أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - الإسلام نسخة منتحلة من اليهودية - الحلقة الأولى















المزيد.....


الإسلام نسخة منتحلة من اليهودية - الحلقة الأولى


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 4401 - 2014 / 3 / 22 - 16:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يزعم شيوخ الإسلام أن إسلامهم هو خاتم الرسالات الإلهية وأن رسولهم هو خاتم الأنبياء، وهم بدون أدني شك موهومون. الإسلام كرسالة لم يأت بأي جديد يفيد البشرية ولم يقدم أي فكرة جديدة لم تكن معروفة لليهودية والديانات التعددية التي سبقتها. قبل أن يأتي محمد بن عبد الله بدعوته للدين الإسلامي كان عرب الجزيرة قد تعرّفوا على اليهودية التي كانت سائدة في يثرب، وبدرجة أقل منها في العراق، ومكة، وفي اليمن، وكذلك تعرّفوا على المسيحية التي كانت قد انتشرت في عدة مناطق من الجزيرة  واعتنقتها عدة قبائل عربية مثل الغساسنة وسليح وتغلب وتنوخ وجذام وبنو أسد ومضر وربيعة.  ومحمد نفسه كان قد سافر إلى الشام عدة مرات مع عمه أبي طالب وكذلك عندما كان يتاجر بالإنابة عن خديجة بنت خويلد، والتقى في رحلاته هذه بأحبار اليهود  والنصارى الذين امتلأت بهم كُتب السيرة النبوية، من أمثال الراهب بُحيرة. وفي مكة نفسها كان محمد بن عبد الله في اتصال دائم مع ورقة بن نوفل الذي كان ذا علم غزير في الديانتين اليهودية والمسيحية. تشرّب محمد بهذه الأفكار التي كانت جديدة على شخص نما في بيئة متعددة الآلهة كما ظهر جلياً من عدد الأصنام التي كانت بالكعبة. فما هي الأفكار التي أخذها محمد من اليهودية؟ للجواب على هذا السؤال لا بد لنا من الاطلاع على المصادر اليهودية التي كانت متاحة للعرب في العراق والشام بسبب السبي البابلي لليهود  في القرنين السادس والسابع، أي قبل ظهور محمد بقليل. وقد ظهر أثر هذه الكتب في القرنين الثامن والتاسع عندما تفرغ المسلمون لاستخراج الأحكام الشرعية وإرساء أصول التشريع. فقد اعتمد المسلمون على السنة أكثر من اعتمادهم على القرآن، وشغلوا أنفسهم بتأليف وتدوين الأحاديث المحمدية التي جعلوها حجر الأساس للتشريع الإسلامي. كما استعانوا بآراء بعض اليهود الذين كانوا قد أسلموا مثل كعب الأحبار الذي أصبح مرجعهم فيما يخص اليهودية وروى كثيراً من الأحاديث المحمدية ، واستغل هؤلاء اليهود الفرصة ونقلوا بعض التعاليم التلمودية إلى الفقه الإسلامي، فأضافوا الكثير إلى ما كان قد اقتبسه محمد من اليهودية
تفرغ اليهود أيام السبي في بابل لتدوين وشرح السنة اليهودية التي كانت محفوظة شفهياً منذ عهد موسى وبقية أنبياء بني إسرائيل. جمع أحبار اليهود هذه السنة الموسوسية في سفر ضخم سموه "المشنا" ثم جمعوا عدة شروحات وآراء مختلفة عن السنة، سموها "الجمارا". وأخيراً جمعوا المشنا مع الجمارا وسموا السفر الجديد "التلمود". وقسموا التلمود إلى ستة أجزاء: سدر زراعيم ويحنوي على قاوانين الزراعة، وسدر موعيد عن قوانين الأعياد، وسدر نشيم عن قوانين النساء، وسدر نزقين عن القانون المدني والقصاص، وسدر قداشيم، عن قوانين المعابد والقرابين، وسدر طهروت عن قوانين الطهارة. وهناك تلمود بابلي وتلمود فلسطيني. فالتلمود البابلي كان متاحاً لأهل العراق والشام منذ أن تم تدوينه حوالي عام 550 ميلادية، أي قبل ظهور محمد بفترة وجيزة. ويغلب الظن أن ورقة بن نوفل كان مطلعاً على التلمود البابلي كما كان أحبار اليهود بيثرب. فالفرصة كانت متاحة لمحمد أن يعرف التعاليم اليهودية من الأحبار الذين ألتقاهم ومن ورقة بن نوفل. ولذلك جاء الإسلام كله كنسخة منحولة من اليهودية. ورغم أن النصرانية كانت أكثر انتشاراً في جزيرة العرب، فإن اهتمام محمد قد كان منصباً على اليهود، أصحاب أقدم الديانات الإبراهيمية، وأصحاب رؤوس الأموال في الجزيرة لأن المال كان الهاجس الرئيسي في عقل محمد الباطن نتيجة نشأته في يتم وفقر مدقع. وقد كان يصبو إلى أن يعترف به اليهود فيصبح مثل أنبيائهم المشهورين. ويبدو أن محمداً لم يهتم كثيراً بالنصرانية وحصل على أغلب معلوماته عنها من الكتب المنحولة التي كانت سائدة بين الفُرق النصرانية العديدة في الجزيرة العربية وقتها.
 
الثابت في التراث الإسلامي هو أن المسلمين اقتفوا أثر اليهود في جمع وتبويب التراث  المحمدي، وأعطوا السنة والأحاديث المكانة العليا في التشريع، تماماً كما فعل اليهود حينما أعطوا التلمود المكانة العليا في تشريعهم. ولكي نطلع على التشريع اليهودي لا بد أن نقرأ العهد القديم، ثم التلمود. والمطلع على هذين الكتابين يجد تشابهاً كبيراُ بين القصص والأحكام اليهودية والإسلامية مما يجعل احتمال أن تكون الصدفة هي العامل الرئيسي فيه احتمالاً بعيداً. وقد يقول قائل إن التشابه نتج من كون أن المصدر واحد في الكتب الثلاثة: التوراة والإنجيل والقرآن، وهو الله. ولكن رغم أن التشابه موجود في القصص وفي التشريع إلا أن هناك اختلافاً في التفاصيل. ولو كان المصدر واحداً لما اختلفت التفاصيل. فلو أخذنا قصص القرآن مثلاُ وقارناها بقصص التوراة نجد اختلافاً في تفاصيل كل القصص.  ولنبدأ بقصة آدم والخلق:
 
فالتوراة تخبرنا أن الله بعد أن خلق آدم أحضر له جميع الحيوانات والطيور وطلب منه أن يعطيها أسماءً: (19 وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ اسْمُهَا. 20 فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ.) ( سفر التكوين، الإصحاح الثاني ). ففي هذه الرواية نجد أن آدم هو الذي سمى الحيوانات بأسمائها، بينما نجد القرآن يقول: (وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهن على الملائكة فقال انبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) ( البقرة 31-33). ففي الرواية الإسلامية نجد أن الله قد علّم آدم الأسماء ثم أراد أن يختبر الملائكة فسألهم عن أسماء الحيوانات فلم يعرفوها وعرفها آدم. والقرآن يحكي القصة وكأن الملائكة كانت تتجادل مع الله فيقول لهم الله "إن كنتم صادقي " فكأنما الله يتهم الملائكة بالكذب، والملائكة المفروض فيهم ألا يكذبوا. ثم يقول لهم "ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض" وكأنما الملائكة لم تصدق الله عندما أخبرهم أولاً، قبل أن يطلب من آدم تسمية الحيوانات، أنه يعلم غيب السموات والأرض. سرد المحادثة بين الله والملائكة في هذه الآيات لم يكن موفقاً.   بينما التوراة تقول إن آدم هو الذي اختار الأسماء وقبل بها الله وجعلها أسماء الحيوانات، وليس هناك أي  جدال أو نقاش بين الله والملائكة.
 
وعن قصة آدم وحواء عندما كانا عاريين في الجنة، نجد التوراة تقول: (6 فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ. 7 فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ. ) (سفر التكوين، الإصحاح الثالث). فآدم وحواء قد علما أنهما عريانان بعد أن أكلا من الشجرة، فخاطا أوراق التين ليصنعا مآزر لهما. بينما القرآن يقول: (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليها من ورق الجنة) (الأعراف 22). وكلمة يخصف تعني يرمي، وإذا رمى آدم أوراق الجنة على عورته فلن تثبت تلك الأوراق عليها. فرواية التوراة بأنهما خاطا ورق التين ليصنعا مآزر تبدو أكثر معقوليةً. ولكن محمد كان مضطراً لتغيير بعض التفاصيل حتى لا يبدو دينه الجديد كنسخة طبق الأصل من اليهودية. ثم أن القرآن يناقض التراث الإسلامي فيقول: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) ( الأعراف 27). فيظهر هنا أن آدم وحواء خُلقا وعليهما لباس نزعه الشيطان عنهما عندما أكلا من الشجرة، بينما قصص التراث تخبرنا أنهما كانا عاريين لكنهما لم يريا سواءتهما إلا بعد أن أكلا من الشجرة المحرمة ففتح الله أعينهما على عورتيهما، تماماً كما تقول التوراة.
 
وقصة فيضان نوح بها تفاصيل عديدة في التوراة غائبة عن القرآن. فمقاسات المركب وعدد الأيام التي أمطرت فيها السماء، والأيام التي مكثها نوح على المركب، لا ذكر لها في القرآن. وهناك اختلاف في المكان الذي استقرت فيه السفينة بعد الفيضان، ففي التوراة نجد أن السفينة استقرت على جبال أراراط Ararat في تركيا: (واسْتَقَرَّ الْفُلْكُ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ عَلَى جِبَالِ أَرَارَاطَ) (سفر التكوين، الإصحاح الثامن) بينما يخبرنا القرآن: (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقُضى الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين) (هود 44). وهناك اختلاف كذلك في عدد الأشخاص الذين ركبوا السفينة، فالتوراة تخبرنا: (فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ دَخَلَ نُوحٌ وَسَامٌ وَحَامٌ وَيَافَثُ بَنُو نُوحٍ وَامْرَأَةُ نُوحٍ وَثَلاَثُ نِسَاءِ بَنِيهِ مَعَهُمْ إِلَى الْفُلْكِ) (سفر التكوين، الإصحاح السابع). ولكن القرآن لا يعدد لنا الذين ركبوا السفينة، ويخبرنا أن ابن نوح رفض أن يركب معهم فغرق: (وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوحٌ ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين. قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ربي وحال بينهما الموج فكان من المغرقين) ( هود 42،43).
 
وقصة البقرة التي طلب الله من بني إسرائيل ذبحها تقول:
1 وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ
2 هَذِهِ فَرِيضَةُ الشَّرِيعَةِ التِي أَمَرَ بِهَا الرَّبُّ: كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيل أَنْ يَأْخُذُوا إِليْكَ بَقَرَةً حَمْرَاءَ صَحِيحَةً لا عَيْبَ فِيهَا وَلمْ يَعْلُ عَليْهَا نِيرٌ
3 فَتُعْطُونَهَا لأَلِعَازَارَ الكَاهِنِ فَتُخْرَجُ إِلى خَارِجِ المَحَلةِ وَتُذْبَحُ قُدَّامَهُ.
4 وَيَأْخُذُ أَلِعَازَارُ الكَاهِنُ مِنْ دَمِهَا بِإِصْبِعِهِ وَيَنْضِحُ مِنْ دَمِهَا إِلى جِهَةِ وَجْهِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ سَبْعَ مَرَّاتٍ.
5 وَتُحْرَقُ البَقَرَةُ أَمَامَ عَيْنَيْهِ. يُحْرَقُ جِلدُهَا وَلحْمُهَا وَدَمُهَا مَعَ فَرْثِهَا
6 وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ خَشَبَ أَرْزٍ وَزُوفَا وَقِرْمِزاً وَيَطْرَحُهُنَّ فِي وَسَطِ حَرِيقِ البقرة
7 ثُمَّ يَغْسِلُ الكَاهِنُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَدْخُلُ المَحَلةَ. وَيَكُونُ الكَاهِنُ نَجِساً إِلى المَسَاءِ.
8 وَالذِي أَحْرَقَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ بِمَاءٍ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلى المَسَاءِ
9 وَيَجْمَعُ رَجُلٌ طَاهِرٌ رَمَادَ البَقَرَةِ وَيَضَعُهُ خَارِجَ المَحَلةِ فِي مَكَانٍ طَاهِرٍ فَتَكُونُ لِجَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل فِي حِفْظٍ مَاءَ نَجَاسَةٍ. إِنَّهَا ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ. (سفر العدد، الإصحاح 19)
 
ونلاحظ هنا أن البقرة حمراء وأن الله طلب منهم أن يذبحوها ويحرقوها ويجمعوا رمادها ليضعوه في مكان أمين. وكل من لمسها أو لمس رمادها وجب عليه الغسل. ولكن القرآن يقول:
 
(وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. قالوا أدع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون. قالوا أدع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرةٌ صفراء فاقع لونها تسر الناظرين. قالوا أدع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون. قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلّمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون) (البقرة 6-71).
 
ونلاحظ هنا أن البقرة في القرآن صارت صفراء بدل حمراء وأن بني إسرائيل ساوموا موسى مساومة طويلة ليبين لهم البقرة. فعندما قال لهم "بقرة صفراء" طلبوا منه إيضاحاً أكثر لأن البقر قد تشابه عليهم، كأنما كل البقر كان لونه أصفرَ. ولم يذكر القرآن شيئاً عن حرق البقرة وحفظ رمادها. بل قال لهم اضربوا الشخص الميت بلسانها فيحيي.
 
وأما قصة إبراهيم ففيها إضافات عديدة لا توجد في التراث اليهودي. منها قصة  أخذ إبراهيم هاجر وإسماعيل إلى مكة وبناء الكعبة، كل هذه التفاصيل غير موجودة في التوراة ولا في التلمود، وأدخلها محمد في دينه لإضفاء نوعٍ من الشرعية على دينه الجديد. وهناك اختلاف كذلك في قصة موسى وهارون وفي قصة يوسف. وهناك قصص في القرآن لا توجد في التوراة مثل قصة ناقة النبي صالح وقصة لقمان الحكيم. فلو كان مصدر هذه القصص واحداً لما وجدنا فيها كل هذا الاختلاف. ولكن الذي يهمنا هنا هو التشابه بين التراث اليهودي والتراث الإسلامي، ولنبدأ بالوصايا العشرة التي أعطاها الله موسى يوم أن كلمه على طور سيناء:
 
أول الوصايا كانت: 
(3 لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي) (سفر الخروج، الآية 20). وهذه الآية هي حجر الزاوية في كل الأديان التوحيدية. فالقرآن يكرر في عدة آيات أن الله واحد لا شريك له. (الله أحد الله الصمد) وكذلك: (إن الله يغفر الذنوب جميعاً ولا يغفر أن يُشرك به أحدٌ).
 
وثاني الوصايا: "( لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ) وهذه الوصية هي نفسها التي دعا لها الإسلام وأكدها محمد عندما حطم الأصنام بالكعبة وبعث أصحابه خالد بن الوليد وعلي بن أبي طالب لتحطيم تماثيل اللات والعُزى ومناة الثالثة، أي القرانين العلا، كما جاء في القرآن
 
ثالث الوصايا: "8 اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. 9 سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ 10 وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ – 11 لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ. لِذَلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدَّسَهُ).
 
وفي الإسلام نجد أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش في اليوم السابع. ولكن القرآن لم يذكر لنا ما فعله الله في اليوم السابع واكتفى بأن قال لنا إن الله لا يصيبه التعب ولذلك لا يحتاج إلى الراحة (ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أام وما مسنا من لغوب) (ق، 38). ولكنه في الواقع لم يفعل شيئا في اليوم السابع، فهو إذاً قد استراح. وبدل تقديس السبت نجد أن الإسلام قدس الجمعة وسمّى سورة كاملة في القرآن سورة الجمعة: (يا أيها الذين آمنوا إذا نُودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)  (الجمعة،9). وأخرج الطبراني عن ابن عباس، قال قال رسول الله ...: " ألا أخبركم بأفضل الملائكة جبريل، وأفضل النبيين آدم وأفضل الأيام يوم الجمعة.)[i]. والجمعة أصلاً كانت معروفة عند عرب الجاهلية الذين كانوا يجتمعون فيها في دار الندوة بمكة ومن ثم سُميت الجمعة لأنها يوم اجتماع قريش. فمحمد هنا قدس يوم الجمعة الذي كان يقدسه مشركو مكة.
 
رابع الوصايا: (7 لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلاً لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.) ويطابق هذا في القرآن: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم  لكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم) (ألمائدة، 89). يعني لا تحلفوا باسم الله لهواً أي باطلاً
 
خامس الوصايا: " ( أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِتَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلَهُكَ.) ويطابق هذا في القرآن: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً) ( الإسراء، 23) وكذلك: (ووصينا الإنسان بوالديه حُسناً وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) (العنكبوت، 8)
 
سادس الوصايا: " (لاَ تَقْتُلْ) والقرآن يقول: : (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق) (الأنعام، 151).
 
سابع الوصايا: (14 لاَ تَزْنِ) والقرآن يقول: (لا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) ( الإسراء، 32)
ثامن الوصايا  (لاَ تَسْرِقْ). والقرآن يقول: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم) (المائدة، 38)
 
تاسع الوصايا: (لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ) والقرآن يحذّر المؤمنين من شهادة الزور: ( والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً) (الفرقان، 72) وكذلك: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) (الحج، 30)
 
عاشر الوصايا: (لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ وَلاَ عَبْدَهُ وَلاَ أَمَتَهُ وَلاَ ثَوْرَهُ وَلاَ حِمَارَهُ وَلاَ شَيْئاً مِمَّا لِقَرِيبِكَ ). والقرآن يقول للنبي: (لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين) (الحجر، 88)، وكذلك: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) (طه، 131). فمحمد قد حصر الوصية العاشرة في النساء فقط ولم يتطرق إلى ممتلكات الجار أو القريب ربما لأنه كان مولعاً بالنساء فقط، خاصةً إذا علمنا أنه قال في أحد الأحاديث "حُبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة". ونلاحظ هنا أن محمداً قد نقل الوصايا العشرة الموسوية إلى الإسلام
 


[i]  جلال الدين السيوطي، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، دار الفكر، 1983، ج1، سورة البقرة الآية 281



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤلّف القرآن وآفة النسيان
- عرب مكة يهزمون مؤلف القرآن
- الإسلام، الإخوان المسلمون، والمخابرات الغربية
- البنوك الإسلامية 2-2
- البنوك الإسلامية
- أسئلة وأجوبة - الحلقة الرابعة والأخيرة
- أسئلة وأجوبة - الحلقة الثالثة
- أسئلة وأجوبة - الحلقة الثانية
- أسئلة وأجوبة - الحلقة الأولى
- بعض أخطاء النسخ في القرآن
- كامل النجار - مفكر وكاتب علماني - في حوار مفتوح مع القارئات ...
- القرآن صناعة بشرية بحتة
- ماذا يقول علماء الأنثروبولوجيا عن الأديان؟
- كل الأديان إقطاع مستتر
- الإسلام منظومة سياسية لا يمكن إصلاحها 2-2
- الإسلام منظومة سياسية لا يمكن إصلاحها 1-2
- السيد حسن النوراني والعلاج بالقرآن
- كوابح العقل البشري
- لا يمكن إثبات وجود الخالق بالمنطق
- لا يمكن تجميل سيرة محمد مهما حاول القرآنيون


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - الإسلام نسخة منتحلة من اليهودية - الحلقة الأولى