|
قراءة في نص -خطوبة- لعبد الله الواحدي
نجية نميلي (أم عائشة)
الحوار المتمدن-العدد: 4395 - 2014 / 3 / 16 - 14:38
المحور:
الادب والفن
نص تحت مجهر الأستاذ :حيدر لطيف الوائلي قراءة في نص الأستاذ :عبد الله الواحدي _______________________________
خطوبة طلب يدها، قبلت. طالبته بأشياء، أشبع كل رغباتها. قالت له: -اللحية لا تناسبك! - أحلقها! -نيتشه كان عدوا للمرأة، وشاربك يشبه شاربه؟! -أحلقه...! سلمته خاتمه. ...
الاحتمال الدلالي في قصيصة(خطوبة )للأستاذ عبد الله الواحدي:
1.العنوان: العنوان مباشر يجعل المتلقي في صلب القصة دون كد ونظر وفكر بينما أول الكلمات تؤدي دور كشف العنوان (طلب يدها،قبلت) واختزلت معنى القصيصة. إذ أن الكاتب قد يكون قصد هذه المباشرة لاستدراج المتلقي نحو استسهال نصه وإرباك فكره وتخييب ظنه في القفلة.
2.الشخصيات:
أ:الخاطب:وهو شخصية غنية ،بدليل تنفيذه لكل طلباتها واختيار الفعل (أشبع) بهذه الصيغة إذ جاء بصيغة التفضيل ليؤكد إمكانيته المادية(غناه) .كما يؤكد حالة ثانية وهي حالة طلبات المرأة الكثيرة التي لا يؤديها إلا هذا الفعل بهذه الصيغة ،وهنا بداية التكثيف الدلالي من جهة الصيغة الصرفية.
ب:المخطوبة:امرأة تمتلك قابليات خاصة :جمال أو شباب أو ثقافة استطاعت أن تستقطب الشخصية الأولى بكل ثقة بدليل استخدامها فعل الأمر (أحلقها...وأحلقه)إذ الأمر هو من الأعلى للأدنى ،فلو لم تكن على ثقة كاملة بنفسها لم تتجرأ. هذه الشخصية هناك احتمال أنها كانت تحمل في داخلها عقدة نفسية ،فذكرها لنيتشه وكيف تكرهه أو تكره كل شيء ينتسب له يؤكد أنها لم تكن تبادله الحب وأن قبولها به كخطيب لها إنما كان مجرد نزوة أو تمثيلا عليه.
3.السرد :اعتمد الكاتب على سبع جمل فعلية استطاع بها أن يكثف القصيصة ويختزل الألفاظ بها. الاحتمال الدلالي: أ:كما ذكرتُ -سابقا- أن الفعل (أشبع) كان أول صيغة يمكن الاتكاء عليها في الاحتمال الدلالي إذ دلت على إمكاناته المادية وغناه.ودلت على كثرة طلبات المخطوبة. ب:توظيف علامات التنقيط بصورة يفتح بعض نوافذ الاحتمال الدلالي فمثلا :المعهود أن علامات التعجب توضع بعد كلام المتعجب (ماأجمل السماء!) تؤكد حالة نفسية تعجبية لدى القائل لكن عبارة: اللحية لاتناسبك! أحلقها! ...يشبه شاربه! أحلقه! هذه العبارات تجعلنا نتساءل ونقول :لماذا أثارتها هذه الشخصية وهي على علم مسبق بحالة خطيبها الملبي لطلباتها بل المشبع لكل طلباتها ؟! ج:الحذف:فقد فتح الحذف من النص باب الاحتمال الدلالي ففي : الفعل :أحلقها و أحلقه لم يظهر صوت الخاطب ولم نعرف هل طبق هذا الأمر. د:القفلة: وهي هنا في(سلمته خاتمه) وهذه القفلة تفتح الاحتمال الدلالي بحيث لا نعلم إن جاء هذا التسليم بطلب منه أو هي من أرادت ذلك وأقدمت عليه.
4.القفلة والمفارقة كانت القفلة مباغتة وستتضح في : .القراءات المحتملة:
أ:أن الخاطب هذا الرجل الغني طلب يد هذه الشابة الجميلة أو المثقفة ...فوافقت على الطلب وهنا أخفى الكاتب رسميات الخطوبة إما للاختزال وإما للإشارة إلى طبقة اجتماعية خاصة لا تعترف بالتقاليد ،عموما وافقت المخطوبة وسرعان ما بدأت طلباتها التي أشبعها لها ولباها بقوة ،ولكن هذه الطلبات تحولت إلى أن تمس ظاهر الشخصية فتجرأت وطلبت منه أن يحلق لحيته التي تراها لاتناسبه ،وهنا يطرح السؤال نفسه : لماذا لاتناسبه ؟ لعلها إشارة من الكاتب لعمر هذه الشخصية أو ترمز لفكر معين لم تكن تعتقد به و...ثم تنتقل إلى شاربه وترى أنه رمز لنيتشه الذي تكرهه لأنه يقلل من مكانة النساء وينتقص منها ...ولماذا ذكرت نيتشه هل لأن شاربه فعلا هو السبب أم أن تصرفاته كانت تجعلها مدللة أكثر من اللازم مما يجعله -في نظرها- سائرا على منهج نيتشه الذي يقلل من وعي وعقل النساء التي تغشها الهدايا وكثرة الطلبات ، الشيء الذي جعلها تتعجب وتستغرب. وبعد هذه الدوامة أو في هذه الدوامة لانجد لهذا الرجل أي شخصية تذكر فقد كان "مارد علاء الدين "يحقق الرغبات المادية دون المعنوية فالنص لم يشر إلى أي رغبة معنوية حب ،تفاهم ،انسجام .... وهنا تأتي القفلة التي تربك الخاطب والمتلقي الذي كان يعتقد بأن هذه المرأة عبارة عن فم للطلبات فقط، لتخيب الظن وتعلن جدارة المرأة وفوزها على هذه الشخصية المترفة المادية فتسلم -خطيبها-خاتم الخطوبة.....
ب:يمكن بالاعتماد على موارد الاحتمال الدلالي القول بأن هذا الرجل خطب هذه المرأة بعد أن أعجبته وتعلق بها ،ونحن نعلم بحسب ماورد من قصص الحب أن المحب مطيع لمحبوبه، فهذا الرجل هام بها أو لنقل عشقها فبدأ بإشباع رغباتها إلى أن نصل إلى (علامات التعجب والحذف )فيمكن القول: إن تعجب المرأة لم يكن إلا من ردة فعله عليها فهذا الحمل الوديع الذي كان يسير خلفها تركها الآن ،وبدأ التحول إلى نمر فهي أرادت (مايناسبه)وهو حلق اللحية لمصلحته وهو تمنع .الآن نفسيتها مضطربة قلقة ...الشكوك والهواجس تدق أجراسها تشم رائحة نيتشه في هذا الرجل تبادر إلى فضح دواخلها والتعبير عماتخاف منه باتهامه اتهاما مبطناً بأنه يشبه نيتشه في طلبها حلق شاربه لأنه يشبه شارب نيتشه فطلبها الأول لم ينفذ فتوجهت بالطلب الثاني الذي من المحتمل أنه لم ينفذ أيضاً حسب هذه الرؤية ...فهذا الرجل رغم ترفه عندما وصل الأمر إلى شخصيته لم يلب طلبها وبقى مصراً على موقفه...وهنا ماذا ستكون النتيجة ؟طبعا الانفصال مما يعني أن القفلة لاتؤتي أكلها بل ستكون نتيجة طبيعية ويمكن علاج هذا الإشكال بأن الكاتب استطاع أن يجعل المفارقة تسحب المتلقي في القفلة حسب الرؤية الأولى وهذا يكفي . فالمتلقي الآن يمتلك روح القفلة وهي المفارقة المنطبعة في فكره وأن هذه الرؤية هنا رؤية باطنية لاتستوجب وجود مفارقة ثانية فهي بحد ذاتها قراءة ممتعة تغني عن مفارقة القفلة أو يمكن القول إن المفارقة حاصلة حتى في الرؤية الثانية لأن المتلقي الآن يرى أن هذا الرجل تنازل عن حبه وعشقه لأن تسليم الخاتم إشارة إلى طلب الخاطب الذي سحب ممتلكاته منها وطلب في آخر الأمر أن تسلمه خاتمه لأنه يراه ملكه وهذا الأمر صعب وثقيل فالمعروف أن الخاطب لو أراد إنهاء العلاقة يسلم الخاتم وكفى أما المفارقة هنا باحتمال أن تسليمها للخاتم كان على وفق طلب أو أمر منه يحمل في طياته إلى حقيقة انقلاب الحمل الوديع إلى نمر مفترس ،تجرأ على طلب ممتلكاته التي اشتراها لها ،فالرجل هنا هو الفائز والمنتصر على هذه المرأة التي تفهم الرجال على أنهم "مارد علاء الدين "وتتعامل معهم وكأنهم ألعوبة بين يديها. ______________ وفي الختام أتقدم بالتحية المطرزة بعبقات الربيع إلى صاحب النص الأستاذ عبد الله الواحدي المتألق وأتقدم بوافر الشكر لهذه الرابطة -المغربية-الرائعة المتألقة بمبدعيها وأخص بالشكر أستاذتي نجية المبدعة التي شرفتني بهذه المهمة الصعبة وشجعتني على إتمامها.
#نجية_نميلي_(أم_عائشة) (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة تحليلية في القصة القصيرة جدا (الوصية) للأستاذ القاص: ع
...
-
قصص قصيرة جدا (رابطة القصة القصيرة جدا في المغرب)
-
حوار مفتوح مع الناقد المغربي : محمد يوب
-
ومضة شعرية
-
جدل الاتصال والانفصال في :-كيان امرأة-
-
حوار أدبي_ ثقافي مع الأديبة الإعلامية المغربية :فجر عبد الله
-
ليل ووهم
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|