|
أوجاع قريتي ...10(.. لمن تحكي زابورك يادتوود ...)
عبد الغني سهاد
الحوار المتمدن-العدد: 4393 - 2014 / 3 / 14 - 17:49
المحور:
الادب والفن
اوجاع قريتي .. الفصل 10..لمن تحكي زابورك ياداوود يتابط عصا طويلة غليظة الراس كانها افعى تسعى تبحث لها فريسة ...كانيستعمل تلك العصا في مثل هذه المناسبات التي يحضر فيها الشعب .يرتدي جلبابه الفاخر الابيض وعلى راسه يضع طربوشا اخمر فاقع لونه يشبه الشاشية ...قليل الظهور بين الناس فهو يخافهم الى حد لا يطاق ...يظهعر بينهم يحفه جماعة من المخازنية ..يتحدث باسم المخزن.ذلك الشبح المخيف المتسلط على ارزاق الناس ..يامر وينهي ..في كل شؤون القرية يتدخل في الفادة والشادة ..يؤم الناس ويصلي بهم في صلوات الاستسقاء في السنوات العجاف ..كهذه السنة ..يوزع حصص الماء والتبن على الفلاحين الصغار ..مثل هذه الشخصيات لا تظهر الا حين تحدث الكوارث الطبيعية والبشرية التي تحل بهذا الوطن ..يبدو على ملامحه النعمة والرفاه ..فيكاد الدم يفورمن محياه ..ودراعيه العريضتان لايسعهما دلك الجلباب الملصق على جسده السمين ...الكوارث والجفاف والفياضانات كانت لا تعنيه فيتحرك ببطء ولا يحدث الناس الا قليلا ..قليلا ..تكفيه اشارة واحدة على شخص ليحضره له مخازنيته على الفور مرفوعا من الارض الى السماء يلقون به تحت قدميه ..وكلما اراد رفع راسه ليراه ..دسوا راسه في التراب .....اضافة الى سلطته المطلقة في القرية كان شر البرية فيها ..يعاقر الخمر الى الصباح ويتناول المخدرات مع فلوله من المخازنية ..ويسهر الليالي الماجنة مع فرق خاصة من الشيخات ... حزمة التبن لا توزع بالمجان لكنها تباع للفلاحين الصغار ب 100.00 درهم للكومة (البالة )..اما الماء الدي هومشاع بين الناس ففي الجفاف تباع الحاوية الصغيرة ب150.00 درهم..من ليست له نقود لا يصطف مع الناس ..ومن كان عاجزا عن تادية الثمن من شيوخ وارامل وايتام قلا يقترب من الجموع..فالمخازنية له بالمرصاد...وما على الراغبين في الحصص الا رص الصفوف اما قيادته والانتظار الطويل لدورهم ..فقد يصل الدور ولتنعدم الحصص..وما عليهم الا الرجوع في الغد .. لاجل الحصص يضطر الفلاح الصغير والكساب الفقير والخماس والرباع ..الى بيع محاصيلهم واثاثهم النفيس وجمع المال لاقتناء التبن والماء من القايد باشو المتسلط ومن يعدم القدرة على بيع ما عنده عليه الهجرة الى المدينة القديمة والاستقرار باحزمتها البائسة ...اتباع السلطةوحدهم يستفيدون من هذه الوضعية المزرية التي تعرفها القرية في مواسيم الجفاف ...والاغلبية من الناس لا يهتم المخزن بهم لان له سياسة واضحة في البادية اسمها التفقير ..الممنهج للشعب الى اخر رمق من حياته ...اعوان السلطة يطمعون في قرش متقوب..والقايد باشو طينة خاصة من تلك النوعية من اعوان المخزن..بليد الطبع قاصر التفكير منظره مقزز لايخفي لباسه المخزني مظهر شخصيته المهزوزة ..تفوح منه رائحة نتنة كنتانة الجيف ..بل هو الجيفة تتحرك في جسم ادمي ...في الايام العادية يربض كجمل عشاري مسن داخل مكتبه يرغد ويزبد ..لا يقدر على الاقتراب منه الا اتباعه واعيان البلد فهم يطمئون له وهو يتملق لهم ..ويتبادلون قضاء المصالح بينهم على ظهر البؤساء من السكان ..وحين يقترب من احد من المستضعفين ..يتزحزح من مكانه تتبعه رائحته المسكرة فيقدفهم بكلامه الفاحش وشتائمه الخبيثة ..فيبتعدون عنه ..ويتخلون عن عرض قضاياهم ..المخزن وضع اشباهه ليتخلص من مطالب السكان ...البالة من التبن على يديه تساوي دلك الثمن الباهض 100.00 درهم بعدما كان التبن مطروحا في الحقول ولا احد يساوم عليه ...يتصدقون به فيما بينهم ابتغاء مرضاة الله ... وحاوية الماء ب150.00 درهم بعدما كان بينهم مشاع ..لا ثمن له .. اجراءات التفقير يسميها القايد باشو واعوانه ببرنامج مكافحة الجفاف في البادية ..وحقيقة الامر انهم يزيدون في شحم المعلوف ..ويقتصون من ذيل المهزول ..اثراء الغني والزيادة في تفقير الفقير ...والسواد الاعظممن المستضعفين يئنون تحت نير هذه السياسة المخزنية الجاثمة على انفسم دون حراك ولا تدمر كانها ارادة السماء ...المخزن كنظام حكم تقليدي رجعي غارق في الظلم والبأس والاستبداد لا يركز اهتمامه على شيء في هذا الوطن المفجوع بالكوارث غير الاستغلال ...لكن الناس عنه غافلون ..وفي البؤس راقدون ...بل ينعمون ... فلا تعليم ... ولا اقتصاد... ولا حقوق لهم ... ولا شيء يرجى من هذا النظام .. السائد لقرون طويلة.. وتظل البادية تحت سطوة اعوانه محرومة من كل شيء ...ضيعات واسعة بمساحات لا يعرف ابعادها الا ذوي الخبرة والمعرفة حولها المعمر الى هذا المخزن واعوانه ووزعها هدا الاخير على زبانيته من السلالة الحاكمة ونخبه السياسية والثقافية التي تواطئت معه عند التفاوض لاجل الاستقلال السياسيى الفاشل ...هذا الكلام ومثله كثير يردده المعلم المهدي المعلم لتوعية الناس بماساتهم ..لكن لمن تحكي زابورك يادوود ...لا احد يهنم لما يقول ... لم يكن المعلم المهدي يحب هذا القايد ولا اعوانه المخازنية فهو راس الحربة ولم يكن الغراب الا ساعده الايمن المنفذ لكل دسائسة ضد سكان القرية ..يكرهه لكن مصالح السكان تجبره على الحضور الى بعض مجالس في بعض المناسبات الطارئة لعرض شكاويهم ..يعرف مكره وخداعه فهو شخص لا يستقر على قرار سليل اسرة المخزن الغاشم حين اشار عليه المعلم المهدي مرة وبادب جم باقتراح لاجل تنظيم حملات توزيع الماء والتبن على صغار الفلاحين ...سخر منه القايد باشو واضحك فيه الاهالي ...السدج : - المهدي ...يالمعلم ...هؤلاء الاوباش لا يصلح معهم التنظيم ...سير دخل سوق راسك ..؟
مثل هذه الردود المحبطة خبرها المعلم المهدي مرات عديدة وهي لا تثنيه عن مواصلة الوقوف الى جانب مستضعفي القرية ..وتقديم النصح والعون لهم ..فهو لا يخشى في قول الحق لومة لائم ...يواصل السير على درب الحق الطويل مهما كانت نتائجة مفجعة له ولهم... عندما تسخر الطبيعة من الانسان يبدأ هذا الاخير في السخرية من نفسه ..ويتدخل الناموس والدين والخرافة والاوهام بحمولتهم القوية في ارباك العلاقة بينهم ..فيصبح التطاحن والصراع لاجل السيطرة و البقاء هو القانون الاعلى المنظم للمجتمع ..وفي معمعة الصراع لا تظهر الحقيقة الا لقلة منهم .. اولئك اصحاب العقول النيرة .. هي النخبة التي تتأمل اوجه الصراع ومظاهره المتشابكة ..وتستنج البدائل والحلول الملائمة..وظهور هذه الفئة يتطلب الكثير من الجهد والوقت الطويل ... سيان عند المهدي الجفاف والاستنزاف ..مادام الشعب راقد في دوامة جهله ..يفسر عداباته بالقضاء والقدر ..لافرق عنده بين موسى البهلول ..ومر بوسحابة مادام الاثنان معان لا يستطيعان تحديد العلة في ما يحدث لهما من احداث مفاجئة ومتسارعة ..كما لا فرق بين الغراب الاسود والقايد باشو الدي ابدع في الفساد داخل القرية في ايام توزيع الحصص على الفلاحين الصغار ...وبين الغراب المفقود الدي قدف به في تلك الليلة في البئر بسبب طمعه في الحصول على اسرار بوسحابة الخيالية بل الخرافية ...بعد فتنة الحصص حول التبن والمال تكالبت المشاكل على القرية حين انتظمت فلول المخزن لجمع المال لاجل بناء المسجد الاعظم ..كان فلول المخازنية تقرض الاتاوات على الفلاحين ليدفعوا اموالهم الى القايد مقابل ورقة تمدها لهم القيادة عليها صورة مسجد تحتها الاية وجعلنا عرشه على الماء..كانت الاموال تجبى بالقوة من الفلاحين ..ولا يستطيعون الرفض ..او الانتظار لان الامر في تلك الايام هو المخزن ...تدفع تلك الاموال بحسب عدد الرؤوس التي يملكونها ..بل ادوها نقدا وعينا حتى على الكلاب والقطط ..والموظف بدوره ادى تلك المساهمات القصرية في بناء المسجد الاعظم من ماهيته ...وبدون تعطال ...ادى المعلم المهدي 300.00 من ماهيته مساهمةمنه في بناء المسجد المعلوم . اغتنى من العملية كل اعوان السلطة ..بنوا الدور واشتروا الضياع والفلل في المدن وكله من بركة المسجد الذي بني على الماء ..ومن اجل معلمة ارادها المخزن ان تكون كبرى ليس في البلد بل في القارة ... المهدي حضر في هذه الكوارث وغيرها من المسرات وهويستحضرها اليوم ..منها مسرات اعياد العرش المخزنية التي تدبح فيها الشياه والابقار والجمال ..وتصطف فيها الوجوه اما شاشات التلفاز في دار القايد تتابع خطابا للملك خاليا من اي معنى ..وبعد الخطاب ..تنطلق حفلات الشيخات والهواريات..ويبدأ الجميع يغني ويرقص معتدا بنظام الاستغلال ..نظام المخزن الجائر ... العلماء بالسياسة والعرارفين بنظام المخزن يقسمون انفسهم إلى أربعة أصناف: الصنف الأول : فهو العالم المصارع الذي أخد مسافة من الدولة وانضم إلى صفوف الشعب. وسخر عليه لمحاربة نظام والحكم والحاكم... الصنف الثاني: العالم الصامت الذي دخل في خلوة فكرية وجعل علاقته مع القلم والكتاب فقط واعتزل الأمر وطلق الساسة والسياسيين،وتهرب من أي إشعاع إعلامي، وأصبحت علاقته بمحيط انتاجاته الفكرية فقط................ ما الصنف الثالث:فهو العالم المدجن ،عالم البلاط،الذي لبسته أطروحة الدولة فتجد بمنطق كل خيارات الدولة مستعملا علمه العزير لشر عنه أي خطوة تقوم بها الدولة.وإضفاء الشرعية على الحاكم بتجليه وتسخير مكانته عند الناس لردعهم كلما قام أحدهم بالتشكيك في الحاكم وأطروحة الحكم وذلك بتحوير النصوص الشرعية والالتفاف على مضمونها الحقيقي حتى يهنأ الحاكم،ويغنم العالم. أما الصنف الرابع وأخرهم: فهو العالم العضوي كما قال غرامشي أي ذلك العالم الذي انمج في قضايا مجتمعه وترك برجه العالي ليهيأ نفسه لاستقبال هموم المجتمع ومحاولة مراوغة حقوله النخبوية بمقولة عالم وأمشي في الأسواق واللبيب بالإشارة يفهم....المعلم المهدي يتامل نفسه في أي صنف يوضعها .. يظل يتامل بعمق في تلك التصنيفات المتعسفة .. لعله يجد لنفسه تصنيفا يناسبه .... ومع نفسه يحدثها : لمن تحكي زابورك ياداوود...
#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الحاجة الى الديموقراطية
-
أوجاع قريتي - 8 - ساعات الليل الطويلة ...
-
عاد يوم 8 مارس ..ولا شيء تحقق للمرأة العربية
-
كأنه السحاب العابر ...
-
اوجاع قريتي ..8 الحفل .(هيرضربوا ولا هربو..)
-
اوجاع قريتي 7 (بوسحابة )
-
خلف النوافذ
-
حكاية كرسي
-
في مسالة الاخلاق
-
ققجات : ربيع اخر
-
في سياق منتظم
-
البطالة وغلاء المعيشة والنقابات
-
أذنى من ديمومة الثلج
-
أوجاع قريتي ..5
-
أوجاع قريتي-4
-
رسالة العيد
-
مجتمع يتغير ..ومدارس ثابتة
-
زفة في مراكش
-
هو......انا
-
حيث لا ينتهي الزمان ابدا....
المزيد.....
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|