوع وجود إختبار الحمل فى مخلفات القصاقيص المتبقية فى القمامة، وقضاء الخالة والبنتين الليل فى سيارة نصف نقل مكشوفة، ومشهد المظاهرة الدخيل، على أن ما يجدر تسجيله هنا هو تركيز محمد خان فى مجمل أفلامه على قضية المرأة المصرية وإنكسارها ومقاومتها المستمرة لعالم الذكور القاسى وإعتمادها على نفسها أو على نساء من بنات جلدتها والتى ظهرت بوضوح فى هذا الفيلم وأفلام أخرى مثل أحلام هند وكاميليا، إنه يرى هموم المرأة بعين أنثوية، إنه يرى المرأة دائما مكسورة الجناح قوية وأكثر شهامة وعطاءا، ويرى الرجل الأضعف والأكثر نذالة، وأكثر مشاهد الفيلم جمالا هو تلك الأم الإيزيسية التى تلقى للنيل العظيم ببقايا شعر ابنتها طالبة منه أن يهبها شعرا طويلا جميلا، مثلما كانت أمهاتنا يلقين بالسنة الصغيرة الى الشمس طالبين أن تهب صغارهن بدلا منها سنة لولى.
#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقيقة علاقة عبد الناصر التنظيمية بالاخوان و حدّتو
-
تدمير البحرية التجارية فى مصر .. خطة ممنهجة
-
فنزويلا بين الثورة والثورة المضادة
-
وداعا عبد المجيد الخولى.. شهيد الفلاحين
-
شبه جزيرة القرم ...محورالصراع بين روسيا والناتو
-
فؤاد الشمالى.. شيوعى لبنانى من مصر
-
الدكتور محجوب عمر.. شيوعى مصرى فى صفوف المقاومة الفلسطينية
-
ليبيا فى مفترق طرق
-
حقيقة ما يحدث فى أوكرانيا
-
السيسى .. وإشكالية البطل شعبى
-
زينب الغزالى .. الوهم المتبدد
-
الماسونية ... ذلك البناء الغامض
-
ذكر ما جرى فى مخيّم اليرموك
-
العائدون من سوريا ...الخطر القادم
-
الإخوان والتدبير لأول إنقلاب فى العالم العربى
-
ممتاز دغمش وإرهاب القاعدة فى مصر
-
تلك التسريبات والمؤامرة على الثورة
-
الشيخة موزة ..المرأة التى تحكم إمارة
-
مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى -4-
-
ماجد الماجد ..زعيم كتائب عبدالله عزام
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|