أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - بدر الدين شنن - الأم والأسطورة والحياة














المزيد.....

الأم والأسطورة والحياة


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4399 - 2014 / 3 / 20 - 12:51
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


لاشك أن روح الأمومة المتغلغلة في خلايا الأبناء ، والأحفاد ، والأجيال المتعاقبة ، هي التي أوحت أن يتزامن عيد الأم ، مع يوم عشتار وإيزيس والنيروز .
ولاشك أيضاً ، أن تسمية عيد الأم في أول أيام الربيع .. تحمل أجمل المعاني وأنبلها ، التي جستها الأمومة .. وهي الخصوبة .. والعطاء .. المماثل لخصوبة الطبيعة وعطائها ، وهي التي تحدت بشجاعة ، أوهام الأساطير ، النابعة من العجز عن فهم المجهول والاستسلام له .

ولذلك ليس مصادفة ، أن تورق الأشجار ، وتظهر براعم الثمار ، وتفور الينابيع ، وتتدفق الجداول ، وتغرد الطيور وتتراقص ، ويفترش العشب الأخضر الأرض ، وتنتعش مشاعر الحب والغزل والرغبة في الخصوبة عند الشباب والصبايا ، عندما يهل عيد الأم بهالته البهيجة المفرحة .

وفي عيد الأم تحضر الأسطورة الظالمة لحواء . ويصبع لزاماً أن ننصف حواء الأسطورة ، كما ننصفها ، بعد أن كشفت خرافة الأسطورة ورحلتها بعيداً عن الذكر والوعي . لقد انتصرت حواء في تحديها الأسطورة .. لحق الحياة .. وحق الحب .. وحق الأمومة . وعبرت عن ذكاء خارق ، أوحى لها ، أن اختراق الحرم الالهي ، سيحررها وآدم إلى الأبد .
وبعد أن صارت حواء أماً ، تجاوزت اسطورة الخطيئة ، إلى الإنسانة الأم التي تستمتع بالحمل والمخاض والولادة ، وتبدع في تحمل مسؤولية تواصل الحياة .. وصارت أماً للمجتمع .. وانتقلت من غموض الأسطورة .. إلى رحاب العلم الإنساني .
ويقول علم الإنسان في الأم ، ما هم أوسع ، وأعمق ، وأهم ، مما تحدثت به الأساطير . ويقدم معطى ، يستحق التفكير به ملياً والبناء عليه ، وهو ، أنه لولا رحم الأم ، الذي احتوى الجنين البشري ، ولولا حنو الأم ورعايتها لمولودها ، ولولا احتضان الأم الخلية البشرية الأولى ، وإبداعها بذرع النباتات الغذائية ، وتدجين الحيوانات الأليفة ، لما صارت الحياة الإنسانية كما هي عليه الآن . وقد أهلها ذلد بجدارة ، أن تكون سيدة المجتمع لحقبة تاريخية طويلة .

*********

أمنا .. يا أمنا ..
كان بودنا أن نكرمك ، ونحتفل بعيدك في بلادنا .. أن نقبل أياديك .. ونشم رائحة تعبك من أجلنا .. ومعنا زوجاتنا وأحفادك ، مثلكما تكرم الأمهات في المجتمعات المتمدنة ، التي تجاوزت المجتمعات الذكورية .
لكن مجتمعاتنا الذكورية ، التي لم يتجاوز بعضها ، حتى الآن ، مرحلة الأبوية الملكية القبلية ، ومعظمها يخضع لقيود الموروث المتخلف ، وبعضها الذي بدأ يؤسس لعالم أرقى نسبياً ، يتعرض لغزو وعدوان الدول الأجنبية بواسطة الإرهاب الدولي ، لاتسمح لنا أن نقوم بما يمليه علينا واجب الاحترام والوفاء لك . فنحن نكابد من مصادرة حرياتنا ، وسرقة فائض منتوج عرقنا وجهدنا .. محروم علينا الفرح . وعلينا أن نقدم دماءنا ثمناً للعبة السلطة ، وإعادة توزيع النفوذ الإقليمي والدولي .. وعلينا الآن .. أن نرفع السكين عن رقبة الأم في البلدان المغمورة بالبؤس .. والحزن .. والدم .. والرعب من القادم الأسوأ .

أمنا .. يا أمنا .. السورية والعراقية والليبية واللبنانية والمصرية والفلسطينية واليمنية .. لقد خذلناك ، لأننا لم نوفر الظروف التي تجنبك ، الحزن ، والترمل ، والثكل ، والمهانة . وعذرنا أن العتاة الأجانب غدروا بنا ، وناس منا وفينا ، باعونا .. وباعوا الوطن ، واستهتروا بعالمك الوديع المقدس . لقد استخدموا ضدنا الطائرات ،والصواريخ ، والمرتزقة الهمج ، حملة الموت والفوات والسيوف والسواطير ، وأكلة قلوب من يتمكنون من أسرهم وقتلهم . لقد خربوا العراق العظيم ، وحولوه إلى مسرح مجازر ليس لها نهاية ، ويتموا أربعة ملايين طفل ، وقتلوا أكثر من مليون إنسان عراقي بكل لؤم ووحشية . وخربوا سوريا الجميلة الأبية ، وحولوها إلى أطلال تئن وتصرخ ، وقتلوا فيها أكثر من عشرة آلاف طفل الذين حملت بهم وعانيت المخاض العسير من أجلهم . وخربوا لبنان الأخضر ، جعلوه مرتعاً للإرهاب وموضوعاً للمراهنات والصفقات الدولية . واستباحوا فلسطين وشعبها ، بالتمزيق والتشريد والتجويع . ودخلوا مصر عابثين مدمرين .. مستهدفين جيشها بطل حرب أوكتوبر الذي كسر غطرسة إسرائيل .

أمنا .. يا أمنا ..
لقد وضعناك في أسوأ الظروف ، لأننا لم نجد الطريق لوحدتنا وتآخينا ، وامتشاق كل أسباب القوة للدفاع عنك .. عن جدائلك .. وعن صغارك .. وعن التراب الذي كنت خير نبتة للحياة فيه .. لقد علمتنا أن نتوحد فتفرقنا .. وعلمتنا أن نتآخى فتذابحنا .. وعلمتنا حب الوطن .. فأهملناه .. وصار ضحية عبث العابثين .. وعلمتنا أن نرسم للمستقبل .. فخسرنا الحاضر ونكاد نخسر المستقبل .
من حقك أن تسألي .. إلى متى يستمر هذا الجحيم .. هذا الغباء .. هذه الخيانات .. هذه الدماء ؟ ..
لاأحد يجرؤ أن يحدد موعداً دون ربطه بسين وسوف .
أمنا يا أمنا .. أنت ملاذنا .. أنت الأكبر من كل المحن والآلام والحروب .. أنت التي تحملين الصغير وتداري الكبير .. وأنت التي تجمعين الخشب لتصنعي الدفء ورغيف الخبز .. أنت التي يتسع صدرك لاحتضان .. كل الخائفين واليائسين والحزانى .. وأنت الي تصنعين الأمل فينا .. وتشدي من عزم رجولتنا .. ويصنع هواء أنفاسك نسائم حريتنا .

أمنا .. يا أمنا .. لك الحب والوفاء .. لك ننحني اجلالاً واحتراماً .. ولك فقط .. لعينيك .. نعد ألاّ نبقى مهزومين .. مشردين .. دون مقاومة .. من أجل أن نعيد الابتسامة إلى وجهك النبيل .. وأن نكفف دموع أحزانك .. ويعود الياسمين يزهر أبيضاً عبقاً في الشام .. والزعتر يعطر القدس وحيفا ويافا .. ونخيل العراق يتمايل مع رياح مواسم البلح والتمور العسلية .. ويسترد اليمن اسمه السعيد .. وتعود بهية الأبية على ضفاف النيل ولادة الشجعان وتقدم لأعزائها الخبز والحليب في الصبحية .. ويصدح صوت فيروز فوق بيروت وطرابلس والجبل.. لبنان ألأخضر .
ورغم الدمار .. وتساقط الشهداء ..ورغم الإرهاب والخونة .. نقول لك .. كل عام وأنت بخير .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعتماد على الذات الوطنية أولاً
- المرأة السورية وحقوقها والحرب
- الانحطاط الشامل والاختراق الممكن
- جدلية حقوق الوطن وحقوق الإنسان
- بانتظار معجزة
- فشل - جنيف 2 - .. وماذا بعد ؟
- السوريون بين الصفقة والحل السياسي
- على عتبة مؤتمر جنيف 2
- حرب أمراء الحرب
- آن أوان النهوض من الإحباط والدمار
- لمن تقرع أجراس الميلاد ..
- الوطن .. والحرية .. والجريمة
- الرهاب الأزرق - إلى من أعطى دمه .. وعمره .. للحرية -
- تراتيل سورية .. الوطن مرة ثانية بين الوحدة والتقسيم
- تراتيل سورية .. مقدمة لحوار تحت النار
- تراتيل سورية .. التحالفات السياسية 2 / 2
- تراتيل سورية .. التحالفات السياسية 1 / 2
- يوم للطفل السوري
- تراتيل سورية .. حرب لا كالحروب
- تراتيل سورية .. الاختلاف ..


المزيد.....




- الوكالة الوطنية للتشغيل تكشف شروط التسجيل في منحة المرأة الم ...
- “فرحي ولادك وسليهم طول اليوم” ثبت الآن تردد قنوات الاطفال 20 ...
- العلاج السلوكي المعرفي للأرق أثناء الحمل يقلل اكتئاب ما بعد ...
- يعني إيه لا ج-نسانية؟
- تقرير جديد: نصف المجندات في الجيش الدنماركي تعرضن للتحرش.. س ...
- مصر.. تحرك عاجل بعد قرار سفر النساء للسعودية بشروط معينة
- جرائم الحرب ضد القطاع الطبي.. تدمير سبل الإغاثة في السودان
- عزل، تجويع، وتعذيب، جرائم الانتقام من الأسيرات في السجون الص ...
- -خلال عزاء مصطفى فهمي-.. مرتضى منصور يفتح النار بسبب فنانات ...
- الوكالة الوطنية : منحة المرأة الماكثة بعد الزيادة الأخيرة حق ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - بدر الدين شنن - الأم والأسطورة والحياة