أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - استسلام بكبرياء














المزيد.....

استسلام بكبرياء


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 1251 - 2005 / 7 / 7 - 09:32
المحور: الادب والفن
    


تحس وكأنها قطة منبوذة. تتسوّل الرحمة. ترتكن زاوية مظلمة في آخر شارع الحياة.
تخلى عنها الجميع وتنكّروا لها. نسوها في لحظة وكأنها لم تكن. لم تكن في يوم ما عبئا على أحد، استطاعت الحصول على لقمتها بنفسها وساعدت الآخرين السّعي والبقاء.
تاهت في غربة الليل وعتمتهِ. نهضت من استرخائها. كانت بأشد الحاجة إلى الراحة. تركت صغارها حيث هم وحرصت ألا يتعقبوها فيلقون نفس مصيرها.
سوداء كانت وعيناها البراقتان تلمعان من خلال الظلام. تراقب المسالك من كل صوب. كم خشيت أن يتعقبها صغارها ويلحقوا بها. أطعمتهم قبل أن ترحل وزوّدتهم بالمزيد. هكذا ضمنت الأمان.
تسحب المارة بهدوء وتركوها للمطر الغزير تقابل الثلج المتساقط بوداعة، كل سلك بمسلكه حيث داره يأوي إلى ناره مستدفئا ومضت بها السّاعات حتى خلا المكان تماما.
التصقت بالرّصيف، علّها تنهل بعض الدفء. ارتعش جسدها وانتفضت مذعورة أمام الجوع. تيّبست أوصالها وتاهت عنها اللّقمة. جاعت وتأوهت. بداية قصدت الجوع وأصرّت عليه وأقسمت ألا تموء حتى لو التصقت جدران معدتها الخاوية ببعضها البعض. لمَ تشعر بالجوع الآن وفي هذه الليلة الموحشة! لن تجد شيئاً فلم تعد صغيرة كما في السابق، تداهمها الشيخوخة وسيرهقها البحث، والحارات يغزوها الأقوياء، نشروا الذعر والرعب في قلوب سائر القطط أمثالها. حتى لو وجدتها فلن تستطع تناولها. ستستمر في رمقها محتالة على ريقها كي يبلعها وعلى بطنها الخاوية استقبالها.
لا لا لا تريد أي لقمة، وكانت سابقا تحتار في اختيار أفخمها أمام الكم الهائل لأفخر الأطعمة، حتى أن الغازين تنقموا لها، أوسعوها ضربا مبرحا، هدّدوها وطردوها وبقيت متمسكة بلقمة وجدتها بنفسها. بحثت عنها النهار بأكمله، كانت السّاعات طويلة والجو حارا. كوتها الشمس الحارقة بلهيبها، لم يقووا عليها الآن ولم يستطيعوا النيل منها سابقا!

لم تحسب حساب لذلك الذئب المتبختر رياءً. ارتعشت وانتفضت مذعورة والشّارد يقترب من رّصيف تلوذ بزاويته. أرادت الاختباء، الهرب، الاختفاء من هذا الشّرس، لم تنسَ مناورته لها، ما زالت تحمل آثارها، سئمت تحديّه. لا تريد الدّفاع عن نفسها كما في السّابق.
بكت، ولأول مرّة تبكي، ماءت قاصدة، تنبّه لوجودها، كشّر عن أنيابه، فرك كفيهِ واستعد، كما في كل مرّة. لم تتحرك ولاذت مكانها تستعد لملاقاة حتفها، ترتعد بردا لا فرقا، تستقبل دنو أجلها غير مقاومة، لم يبقَ شيئ تخشى عليه بعد اليوم، صغارها آمنون ولن يتنبهوا لفقدانها.
ستستقبل الموت في أرض محايدة، في فصل شتوي ماطر. لن يستطيعوا اقتفاء آثارها، وسوف تغطيها الثلوج، ويكون حتفها في مكان طاهر أبيض. سوف يعتقد الآخرون أنها ماتت بردا وليس.. قتلا.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناطحة سحاب وبرج حمام
- وفي قلمها ينطوي العالم الأكبر...!!!
- ناجي ظاهر بين التفاؤل والحزن والتعلق بالمكان
- في يوم المرأة العالمي وعيد الأم أناجي أمومتي
- لماذا نخفي رؤوسنا ونغمض أعيننا أمام الشعارات الزائفة
- امرأة من زجاج
- لا تنزع عنكَ أبدا قناع الحرية
- دموع الشموع
- * هل جاء (الحلم المزدوج) ليكون للحقيقة لسان ؟


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - استسلام بكبرياء