أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام سلمان بركي - دمشق















المزيد.....

دمشق


حسام سلمان بركي

الحوار المتمدن-العدد: 4399 - 2014 / 3 / 20 - 13:06
المحور: الادب والفن
    


لأول الليل رائحة البارود
أسراب فراشات تغادر ولا تعود
دمشق ...
ظل مآذنك يربي في الحمام الهديل
وانت سيدة الياسمين الأولي
محفور في جسدك وشما جميل
الأغنية تصب زيتها على أبوابك السبع
وأفواج القصائد ممسوسة بمقصلة الوجع
لأول الليل الكحلي الطويل ..
قمر المرايا السوداء
والحصار هو الخبز اليومي
ظللت الخيام شوارعك العتيقة
المغول هنا مرتين
حولك وفيك
وأنت بين الإثنين أنثى الفصول كلها
دمشق لست سبية الطغاة والرعاة
دمشق لست عشيقة الهزيمة
لأول الغبار شكل الصحراء
وانت الممددة على التاريخ
هنا أبجدية الياسمين وأسراب الحمام
هنا زوايا الصالحين وجسد الغمام
بين التمرد والتردد
أحذية المغول العائدين
شكل آخر للأزرق السماوي فوق
حلم آخر تمزقه الطرق
بين البيوت الشاهدات على المجزرة
صوت عويل ..
خلف النوافذ المغلقة
ليل طويل ..
دمشق ...
ورائحة الخوف تمتزج بجسد الرحيل
رصاص يقص شريط الأيام
وبنادق تربي الضوء في انعكاسه على حديد أخرس
أحمق هذا الزحام
خطى غرباء تملئ المكان
وقامات تردد أغان ليست لك
أنت سيدة الغناء
أنت المتوجة منذ أول الوقت بالياسمين
حولك غابات الأماني
حولك عيون التاريخ
تربي فيك أبهته
وتختالين بكل الألق
أحمق هذا الزحام وقلق
من هؤلاء الغرباء؟
نبشوا في ساكنيك وعورة الجبال وخوف الآخر
هو الأرق ...
صلاة لمعبد الفوضى
وقافلة ريح تتهادى
حيث يكونون كالطاعون
غرباء ...
نسوا ما ربيتيه فيهم
أقدامهم الخرساء جاهلية المدى
لا وردة يحلمون بها
لا صباحهم مككل بالندى
والمرايا خائفة من وجوههم المتبلة بالرفض
من هؤلاء ؟
لله أقمت الصلاة
بكل اللغات والجهات والأسماء
كانت تردد السماء تراتيلك
وتحتفي بك أنثى الجهات
لمواسم الحصاد
يا من تلمين شعر الريح بزيتك المنشور كالضوء خفيفا وواضح
يا من رسمتك ألوان العابرين قيامة أخرى للتاريخ
وسوسنة في شعر الحبيبة
عارية أخطاؤنا
بعيدة سماؤنا
والأولين المرتلين ماضينا
هربوا تاركين لنا الهزيمة
خلف أسوارك الحزينة
أسرة لأحلام ممهورة بالمشنقة
خلف جدرانك القديمة
مآذن مكتومة وبداية مذبحة
للفراغ الأعمى أسرجت الريح مداها
وللغرباء قافية الخراب
من هنا مروا عابرين الأمس
أخذتهم أهواء البنفسج والغبار
أخذتهم متاريس تطبق الحصار
وتريح ثقل السفر هنا
لدمشق الراية
لدمشق القصيدة
والليمون في صحن الدار العتيقة
لحظة للصبح
لحظة لانفراج الرمادي من جلد اللوحة
لا شكل للخطوط الآن
لا عنب يروي ذاكرة الكروم
أو ياسمين يقتبس من شعراء الأمويين استعارة
خذلتك الريح
خذلتك أوزان المقامات على جسد قانون مشظى
بين وحي الاسم ووظيفة الموسيقى
لحظة لاحتمال الحصار
لحظة للدمار
ولأشكال الهروب المخنث
كنا منذ وقت نرتبك على وجه القمر
كل ليلة في حكاياتنا
كنا منذ وقت ننتقي أحاديث الغمام للمواسم
ونرشها تراتيل الكنائس صدى للمكان
حول مآذان ترسم خطوطك الليلكية
وتردد اسم الله في الأرجاء
ثقيل هذا الهواء
لحظة لاحتضار التاريخ
لا تجعليه يموت هنا
لا ترمي معطفك الأخير وترحلي
فأنت منذ بداية الأشياء
كنت ترتبينا على صرير أبوابك
وترممين صورنا في مرآتك
أنت المتوجة بالندى
لك المدى
وابتهالات الدمشقيين
لك نبض الحنين
ووردة جورية مخملية
زيتك مقصلة للهزيمة
زيتك للجائعين وليمة
لحظة لاختصار المعلقات وتاريخ المدن
قوافل من سادة وعبيد
طرق من كل الجهات
لدمشق التمرد كله
والتماس مواعيد الحصاد
لحظة للحوار الداخلي بين حصونك
وللعلو لغة تتقنيها وحدك
لحظة للتفكر والهدوء
بين احتمالات الطرق والأسماء
بين صهيل الخيول ومراس بعيدة تحمل سفن الأعداء
لحظة للتمرد على المتشابه
لك وليمة الريح القادمة
واحتمال العطر في ثوب زهرة
خلف ثرثرة الهاربين خوفا من المجزرة
ينتهك صمت القمر
ويتوج بالرحيل ثوب السفر
حين تقترب من بواباتك نذر الحرب
تعلن آلهة العصور تمردها على كتب التاريخ
سرير للغريب هنا ...
وأيقونة على الجدار
للرحيل طعم الهزيمة
والحصار هو الحصار
سبقتك مواسم الحصاد إلى تموز المسافر
لم يعد في المدى مساحة لآخر يهاجر
سرير للغريب هنا
ولون السماء مختلف
وطعم الماء مختلف
للفوضى نذرت الأبواب أجسادها
وللتشظي على غبار المرحلة
من هنا ؟؟؟
فراغ يتوج فوضى الرخام ومهزلة
سماء للحروب المقبلة
من هنا؟؟؟
بين ابتهالات الساجدين وسوسنة
قوافل الراحلين عن فوضى المكان
سرير للغريب هنا
ودمشق لدمشق رؤية
أتوا من بدئية الصحاري
أتوا من سحب هزيلة
ليجدوا الله هنا
ويكملوا صلاتهم الناقصة
أتوا بوعود الرمال لأجساد عارية
وبالتوهج على باب الشمس
أنت واحتهم المشتهاة
صاحبة الماء المقدس
حزيران آخر على التخوم
ونذر في سماء فقيرة تحوم
لا جيف هنا لأسراب الكواسر
والملح هو الملح
في يد المهاجر زاد للمرحلة
وفي جسد البحر قانون للسفر
أتوا من سراب ليبحثوا داخل أسوارك عن المعنى
وحدهم انعكاس الفراغ على صفحة ماء رائق
وأنت المتوجة بالندى
سرير للغريب هنا
وغبار لايشبه صخب هذه الأرض
هو الرفض
وأغنية هاربة من سوط السجان
هو الرفض
وقافلة للأيام القادمة
لمن كل المتاريس ؟
لدمشق الحقيقة كلها
وللعبث المرتمي في حضن الذاكرة
أعدوا لك الليل كله
أعدوا نهايات المواسم
والوجع الثقيل ..
لأيديهم الملوثة بالمجزرة
لنوايا الدم الراشح من المقبرة
ولأول المقصلة
تركوك طفلة تائهة في الزحام
خذلوك على أسوار الركام
واتهموك بالمعصية
طاغية ورثك كما ترث الجبال العنفوان
وغرباء أتوك من صحراء الجفاف
وعدوا فيك بالجنة المشتهاة
منذ تعاويذ الكتب القديمة
وتسابيح أمهاتهم في ساعة صلاة
لك الحقيقة كلها
بين صراخ وعويل
ياصاحبة النسب السليل
هو أول الرحيل
كل الطرق تبدأ من هنا
كل الطرق تعود إلى هنا
وأنت صاحبة الأمكنة
تعيدين البوصلة
كلما حرفها التاريخ
تعيدين الريشة واللون للراسم الأول
كم من وهم عندك تحول
بين المنفى والمعنى
لدمشق الحقيقة كلها
ولهم هباء الخصومات قاتلة سامة
سرير للغريب هنا
وابتهالات تربي في السماء الحنين
افتحي أبوبك للرحيل
وليمضوا بعيدا هناك
لا وقت آخر للحروب
لك زرقة السماء وبياض الياسمين
لك صوت الغناء وتعاويذ الأولين
الطغاة والرعاة ليسوا لك
ولست لهم ..
ليجمعوا أشياءهم ويمضوا
ليلموا حماقاتهم عن جدران تحمل صورهم
ويرسلوا للريح جوازات سفرهم
ليسوا منك ولست لهم
لك النهار واضح في صحن الدار
وابتهالات العارفين بالله
الحقيقة لك
والحقيبة لهم
خذلتك الأعراب وأنت تذبحين
لا وقت لديهم للقتل
هنالك مباراة لكرة القدم على كأس سموه أو جلالته أو فخامته
لا وقت لديهم للبكاء
هناك مطربة الأفخاذ ترقص على وتر الأعداء
لدمشق الحقيقة كلها
ولهم عار الصحراء
صلبوك مرتين بين لحى لا تعرف من الله سوى ما قاله الإمام
وبين بنادق تتوج السلطان إله جديد
صلبوك على حاضرهم المنتشي بالفراغ والحديد
الفوضى سيدة الاحتمالات
الفوضى عاداتهم اليومية يشربونها كل صباح
مع قهوة القتل المكرر
مع تمرد الظلال على الأجساد
لاشكل واضح في المرآة
كل العيون تنز قلق الغد
كل القلوب تحتفي بهدوء مفقود
لدمشق الرحيل
على أسوارك العتيقة
ترك العاشقون قصصهم ومضوا
يبحثون عن معنى آخر للحياة
مضوا إلى حقول التمرد الأخير
ليربوا حولك غدا آخر للحلم
بين الصحو والمنام أنت الملهمة
لقلوب ترسم نفسها على ورق أبيض
لكروم العنب والنبيذ المعتق
ولنهايات الحكايات في العالم الجميل
لدمشق الرحيل ...
القصائد المرمية في حضن الوزن
ومطر الربيع الخفيف
لك ....
استعارات مكنية وموج يطفو على سطح الفكرة
بين ابتهالات المشايخ وعلم جليل
بين احتمالات التردد وطريق طويل
لدمشق الرحيل
والبداية هي البداية
لكل من استعجل النهاية
ذاكرة ترسم على أسوارك أسماء الغزاة والغبار
تلم عن سطوحك لهفة العشاق ولعنة الحصار
لكل من استعجل النهاية
أنت أزلية الوجود
راسية في شاطئ البقاء
تعيدين الزمن إلى أوله كلما خامره الضياع
تعيدين الضوء إلى توهجه كلما حجبه الغبار
أتوك الغرباء منك وإليك من جهتين
جهة تحمل مواسم الهباء جفافا أحمق
وجهة تنصب المقصلة لرأي يخالفها
أتوك الغرباء حاملين نقصهم وأنت الكاملة
حاولوا الصعود إلى علوك
بخيام نصبوها فوق نصبوها خارجا وأحاطوك
بكل ما تحمله أرواحهم من رؤى زائفة
أتوك باحتمالات الجنة
مقتبسة من أدعية الفناء
لا يعرفون الغناء
ولم تأخذهم قصيدة يوما إلى وراء الجبال
ليطيروا مع فراشات الحلم
على الإيقاع مرددين صحوة الريح في أجسادهم
لم تربكهم نظرة من حبيبة
أو لمسة من حرير يغازل الجلد الجاف
أتوك بكل الجاهلية الأولية
والوهم يرش زيته على ثيابهم حربا شعواء
لا يعرفون الغناء
ولم تحيطهم مواسم الصحو بأيدي الحصاد
ليرطب الندى جفاف القلوب
أتوك ليرموا معاطف بداوتهم عندك
وأنت للمدن حواء
الغزاة هم الغزاة
من الصحراء أم من محراب المعبد
رموك بوهم يتجدد
أو بعناد يتبدد
من كتب صفراء الأوراق
من لحظة اقتناص الغرض من الصلاة
ومن إله لانعرفه
جاؤوك من أنين يقض مضجعهم كلما تذكروك
الطغاة هم الطغاة
يربون نجوم السماء في ليلك
ويقتفون أثر الحكايات في سرير الغريب
طريقا لطاعة خرساء
طريقا لتوهج ضوء كاذب في عتمة السجون
الغزاة والطغاة وهم على جدار
ولحظة منسية من عمرك الطويل
لدمشق الرحيل ..
في صحن المكان صوت هديل
وقافية لقصيدة ناقصة
تكنس عن أسوارك العويل
لدمشق أول الريح وحلم بديل
لدمشق الحقيقة كلها
بين غد مشتهى ونسب سليل
أول الحكاية
أول الحرب
أول الريح
أول الإيقاع
لدمشق حنين يخز الذاكرة
وينتشي بنبيذ تاريخ عتقته يداك
سلمت لنا ..
قافية القصيدة ووهج الأزمنة
سملت لنا ..
سماء أقرب وأرضا تروضها أقدامنا
بين احتمالات تردد طويل
سلمت لنا ..
من ملح جرح الأمكنة
كل الجهات لك صهيل
دمشق ..
لأنك الأنثى
أنت لنا و إليك الرحيل ..



#حسام_سلمان_بركي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يختصرني الهواء أغنية
- ساعة للفرح ...
- أتكئ على أمنية ...
- أبواب ...
- أسير على حافة وردة...
- جسد زهرة
- مقهى على زاوية الحطام
- زيارة فينيقي إلى شرق المتوسط
- موجة أخرى
- على حافة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام سلمان بركي - دمشق