أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - كيف نفهم الموت؟















المزيد.....

كيف نفهم الموت؟


أحمد القبانجي

الحوار المتمدن-العدد: 4399 - 2014 / 3 / 20 - 09:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قالوا وقلنا:.............

يقول القران:(ثم انكم بعد ذلك لميتون .ثم انكم يوم القيامة تبعثون)-المؤمنون 15- وتقول الرؤية الدينية ان الموت لا يعد نهاية الحياة,بل مجرد قنطرة يعبر منها الانسان الى الحياة الاخرى بعد الموت, فاما الى نعيم دائم او شقاء ابدي,والموت يعني خروج روح الانسان من بدنه .

اقول: هذه الرؤية الدينية هي المقبولة عند عامة الناس حتى من غير المسلمين,وبما ان الدين يقرر ان هذه الحياة للاختبار(خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا)وان الاخرة هي دار البقاء والخلود,نرى التأكيد في النصوص الدينية على اهمية ذكر الموت وزيارة القبورلكسب العبرة والاعتبار والاهتمام بالحياة الاخرة وعدم الاهتمام بالدنيا كما ورد عن النبي انه قال: اذا ضاقت بكم الصدور فعليكم بزيارة القبور فانها تزهدكم في الدنيا.
ونستعرض على هذه الرؤية بعض الملاحظات :
1-نحن نشترك مع الدين في اهمية ذكر الموت كحقيقة حاسمة في حياة الانسان, لان الغفلة عن هذه الحقيقة المخيفة قد يؤدي الى عدم الاستعداد لها واتلاف العمر والطاقات في غير موردها وربما يكون الحال كالنعامة في حال الخوف, ولكن هناك فرق جوهري بين رؤيتنا للموت ورؤية الدين ورجال الدين,فهؤلاء يريدون ذكر الموت للموت ونحن نريد ذكر الموت للحياة, مثلا عندما تؤكد النصوص الدينية ووعاظ المنابر على اهمية زيارة المقابر وكسب العبرة من الموتى وان يفكر الزائر بانني غدا سأكون مثل هؤلاء تحت التراب وسأرحل من هذه الحياة,فهذا يدعوه الى الاستخفاف بهذه الحياة والاستهانة بها وحصر اهتمامة بالحياة بعد الموت,كما في الحديث النبوي المذكور آنفا,اي هو تذكير بالموت للموت ولما بعد الموت,ولكن وفق رؤيتنا عندما يزور الانسان المقبرة فان ذلك يدعوه الى استشعار عظمة الحياة وانه لا زال حيا ولازال يستطيع ان يلعب دوره في الحياة, فالاول يشعر بالحزن والبكاء لانه سيغادر هذه الحياة والثاني يشعر بالفرح والسرور بهذه النعمة العظيمة وهي نعمة الحياة,فيعود ليستغل ايامه وطاقاته في اعمار هذه الحياة لا لاتلافها او التفريط بها,وهذا هو معنى ذكر الموت للحياة.لان الحياة بعد الموت مجرد احتمال,والانسان العاقل لا يتلف مالديه من امكانات موجودة نقدا طمعا في النسيئة المشكوكة,وكما يقول المثل:عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة, وهذا هو السبب الذي دفع الغربيون لاعمار هذه الحياة وبقي المسلمون في الدرك الاسفل من التخلف واهدار العمر واتلاف الطاقات طمعا لما بعد الموت.

2-ان الموت بحد ذاته امر موهوم,لان الانسان عندما يكون في حال الحياة فالموت غير موجود,وفي حال الموت فهو غير موجود,فمن اي شئ يخاف؟ نعم هناك روح الحياة وروح الموت لا الموت نفسه,اي الشعور بالموت هو الذي يخيف لا الموت نفسه,وهذا الشعور موجود معه في حال الحياة وينبغي تقويته للشعور بالحياة ولذة الحياة,فكلما قوي الشعور بالموت قوي الشعور بالحياة,وكلما كانت المواجهة مع الموت اشد كان الشعور بالحياة اشد كما يقول اجوستين:فقط في مواجهة الموت يتولد الانسان,ويعبر العارف تيليش عن هذه الحالة بالحد الفاصل في الحياة ويقرر ان الله يتجلى فقط في الحد الفاصل,وقد اوضح تولستوي هذه الحالة بأروع صورة في كتابه الحرب والصلح عندما استعرض قصة ذلك الشاب الذي حكم عليه بالاعدام من قبل جنود نابليون ثم في آخر ساعة لاعدامه صدر عنه العفو,وحينذاك فقط ادرك هذا الشاب قيمة الحياة وكانما بعث من جديد,فاخذ يستثمر جميع اوقاته وعمره لتحقيق هدفه في الحياة وهو يعيش لذة متواصلة بعد ان ادرك بشكل ملموس قيمة هذه النعمة العظيمة. وقد يستغرب الكثير منا مايقوم به الغربيون من مجازفات ومخاطر ويتهمهم بالجنون من قبيل تسلق الجبال الشاهقة والتزحلق على الجليد في اعالي الجبال وركوب الامواج والسفر الى القطب اوالى قمم البراكين او حتى الصعود الى القمر ومواجهة خطر الموت في كل ذلك,ولكن مضافا الى البركات العظيمة التي جنتها البشرية من هذه المجازفات كاكتشاف امريكا الشمالية والجنوبية واستراليا والقارة القطبية والفضاء واسرار البحار وامثال ذلك,فان هؤلاء المجازفون كانوا يشعرون بلذة الحياة في تلك الحال اكثر بكثير من القابعين في مساكنهم ويفتون بدافع الجبن بحرمة مثل هذه المجازفات لانها القاء للنفس بالتهلكة!!

3-عندما ندعو للاهتمام بامور الدنيا وان الانسان العاقل لا ينبغي ان يترك المتيقن للمشكوك ولا يستبدل النقد بالنسيئة,فهذا لا يعني ان يقوم المرء باهدار وقته وامكاناته في اللهو واللعب او يرتكب الرذائل الاخلاقية كما يوحي المشايخ لاتباعهم بأن من ينكر الحياة بعد الموت فهو يريد اللعب واللهو والملذات دون وازع من الدين والاخلاق, لاننا نعتقد ان مثل هذه الامور تسبب له الموت المعنوي قبل الموت المادي, وحقيقة الخوف من الموت المركوز في ذات الانسان ليس هو الخوف من الموت المادي بل يخاف الانسان من الموت المادي لانه لم يحقق لنفسه الولادة الثانية والحياة المعنوية الحقيقية في هذه الحياة,ولوحقق لنفسه الحياة المعنوية فسوف ينتهي ويزول الخوف من الموت في نفسه كما نرى عند العرفاء والمصلحين الكبار ان الموت لا يعني لهم شيئا, فخوفك من الموت يعني انك لم تنضج بعد وذاتك الانسانية تخشى ان يموت هذا الجسد وهي لم تكتمل بعد, فتدعوك للاهتمام بها وتنميتها وتغذيتها بالاعمال الانسانية لتكتمل وبعدها لا يهم اذا بقي الجسد او مات, وهذه هي الحياة الاخرى حسب العرفان او الولادة الثانية حسب المسيحية او النيرفانا حسب البوذية او تحقق الذات حسب علماء النفس في النهضة الثالثة.
وعلى سبيل المثال فان افراد البشر في هذه الحياة يعيشون كنواة التمر التي لها امكانية ان تصير نخلة,او الحيامن في ماء الرجل التي بامكانها ان تصير انسانا,فالنواة في هذه المرحلة لا ميتة ولا حية بل لها امكانية الحياة الحقيقية فيما لو توفرت لها الاجواء المناسبة والتربة الصالحة والماء,واكثر الناس يتصورون ان حياتهم النواتية هي حياة حقيقية ولذا يخافون الموت وزوال هذه الحياة,ولكن بالمفهوم العرفاني ان هذه ليست حياة حقيقية بل مقدمة للحياة الحقيقية,اي لتكون النواة نخلة لابد ان تموت اولا في باطن التربة لتولد من جديد في هذه الدنيا لا بعد موت البدن,ولذا قيل:موتوا قبل ان تموتوا,او الكلمة العميقة والرائعة للسيد المسيح عندما طلب منه شاب ان يأذن له بالذهاب لدفن ابيه ويعود,فقال له المسيح:دع الموتى يدفنون موتاهم..اي ان هذه الحياة ليست بالحياة الحقيقية وعلى الانسان ان لا يقنع بها بل يسعى للحصول على ولادة جديدة في هذه الدنيا,وهذا هو معنى ان المسيح هزم الموت لا كما يدعي ارباب الكنيسة من انه هزم الموت بعد قيامه من مرقده,وهذا يعني ان كل انسان يستطيع هزيمة الموت اذا ولد من جديد في هذه الحياة وهؤلاء فقط هم الذين ستكتب لهم الحياة بعد الموت لا كل افراد البشر..
وشكرا لكم.



#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نعرف الحياة؟
- كيف نفهم الانسان؟
- كيف نفهم العالم؟
- لماذا نقد الدين؟
- من ثمارهم تعرفونهم !!
- هل الخلل في النظرية ام في التطبيق
- هل الله يريد لنا حكومة دينية ام مدنية؟
- عندما يتحول الدين الى ايديولوجيا
- روعة الاقتصاد الاسلامي
- وهم الحق
- الاخلاق في السياسة
- القانون الجعفري وحقوق الانسان
- كيف نفهم الدين؟
- الولادة الثانية
- بين الفتح الاسلامي ومشروعية التدخل العسكري
- المباني الفكرية للارهاب
- كرامة الانسان..ذاتية ام عرضية؟
- العقل في الاسلام
- الانتماء للجماعة
- علاج الالم النفسي


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - كيف نفهم الموت؟