|
بنو ثعلبة وجون شتاينبك
خلدون جاويد
الحوار المتمدن-العدد: 1249 - 2005 / 7 / 5 - 09:12
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
يقال أن امرءاً في مقتبل العمر، ترك عشيرته ( بنو ثعلبه ) مغضبا ، لكنه عاد شيخا. وعلى حراجة عودته الى أهله نادما ، استفسر المقربون منه عن سبب العودة ؟ ألم يجد من هم أفضل من عشيرته ؟ قال – لا ، جربت كل القرى فخاب ظني :" في كل واد ٍ بنو ثعلبة ". لم يقل الرجل لعشيرته التي عاد اليها نادما بأننا أفضل العوائل بل أكد مبدأ الفظاظة والمساوئ التي لقيها منهم ومن سواهم ! وهذه الخاصة لا يتميّزبها الاّ الصادقون حقا وفعلا .. والذين ننظر اليهم باكبار سواءاً كانوا رجالا عاديين أم سياسيين أم ادباء محليين أم عالميين . الحديث يسوقنا هنا الى مشاهير العصر ، الى ناقدي مجتمعهم وذواتهم . ونحن والحالة هذه نسقط من الاعتبار على سبيل المثال ايتام الفاشية من الادباء والصحفيين والفنانين والشعراء والمرتزقة ، والناس المضطرين على المقايضة بالكوبونات. و جرذان الفنادق والسفرات السياحة- ادبية . والبحث عن الرفاه المادي وطبع النتاجات والانخراط في دعم ماكينة السلطات . والكتاب حسب طلب الصحف الممولة مركزيا وكل امرئ غدا مومسا سياسيا والذين سرقوا النتاجات واصبحوا اسماءا كاذبة . الحديث فقط عن الناس الحقيقيين انهم وحدهم الخالدون تاريخيا ، ومن دون أضواء ! فالرصافي لايزيده شرفا ان له تمثالا او ان يكون ذلك لمحمود البريكان او كوران .أو لأبي العلاء المعري والشابي ومفدي زكريا وغيرهم ممن مثلوا الاباء والنزاهة والعشق الانساني الصافي . انهم أرقى من الأوسمة والجوائز والتماثيل . ان جون شتاينبك يلتحق بقائمة العظماء خاصة في( باص على طريق الخطأ ) ، وهو الذي لا يطري مواطنيه بل على العكس ، انه يلقي الضوء على تكوينهم الخلقي . ولو انه فعل ذلك في ( دولة ال ..... ) ، لقطّعوه بالقنا والقضب ! فضح شتاينبك أخلاقيات ما ، في تصوير بارع لباص على شارع يؤدي الى معبر نحو العمل والشهرة ، فكل من توجه في هذه السفرة ينوي تألقا أو صفقة . شيكو خوّان زوجته . أليس شيكو تتجسس على من سواها خاصة النادلة ( نورما ). المستر بركارد رجل أعمال بل تاجر حتى بعواطفه . ارنست هورتون ذئب من ذئاب المال والجنس . كاميليا اوكس تمثل جمال اميركا الذاهب الى لوس انجلس في استعراض جسدي في البارات الليلية يطمح الى صفقة زواج مع مليونير عجوز . المال شرط المعاشرة وليس الحب . ميلدر هي الاخرى تمثل النفاق الاجتماعي الذي يفضح عن نفسه ودخيلته في تهالك جنسي شنيع داخل حظيرة خنازير على الطريق وفوق كومة من الاوساخ . الجميع ذاهبون الى عالم مختلف آثم والكل يحلم بعبور المعبر تحت وقع الأمطار واحتمال انهيار الطرق الوعرة ... انهم يتآمرون على بعضهم ، حتى على وفاء الخادم الذي وجد محفظة واعطاها الى صاحبها بأن قدم الأخير خمسة دولارات كهدية للشغيل فلم يصل اليه سوى دولار واحد . عالم ( يشفط ) أدران المادة كما تفعل المكنسة الكهربائية ، تلك هي أمريكا في نظر شتاينبك وبالتحديد الأغنياء والعاهرات . ذلك هو باختصار الفحوى العام للقصة . وهنا يكمن الاكبار لقضيتين : 1- مصداقية الأديب في الحديث عن واقع . 2- بدلا من تقصيب وذبح جون شياينبك واصدار فتوى ضده ! يمنحونه في اميركا لاسواها جائزة بوليتزر التي لا تقل اهمية عن نوبل والتي حصل عليها هي الاخرى في 1962 . نحن نحرق مليون جون شتاينبك لو أساء الى شرف ( ماجدة من الماجدات ) أما اذا قال نحن عبيد المادة فان ذلك تزوير للواقع اذ نحن لا نسرق ولانحب الفرهود ولا ننهب الحواسم ولا ملايين الدولارات في شاحنات يقودها المسؤول لخارج البلاد . نحن شرفاء ! ليس لدينا انحرافات ! ولا نعمل على افساد النساء من اجل حفنة رز في زمن الجوع ولانقتّل الأزواج ونستبيح النساء في زمن الحرب . ان أديبنا يمتدح بطولة الرئيس الفارس النبيل الذي علمنا لبس الأحذية وهذا فخر لأُدباء الحقبة الذهبية الدامية . لا رشوة لدينا ولا اعتداء على الأعراض ولا اغتصاب نحن ورثة فكر العفالقة العمالقة ! لانزيّف ولانرابي ولانحابي ولا نكسر الرقاب ولانكتب تقارير واديبنا يحكي الحقيقة و لنا السبق في الصدق وأرواحنا لاتغمرها الأفلاس ونزار قباني يجب ان ينبش ويحرق لأنه سأل هازئا " أنحن خير امة قد اخرجت للناس ؟ " وان الباص الذي نحن فيه على الطريق السريع ( موتور واي ) انه مستقيم مثل اخلاقنا الطاهرة وارواحنا العامرة . اراضينا فيها كنوز ولايوجد فيها مقابر جماعية . والذي وجدوه من مقابر انما هو استيراد . اديبنا لايكذب انه يدافع عن مجد الامة في هيأة بطل الحرب والسلام . والبطل كريم للغاية انه يدفع آلاف الدنانير من أجل اغنية تمجده وتسبح بحمده . لماذا لأننا وطنيون . نحن الحقيقيون والصادقون والآخرون من كل الامم خراب في خراب . انظروا الحضارة الغربية لاعلم ولافهم ولاتطور ولا تكنولوجيا ولا أتمتة ، بينما نحن لدينا الروح ! الروح حقيرة عفوا أقصد منيرة . نحن نيّرون بالروح ، بالطهارة !! ...... .......... اللعنة على كل الثعالب ........
#خلدون_جاويد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آهات عراقية من الدانمارك ...
-
رياض البكري أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق .
-
اكتشاف قصيدة منقوشة على نصب جواد سليم
-
رسائل محبة .... للعراقيين فقط ! ...
-
هاملت البراءة .... يمضي الى مثلث الموت
-
مقدمات لقصائد ندمت على كتابتها
-
البدرُ باق ٍ .. وقرصُ الشمس ِ ينبجس ُ
-
الشخائنهيد – لاخائن ولاشهيد
-
في ذكرى الشاعر الشهيد رياض البكري
-
ضيف من الحرس التروتسكي القديم
-
نشيد الآمال في عيد العمال
-
لو كنت امرأة لما تزوجت ابن سينا
-
هل ينتفع العراقيون من نيتشه التحرري ؟
-
جورية للعراق الأمير
-
شمعة ذكرى الى أم عراقية ...
-
رسالة ارسطاطاليس الى حضرة الرئيس
-
خطوتان على القمة
-
واحد وسبعين وردة
-
هل يقوى العراق على ( فلسفة التعدد ) ؟
-
ماتت سيدة المقام !
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|