|
المؤتمر الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم لجهة مكناس-تافيلالت: في المسألة التعليمية.
محمد أولوة
الحوار المتمدن-العدد: 1250 - 2005 / 7 / 6 - 11:49
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
كثر الحديث منذ سنين عن أزمة التعليم بالمغرب، وعن سبل إصلاحه وضمان تعميمه وجودته، لكن واقع الحال، وباعتراف المسؤولين المباشرين لتسييرشؤون قطاع التعليم، ينبؤ بالمزيد من التدهور والانحطاط. بسبب تعاطي الدولة، منذ الاستقلال، مع المسألة التعليمية الذي لم يخرج يوما عن إطار البنية الفكرية للدولة المغربية، وعن نمط علاقاتها المجتمعية المبنية أولا وأساسا على تكريس نخبوية التعليم وعلىالإقصاء الضمني لفئات واسعة من أبناء الشعب المغربي، من ولوج عالم المعرفة ومن المشاركة في تدبير الشأن العام كحق من حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية. وعلى العكس من ذلك رامت سياسة الدولة منذ 1956 وإلى اليوم، إلى تكريس سياسة طبقية ضدا على مطالب قوى التحرر في إقرار شعار " تعليم شعبي ديمقراطي وموحد " يخدم مصالح ومطامح الشعب المغربي. ذلك ما جاء في مقدمة مشروع الوثيقة التوجيهية المقدمة للمؤتمر الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم بجهة مكناس-تافيلالت، الذي سينظم يومي 02 و 03 يوليوز 2005 بمدينة خنيفرة. و تضيف الوثيقة أنه، عوض أن تعمل الدولة المغربية على توفير كل الإمكانات المادية والبشرية للنهوض بقطاع التعليم، انتهجت كل السبل للتملص من " أعبائه " والتنصل من واجبها في ضمان حق التعليم لأبناء هذا الوطن، بل لم تَتَوَانَ لحظة في استخدام أبشع أدوات القمع الدموي في وجه التلاميذ الطلبة ورجال التعليم ونسائه [23 مارس 1965]. ولعل الذاكرة الجماعية للشعب المغربي مازالت تستحضر وباعتزاز الإضرابات البطولية لأسرة التعليم أواخر السبعينات، وما طالها من قمع واعتقالات وطرد في صفوف مناضلي ومناضلات الأسرة التعليمية. وستمثل مرحلة الثمانينات محطة تحول في السياسة العامة للدولة المغربية بناء على التحولات العالمية، ومن هنا ستلجأ الحكومة المغربية إلى الانصياع الكامل لتوجيهات الدوائر المالية، عبر سن سياسة التقويم الهيكلي، السيئة الذكر والتي تنص في مضامينها على التخلي التدريجي عن دعم المرافق العمومية في أفق خوصصتها وفي مقدمتها قطاعي التعليم والصحة. وعوض أن تخدم الأهداف المعلنة رسميا إنقاذ الاقتصاد، عملت على تأزيم الأوضاع الاجتماعية وتوسيع التناقضات المجتمعية. وتماشيا مع هذا النهج، لم تجد الحكومات المغربية المتعاقبة منذ أواسط الثمانينات وإلى اليوم، بدا من الانصياع لكافة إملاءات الرأسمال، ضدا على مصالح أوسع المواطنين والمواطنات، حيث طالت الأزمة طبقات وفئات كانت وحتى الأمس القريب تعيش وضعا شبه مستقر. فرجال التعليم على سبيل المثال لا الحصر، وبمختلف درجاتهم وأسلاكهم، كانوا يحتلون في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات المرتبة الثالثة من حيث سلم الأجور في الوظيفة العمومية، أضحوا اليوم في المركز33. هذا، بغض النظر عن الارتفاع المتزايد في تكلفة العيش والتضخم والبطالة التي تحولت من ظاهرة إلى الأزمة في بنية النظام الرأسمالي. وفي تعرضه لمضامين ما سمي بالميثاق الوطني للتربية والتكوين، اعتبر مشروع الوثيقة التوجيهية ذلك الميثاق شكلا من أشكال التبعية و الانصياع الكامل لمتطلبات المؤسسات المالية الدولية ومتطلبات أسواقها، وترسيخا ملموسا، للمنظور الطبقي للدولة في مجال التعليم. كما اعتبر مشروع الوثيقة، الأهداف المبطنة لميثاق التربية والتكوين بالنسبة لرجال ونساء التعليم هو تبضيع معرفتهم وجعلهم تحت رحمة متطلبات السوق وفي خدمته، تنفيذا لمبدأ العرض والطلب. وأن الخطابات الديماغوجية والتحفيزات المادية لرجال ونـساء التعليم، ما هي إلا طلاءات وجرعٌ مهدئة مرحلية، لتحييد هذه الفئات عن الصراع الحقيقي، وتدجينها وتشتيتها إلى فئات هدفها الهروب من عتبات الفقر والحاجة، بأي ثمن، ولو على حساب المبادئ والأخلاق وروح التضامن، كسمات طبعت مسيرة نضالات رجال ونساء التعليم. وقد خلص مشروع الوثيقة إلى طرح العديد من الأسئلة حول المهام الجسيمة المطروحة على المناضلين والمناضلات النقابية على المستوى التعليمي...وحول أدوار النقابة في ظل التحولات التي يعيشها العالم على كافة المستويات...إلى غير ذلك من التساؤلات الملقاة على عاتق المؤتمرات والمؤتمرين للتدارس بشأنها، ومحاولة صياغة المخارج النضالية التي تعيد الاعتبار لنساء ورجال التعليم ماديا ومعنويا، كفئة تؤدي رسالة من أقدس وأنبل الرسالات، ومن أجل بناء صرح المدرسة العمومية بمفهومها الديموقراطي الشعبي والتقدمي. وعليه حسب مشروع الوثيقة، على جميع المناضلين وضع تجاربهم في المحك، وكذا تعاطــيهم مع القضايا المجتمعية برمتها لخلخلة بنى تفكيرهم الجماعي في مسألة الديموقراطية، وفي شعار الوحدة النقابية، ودون ذلك ستنعدم تدريجيا جدوائية الفعل النضالي وستنعطف موازين القوى أكثر لصالح أعداء مصالح الطبقة العاملة وضمنها نساء التعليم ورجاله. وفي هذا السياق، فالتوجه العالمي ينحو نحو توحيد أهم المركزيتين النقابيتين (CISL) و (CMT). وبالتالي فلا يعقل أن يظل واقع الشتات هو السمة الرئيسية للمشهد النقابي والنضالي بالمغرب، علما أن مطالب الطبقة العاملة واحدة ومصيرها واحد.لذا فالتفكير الجاد والمسؤول حول الحاضروالمستقبل، يطرح نفسه بإلحاح، وإلا فدوامة السياسات النيوليبرالية ستلتهم آمالنا وآمال الأجيال المقبلة، وسنصبح في يوم من الأيام خداما طيعين للرأسمال ولرغباته المتوحشة. فالشروط الموضوعية للمقاومة والصراع على كافة الأصعدة الفكرية والنضالية متوفرة، حسب مشروع الوثيقة التوجيهية، وما ينقص هو فقط إنضاج الفعل النضالي وتنظيمه. وتلك هي غاية مناضلات ومناضلي الجامعة الوطنية للتعليم بجهة مكناس-تافيلالت. غاية سيصوغونها، بدءا من فروعهم النقابية وإطارهم الجهوي، وذلك بتجسيد نضالهم إلى جانب الطبقة العاملة وتقوية ارتباطهم معها، بالعمل على تقوية الإتحاد النقابي للموظفين والمساهمة في تطويره في الدفاع عن كافة الفـئات الدنيا لتحقيق المطالب وصون المكتسبات وفي الارتباط بالحركة الجماهيرية من خلال الفعل المشترك مع أقرب الحلفاء التقدميين والديمقراطيين في المجتمع المدني والسياسي. وخلاصة مشروع الوثيقة التوجيهية هي، تأكيده على أنه إذا كانت حركات مناهضة العولمة الليبرالية المتوحشة تعلن أن عالما آخر ممكن، فإن يجب الاقتناع والإيمان الراسخ أن فعلا نقابيا آخر ممكن، وأن علاقات نضالية أخرى ممكنة، شريطة العمل على إعادة الاعتبار للقيم الأصيلة للفكر التقدمي العلمي، والتسلح بالمعرفة، والاعتقاد بأن الخلاص من الحيف والاستغلال رهين بالنضال المشترك لمجموع الطبقات الشعبية المتضررة من السياسات الرأسمالية، على درب بناء مجتمع العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة.
#محمد_أولوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المؤتمر الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم بجهة مكناس تافيلالت:
...
-
المؤتمر الجهوي للجامعةالوطنية للتعليم لجهة مكناس-تافيلالت: ف
...
-
عرض الكاتب العام الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم أمام المؤت
...
المزيد.....
-
الفينيق يُطلق حملته السنوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ال
...
-
الفينيق يُطلق حملته السنوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ال
...
-
نقابة الصحفيين الفلسطينيين تطلق حملة صحفيات بزمن الحرب
-
الحكومة الجزائرية : حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في الجزائر
...
-
تأكيد المواقف الديمقراطية من الممارسة المهنية وعزم على النهو
...
-
وزارة المالية العراقية : موعــد صرف رواتب المتقاعدين في العر
...
-
“اعرف الآن” وزارة المالية تكشف حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين
...
-
مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا
...
-
تعرف على موعد صرف رواتب الموظفين شهر ديسمبر 2024 العراق
-
تغطية إعلامية: اليوم الأول من النسخة الأولى لأيام السينما ال
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|