بطرس نباتي
الحوار المتمدن-العدد: 4392 - 2014 / 3 / 13 - 10:02
المحور:
الادب والفن
(1)
منذ البدءِ
ونزيفُك يلطّـخُ جدرانَ العالم الـمستتر..
وراءَ الكلماتِ
وجراحُك تـملأُ الكونَ الرماديّ
بعويل الصبايا،
بنحيب الثكالى،
بحشرجاتِ الأمواتِ
بذعر الطوفان
فألى متى ستظل
تستصرخُ...
ضميرَ العالمِ المدفونِ
منذ مئات السّنينِِ؟!
تحت النّفاياتِ
(2)
أرضعتني أمّي اللبن
بزجاج مكسور
لا زلت أحتفظُ بشظاياه
منذُ عصور
ولمْ تزل هدهداتُ أمّي
تجوسُ الزوايا والطرقاتِ
تملأ مسامعي
في الأمسياتِ
بالتراتيلِ والحكاياتِ
وأشهدها في الأسحارِ
في صومعتها راكعةً
تتلو " أبانا الذي في ... ...."
آلاف المرّاتِ
حتى بحَّ صوتُـها الحنونْ
حيثُ عافَ أبونا الأرضَ
يستبيحها الجنونْ!
(3)
بذكرياتِ الجزّارينْ
تلطّختْ أريافٌ ومدائنْ
وراحتْ خارطةٌ
تبحرُ بعيدا
تتيهُ في ثنايا الكونِ
تتلاشى رويداً رويدا
لتظل أبدَ الدّهرِ
ملاذاً للغربانِ
ونهباً للصوصِ الكرةِ الأرضيّةْ
وتظلّ بومة الخرائب
تحدّقُ بعينيها العسليّتينِ
حتى يُوارى في الترابِ
آخر قتيل
(4)
منذ الربع الأوّل من القرنِ الأوّل
لاتعرضُ متاحفُ هذه الحاراتِ
غير الأشلاء
على السطوح...
خلف النوافذ الموصدة
فوق حروف القصائد
أشلاء...أشلاء....أشلاء
وفي كلّ ظهيرة تتسلل خلسة
تغادرُ متاحف الموتِ
لتغزو الشوارع والأزقة
تملأُ المدنَ رعباً
فمتى سيجهرُ الربُّ
بقيامة الموتى والأحياء
لتعود أشلاؤنا إلى المتاحف بسلام؟!
(5)
أهوَ طوفانُ أتونابشتم أم نوح
قادمٌ
ليغرق البقايا...؟!
فإذا بكلّ مَنْ ينشد النجاة
يبحر في مركب النور
لينقذه ( أورشنابي)
ومَنْ يهرع الى الجبال العالية
ينقذه الإله (سين)
ومَنْ يخفي جمجمته تحت سرير البغايا
تنقذه (عشتار)
ومَنْ يتوارى عن شباك الصيادين
يبتلعه البحر
ومَنْ يرقد في قبره بسلام
يلتهمه الظلام
فمن المائت إذنْ
و"لمنْ تُقرَعُ الأجراسُ؟"
بكلّ هذا الحزنِ الأبديّ...
*القيت في الامسية الشعرية التي نظمتها المديرية العامة للثقافة السريانية على قاعة كلية بابل للفلسفة والاهوت في عنكاوا بتاريخ 17/7/2009
#بطرس_نباتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟